المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

إعادة الاعتبار: علم الاجتماع وإشكالات التغير في الوطن العربي

الأربعاء 22/أبريل/2015 - 10:51 ص
د.أحمد موسى بدوي
إعادة الاعتبار:
تبدو الحاجة ملحة وماسة لإعادة الاعتبار لدوْر علم الاجتماع في حل المشكلات التي تواجه الوطن العربي، بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والتربوية والثقافية. غير أن هذا الهدف يظل بعيد المنال إذا تجاهل علماء الاجتماع العرب واقع الدراسات السوسيولوجية في الجامعات العربية. ومن أجل ذلك نظمت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة محمد خيضر بسكرة -الجزائر، الملتقى الدولي الثاني حول الدراسات السوسيولوجية في الجامعات العربية، في ظل التغير الاجتماعي في الوطن العربي بين الواقع والمأمول، خلال الفترة 13-14 ابريل 2015. وسوف نحاول في هذا المقال تقديم عرض لفعاليات الملتقى الذي شارك فيه نخبة من الباحثين من داخل الجزائر وخارجها.

أولا: سؤال الملتقى ومحاوره
في محاولة البحث عن سبل تفعيل علم الاجتماع للمساهم بأساليب فاعلة لتنمية وتطوير المجتمعات العربية، صاغت الهيئة العلمية للملتقى سؤاله الرئيس: كيف يمكن وصف واقع الدراسات السوسيولوجية في الجامعات العربي في ظل التحولات التي تشهدها المجتمعات العربية، وما سبل إنجاح هذه الدراسات لتحقيق مسار صحيح للتغير الاجتماعي في الوطن العربي؟
وتم تقسيم الملتقى إلى أربعة محاور للإجابة عن هذا السؤال، يهتم المحور الأول بظروف نشأة علم الاجتماع في الوطن العربي، بينما يركز المحور الثاني على اتجاهات الدراسات السوسيولوجية عند روّاد علم الاجتماع العرب، ويدرس المحور الثالث مشكلات الدراسات السوسيولوجية في الجامعات العربية من الناحيتين النظرية والمنهجية، وخصص المحور الرابع لسبل بناء دراسات سوسيولوجية واقعية، ورسم مؤشرات مستقبلية لعلم الاجتماع في الجامعات العربية.

ثانيا: الجهات المنظمة للملتقى وهيئته العلمية
شارك في تجهيز الملتقى ثلاث هيئات داخل كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة بسكرة، وهي مركز بحث (مخبر) التغير الاجتماعي والعلاقات العامة، ومركز بحث المسألة التربوية في الجزائر، ومركز بحث الدراسات النفسية والاجتماعية. وقد حظي الملتقى برعاية مباشرة من مدير جامعة محمد خيضر بسكرة، الدكتور بلقاسم سلاطينة، بترأسه اللجنة العلمية للملتقى، كونه في الأصل أحد علماء الاجتماع المرموقين. وينوب عنه الدكتور عبدالرحمن برقوق عميد الكلية، ويشرف على الملتقى الدكتورة أسماء بن تركي. وضمت اللجنة العلمية إلى جانب هذه الشخصيات، مجموعة متميزة من العلماء والباحثين في الكلية على رأسهم الأساتذة: عبدالعالي دبلة، حسان جيلاني، الطاهر الإبراهيمي، أوذاينية عمر، بولقواس زرفة،مناصرية ميمونة، حميدي سامية، سليماني صباح، قاسمي شوقي، صبطي عبيدة، طويلفتيحة. كما أشرف على تنظيم فعاليات الملتقى نخبة من شباب الكلية تحت إشراف الأستاذ لحمر عبدالحميد.

ثالثا: ملخص لبعض الأوراق المقدمة في الملتقى
ينبغي التنويه إلى أن الملتقى، ضم ثلاث جلسات عامة، بالإضافة إلى اثني عشرة ورشة عمل، بواقع ستة ورش في اليوم الواحد. وقد افتتحت الجلسة العلمية الأولى للملتقى بورقة بحثية مقدمة من عالم الاجتماع السياسي، الدكتور أحمد زايد ، حول الممارسات البحثية في السوسيولوجيا العربية، تشكل العلم وإعادة إنتاجه في الحداثة الطرفية، يكشف فيها الدكتور زايد، عن سمات السوسيولوجيا المحلية، وكيف تعيد إنتاج نفسها دون أن تكون قادرة على أن تنتج الاختلاف أو التجاوز، وكيف يتشكل العلم الاجتماعي في نطاق أطر جامدة وقوالب أبوية، فيعيد إنتاج نفسه في حالة من الانغلاق والتوقف.
وقد قُدِّم خلال الجلسات العامة والورش، عدد من البحوث المهمة التي تعالج أزمة علم الاجتماع العربي، ومن أهم هذه البحوث، بحث الدكتورة نادية عيشور من جامعة سطيف بالجزائر، حول الدراسات السوسيولوجية في الجزائر، قدمت فيه تحليلا حول واقع الدراسات السوسيولوجية في الجامعة الجزائرية، من حيث التركيز على أهم إشكالاتها البنيوية الفوقية والتحية، مع اقتراح بعض الحلول في صورة إجراءات عملية.
وفي رصد للكتابات الاستعجالية في العلوم الاجتماعية، قدم الدكتور نوي الجمعي، من جامعة سطيف2، رؤية نقدية للكتابات السوسيولوجية حول الربيع العربي، عرض فيها الارتباك النظري والمنهجي الذي أصاب هذه الكتابات بسبب مفاجأة الربيع العربي، وصل إلى حد التوسل بالكتابات الاعلامية والتفسيرات المتداولة في الحس المشترك، دون اعتبار للأسس العلمية والتخصصية التي يجب أن تسلكها هذه الكتابات.
كما ألقت الدكتورة راضية بوزيان من جامعة الطارف بالجزائر، بحثا بعنوان الدراسات السوسيولوجية والواقع الاجتماعي في الوطن العربي: الجزائر نموذجًا. تقدم فيه تحليلا لطرق إعداد الباحثين وطبيعة المناخ الأكاديمي، والبنية الأساسية لمؤسسات البحث العلمي، ودور العلم في التنمية، وتنهي بمقترحات للتطوير ومواجهة التحديات، لوقف هدر الإمكانات العربية المادية والعقلية، واستثمار هذه الإمكانات في تحقيق التنمية الشاملة.
وتناول الدكتور سلطان بلغيث من جامعة تبسة إشكالية التنظير في العلوم الاجتماعية بين استعارة المفاهيم وإنتاجها، محاولا الإجابة عن سؤال: هل نستطيع بناء معرفة علمية، وهل نحن عاجزون حتى الآن عن هضم المنتج السوسيولوجي الوافد واستيعابه، لإنجاز وثبة التجاوز والتأصيل في الحقل السوسيولوجي؟
وقدم الدكتور عبدالعالي دبلة، بحثا بعنوان نحو ولادة جديدة لعلم اجتماع عربي، بعد أن استعرض في ورقته البحثية النماذج الكبرى في علم الاجتماع، وكيف أن هذه النماذج نشأت لتجيب عن أسئلة المجتمعات التي ظهرت فيها، ثم يقدم في نهاية الورقة الشروط الواجب توافرها من أجل إنتاج علم اجتماع عربي جديد.
ومن خارج الجامعات الجزائرية، قدم الدكتور علاء الرواشدة، رئيس قسم العلوم الاجتماعية بجامعة البلقاء الأردنية، بحثا بعنوان سوسيولوجيا الثورة في الفكر الخلدوني– دراسة للربيع العربي في ضوء مقدمة ابن خلدون، استهدف التعرف على التعرف على مفهوم الثورة كما وردت في مقدمة ابن خلدون والمفاهيم التي تحمل نفس المعنى كالانقلاب والحرب. مع محاولة استشراف مستقبل الربيع العربي في ضوء نظريات ابن خلدون.
كما شارك كاتب هذه السطور ببحث حول إشكالية التفكير النظري في البحوث العربية، من خلال التحليل النقدي لعينة منأطروحات الدكتوراه، في عدد من الجامعات المصرية، من أجل التعرف على أبعاد الممارسة النظرية التي يعتمدها الباحث العربي، من أجل تكوين إطاره النظري وأدواته المفاهيمية، وكيف أن ممارسة التفكير النظري، في السياق العربي لا تتم في الغالب وفق ممارسات علمية  انعكاسية reflexive practices، باستثناء عدد محدود من البحوث.

رابعا: تقليد جديد
وفي تقليد جديد، نظمت اللجنة العلمية، ندوة في نهاية اليوم الثاني، شارك فيها الأساتذة: ميلود سفاري، حسان جيلاني، أحمد زايد، عمر الرواشدة، أحمد موسى بدوي. وقد أدار الحوار فيها الدكتور زمام نور الدين، وقد حظيت هذه الفعالية باستحسان كل الحضور، نظرًا لما قدمته من روح حيوية تفاعلية بين المشاركين في الندوة وجمهور الطلاب والباحثين.
وفي نهاية اليوم الثاني قدمت الدكتور أسماء بن تركي التوصيات التي تمخض عنها الملتقى، وجاءت أهم التوصيات:
•    طبع أشغال الملتقى الدولي وتوزيعه على الجامعات العربية ومراكز البحث العلمي لتعميم الفائدة.
•    إعادة النظر في مضمون برامج علم الاجتماع حتى تواكب التغيرات الحادثة على مستوى البناء السوسيوثقافي للمجتمع العربي وتكييفها مع حاجيات التنمية.
•    ضرورة وجود محور خاص بإسهامات ابن خلدون بعلم الاجتماع من باب تشكيل وبناء هوية علم الاجتماع العربي.
•    إنشاء بنك للمعلومات يشمل جميع المنشورات والدراسات الاجتماعية العربية، لتكون مرجعا للباحثين والطلبة في علم الاجتماع وبقية العلوم الأخرى.
•    مد جسور التواصل العلمي بين الباحثين السوسيولوجيين في المغرب والمشرق العربيين.
•    تبني مشروع بحثي كبير لتحليل ونقد الخطاب العلمي السائد في أقسام علم الاجتماع في الجامعات العربية.
•    مواصلة إقامة مثل هذه الملتقيات العلمية على أن يكون موضوع الطبعة الدولية القادمة للملتقى يطرح الآفاق المستقبلية للدراسات السوسيولوجية في الجامعات العربية.

 ثم اختتمت أعمال الملتقى بكلمة رائعة من الدكتور بلقاسم سلاطينة، جمع فيها بين صفات العالم والمسئول المنضبط، والروح الأبوية.
إعادة الاعتبار:

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟