المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د.نورهان الشيخ
د.نورهان الشيخ

المتوازيات فى السياسة الروسية

الأحد 26/أبريل/2015 - 11:43 ص

رغم الماضى الصراعى بين روسيا وإيران خلال الحقبتين القيصرية والسوفيتية، فقد استطاع البلدان على مدى ربع قرن الدفع بالشراكة بينهما لمستويات استراتيجية مهمة خاصة فى المجالين النووى السلمي، والعسكري.

 فقد ميزت روسيا بين سلمية البرنامج النووى الإيرانى فى الحاضر وهو ما تقبله روسيا وتتعاون مع طهران لتحقيقه باعتباره مشروعا تنمويا يؤمن احتياجات إيران من الطاقة، وما قد يتطور إليه فى المستقبل إذا ما قررت إيران تحويل قدراتها النووية السلمية للاستخدام العسكرى وهو ما تحاول روسيا منعه والحيلولة دونه انطلاقاً مما ينطوى عليه ذلك من تهديد للاستقرار الإقليمي. على الصعيد العسكرى تعتبر إيران سوقا رئيسية للسلاح الروسى ويعتمد الجيش الإيرانى على الأسلحة الروسية بنسبة تصل إلى 85%، حيث شهدت العلاقات العسكرية بين البلدين تطورا ملحوظا منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضى وتم توقيع اتفاقيات عدة آنذاك من أبرزها اتفاق 5 نوفمبر 1989 الذى تسلمت بموجبه إيران اثنين من منظومة الصواريخ المضادة للطائرات طويلة المدي»  S-200VE»، و20 مقاتلة «ميج 29»، و12 طائرة سوخوى «سو-24MK»، وأنظمة دفاع جوى ودبابات وذخيرة وغيرها من المعدات. وبموجب الاتفاق نفسه تلقت إيران فى الفترة بين عامى 1992- 1996، ثلاث غواصات تعمل بالديزل والكهرباء، وفى عام 1994، تسلمت إيران 12 طائرة مروحية من طراز «Mi-1. وفى عام 1998 تلقت إيران خمس طائرات هليكوبتر من طراز»Mi-171».

وخلال زيارة وزير الدفاع الروسى لإيران فى 20 يناير الماضي، والتى كانت الأولى منذ خمسة عشر عاما، تم التوقيع على اتفاقية لتعزيز التعاون الدفاعى بين البلدين، ويتضمن ذلك رفع مستوى التعاون العسكرى والدفاعى بين طهران وموسكو، والتعاون فى مجال مكافحة الإرهاب والتطرف. كما تطرقت المباحثات بين الجانبين إلى رفع الحظر عن صفقة «إس-300» لإيران، والتى قامت روسيا بتجميدها فى إطار العقوبات الدولية التى فرضت على إيران عام 2010. وعقب اتفاق لوزان الذى تم التوصل إليه بين إيران ومجموعة «5+1» فى الثانى من أبريل الجاري، والذى سيؤدى إلى رفع جميع العقوبات المفروضة على طهران من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى ومجلس الأمن الدولى فى حال التصديق عليه، أعلنت روسيا عزمها اتمام توريد منظومات «إس-300» قبل نهاية العام الجاري، وأكدت موسكو أن المنظومة دفاعية بحتة وأنها «لا تشكل خطرا على أمن أى من دول المنطقة بما فيها إسرائيل». و»أس300» هى صواريخ أرض-جو متنقلة بعيدة المدي، يمكنها اكتشاف وتعقب وتدمير الصواريخ البالستية وصواريخ كروز والطائرات المحلقة على ارتفاع منخفض.

ولاشك أن الضائقة الاقتصادية التى يمر بها الاقتصاد الروسى نتيجة انخفاض أسعار البترول كانت عاملا مهما لاستئناف هذه الصفقة مع إيران، حيث تعول روسيا كثيرا على صادرات الأسلحة كمورد مهم للخزانة الروسية. فروسيا ثانى أكبر مصدر للسلاح فى العالم وتقوم بتصدير أنظمة التسليح المتنوعة الخفيفة والثقيلة والطائرات والمقاتلات والغواصات وأنظمة الصواريخ لأكثر من 65 دولة، وبلغت صادرات روسيا من الأسلحة فى عام 2014 نحو 15.5 مليار دولار.

وإذا كانت طهران هى صاحبة المبادرة فى الدفع بعلاقاتها مع موسكو، فإن الأخيرة أبدت حرصا واضحا على تطوير علاقاتها مع العالم العربى فى مختلف المجالات، وقام الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالعديد من الزيارات للمنطقة العربية. وأكدت روسيا دوماً أن تعاونها مع إيران لم ولن يكون على حساب علاقاتها بالدول العربية عامة والخليجية خاصة، وطرحت العديد من المشروعات بهدف تطوير التعاون العربى الروسى فى مختلف المجالات بما فيها العسكرى والنووى السلمي، وقام بوتين بزيارتين لدول الخليج عام 2007، أعادت إطلاق العلاقات الروسية الخليجية، خاصة مع المملكة العربية السعودية بعد عقود طويلة من توقف العلاقات بين موسكو والرياض منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

ثم جاءت الأزمة السورية لتمثل ضربة موجعة للتعاون الروسى السعودى على وجه الخصوص ولتتراجع العلاقات إلى أدنى مستوى لها على مدى عقد ونصف فى ضوء تناقض المصالح وتباعد المواقف من الأزمة بين الجانبين، والفتور الذى مازال يخيم على العلاقات بين الطرفين، فى حين أحدثت الأزمة نقلة نوعية فى العلاقات الروسية الإيرانية ووضعت البلدين فى خندق واحد. وتتخوف روسيا من أن تؤدى الأزمة اليمنية إلى مزيد من التباعد بين الطرفين، حيث تضع عملية «عاصفة الحزم» دول الخليج فى مواجهة مباشرة مع إيران التى تدعم الحوثيين. ومن ثم تتحفظ روسيا ولا تعلن دعما صريحا لأى من الطرفين، وتؤكد أن السبيل الوحيد لحل الأزمة اليمنية هو المفاوضات والحوار بين الأطراف المعنية المختلفة، الأمر الذى يمكنها من الانفتاح على مختلف الأطراف، ويرفع عنها الحرج ويحفظ لها تعاونها الاستراتيجى مع إيران، دون مزيد من الإضرار بعلاقاتها مع دول الخليج. إن روسيا حريصة على علاقاتها بدول الخليج العربية بقدر حرصها على العلاقة مع إيران. وقد أعلن وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف فى فبراير 2014 عن استعداد موسكو للإسهام فى تطبيع العلاقات بين إيران ودول الخليج، وأشار إلى أن ضعف الثقة المتبادلة بين الجانبين يهدد مصالح دول المنطقة، واقترح إطلاق عملية من شأنها أن تسمح ببدء حوار بين الطرفين، وعقد اجتماع دولى حول ضمان الأمن فى منطقة الخليج. وأنه من الأهمية بمكان تطوير نظام للأمن الجماعى كصيغة مثلى لضمان أمن الخليج العربى من وجهة النظر الروسية، وذلك على غرار تجارب أخرى مثل مجموعة شنجهاي. وتختلف الرؤية الروسية فى هذا الخصوص تماماً عن رؤية دول كبرى أخرى ترى فى العلاقات والتفاهمات الثنائية بينها وبين كل من إيران ودول الخليج على حدة، وتأجيج الاحتقان الطائفى بين الشيعة والسنة تحقيقا لمصالحها فى المنطقة. وربما يكون الاتصال الهاتفى الذى بادر به الملك سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس بوتين خطوة إيجابية فى هذا الطريق وبداية جديدة لاستعادة بعض الدفء فى العلاقات الروسية الخليجية بعد شتاء طويل وقارس. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟