المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
عبير الفوزان
عبير الفوزان

لماذا يعارض السعوديون القيادة؟

الإثنين 27/أبريل/2015 - 10:58 ص

أرجو ألا يكون هناك لبْس في عنوان المقالة، إذ هو في الأصل: لماذا يعارض السعوديون قيادة المرأة السيارة؟ وبما أني أكره العناوين الطويلة ابتسرته بطريقة أتمنى ألاّ يساء فهمها.

قيادة المرأة السيارة ليست قضيتي اليوم، ورأيي فيها محسوم لا تبدله المصالح. ولكن لماذا يعارض السعوديون تلك القضية، على رغم أن المرأة تبوأت مناصب قيادية أكثر من مجرد قيادة سيارة، أو سيكل؟ هي بالتأكيد ليست لأسباب دينية حتى لو ادَّعى من ادَّعى.

السيارة بالنسبة إلى غالبية المعترضين في مخزونهم الثقافي الموروث من الآباء وقبلهم الأجداد، كائن خرافي يشبه مركبة فضائية حطت فجأة فوق رمالنا واقتنصوها، واستطاع من استطاع أن يتعلم القيادة بمهارة فوق طرق غير معبدة ورمال شاسعة، وكأن القيادة فعل خارق، ولاسيما ما يراه أولئك الذين لم يحضوا بتعليم متقدم، أو عاشوا في بيئة بمكونات بسيطة، وهذه حال معظم الناس في الخمسينات الميلادية.

«الدريول» أو قائد المركبة الفضائية-إن جازت التسمية- يراه الناس في ذلك الوقت، وكأنه قد حظي بشرف المعرفة، وشرف الرجولة، هذا إضافة إلى وجود معاون ومساعد له في القيادة ويسمى (معاوني)، فحظي بشرف الرئاسة.

إن القيادة والتراتبية في الزمن القديم تكفل الكثير من الزهو للسائق؛ لأنه يحمل مفتاحاً وسراً يجعل من كومة الحديد تنطلق بركابها قاطعة بهم الفيافي والقفار، متجاوزة دواب الأرض الأخرى، حتى حدث لبس لدى الكثيرين بين سيارة «الفورد وارد الخمسينات» وبين الخيل العربية الأصيلة؛ فأصبحوا ينظرون إلى السائق وكأنه فارس العصر الذي لا يشق له غبار.

مع هذه النظرة الغارقة في الإعجاب، وعجب السائق بنفسه، أصبحت النساء يتغزلن في سائق السيارة «الدريول»، ويتمنينه زوجاً، تقول الشاعرة بخُّوت والتي كانت تعيش في جنوب الأحساء:

ما بشفي لا دريول ولا ريس عمل

شفي اللي كل ما شاف برق رعاه

أي أن «الدريول» كان يوازي رئيس العمل، وهاتان المهنتان من المهن التي كانت تتمناها المرأة في زوج المستقبل، بل إن «الدريول» مقدم على رئيس العمل، أما الشاعرة بخُّوت فهي متواضعة بطلباتها، إذ تتمنى رجلاً بسيطاً من البادية.

عندما يكون «سوَّاق» السيارة يشبه الحلم؛ لأنه يمثل الرجولة والفروسية والمعرفة، ستجد من هم على هذه الشاكلة يعارضون أن تتمثل المرأة بقيم ليست لها، بل تليق بالرجل الذي كان حُلْماً!

لأولئك الذين تختلط عندهم القيم ومعايير الجودة، وحتى الأحلام، وتوقف الزمن لديهم عند الخمسينات الميلادية، جدير أن نذكِّرهم بأن العاملة المنزلية بعد أن تكنس البيت وتلمع الأثاث صباحاً، تنظر إلى الساعة التي وصلت الثامنة، ثم تأخذ مفتاح سيارة رب عملها تفتح السيارة الفارهة الرابضة داخل كراج المنزل بريموت كنترول، وتنسل إلى كرسي القيادة، لتضع قدمها الصغيرة على الفرامل التي تدوسها «بشبشبها البيتي»، ثم تضغط زر التشغيل، إذا تأكدت أن الأمور تمام تخرج من السيارة عائدة إلى بقية أعمالها، وربما صادفها بعد خمس دقائق رب عملها، متهيئاً للذهاب إلى عمله وسألها:

سيسليا شغلت السيارة؟

تجيب بهدوء

يس، سير.

ينطلق رب عملها بسرعة البرق مختصراً زمن التشغيل والإحماء، وتغرق سيسليا في أعمالها الأخرى، فلا هي فارسة، ولا رب عملها قائد مركبة فضائية.

باختصار.. إنهم يعيشون زمناً يعرفون فيه ماذا تعنى القيادة الحقيقية؟ نقلا عن الحياة

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟