المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏بهجت قرني
د‏.‏بهجت قرني

فلتكن قضية رأى عام

الإثنين 25/مايو/2015 - 11:00 ص

أثار وزير العدل المستقيل، المستشار محفوظ صابر، قضية رأى عام دون أن يقصد. وخطورة الموضوع كما قال الكثيرون أنه لم يعبر عن رأيه الشخصى فقط، بل عن رأى مجموعة كبيرة من سلك القضاء وحتى داخل قطاعات أخرى من النخب البيروقراطية والمجتمع فقد أنب المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة سابقا، زميله وزير العدل، بل إنه قام بلومه لأنه قال كلاما مختصرا ولم يقدم التفاصيل المطلوبة لإقناع الناس برأيه ولذلك يقوم هو بذلك عندما يقول «الالتحاق بالسلك القضائى يشبه اختيار زوج للابنة أو زوجة للابن.. لو تقدم إلى واحد أبوه وكيل وزارة عشان ياخد بنتى وواحد أبوه عامل نظافة وواحد أبوه تاجر مخدرات.. أختار مين؟ ثم يضيف رفعت السيد: هل يستطيع عامل النظافة تعليم أولاده بـ 003 جنيه «رتب» أن يمد يده شئنا أم لم نشأ فإن عامل النظافة يربى أولاده من الشحاتة!! ثم يتساءل: «هل سمعنا بعامل نظافة لا يشحت.. هل الولد اللى متربى على الشحاتة يستطيع أن يقود مصير الناس؟ فالعرق دساس» وفى الحقيقة، فإن كلام الرئيس السابق لمحكمة الجنايات يبين أن الرفض قد لا يقتصر على عامل النظافة بل قد يمتد إلى جزء كبير من صغار ومتوسطى موظفى الدولة الذين يقومون بالاقتراض أو طلب العون المادى بأي وسيلة لمواجهة مصاريف المعيشة، من أسعار متزايدة أو دروس خصوصية لكى يعطوا الفرصة لأولادهم ليصعدوا إلى شريحة اجتماعية أعلى: فى القضاء أو الهندسة أو الطب أو غيره من المجالات التى تتطلب مهنية عالية، والتى تؤسس لمجتمع متقدم فى مصر إذن، كما فى أى مجتمع قبلى، يكون التعليم ـ وليس الحسب والنسب ـ هو الوسيلة السائدة فى الحراك الاجتماعى، وضخ دماء جديدة فى المهن المختلفة، وإلا أصبحت هذه المهن متوالدة داخليا وغير قادرة على التواصل مع التطور الذى يشهده المجتمع عدم ضخ دماء جديدة ـ جديدة بمعنى الكلمة ـ يؤدى إلى أن تصبح هذه المهن راكدة، والركود كما نعرف يؤدى إلى العفن.

فلنقارن ما قاله وزير العدل السابق، محفوظ صابر وما كتبه تأييدا له رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق رفعت السيد، بما قاله الرئيس الأمريكى أوباما منذ أكثر من 3 سنوات عند نجاحه فى الانتخابات الرئاسية، ودخوله البيت الأبيض كأول رئيس جمهورية للقوة العظمي من سلالة العبيد الذين تم استيرادهم من إفريقيا ليعملوا فى ظروف غير آدمية لم يحاول أوباما أن يخفى أصوله، بل حرص على تذكير الحاضرين بأنه وهو على منصة البيت الأبيض يعرف أنه يتكلم بالقرب من مطاعم كان أبوه يمنع من دخولها. الفرق بين باراك أوباما وغيره ليس لون البشرة، ولكن لأن الرئيس الأمريكى تعلم واجتهد ليحصل على درجاته العلمية من جامعتى شيكاغو وهارفارد، ولولا تأكده بأن مجتمعه سيعطى له الفرصة للمنافسة مع الآخرين والتقدم إلى أعلى المناصب، لما كان تعلم أو اجتهد، وقد يصبح عضوا فى منظمات متطرفة تقاوم المجتمع وتحاول هدمه.

هناك ما هو أخطر فى كلام وزير العدل السابق ومؤيديه: الفقر ـ كالجريمة ـ هو نتيجة جينات معينة وليس لظروف اجتماعية يمكن تغييرها ومعنى هذا أن الفقير لا يستمر فقط فقيرا، بل يقوم بتوريث هذا الفقر لذريته، وتوريث ما يرتبط بالفقر طبقا لهذه النظرة من خجل ووصمة عار، ليس هناك وسيلة للهرب أو الانقاذ. الطريق مسدود.

ليس أمامى نص دستورى، ولكنى أعتقد أن النصوص المختلفة التى تؤسس للدولة المصرية الحديثة تقوم على تكافؤ الفرص، والتى تتعارض مع معايير مثل الحسب والنسب ونقاء الدم العربى كما هو الحال فى المجتمعات القبلية. فهل نهدف لأن تكون مصر دولة حديثة أم مجتمعا قبليا؟ فليكن هذا السؤال قضية رأى عام. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟