لا يبدو أن ثمة أوجهاً مشتركة بين مسألة تعدّد الزوجات في الشيشان وسياسة روسيا في أوكرانيا. ولكن ما يجمع بينهما خيط واحد. فموسكو تسعى الى حمل كييف على إرساء فيديرالية، ومنح صلاحيات أوسع للمناطق، خصوصاً للمناطق الشرقية الناطقة بالروسية. وهو ما ترفضه كييف، وتلمّح الى الموافقة على اللامركزية. ولكن روسيا على خلاف أوكرانيا، دولة فيديرالية. وهي دولة متنوعة عرقياً أكثر من أوكرانيا. ولكن يعصى تصوّر أن تحوز أي منطقة روسية الصلاحيات التي تطالب بها موسكو لمصلحة الدونباس. ولا يسع المناطق الروسية الارتباط بعلاقات مستقلّة مع دول أخرى. وروسيا تحظّر إنشاء أحزاب عرقية، على رغم أن مفهوم الفيديرالية لا يمنع ذلك.
وينظر المجتمع الروسي بعين الغضب الى تعدّد الزوجات في الشيشان، والى طرد السلطات الشيشانية أقارب الإرهابيين من منازلهم، ويرى أن هذه الممارسات والإجراءات تتناقض مع القانون الفيديرالي. ولكن الزعم هذا ضعيف الصلة بالواقع. فالفيديرالية تقضي بالتنوّع. ولا يجوز طبعاً فهم الفيديرالية على أنها الحقّ في تعدّد الزوجات. ولكن في الدولة المركزية الروسية، تعلن بعض المناطق حقّها في اختيار طريقها عبر إرساء أكثر السياسات راديكالية، التي تتعارض لا بل تشير الى الانفصال عن المركز.
وتعلن الشيشان، وعلى رأسها رمضان قديروف، أنها نالت حقّها في التمايز والاختلاف على رغم أنها جزء من النظام المركزي الذي يقرّ لغة موحدة، وامتحانات موحدة، وفيه مراكز لحزب «روسيا الموحدة»، وجادات تحمل إسم الرئيس فلاديمير بوتين.
وترى موسكو أن مسيرة الشيشان نحو الانفصال مقيّدة، وأنها أفلحت في تقويضها. وكان في المقدور حل مشكلة الشيشان في التسعينات. ويومها، أرادت النخبة الشيشانية اقتسام الأرباح النفطية، لكن موسكو عارضت مثل هذا الاقتسام. عندها ارتفعت الأصوات المنادية بالانفصال والتعصّب الإسلامي. وكان في الإمكان إرساء الفيديرالية من غير تكبّد أثمان مادية وبشرية باهظة، والحؤول دون انتشار تعدد الزوجات في الشيشان والتعصب الإسلامي. نقلا عن الحياة
* عن «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية، 22/5/2015، إعداد علي شرف الدين