المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏بهجت قرني
د‏.‏بهجت قرني

رحلة الفنانين لألمانيا... هل هذا ما نريده لمصر؟

الثلاثاء 16/يونيو/2015 - 11:22 ص

هناك نظرية شائعة ومحترمة تربط بين السياسة والتمثيل، فهى تربط بين شخصية عامة ـ تماما مثل الممثل المشهور ـ يقف على «المسرح» السياسى الداخلى أو الدولى، ويقوم بتجسيد «الدور» الذى يكفل لبلده أو لحزبه النجاح ورضاء المشاهدين أو المستمعين، وفى الواقع فإن المنصة فى مؤتمر دولى أو حتى فى الأمم المتحدة تشبه إلى حد ما فى الشكل، وحتى الإضاءة خشبة المسرح: مرتفعة بعض الشىء ومسلطة عليها الأضواء.

           المصطلحات إذن والصور، وحتى الأداء فى بعض الأحيان يؤكد فعلا علاقة وثيقة بين لعبة السياسة، وتمثيلية المسرح أو حبكة المسلسل التليفزيونى أو الفيلم السينمائى.

                 قد يشعر بعض الساسة بالمضض من هذا الربط الوثيق بين السياسة والتمثيل، فهو يعتقد أنها تمتهن رسالته والدخول إلى المسرح السياسى للدفاع عن مبادىء معينة، وهذا صحيح... ولكن هناك أيضا بعض الممثلين الذين استخدموا المسرح أو السينما للدفاع عن مبادئ سامية بما فيها مثلا الكفاح ضد العنصرية أو محاربة الفقر أو بيان آثار وأضرار الجريمة أو الفساد.

 

التشبيه بين السياسة والتمثيل لا تتضمن بالضرورة إذن امتهانا لمهنة السياسى، لأن الممثل الحقيقى والدارس لمهنته يقوم بها على أكمل وجه أى بحرفية، وقد يستخدمها للدفاع عن مبادئ نبيلة، بل يعتقد الفنان أو الفنانة أن التشبيه بينه وبين السياسى هو امتهان للفن الذى يحاول الرقى بالذوق العام، والذى ليس كالسياسى الذى لا يتورع عن الكذب، وممارسة مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، حتى لو كانت الوسيلة هى القيام بحرب إبادة، واستخدام السلاح الكيماوى ضد شعبه، كما فعل صدام حسين ضد الأكراد فى العراق أو حافظ الاسد ضد الثوار فى سوريا..

 

الربط بين السياسة والتمثيل هو إذن ليس إمتهانا بالمرة لدور السياسى، حتى ولو كان زعيما مبجلا، هناك مقولة موثقة عن ان الرئيس السادات حاول دخول مجال التمثيل قبل أن يدخل المسرح السياسى، ورئيسة الارجنتين الناجحة... إيزابيلا بيرون، زوجة زعيم الارجنتين التاريخى بيرون ـ كانت فى بداية حياتها ممثلة موهوبة، ثم ماذا عن رونالد ريجان الرئيس الأمريكى الذى كسب رهان إنهاء الحرب الباردة ـ والذى لا تزال تعرض بعض أفلامه حتى الآن بالألوان، أى أنه كان يمارس التمثيل ليس قبل فترة طويلة قبل أن يصبح حاكم كاليفورنيا ثم مرشح الحزب الجمهورى لرئاسة القوة العظمى، ثم ينجح أيضا فى تواصله السياسى مع جمهوره الذى يقتنع بدوره الجديد، بل ويدعمه، حيث معايير الانجاز والشعبية كان نهج ريجان الممثل السينمائى السابق رئيس جمهورية فعالا وناجحا.

 

هل معنى هذا أن سفر وفد الفنانين المشهورين فى صحبة الرئيس فى زيارته الأخيرة لألمانيا كان موفقا، وكان يجب أن يتم مع رؤساء سابقين، ومن فترة طويلة؟.

 

قد تكون فكرة مشاركة الفنانين سليمة، ولكن التنفيذ كان سيئا ومرتجلا، فلا تعرف مثلا معيار اختيار الفنانين؟ هل بعضهم مثلا يتكلم الألمانية، وعلى معرفة بهذه الثقافة، بل له اتصالات مع فنانين ألمان؟ ثم ماذا كان الهدف والبرنامج بالضبط؟ هل حدثت إتصالات، وتنسيق قبل السفر للاجتماع بزملائهم ومحاولة ارساء سبل تعاون أو حتى مجرد نقاش ودِّى عن دور السياسة فى مصر والمنطقة العربية.

 

وهل هذه أفضل الوسائل لصرف الأموال؟ من هنا أهمية دراسة الجدوى الذى يمارسها أى رجل أعمال ناجح.. تحديد الأهداف بدقة ثم حساب التكاليف والنتائج المرجوة، ثم تقييم الحدث بعد نهايته، وهل كان التخطيط محكما طبقا للنتائج المتحققة فعلا؟ للعلم هذا يحدث فعلا فى علم السياسة، متأثرا بما يحدث فى علم الاقتصاد، ومن أكثر النظريات الحديثة فى اتخاذ القرار هى نظريات الاختيار العقلانى التى تقوم على دراسة الجدوى أى التخطيط العقلانى الصارم قبل الحدث ثم التقييم الصارم أيضا بعد هذا الحدث، واستخلاص النتائج المهمة لتجنب الأخطاء ومحاولة التجويد فى الخطوة المقبلة.

 

لا أعرف إذا كان يحدث هذا التقييم حاليا، كما يحدث فى كثير من أجهزة القرار السياسى فى معظم الدول، وكذلك من رجال الأعمال، وحتى فى تاريخ العمليات العسكرية وداخل معاهدها ومراكزها.

 

كما يراها الكثيرون.

 

كانت رحلة الفنانين المصريين ليست مثل سفراء النوايا الحسنة المنتشرة فى دوائر الفن بالتنسيق مع الأمم المتحدة مثلا، وليست أيضا كوفد شعبى يعمل ويراقب ويدعم ما يسمى فى المباريات الرياضية «فرق الهتيفة» المنتشرة خاصة فى أمريكا، والتى تعتمد على الفتيات الحسناوات ذى الملابس المبهرة واللاتى يقمن بالرقص والغناء أثناء المباراة لشد أزر فريقهن، هل هذا ما نريده للعمل السياسى فى مصر، وخاصة على المستوى الدولى. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟