أخطار تستُّر إيران على برنامجها النووي
تسعى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، في التفاوض مع إيران على اتفاق ينتهي الى رفع العقوبات عنها، مقابل تقليــــص برنامجها النووي. والشرط الأبرز لإبرام الاتفاق النـــهائي، هو إجابة طهران عن أسئلة مفتّشي وكالة الطاقة الذرية الدولية. وإذا كان في وسع إيران اليـــوم، على رغم أن سيف العقوبات مسلط عليها والقيود تخنق صادراتها النفطية ومعاملاتها المالية، التنصّل من الإجابة عن الأسئلة حول برنامجها النووي، فكيف سيكون الأمر حين ترفع العقوبات؟ وما الفائدة من اتفاق إذا كان في مقدور إيران التستّر على صناعة قنابل ذرية؟
ودارت مناقــــشات مجموعة الدول الست حول قدرات طهـــران على تخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتونيوم. واقتـــصار النقاش على هذه المســألة في غير محلّه. فما لا شـــك فــــيه، أن قـــــدرة إيران علـــى إنتاج مواد انشطارية هـــي مسألة بالغة الأهمية. ولكن هذه المسألة لم تكن لتثير القلـــق والظنون لو لم تسعَ الى تصنيع سلاح نووي. فعـــلى سبــــيل المثل، تخصّب اليابان اليورانيوم، ولكن العـــالم لا ينظر بعين الريبة الى برنامجها النووي.
وصدقــــية اتفاق نهائي هي رهن ضمان حاجة طهران الى وقـــت طويل لصناعة قنبلة نووية، وتالياً، قدرة المجــتمع الدولي على رصدها وإثباطها. ومعرفة ما إذا سـبق للجمهورية الإسلامية أن باشرت برنامج تسلــّح نـــووياً، ومدى تطويرها الرؤوس الصاروخية، حـــيوية ولا غـــنى عنها. وفي العقد الماضي، رفضت إيران جواب أســـئلة وكالة الطاقة الذرية الدولية عن برنامج التسلّح. والاتــفاق المرحلي مع إيران أبرم في نهاية 2013، وينتهي العمل به فـــي تموز (يوليو) المقـــبل.
ويبدو أن طهران تراهــــن على الممـــاطلة الى أن يلين شركاؤها في المــفاوضات، فيتساهلون في طلب المعلومات حول نشاطاتـــها العسكرية النووية مخافة انهيار المفـــاوضات. وتبرز الحاجة الى إعلان الولايات المتحـــدة وشركائها الأوروبيين، أن الاتفاق متعذّر إذا لم تجـب طهران عن أسئلة وكالة الطاقة الذرية الدولية. وحريّ بمجموعة الدول الخمس زائد واحد أن تبدأ بإعداد لائحة عقوبات جديدة قبل موعد الاتفاق النهائي.
فما هو على المحكّ ليس الديبلوماسية فحسب. فإيران زعمت أنها لا تطمح الى سلاح نووي، وأعلن المرشد الأعلى أن القنبلة الذرية تخالف التعاليم الإسلامية. ولكن هذا الكلام ضعيف الصلة بالواقع. فتقديرات أميركية وأوروبية وتقديرات وكالة الطاقة الدولية الذرية، تشير الى أن إيران بدأت برنامجاً نووياً لا يستخفّ به في 2003. وترفض طهران الى اليوم، تشريع أبواب مواقعها العسكرية، موقع بارشين على سبيل المثل، أمام مفتّشي وكالة الطاقة الذرية الدولية. وترفض كذلك، السماح لهذه الوكالة بمقابلة شخصيات بارزة مثل محسن فخري زاده، المشتبه في تولّيه البرنامج النووي الإيراني في مطلع الألفية الثانية، وسيد عباس شاهمرادي - صفرزاده، الرئيس السابق لمركز الأبحاث الفيزيائية، وهو المركز الذي تشتبه الوكالة الدولية بأنه أجرى في التسعينات أبحاث التسلّح النووي.
وإذا لم تلتزم واجباتها إزاء وكالة الطاقة الذرية الدولية وتجب عن أسئلتها حول نشاطات التسلّح النووي السابقة، أرست طهران سابقة من نوعها: إغلاق الأبواب في وجه المفتّشين وتكريس مناطق تحظر عليهم. وحين تدور الشبهات حول موقع ما، يسعها أن تعلن أنه موقع عسكري يحظّر الولوج إليه. ومثل هذه المواقع المحظورة على المفتّشين، هو الأمثل لإجراء نشاطات محرمة مثل تخصيب اليورانيوم والتسلّح النووي. والى هذه السابقة، تطيح إيران ركناً من أركان عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية: التحقّق من دقة البيانات النووية في كل دولة. وواشنطن والأوروبيون أمام مفترق طريق شائك. فإذا الغرب أخفق في إلزام إيران الكشف عن الجوانب العسكرية لبرنامجها النووي، في وسع المرشد الأعلى حيازة قنبلة نووية وهو مطمئن ولا يخشى انفضاح أمره. نقلا عن الحياة
* مفتش أممي سابق في العراق، ** باحث رفيع المستوى في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس. عن «وول ستريت جورنل» الأميركية، 14/5/2015، إعداد منال النحاس