المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
ديفيد كليون
ديفيد كليون

الدفاع عن شرق أوروبا... وخطر تداعي «الناتو»

الأربعاء 17/يونيو/2015 - 11:02 ص

في نــهاية الأسبوع، نقلت صحيـــفة «نيويورك تايمز» خبراً مفاده أن الولايات المتحدة تدرس احتمـــال نشر مئات الجنود الأميركيين وعتادهم الثقيل في دول البلطيق الثلاث. وهذه الدول هي جمهوريات سوفياتية سابقة تقع على الحدود مع روسيا وحدود أعضاء في الاتحاد الأوروبي و «الناتو»، وهي وجدت نفسها في موقع ضعف منذ بدأت روسيا التدخل العسكري في أوكرانيا العام الماضــي. ولاتفيا ولتوانيا وإستونيا هي موئل أقليات كبيرة ناطقة بالروسية، وتخشى أن تتذرع موسكو بوضع هذه الأقليات الشائك لتسويغ هجوم. وفي الأشهر الأخيرة، نظم كل من «الناتو» وروسيا مناورات عسكرية حول دول البلطيق. وخطر وقوع حادث يؤدي إلى أزمة أوسع لا يستهان به.

وعلى رغم إعلان أميركا دعم دول البلطيق، يلف الغموض ما قد يحدث إذا وقع مثل هذا الحادث. ففي الأسبوع الماضي، نشر مركز أبحاث بيو استطلاعاً يرصد مواقف الدول الأطلسية إزاء روسيا وأزمة أوكرانيا ومسائل وثيقة الصلة بها. وأبرز نتائج الاستطلاع هو: الافتقار إلى إجماع في عدد من دول الأطلسي البارزة على الدفاع عن عضو أطلسي إذا شنت روسيا هجوماً عليه. وهذا الدفاع المشترك هو ما ينص عليه البند الخامس من اتفاق شمال الأطلسي. وعلى خلاف الأوروبيين من فرنسيين وإيطاليين وألمان وبريطانيين، أيدت غالبية أميركية وكندية دعم الدولة الأطلسية المعتدى عليها.

ومواجهة روسيا أو مقارعتها هي مسألة تستقطب تأييداً شعبياً في الولايات المتحدة. لذا، وصف جيب بوش في زيارته الأوروبية الأسبوع الماضي الرئيس الروسي بـ «المستأسد» أو المتنمر، ودعا إلى مرابطة أميركية قوية في دول البلطيق وبولندا. ولكن، في ألمانيا - واقتصادها هو الأكبر في أوروبا وتربطها أوثق علاقات بروسيا - التأييد الشعبي لالتزام الدفاع عن أمن «الناتو»، ضعيف. فتأييد الألمان الحلف الأطلسي تقلص 18 في المئة عما كان عليه في 2009. و38 في المئة من الألمان فحسب يرون أن روسيا هي «تهديد خطير»، بينما 59 في المئة من الأميركيين يرون أنها خطر كبير، شأن 70 في المئة من البولنديين. و57 في المئة من الألمان يعارضون انضمام أوكرانيا إلى «الناتو»، في وقت يؤيد 62 في المئة من الأميركيين هذه الخطوة. ويعارض الألمان أكثر من غيرهم من دول الأطلسي تسليح أوكرانيا.

ورأى مركز بيو أن المواقف الألمانية هي مرآة دوام خط الانقسام بين الشرق والغرب على رغم طي الحرب الباردة. فدول شرق أوروبا تتعاطف أكثر من الغربيين مع روسيا. لكنها كذلك مرآة قلق ألمانيا إزاء استقرار شرق أوروبا ووسطها حيث يسعى فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، إلى إبرام اتفاقات تجارية مع أفقر الأعضاء الأوروبيين. وينتهي العمل بعقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا التي أقرت العام الماضي رداً على أزمة أوكرانيا، في الشهر المقبل ما لم تجمع الدول الأعضاء على تجديدها. وبوتين سعى إلى تعزيز العلاقات مع قادة أوروبيين من أمثال رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربن، لفرط عرى هذا الإجماع. والتقى السبت الماضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أذربيحان لمناقشة مد أنبوب غاز عبر البحر الأسود. وتركيا هي صاحبة ثاني أكبر جيش في «الناتو» وتؤدي دوراً حيوياً في الحلف. وحكم أردوغان الشعبوي ساهم في ابتعاد تركيا عن الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء الغربيين. وعين الرئيس الروسي على مكمن الضعف هذا في العلاقات الأطلسية، وهو يرمي إلى استغلاله.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن نشر قوات أميركية جديدة في بولندا والبلطيق هو «أكبر عدوان يشنه البنتاغون والناتو منذ الحرب الباردة»، وأن روسيا سترد وترفع عدد قواتها على الجبهات الغربية الاستراتيجية. واحتمال تعزيز الانتشار العسكري الروسي يدق ناقوس الخطر في أوروبا. لكن بعض الدول الأوروبية ترى أن أميركا هي جزء من المشكلة. وثمة شعرة فاصلة بين طمأنة حلفاء قلقين وبين النفخ في التوترات، من جهة، وبين مساندة الحليف الأوكراني وبين دعمه، من جهة اخرى. واحتمال مواجهة بين روسيا و «الناتو» قد ينزلق إلى حرب نووية كبرى، لكنه قد يؤدي على الأرجح إلى انهيار «الناتو» بصفته قوة رادعة للعدوان الروسي. ويراهن بوتين على ضعف التزام عدد كبير من دول «الناتو» بالحلف. لذا، يساند أحزاب أوروبية على أقصى اليمين وأقصى اليسار، ويتوسل بأنابيب الغاز توسلاً بارعاً، ويشن حملة بروبغندا دولية. وإذا ثبت أن «الناتو» هو على حال التداعي التي تنبئ بها استطلاعات الرأي، أُطلقت يد روسيا في زعزعة استقرار عدد أكبر من الدول من غير محاسبة. وواشنطن تجد نفسها في وضع شائك: عليها الدفاع عن حلف قد لا يرغب أعضاؤه في هذا الدفاع، أي الدفاع عنه رغماً عنه. نقلا عن الحياة

* محرر، عن «وورلد بوليتيكس ريفيو» الأميركي، 17/6/2015، إعداد منال نحاس

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟