المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
فهيم طاشتكين
فهيم طاشتكين

أردوغان وسقوط تل أبيض

الأربعاء 17/يونيو/2015 - 11:04 ص

حين كان الأكراد يقاومون في كردستان السورية في كوباني، ويقاتلون تنظيم «داعش»، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان وكأنه يحمل بشارة: «قريباً ستسقط كوباني». أما اليوم فالأكراد يقولون «ستسقط تل أبيض»، والفرح لسان حالهم. ولا شك في ان اكثر المناطق التي أرهقت «داعش»، وعصيت عليه في سورية كانت المناطق الكردية. وقتاله ضد الأكراد كان عسيراً، خصوصاً إثر دعم التحالف لهم. وسيطر «داعش»، الى وقت قريب، على اكثر من معبر على الحدود التركية. ولكن اليوم «وحدات حماية الشعب الكردي» تحاصره في تل أبيض من كل حدب وصوب، وتسعى الى مد نفوذها من الحسكة شرقاً الى كوباني غرباً. ويعلم الأكراد أن المناطق الكردية المجاورة لتل أبيض لن تسلم من اعتداءات «داعش» إذا بقي ممسكاً بمقاليدها. ولا يخفى عليهم أن تل أبيض هي متنفس عاصمة «داعش» في الرقة وهي جسرها الى الحدود التركية. وعليه، لا يستخف بأهمية تل ابيض الإستراتيجية. وتتواجه قوات الحماية الكردية مع قوات «بركان الفرات» العربية، وهي تلتزم الحذر في قتالها في تل أبيض على نحو ما تفعل في قرى سلوك العربية وغيرها. فهي لا ترغب في أن تستعدي العرب في منطقة لا غالبية كردية فيها مخافة ان ينضموا الى «داعش». وتسعى القوات الكردية الى منح العرب هناك ضمانات تقضي بعدم التعرض لهم.

ولكن أين تقف تركيا من هذه الحرب الدائرة على حدودها بين الأكراد و«داعش»؟ يبدو ان حكومة «العدالة والتنمية» التي سلحت «جيش الفتح» في سورية لا تنظر بعين الرضى الى التقدم الكردي في المنطقة، على رغم أن التركمان يواجهون خطر «داعش» على مقربة من أعزاز، وفي حمام التركمان بالقرب من عين العرب (كوباني). واتهم أردوغان التحالف الدولي بقصف قرى التركمان والعرب في المنطقة، و»زراعة» الأكراد فيها من دون أن يشير أبداً الى اعمال «داعش» هناك! فهل ثمة دليل أكبر على دعمه «داعش»؟ فأردوغان يتجاهل خطر هذا التنظيم، ويحمّل الآخرين مسؤولية أحداث لم تقع، وينتقد التحالف الدولي الذي يقاتل ضد «داعش»! وهل يجوز لأردوغان بعد هذا الاعتراف ان يعترض على تصريحات الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في قمة الدول السبع ودعوته تركيا الى «بذل جهد اكبر من أجل منع تدفق آلاف المقاتلين الى داعش».

وهل يدرك أردوغان ان عدد اكراد تركيا الذين قتلوا في القتال ضد «داعش» في شمال سورية تجاوز الـ 500 قتيل؟ وهل يعرف أن مئات  الأكراد قتلوا وهم يدافعون عن السريان والإزيديين بل وحتى العرب هناك؟ في الأمس، وصلت جثامين عشرة شباب اكراد انطلقوا من تركيا الى الجزيرة السورية لقتال «داعش». وفي اثناء معارك الأكراد و«داعش» وقصف التحالف تلك المناطق، أخليت بعض القرى من سكانها العرب والتركمان مخافة وقوع اصابات في صفوفهم في خضم المعارك. ولكن السيد أردوغان يبالغ كثيراً في تناول الموضوع، ويقع في مغالطات ويتلاعب بالحقائق. وقال رئيس المجلس التركماني السوري عبدالرحمن مصطفى: «نسمع عن موضوع تهجير التركمان من قراهم، ولا نجد دليلاً على ذلك في متابعاتنا. ذهبنا للقاء الفارين من تل أبيض فلم نجد بينهم تركماناً... جاء من منطقة حمام اثنان ثم عادا الأدراج. وهرب نحو 400 تركماني من منطقة اعزاز بسبب الحرب الدائرة هناك بين «داعش» والجيش الحر...».

وإذا اردنا ان نتحدث عن تطهير عرقي، فحريّ بنا ان نتذكر ما فعله مسلحو «أحرار الشام» و»جبهة النصرة» الذين دخلوا تل أبيض من تركيا وارتكابهم مجازر بحق الأكراد في المنطقة. لم ننسَ أن الأكراد سيطروا على المناطق التي تتبع لهم في شمال سورية في 2012، وسعوا في حمايتها وتجنيبها دخول الصراع. لكن في 19 كانون الأول (سبتمبر) 2012، دخل مسلحو «النصرة» و«أحرار الشام» تل أبيض من تركيا. فاندلع قتال بين الأكراد وهؤلاء المسلحين الذين سيطروا على تل أبيض. ولكن المعارك سرعان ما توقفت. وبعد نحو عام، بدأت النصرة تطالب بواسطة مكبرات مساجد الأكراد بترك المنطقة وإلا سيتعرضون للإبادة. وبدأت عملية مداهمة القرى والبيوت، وقتل اكثر من 70 كردياً شاباً بعد اقتيادهم من منازلهم وهم عزل في مجزرة مروعة. أليس مثل هذه المجازر تصفية عرقية؟ إثر هذه المجزرة، قطع التواصل بين اكراد الحسكة وأكراد كوباني. ورابطة العقد بينهما كانت تل أبيض التي تقع في منتصف المسافة بينهما بعد ما حدث فيها للأكراد. وبعد ان انفصل «داعش» عن «النصرة»، قتل رفاق دربه القدامى في مطلع 2014 لينفرد هو بالسيطرة على تل أبيض. وجيش «الفتح» الذي تدعمه تركيا ارتكب مجزرة ضد العلويين في ريف جسر الشغور في قرية اشتبرق. ثم قتلت «جبهة النصرة» اكثر من 20 درزياً في قلب لوز بالقرب من إدلب. وجرائم الحرب والتطهير العرقي في سورية كبيرة ودامية، وعوض ان ينقطع سيلها إثر كشف كل مجزرة، يتسابق المسلحون الى ارتكاب اخرى. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟