المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
محمد صابرين
محمد صابرين

«صفقة كبرى» مع واشنطن بعد تحالف القاهرة الرياض

الأحد 02/أغسطس/2015 - 01:37 م

هذه لحظة يجري فيها إعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط، والحقيقة التي يتم السكوت عنها أن ذلك يحدث في ظل صراع شرس لفرض نظام القطب الواحد من جانب الولايات المتحدة، ومحاولة بزوغ نظام متعدد الأقطاب من جانب روسيا والصين ودول مجموعة بريكس التي تضم إلي جوارهما البرازيل والهند وجنوب إفريقيا. ومن الحقائق المرة أن واشنطن إختارت بالفعل إسرائيل وتركيا وتراهن علي إيران، وكما هي العادة استخدمت الأكراد وباعتهم إلي حين!، ويتبقي علي الدول العربية بقيادة مصر والسعودية أن تواجه وأن تناور من أجل ألا يأتي ما يجري ترتيبه علي حساب الدول العربية. وربما يقول البعض إن العراق وسوريا واليمن والصومال وليبيا قد سقطت، وأنه لا أمل من وقف الهيمنة الايرانية من جهة، وجحافل »الجماعات الإرهابية« من جانب أخر. وفي ذات الوقت لا أمل في أن تصغي واشنطن أو في حقيقة الأمر مجموعة 5 + 1، إلي الدول العربية نظرا لأنهم ينظرون إلي العرب بوصفهم »رجل الشرق الأوسط المريض«. وهنا نقول »نعم هذه وجهة نظر بها بعض المنطقي، ولكنها ليست قدرا لايمكن الفكاك منه«، بل نحن قادرون علي أن نحول «الأزمة إلي فرصة» وأغلب الظن أن الوقائع علي الأرض تمنحنا قدرا من الأمل، وهناك عدة أسباب لم يكن من الصعب رصدها، وتعامل الغرب بصورة براجماتية معها وهي:

أولا: الإرادة السياسية الفاعلة في مصر، وإمتلاكها الجرأة والرؤية والقدرة علي الإقناع بأن الأمن المصري يرتبط بالأمن القومي العربي، وبأمن الخليج. وأن مصر راغبة ومستعدة لتحمل »تكلفة القيادة«.

ثانيا: »الثقة الهائلة« من غالبية المصريين في قيادة السيسي، والدور الوطن للمؤسسة العسكرية المصرية.

ثالثا: «الشعبية الكبيرة» والثقة في القيادة المصرية في البلدان العربية، واليقين بأن «مصر الجديدة«» مختلفة كليا عن «مصر الناصرية». وأن الهدف الأسمي لمصر هو الحفاظ علي «الدولة العربية» ومنع سقوطها، أو دخولها في مستنقع الدول الفاشلة، وأن الشعوب العربية هي وحدها التي تقرر من يحكمها دون تدخل من أي قوي خارجية.

رابعا: تزايد الوعي بضرورة »تصفير المشكلات العربية«، وعدم العودة إلي الحروب الباردة العربية. وهو ما نلمسه في صبر مصر علي سلوك قطر، وعدم تصعيد الأمور لحظة إختلاف وجهات النظر مع دول أخري، والإصرار علي مبدأ «العمل بمن حضر ومن يوافق» وعدم التشهير بمن يتردد أو لديه وجهة نظر أخري.

خامسا: الوعي الكبير لدي النخب وغالبية الشعوب العربية بأن بلدانهم ومجتمعاتهم مهددة بحروب طائفية، بل وتمزيقها علي أسس أثنية وطائفية. ولقد أصبحت هذه من «الحقائق المرعبة» التي يتحدث عنها الغرب بمنتهي الوضوح، وأخرها تصريحات ساركوزي المستفزة في تونس عن «احتمالات تفجر الأوضاع» في الجزائر!.

سادسا: تزايد اليقين ونضوج الوعي العربي بأهمية »علاقات براجماتية« والتعاون حتي في الحد الأدني، في ظل إدراك بأن المصالح تحتم انفتاح الاسواق وتنقل العمالة ورؤس الأموال بحرية، فضلا عن التكاتف لمواجهة التهديدات الأمنية.

سابعا: مصر تقدم «النموذج العملي» من خلال مشروع »قناة السويس« و «المشروعات القومية الكبري» ـ مثل العاصمة الإدارية الجديدة ـ بأنها منفتحة علي أخواتها العرب، وأنها حريصة علي المشاركة في نمو وإزدهار مصر من أجل المصريين والعرب معا.

هذه 7 أسباب تعكس واقعا جديدا يتشكل بهدوء ألا وهو «المحور العربي» بقيادة مصر والسعودية، وبمشاركة فاعلة من دول الخليج خاصة الامارات والكويت والبحرين، ولايمكن أن ننسي أن الأردن والمغرب والجزائر ليست ببعيدة وكل يجاهد علي قدر طاقته ورؤيته. وأحسب أن «النقاط الست» التي اتفقت عليها القاهرة والرياض في الزيارة الأخيرة لولي ولي العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، وهذه النقاط هي »تطوير التعاون العسكري والعمل علي إنشاء القوة العربية المشتركة، والاستثمارات في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والنقل، وتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين، والعمل علي جعلهما محورا رئيسيا في حركة التجارة العالمية، وتكثيف الاستثمارات المتبادلة المصرية السعودية بهدف تدشين مشروعات مشتركة، وتكثيف التعاون السياسي والثقافي والاعلامي بين البلدين لتحقيق الأهداف المرجوة في ضوء المصلحة المشتركة للبلدين والشعبية، ومواجهة التحديات والأخطار التي تفرضها المرحلة الراهنة، وتعيين الحدود البحرية بين البلدين». بإختصار هذه النقاط جوهر التحالف، والذي بدوره يعكس عن حق ما قاله السيسي من أن القاهرة والرياض يمثلان «جناحي الأمة» العربية والإسلامية. والآن فإن المطلوب هي أن يتولي قادة مصر والسعودية قيادة «قطار الاتحاد أو المحور العربي» بصورة مؤسسية، وأنه لمن الأمور التي تدعو للتفاؤل أن «أجيالا جديدة» من القيادة تتولي المسئولية في هذه اللحظة الدقيقة، وتستوعب وتبني علي حكمة الكبار الشيخ زايد والملك عبدالله بن عبدالعزيز. كما أن حكمة ودهاء الملك سلمان بن عبدالعزيز هي خير معين للأجيال الجديدة في القيادة السعودية.

ـ . ـ وأحسب أن ترتيب البيت العربي، والرسالة الواضحة المعاني من القاهرة للبحرين قد وصلت إلي العواصم المعنية بالأمر. ولعل من العواصم المهمة واشنطن، والتي بالمصادفة أعلنت عن تسليم الطائرات أف 16 لمصر في اللحظة ذاتها التي كان يتم الإعلان عن المحور المصري السعودي. وهنا لابد من تسجيل أن واشنطن تعيد النظر في استراتيجيتها في المنطقة، ووفقا لبحث مهم أعدته مجموعة من كلا الحزبين الأمريكيين ـ الجمهوري والديمقراطي ـ لصالح معهد واشنطن حول الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط فإن الخبراء يؤكديون »حاجة الولايات المتحدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انهيار نظام الدولة في المنطقة، ومواجهة النفوذ المتزايد للمتطرفين السنة والشيعة على حد سواء«. وأضاف الخبراء ونظرا إلي الدور الحيوي الذي يجب أن تلعبه الشراكة مع الدول والشعوب العربية السنية في إطار هذا الجهد، يحذر معدو التقرير من أنه »لايمكن لإيران أن تكون حليفا مفترضا«. ويكتسب التقرير أهمية ممن أعدوه، وهم خمسة أشخاص من بينهم أثنان من مستشاري الأمن القومي السابقين، صمويل بيرجر وستيفن هادلي، والسفير الأمريكي السابق في العراق وتركيا جيمس جيفري، ومسئول سابق بإدارة أوباما ومبعوثا السلام في الشرق الأوسط دينيس روس، والمدير التنفيذي لمعهد واشنطن روبرت ساتلوف. ويحذر هؤلاء من أن التهديدات والصراعات المتداخلة والخطر الذي يهدد نظام الدولة في الشرق الأوسط سيجبر واشنطن لا محالة علي مواجهة المؤامرات ليس فقط ضد أصدقاء واشنطن بل ضد الوطن الأمريكي«. وهنا أهمية الكلام أن مغامرة واشنطن مع الإخوان وتركيا وقطر لم تأت بثمارها، كما أن الفوضي الخلاقة باتت تهدد أوروبا وأصدقاء واشنطن والأخطر «التراب الأمريكي» ذاته.

ويقدم الخبراء أربع توصيات: أولا التركيز علي إلحاق الهزائم بتنظيم داعش، والحل القابل للتطبيق هو حملة جوية أمريكية إلي جانب قوات برية عربية، وذلك بمساعدة اعداد من المستشارين وأفراد القوات الخاصة الأمريكية. ثانيا: العمل مع شركاء محليين لإيجاد ملاذ آمن داخل سوريا، ثالثا: العمل بهدوء مع اسرائيل لمنع المزيد من التآكل في العلاقات الثنائية. رابعا: تعزيز العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين مثل مصر.. وهنا يقول الخبراء «من غير الممكن اعتماد استراتيجية تهدف إلي تعزيز نظام الدولة في الشرق الأوسط دون الحرص علي قيام علاقات فاعلة بين الولايات المتحدة ومصر».

ـ . ـ ويبقي أن «مصر القوية المحورية» هي «رمانة الميزان»، والجائزة الكبري، ها هي أصوات عاقلة تقر بل وتوصي الكونجرس والإدارة بذلك. وقبل أيام من بدء الحوار الاستراتيجي مابين القاهرة وواشنطن لابد أن تتم مراجعة وأن تحدد القاهرة مطالبها وأبرزها اتفاقية تجارة حرة، والتوقف عن التدخل في الشئون الداخلية، وتشجيع الإخوان، بجانب أمور أخري. إلا أن السؤال: هل نجري الصفقة مع هذه الإدارة أم ننتظر الإدارة الجديدة؟! نقلا عن الأهرام

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟