على رغم ان الكونغرس الأميركي حاز حق تقويم الاتفاق، لا يحتاج الاتفاق، على خلاف المعاهدات، الى مصادقة مجلس الشيوخ أو مجلس النواب. ورفع العقوبات الاميركية هي شأن يبته الرئيس أوباما الذي يسعه اصدار قرار تنفيذي برفع العقوبات. وأكثر العقوبات التي قوضت الاقتصاد الايراني هي عقوبات الاتحاد الاوروبي. ويبدو أن الاوروبيين سيرفعونها من غير تلكؤ. وهذا القرار يقتضي اجماع اعضاء الاتحاد الاوروبي، ولكن يبدو أن دوله ستجمع على قرار اتخذته مجموعة (5 +1) وأدت فيديريكا موغيريني، قائدة الديبلوماسية الاوروبية، دوراً راجحاً فيه. وقد تساهم طهران وواشنطن في تقويض الاتفاق. ويقتصر الاتفاق على الجانب النووي من العلاقات بأميركا. وثمة سذاجة في حسبان ان ايران ستتحول الى حليفة واشنطن. ويرجح أن تثقل على العلاقات الغربية – الايرانية مسائل مثل حقوق الانسان ودعم الارهاب وأنظمة مثل نظام بشار الاسد.
وإيران هي قوة اقليمية وازنة. وحين تستعيد أصولها المالية المجمدة وترفع القيود عن صادراتها النفطية، ستملك وسائل مادية لتمويل طموحاتها التي قد تخالف طموحات الغربيين وحلفائهم في المنطقة. ولكن طوق العزلة حول طهران لم يكسر بعد. وهي مقربة من نظام دمشق ونظام بغداد، وتؤيدها الأقليات الشيعية في المنطقة. وأغلب الظن أن تتفاقم حدة المنافسة بينها وبين الرياض في الشرق الأوسط، وأن يعوق التوتر في المنطقة مكافحة «الدولة الاسلامية». وفي الميزان العسكري، ترجح كفة قوى غير عربية في الشرق الاوسط: تركيا واسرائيل وايران. وتشعر الدول العربية بأنها مهددة وضعيفة. وإيران مرشحة الى الانضمام الى لائحة الدول النامية. فحجمها السكاني وازن، والأمية في صفوف شعبها منخفضة.
ولا شك في ان الاتفاق لا يذلل مشكلة الانتشار النووي: فهو يقتصر على عشر سنوات. ويُؤمل أن يكون الاتفاق الجسر الى دمج ايران في المجتمع الدولي وأن تدور عجلة اقتصادها، وأن يتغير وجه نظامها. فلا تعود حال المسألة النووية شائكة. ومدة الاتفاق قصيرة قياساً الى زمن البرامج النووية. وفي 1994 ابرم اتفاق منع انتشار مع كوريا الشمالية. وبعد انقضاء مدة العشر سنوات، استأنفت كوريا الشمالية برنامجها النووي، وأجرت تجربتها النووية الاولى في 2006. وهذه السابقة تحمل على الحذر، ويخشى أن تحوز ايران، بعد عقد أو اقل، السلاح النووي. والمساومة المبرمة في اتفاق فيينا لا تطوي مخاطر الانتشار النووي. فعدد من دول المنطقة ينظر بعين القلق الى نتائجه، في وقت انتزعت ايران معاملتها معاملة دولة تلتزم معاهدة الحد من الانتشار النووي في عمليات التفتيش. نقلا عن الحياة
* باحث ومدير مركز البحوث الاستراتيجية الفرنسي، عن «ليبيراسيون» الفرنســية، 15/7/2015، إعداد منال النحاس