المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
بيوتر سمولار
بيوتر سمولار

الاتفاق النووي الإيراني وعزلة إسرائيل

الأربعاء 05/أغسطس/2015 - 12:31 م
تنقسم جبهة معارضة الاتفاق النووي الإيراني المبرم في فيينا في 14 تموز (يوليو)، إلى فسطاطين، فتجمع العالم كله من جهة، وإسرائيل والجمهوريين الأميركيين، من جهة أخرى. ولا تخفي بعض الدول العربية قلقها إزاء رفع الحظر الديبلوماسي عن طهران وطموحاتها التوسعية الجديدة. وتبدو اسرائيل في عزلة حين توجه سهام النقد الى الاتفاق. ولا تنفك تكرر سيل الرفض وتسلط الضوء على تهديد الخطر الإيراني وجودها. وأعلن، أخيراً، رئيس وزرائها، بنيامين نتانياهو، أن «العالم كله، في بعض الأحيان، قد يكون على خطأ».

وهذه العزلة الخارجية هي على خلاف الالتفاف حول نتانياهو في الداخل الإسرائيلي، ورص الصفوف حوله، فيما خلا اصوات قليلة تتهمه بتشتيت الديبلوماسية الإسرائيلية. ولا يغرد خطاب رئيس حزب العمل، اسحاق هرتزوغ، خارج سرب خطاب نتانياهو. فهو، شأن رئيس الوزراء، يصف ايران بـ «امبراطورية الشر» و»النمر المنفلت من قفصه» الذي يهدد الشرق الأوسط. ولكن هذا الوضع الإسرائيلي- وقوامه التقارب السياسي بين احزاب من اطياف يمينية ويسارية - يجبه كذلك خطراً خارجياً اضافياً: بروز دعوات مقاطعة اسرائيل في الغرب نتيجة احتلال الضفة الغربية.

ومدار الطعون الإسرائيلية في اتفاق فيينا هو على عدد من المسائل: إجراءات التفتيش الطويلة؛ إمكان مواصلة البحث النووي وتطوير أجيال جديدة من أجهزة الطرد المركزية؛ عدم تفكيك المنشآت النووية وعدم حظر تخصيب اليورانيوم على خلاف الوعود الأميركية؛ ورفع العقوبات. ويحذر المسؤولون الإسرائيليون من مترتبات رفع العقوبات عن إيران، ويرجح انها ستتوسل المبالغ الضخمة الى تمويل نشاطات ارهابية ينفذها مقاولوها الفرعيون في سورية ولبنان («حزب الله») وغزة («حماس») أو اليمن (الحوثيون). وعلى رغم ان هذه الطعون الإسرائيلية لا تجانب الصواب، تُهمَل ولا تجد آذاناً صاغية لأنها لا تقترح بديلاً واقعياً عن الاتفاق. والخطر الإيراني هو لازمة رؤية نتانياهو الى العالم منذ عشرين عاماً الى اليوم. فالدولة العبرية تستسيغ ألا تطور طهران أي برنامج نووي، سواء كان عسكرياً أو مدنياً، وألا يُرفع عنها قيد العقوبات المشددة قبل أن تفقد قوتها.

وما يشتهيه رئيس الوزراء الإسرائيلي متعذر، وهو ينتهج تكتيكات تقوّض قضيته. وهو وجّه ضربة قوية الى علاقات بلاده الإستراتيجية والوجودية مع الولايات المتحدة حين ألقى بدلوه في السياسة الداخلية الأميركية. فأقصي من مفاوضات فيينا، إثر سعيه الى استمالة السلطة التشريعية وترجيح كفتها في مواجهة البيت الأبيض. وخطابه عن التهديد الإيراني أمام الكونغرس، في مطلع آذار (مارس) الماضي، فاقم الهوة الفاصلة بينه وبين ادارة أوباما. وأعلن باراك اوباما ونتانياهو ان الخلاف بينهما لن ينزلق الى عداوة شخصية. ولكن عدداً من المسؤولين الإسرائيليين والديبلوماسيين والعسكريين ينظرون بعين القلق الى النتائج الطويلة الأمد المترتبة على هذه المواجهة، في وقت يسرون وراء الأبواب المغلقة ان الاتفاق لم يكن على القدر المتوقع من السوء.

ماذا في يد نتانياهو اليوم بعد ابرام الاتفاق؟ لا شك في ان بيبي قصير النظر ويعجز عن صوغ خطة مواجهة بعيدة الأمد وتدوم أكثر من ثلاثة اشهر. وتساهم غالبيته البرلمانية الصغيرة (61 مقعداً من 180) في تفاقم هذه المشكلة. ففي الملف الإيراني، شن رئيس الوزراء الإسرائيلي هجومه على البيت الأبيض من منبر كبرى القنوات التلفزيونية الأميركية. ولكن حظوظه في إقناع الغالبية البرلمانية ضعيفة. واليوم ما يسع إسرائيل المراهنة عليه هو ما ستحصل عليه مقابل الاتفاق الإيراني. فالولايات المتحدة تسعى الى استمالتها من جديد. وواشنطن تقدم مساعدات عسكرية سنوية الى اسرائيل قدرها 3 بلايين دولار. وتأمل الدولة العبرية برفع قيمة المساعدة الى 4.5 بليون دولار. وتتصدر أولوياتها حيازة قدرات باليستية هجومية ودفاعية. ولكنها الى اليوم تتفادى الكلام عن امكان التفاوض. وفي عملية شد الحبال المشدودة، تسعى اسرائيل الى اثبات حسن النيات في المسألة الفلسطينية، في وقت يتعاظم الضغط الدولي. لذا منحت 8 آلاف فلسطيني من الضفة الغربية اجازات عمل في اسرائيل، ورفعت بعض القيود عن حركة الأشخاص والسلع الى غزة. وتقول حكومة نتانياهو انها مستعدة لاستئناف المفاوضات المتوقفة من 15 شهراً مع محمود عباس. ولكن تغيير اشكال إدارة النزاع مع الفلسطينيين لا يحل لب المسألة ولا يغير المعادلة. ففي الملف الإيراني، شأن ملف النزاع مع الفلسطينيين، يبدو أن اسرائيل متقوقعة على نفسها في وحدة مقلقة. نقلا عن الحياة

* مراسل، عن «لوموند» الفرنــسية، 30/7/2015، اعداد منال النحاس

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟