المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
محمد محمد الكشكى
محمد محمد الكشكى

علم جديد لحماية الأمن القومى والتصدى لحروب الجيل الرابع

الأحد 20/سبتمبر/2015 - 11:00 ص

في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، اكتشفت الولايات المتحدة، أن شئون أمنها القومي متناثرة بين العديد من الهيئات والوزارات الحكومية، وجد كذلك عنصر التنافس بين تلك الهيئات والوزارات في إبلاغ القيادة السياسية بالمعلومات التي تخص الأمن القومي للدولة.

كل هذا التنافس من أهم العوامل التي أدت الي ظهور علم جديد يدعي «حماية البنية التحتية الحرجة المؤثرة مباشرة في الأمن القومي»، هدفه توحيد جهود حماية الأمن القومي وعرضها أمام الرئيس بصورة علمية موحدة.

نتج عن ذلك، تغيير في رؤية الدولة لدراسة الأمن القومي، حيث إن هذا العلم يقسم الأمن القومي لعدة قطاعات يسهل دراستها عن طريق «علم إدارة المخاطر»، وإسناد مهام ذلك العلم الوليد لهيئة واحدة لها السلطة في تحديد ودراسة البنية التحتية الحرجة يتضح من خلالها مدي استقرار الأمن القومي للدولة بأسلوب هندسي مدروس، لعرضه علي الرئيس مباشرة، ومن ثم إرشاد باقي القطاعات الحكومية المعنية عن أولويات كل قطاع وأسهل الحلول المتاحة بأقل التكاليف.يؤدي ذلك الي حماية نقاط الضعف في الأمن القومي وإعطاء الصورة واضحة وكاملة للقيادة السياسية، عن مدي استقرار كل قطاعاته بناء علي أولويات واحتياجات وموارد الدولة.

هذا العلم هو أساس دراسة حروب الجيل الرابع، وهو الأسلوب الأساسي في فهمه والتصدي لذلك التنوع من الحروب، بل تطبيقه ضد أي دولة معادية عند الحاجة بأسلوب مبني علي أسس علمية.

ذلك النوع من الحروب الذي يمكن دولة من تدمير أخري دون إطلاق رصاصة واحدة، فبالإلمام بعلم البنية التحتية الحرجة، يمكننا بسهولة معرفة نقاط ضعف أمننا القومي، وكذلك نقاط الضعف في الأمن القومي لأي دولة أخري، ويوجد العديد من الأمثلة التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة يمكن التحدث عنها في مقالات قادمة.

وهو ما يذكره كثيرا المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية في بياناته، بل القيادة السياسية أحيانا دون دراية كاملة من الكثيرين بخطورة ذلك العلم، وتلك الأنواع من الحروب، فهي حرب غير تقليدية، تحول المعلومات لإجراءات تنفيذية هدفها استخدام كل الأسلحة المتاحة ومنها المعلوماتية والسيبرانية والنفسية وغيرها، لحماية الدولة من الداخل واستخدامها ضد الغير لجعل دولة ما تدمر نفسها بنفسها من الداخل.

وقد أدركت الكثير من الدول أهمية دراسة الأمن القومي بذلك الأسلوب المنظم، وتقسيمه لقطاعات يسهل دراسة اعتماد بعضها علي البعض.

وبناء علي ذلك، فإننا نجد أن القطاعات الحرجة تختلف من دولة لأخري، فمثلا قسمت كندا أمنها القومي لعشرة قطاعات حيوية يتم العمل علي حمايتها من قبل الحكومة عن طريق وزارة كاملة اسمها Public Safety أما الولايات المتحدة فيوجد بها 17 قطاعا حيويا يتم حمايتها من قبل احدي الهيئات الاستخباراتية في حين أن المملكة المتحدة «بريطانيا» قد استنتجت 9 قطاعات فقط لأمنها القومي، ونجد أن كلا من تلك الهيئات لها مكان في مجلس الأمن القومي في الدولة، أو ما يوازيه من المجالس التي تقدم المشورة للرئيس أو متخذي القرار مباشرة عن طريق حماية تلك القطاعات بأسلوب علمي مدروس وأفضل وأوفر سبل الحماية.

اذا كان لدي دولة ما المنظومة والقدرات التي تمكنها من تحديد نقاط ضعف أمنها القومي لنفسها في الداخل، فعلي القارئ أن يتخيل أنه ليس من الصعب ابدا تحديد نقاط ضعف الأمن القومي لأي دولة مواجهة بنفس الأسلوب، وجمع المعلومات عنها لاستخدام تلك الدراسات عند الحاجة!

لذلك يجب أن يكون لدولة في مكانة مصر خطط معدة مسبقا لحماية الأمن القومي بالترتيب، وفقا لمكوناته الأهم والأكثر عرضة للخطر، ومعرفة كل أنواع التهديدات المحتملة، من أول هجوم إرهابي، أعمال تجسس، جمع المعلومات حتي الأعطال الفنية غير المقصودة في تلك القطاعات الحرجة، ومن الممكن ذكر أمثلة عديدة في بلاد أخري توضح أهمية ذلك العلم وكيف كان تصرف كل شخص مسئول خلال وقوع الكوارث بناء علي دراسات سابقة وكيفية التعافي منها في أقل فترة زمنية ممكنة بأقل الأضرار علي الأمن القومي، لأن تلك الدول تؤمن بأن أي عبث بتلك القطاعات هو مساس بأمنها القومي ويمكن أن يؤدي الي القضاء علي الدولة ككل لو تم الهجوم عليها بطريقة منظمة مدروسة من قبل الأعداء.الحاصل أن كل دولة تتناول حماية بنيتها التحتية بأساليب نظامية مختلفة، بما يتناسب معها، ولكن العامل المشترك بين التجارب الناجحة أنهم قاموا ببناء هيئة لتكون مسئولة عن دراسة القطاعات، واعتماد تلك القطاعات علي بعض، وأساليب حمايتها قبل وقوع الأزمة، وكيفية التصرف في أثناء الأزمة وكيفية النهوض مرة أخري بعد انتهائها.

فالفرق بين دولة تطبق علم حماية الأمن القومي وأخري لا تطبقه، هو الفرق بين أمة عاجزة في وقت الأزمات، ضعيفة وقت السلم، وأمة تستطيع النهوض وتملك المرونة الكافية بعد أي كارثة تعيد الحياة لطبيعتها في فترة مدروسة محدودة، فكما ذكرت سابقا.تلك الدراسات لا تفيد داخليا فقط، بل ان تلك القدرة علي البحث والدراسة وتحديد ما هو حيوي يفيد عند النظر لدول أخري لمعرفة مدي قوة أمنها القومي ومدي قدرتها علي تحمل تهديدات البني التحتية لذلك تدرس بعض الدول نقاط ضعف البني التحتية لدول أخري أو تحاول جلب معلومات عنها بالطرق الشرعية وغير الشرعية، مما سيعكس صورة مدي استقرار أمنها القومي وكيفية تأثرها بالتغيرات المطروحة. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟