المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
جوليان بويسو
جوليان بويسو

تنافس الفيل الهندي والتنين الصيني على «مصنع العالم»

الأربعاء 30/سبتمبر/2015 - 10:08 ص

بدا أن الهند تغرد خارج سرب تدهور الاقتصاد العالمي. ففي تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عن حال الاقتصاد العالمي- وهي قاتمة من غير شك - تبرز دينامية الهند الاقتصادية. ويتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي الهندي في 2015، 7.2 في المئة، وأن يفوق نظيره الصيني (6.7 في المئة). وتسلط شبه القارة الهندية الضوء على دوران العجلة الاقتصادية فيها على أفضل وجه: فيوم «الاثنين الأسود» (الواقع في 24 آب – أغسطس الأخير)- حين انهارت البورصة في الصين ثم تفشت العدوى إلى العالم - أعلن وزير المالية الهندي أن بلاده ترتجي فائدة من الانهيار المالي العالمي وأنها ستستقطب المستثمرين. وقال مسؤول هندي إن الهند تسعى إلى وضع اليد على شطر ضخم من سوق الصادرات. وفي وقت يبدو أن التعافي العالمي مستبعد وأن الدول النامية تتعثر، يعم التفاؤل الهند. فالنمو الهندي لطالما عجز عن اللحاق بركب نظيره الصيني في العقود الماضية، ولكنه اليوم قد يتقدم على الصين. وتكاد الهند أن تكون الدولة الوحيدة التي لم تتأثر بتباطؤ نمو جارتها الصين. وعلى خلاف البرازيل وإندونيسيا، يتوقع أن تجني الهند ثمار انخفاض أسعار المواد الأولية.

وعلاقات الهند بالصين ضعيفة في قطاع الصادرات. فهي تعاني من عجز تجاري كبير. وانخفاض قيمة اليوان لن يؤثر سلباً في الشركات الهندية التي لن تواجه منافسة صينية شعواء في أسواق التصدير. والفرصة سانحة أمام الهند لتوجيه دفة النمو العالمي، يقول جايان سينها، أمين عام الحكومة الهندية للشؤون المالية. وفي وقت يهبط الاقتصاد الصيني، كثف رئيس الوزراء الهندي، نارندرا مودي، زياراته الدول الأجنبية للترويج للصناعة الهندية ولاستقطاب الصناعات الأجنبية إلى بلده- عديد سكانه أكثر من بليون نفس، وكلفة العمل فيه متدنية. ولكن هل في إمكان الهند أن ترتقي إلى مصاف «مصنع العالم»؟

«الهند... صارت مقصد الشركات الصينية التي تنقل فائض قدراتها الإنتاجية إليها أو مقصد الشركات التي تبحث عن كلفة تصنيع أدنى»، كتب ليو شياوشو، الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، في صحيفة» غلوبل تايمز» الصينية الصادرة في 17 آب (أغسطس) الماضي. ولكن الاستثمارات الصينية في الهند خجولة، ونسبتها من مجمل الاستثمارات الأجنبية لا تزيد على 0.5 في المئة في الخمس عشرة سنة الماضية. واقتصرت الاستثمارات الصينية على القطاعات التي يتزايد فيها الطلب الداخلي.

فعلى سبيل المثل، أعلن «فوكسكون»، مُصنع الألواح الإلكترونية التايواني والهواتف الذكية، في الشهر الماضي انه يستثمر 5 بلايين دولار في إنشاء مصانع في وقت ينمو هذا القطاع (تصنيع الهواتف الذكية والألواح...) في الهند نمواً هو الأعلى في العالم. وخلال زيارته الهند في أيلول (سبتمبر) المنصرم، أعلن الرئيس الصيني، شي جينبينغ، أن بلاده ستستثمر 20 بليون دولار في الهند في الأعوام الخمسة المقبلة، خصوصاً في المراكز الصناعية. ويرى السفير الصيني في الهند، لو يوشنغ، أن العقبات أمام استثمارات بلاده هناك كثيرة، ومنها «عسر استملاك الأراضي»، و«شوائب آليات المحاسبة البيئية» و«اضطرار الشركات إلى وساطة لتيسير عملها في الإدارات الهندية وليس في مكتب رئيس الوزراء فحسب». وليس يسيراً نسخ نموذج النمو الصيني في الديموقراطية الهندية. فالنموذج الصيني يعتمد على التصدير جراء شبكة بنى تحتية ناجعة، بينما ينزل النموذج الهندي على حركة الطلب الداخلي.

هل في الإمكان أن يتنافس التنين الصيني والفيل الهندي في مجال واحد؟ «ولن يغير سعي شركات أجنبية إلى إنشاء مصانع في الهند في الأمر شيئاً. فنقص البنى التحتية وضعف الإنتاجية يقيدان الإقلاع الصناعي الهندي»، يقول بهافيا سيهغال، مدير منطقة آسيا – المحيط الهادئ في مجلس استشارات مجموعة «فرونتيير ستراتيجي». وتفتقر اليد العاملة الهندية إلى الكفاءة والتأهيل، على رغم أن عددها يفوق نظيرها في الدول المجاورة وكلفة عملها أدنى. وترجح الشركات الهندية كفة الاستثمار في الآلات على كفة الاستثمار في تأهيل اليد العاملة. وخير دليل على ذلك انخفاض حصة اليد العامل من الإنتاج المحلي. ولا شك في أن البنى التحتية هي مشكلة الهند المزمنة إلى جانب مشكلة افتقار اليد العاملة إلى الكفاءة. فحين استلم وزير النقل الهندي، نيتين غادكاري، منصبه، وجد أن عجلة العمل توقفت في مشاريع بنى تحتية قدرها 57 بليون دولار جراء مشكلة استحواذ الأرض أو تأخير الإذن الإداري. وعلى رغم هذه الحال، رفعت الحكومة قيمة الاستثمارات 11 بليون دولار. ولكن هذا القرار لا يذلل المشكلات كلها. وأم المشكلات (إذا جاز القول) هي البيروقراطية التي تبطئ عجلة الاستثمارات. وتصدير السلع من مرفأ صيني إلى الخارج أيسر من بيع في شمال الهند سلعة انتجت في جنوبها. «فالشركات الأجنبية تصنع في الصين لتبيع في أصقاع العالم كله، وتستثمر في الهند لجني أرباح من حركة الطلب الداخلية في قطاعات مثل السلع الاستهلاكية أو التجهيزات.

وإذ تسعى إلى التحول «مصنع العالم»، تغفل الهند أن حركة الطلب العالمية تختلف عن حالها في العام 2000. حينها استفادت الصين من ارتفاع هذه الحركة، في وقت تتقلص اليوم وتنخفض حركة الطلب العالمي. والاقتصاد الهندي أصغر من نظيره الصيني بأربعة إلى خمسة أضعاف، ولن يسعه بين ليلة وضحاها إطاحة الصين عن عرش الصدارة الدولية في التصنيع. نقلا عن الحياة

  * صحافي، عن «لوموند» الفرنسية، 19/9/2015،إعداد منال نحاس

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟