المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
خالد بن نايف الهباس *
خالد بن نايف الهباس *

الرياض والقاهرة والتضامن العربي

السبت 24/أكتوبر/2015 - 10:51 ص

واضح أن المنطقة العربية تمر بتحديات جسيمة لم تشهد لها مثيلاً منذ عهد الاستقلال في القرن الماضي، حيث تزايدت المخاطر التي لم تعد تهدد استقرار الدول العربية فحسب بل أصبحت تهدد كيان وبقاء هذه الدول، التي يعاني عدد كبير منها من ظاهرة مركبة غير مسبوقة وهي «تشظي السلطة والدولة» في الوقت ذاته. وقد ذهب كثيرون إلى أن المنطقة العربية تتم إعادة هندسة جغرافيتها السياسية في شكل جديد وتحت ذرائع مختلفة ووفق خطوط مصلحية معينة، لا تستجيب قطعاً لمصالح الدول العربية. وأخذت الأمور تتطور بتسارع غريب لم يعد بوسع المحلل فهم مسبباته أو توقع نتائجه. وفي مثل هذه الوضعية التي تمر بها المنطقة يتوجب الحديث عن الدور المأمول من القوى الإقليمية العربية- وهي أصبحت قلة- القيام به لصون الأمن القومي العربي وتجنيب المنطقة مخاطر التفتت السياسي.

هنا يجدر الحديث عن الدورين السعودي والمصري لمواجهة التحديات القائمة نظراً إلى خروج العراق وسورية من معادلة توازنات القوة الإقليمية، وكون المشرق العربي دائماً ما كان هو مركز الثقل وبؤرة الاهتمام في النظام الإقليمي العربي. مسؤولية القيادة الإقليمية تركة ثقيلة والقيام بها يتطلب توفر موارد وإرادة سياسية وتضافراً للجهود، بخاصة أن مصادر التهديد لم تعد تقليدية كما كانت في السابق بل باتت متعددة ومعقدة وتأخذ أشكالاً جديدة وعلى صلة وثيقة بالنسيج الاجتماعي ومسائل الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي، مثل الإرهاب والتأزم المذهبي والطائفي، إضافة إلى التدخل الخارجي بطبيعة الحال. كما أن هذه المخاطر لم تعد تقتصر على القوى الكبرى ولكن انضمت إليها قوى إقليمية وميليشيات ومنظمات عابرة للحدود.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل هناك تطابق في الرؤى بين الرياض والقاهرة حيال الأزمات الإقليمية القائمة وسبل حلها؟ الإجابة ببساطة: كلا، والحرب في اليمن والأزمة السورية خير مثال. البعض يبرر ذلك من منطلق أن الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي لكن ذلك لا يعني غياب التنسيق بين الجانبين، وهذه وجهة نظر صحيحة، لكنها غير عملية في ظل الأوضاع التي تمر بها المنطقة العربية ومصادر التهديد المتعددة التي تواجه دولها. كما أننا رأينا كيف أن التضامن بين القاهرة والرياض يحدث الفرق المنشود، والدليل على ذلك الموقف السعودي الصريح بدعم مصر ضد استهجان القوى الغربية الإطاحة بحكومة الإخوان، رغم أن ذلك كان خياراً اقتضته المصلحة الوطنية المصرية. الموقف السعودي الصريح بجانب مصر وضع حداً للضغوط الدولية والتهديدات الغربية بقطع المساعدات العسكرية والمالية عنها، والتي لو استمرت فإنها ستلحق ضرراً سياسياً واقتصادياً في مرحلة حرجة تمر بها مصر.

بالمنطق نفسه، يمكن القول إن أي دعم مصري للسعودية وغيرها من الدول العربية سيكون له أثر كبير نظراً إلى مكانة مصر ودورها التاريخي في المنطقة. وأعتقد أن الجميع يدرك الظروف التي تمر بها القاهرة بعد الثورة وتركيزها على عملية إعادة البناء الداخلي، لكن ذلك لا يمنع من قيامها بدور داعم، بخاصة لدول الخليج نظراً للترابط الوثيق بين الأمن الوطني المصري وأمن منطقة الخليج. وأياً كانت حدود وحركية القوة العسكرية المصرية إلا أنها هي الأبرز بين مكونات القوة الأخرى، وفي ظل ميل المنطقة الكبير إلى الصراع تصبح القوة العسكرية الأكثر أهمية من بين مكونات القوة الأخرى، والأعظم تأثيراً لتحقيق الحلول السياسية المنشودة، بالتالي يظل التنسيق والتعاون العربي العسكري غاية في الأهمية لمواجهة التحديات القائمة.

التضامن بين مصر والسعودية غاية في الأهمية، ليس فقط لحماية المصالح العليا للأمة العربية، ولكن لضمان أمن واستقرار كل من الدولتين نفسهما، والتصدي لأية محاولات لاستهدافهما. فانكسار أي دولة من الدولتين سيجعل الأخرى أكثر انكشافاً أمام القوى الأجنبية، إقليمية كانت أو كبرى. ويتوجب القفز على بعض الاختلافات في التوجهات السياسية عندما يكون التهديد حقيقياً ومتعلقاً باستقرار المنطقة وبقاء دولها. ومن غير المستبعد أن تكون القاهرة أو الرياض إحدى المحطات القادمة في مسلسل استهداف الدول العربية بعد إضعاف بغداد ودمشق. والاستراتيجية الاستباقية والوقائية، القائمة على تضامن عربي فاعل هي الأجدى، في ظل التسارع الذي تسير عليه وتيرة الأحداث الإقليمية والدولية.

تبدو الحاجة ملحة لتشكيل محور عربي فاعل بقيادة سعودية مصرية، وبمشاركة الدول العربية الراغبة، يتجاوز في مضامينه الاختلاف في وجهات النظر حول بعض القضايا السياسية، ويجب أن يكون الهدف من هذا المحور التأثير في مجرى الأحداث في المنطقة لمنع استفحالها أو زيادة كلفتها، وتفويت الفرصة على القوى الإقليمية والدولية الطامحة إلى أخذ زمام المبادرة في شؤون المنطقة، كما هو حاصل الآن في التدخل الروسي في الأزمة السورية. فلا نعلم إلى أي مدى ستذهب التدخلات في الشؤون العربية وكيف ستكون وما هي نتائجها المستقبلية. نقلا عن الحياة

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟