المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

حرب الصورة: توظيف الصورة الصحفية في الحروب والثورات (6)

الأحد 08/نوفمبر/2015 - 11:14 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
أ.د. شريف درويش اللبان أ. سارة أحمد يسين
قبل ثورة 23 يوليو سنة 1952 عرفت مصر بعض أجهزة الإعلام، مثل الإذاعة والصحافة، ولكنها كانت في شكل متواضع، وبالذات الإذاعة التي كانت ضعيفة التأثير إلى حدٍ ما، وكما أنها – أى الاذاعة كانت قاصرةً على مناطق معينة. ولكننا عندما نرى بعين الباحث والمُدقق أوضاع الصحافة المصرية – وتعدد هذه الصحافة بين أهلية وحكومية – قبل 1952 لما أمكننا أن نتجاهلَ قط الصحافة المصرية والدور الذي لعبته في التمهيد لثورة 23 يوليو، فنحن ضد الرأى الذي يقول إن مصر كان بها صحافةً هزيلة قبل سنة 1952، فلولا هذه الصحافة ما كان يمكنُ شحذُ الرأى العام المصري لتقبل فكرة الثورة، وما كان يمكنُ أن تُنْشَرَ فضائحُ الحكم مما جعلَ الشعب يدركُ أن الثورة حتمية تاريخية لا بُدَ من الإسراعِ بها.
بعد الهزيمة ودخول مصر في إطار إزالة آثار العدوان، تبنى عبد الناصر مفهوم "ما أُخذ بالقوة لا يُسترَدُ إلا بالقوة"، وشرعَ في عملية إعادة بناء الجيش، ومواجهة الإسرائيليين
أولًا: ثورة 23 يوليو 1952
بمجيء ثورة 23 يوليو بدأت مصر تحبو نحو مجتمع جديد، وكان لأجهزة الإعلام دور مهم في ذهن رجال الثورة لما أدركوه من أهمية هذه الأجهزة في السيطرة على الجماهير لضمان ثقتها، وللانطلاق بها لتحديد أهداف الثورة. وبدأت مصر تخطو بحق نحو مفهوم الإعلام الحديث، ولا يمكنُ أن ينكرَ باحث أن الثورة عقب قيامها كانت تنشدُ الديمقراطية وتهدفُ إلى تبادل الرأي بين الحكام والمحكومين. ومن ثم كان إيمانُها بالصحافة لدعم هذه الديمقراطية إيمانًا لا يتزعزع. وفي ضوء الظروف الجديدة الناتجة عن قيام ثورة 23 يوليو بدأت الصحافة المصرية تأخذ إطارًا معينًا في الحركة والتطور.
 ويمكنُ أن ننوه كذلك بأهمية الثورة المصرية في فسح المجال نحو أسلوب جديد للمقاومة بشمال القارة الإفريقية ضدَ فرنسا الحليف القوي لبريطانيا في الحرب، وباعتبار مصر البوابة أو الطريق الحيوي نحو المستعمرات البريطانية في القارة الآسيوية عبر قناة السويس علاوة على قيمتها الجغرافية الاستراتيجية، فإنها مثلت مركزًا لدعم الثورتيْن الفلسطينية الجزائرية من منطلق مبادئ ثورتها فيما بعد، واستطاعت مصر بعد توقيعها معاهدة خروج بريطانيا من قناة السويس يوم 26 يوليو 1956إعلان استقلالها بصورة نهائية. والذى لا شك فيه أن الشخصية المصرية على مدار التاريخ تقومُ بثورة كلما تعرضت أراضيها لهزيمةٍ عسكرية. ومن هنا يمكن أن نعزو قيام ثورة 23 يوليو إلى هزيمة مصر في حرب فلسطين سنة 1948.
ولقد كانت مصر من أكثر الدول العربية تأييدًا لقيام منظمة التحرير الفلسطينية، وقد كتبَ الشقيري مصرحًا: "لولا مصر ولولا الرئيس عبد الناصر لما قامت منظمة التحرير الفلسطينية".  وفى تصريح له، في 31 مايو 1965، أوضح عبد الناصر "بأن بلاده على استعداد لتقديم كل العون لدعم المنظمة في إقامة المعسكرات سواءً على الأرض المصرية أو في قطاع غزة. إن مصر معكم قلبًا وقالبًا، وتعتبرُ نفسها قاعدةً للثورة".
غير أن هذا الإجماع العربي الذي أدى في نهاية المطاف إلى إبراز الكيان الفلسطيني وقيام منظمة التحرير، قد استثنى مسألة السيادة من جدول أعمال هذا الكيان الوليد، وفرضَ على القائمين عليه عدم الفصل بين الوحدة العربية وفلسطين، الأمر الذي عبروا عنه بتوكيد نزوعهم إلى الوحدة، والتزامهم بأن لا يكون الكيان الفلسطيني كِيانًا "انفصاليًا"، وألا يمارسَ أي سيادة إقليمية على أرضه ويبدو أن هذه " الاشتراطات " التي فُرضت على الكيان السياسي الفلسطيني، الناشئ في كنف الوحدة العربية، قد دفعَ المعبرين الجدد عن الوطنية القُطرية الفلسطينية إلى التعجيل بإطلاق رصاصتهم الأولى، مستفيدين في ذلك من حدثيْن كبيريْن: أولهما: انهيار تجربة الوحدة المصرية – السورية في عام 1961، وثانيهما: انتصار ثورة الجزائر المسلحة في العام الذي تلاه. غير أن الشك بقيَ يحيطُ بـ " المغامرة " الفلسطينية المسلحة، التي انطلقت، ولم يكن كثيرون، في ذلك الحين مستعدين لقبول التصور الذي يرى العمل الفدائي نواةً لحرب تحرير شعبية طويلة الأمد، إلى أن تغيرت المُعطيات كليًا بوقوع هزيمة يونيو 1967.
وبعد الهزيمة ودخول مصر في إطار إزالة آثار العدوان، تبنى عبد الناصر مفهوم "ما أُخذ بالقوة لا يُسترَدُ إلا بالقوة"، وشرعَ في عملية إعادة بناء الجيش، ومواجهة الإسرائيليين من خلال حرب الاستنزاف. وفى الوقت الذي كان فيه عبد الناصر بحاجة لمن يشعل الحرائق على الحدود مع العدو الإسرائيلي لصرف انتباهه؛ لكى يستطيع الجيش المصري إعادة ترتيب نفسه، جاء انتصار الثورة الفلسطينية في معركة الكرامة (مارس 1968)، ليحدثُ بعدها تحول، ويفتحُ عبد الناصر طاقة أمل جديدة. وسرعان ما تلقفَ الفدائيون الأوائل هذا التحول المصري، فسخّرَ نظام عبد الناصر لهم كل وسائل الدعم السياسى والمعنوي واللوجستي.
وواقعُ الأمر، أن بداية علاقة الثورة الفلسطينية بعبد الناصر دشنت لعصرٍ جديد، فاتحةّ بذلك فصلًا جديدًا في سِفر العلاقة المصرية الفلسطينية، ستظلُ قواعدها حاكمةً للمشهد السياسي لسنوات طويلة لاحقة؛ ابتداءً من الزيارة التاريخية التي قام بها ياسر عرفات مع عبد الناصر إلى الاتحاد السوفيتي، حيث تمَ تقديم عرفات للسوفيت على أنه مسئول الثورة الفلسطينية، وليس انتهاءً بالدور الذي لعبه عبد الناصر في وقف الصِدامات، التي وقعت بين قوات الثورة الفلسطينية والنظام الأردني في سبتمبر (أيلول) الأسود من العام 1970، التي استهدفت تصفية وجود الثورة الفلسطينية في الأردن.
ويمكنُ القول إن العالم العربي كان جسمًا متواصلًا للثورات إذا صحّ التعبير؛ فثورة 23 يوليو 1952 في مصر كانت انقلابًا عسكريًا فُهِمَ كثورة، ليس بسبب نتائجه الثورية والالتفاف الشعبي حوله، بل لأنه نشأ في بيئةٍ قابلة للثورة، وكان امتدادًا لحركةٍ ثورية موّارة في الأربعينيات مع لجان العمال والطلبة وصعود حركات الشباب المتمردة على مفهوم الحزب التقليدي، وعلى استئثار الوفد والقصر بالسياسة والثورة، ثّم محاربة الإنجليز في قناة السويس، وسلسلةٍ من حالات التمرد التي أسقطت حكوماتٍ بشكلٍ متتالٍ، وصولًا إلى حريق القاهرة.
لقد سُمّي "انقلاب" الضباط الأحرار "ثورة" بحق، لأنه كان امتدادًا لثورة قائمة في المدن المصرية، ولأنه حملَ نتائجَ ثورية. وبعده انتشرت حركات الضباط في الوطن العربي على شكلِ انقلاباتٍ ثورية الطابع تدعو ليس إلى خلع النظام القائم فحسب، بل إلى إقامة نظامٍ جديدٍ، وكان أولها وأهمها ثورة 14 تموز/ يوليو 1958 على الحكم الملكي في العراق. ويمكننا وضع الثورة الجزائرية التحررية في هذا السياق، لكن مع ملاحظة ما هو خاص فيها، وهو أنها ثورة تحرر وطني نموذجية ضد استعمارٍ أجنبي استيطاني مباشر. لقد كانت هنالك حالة ثورية عربية استجابت لثورة 23 يوليو، ولكن في محاكاة للنمط عبر المؤسسة الحديثة الرئيسة التي خلفها الاستعمار من ورائه، والتي يمكنها توحيد الشعب. ويجب أن لا ننسى أن ثورة يوليو تضمنت بعدًا وطنيًا معاديًا لحكم الإنجليز بشكلٍ واضحٍ.
وبعد قيام ثورة 1952 التي قادها الجيش شهدت مصر فترة علمنة جزئية حتى مطلع السبعينيّات، ثم انحسرت تلك الفترة عن رجوع للكود الأخلاقي الإسلامي، خاصة فيما يتعلق بملبس المرأة نتيجة للتأثيرات التي أحدثها ظهور البترول في بلدان الخليج المحافظة التي هاجرت إليها طليعة الطبقة الوسطى المصرية خاصة والعربية عامة، أما الكود الأخلاقي الغربي فلم تحتفظ به إلا شرائح ضئيلة ارتبطت ثقافيًا ببلدان الاستعمار ثم بثقافة العولمة الغربية مع مطلع القرن الحادى والعشرين.
وعلى ذلك فالغالب الأعم في الثقافة العربية النظر إلى العُري على أنّه امتهانٌ سواء أكان للمرأة أم للرجل وتحت أي سياق. ولذلك كانت المشاهد التي تسربت من سجنِ "أبو غريب" العراقي، وصورت الانتهاكات الأمريكية للكرامة العربية، صادمة للمجتمع العربي ككل، والذي ارتبط وما زال يرتبط فيه العُري بالمحرّم الديني.
ويمكن القول إن الحالة الثورية والحركة الثورية كانتا قائمتيْن في عديدٍ من الأقطار العربية، وإن انقلابات الضباط أجهضتها من خلال تحركها الفوري بتأثيرٍ من نكبة فلسطين. ونقولُ إنها أجهضتها وكمّلتها في الوقت ذاته. فهي قد أجهضت النزعة الديمقراطية للثورة بالتأكيد على الخطاب الجماهيري من دون مشاركة الشعب في السياسة بشكلٍ حقوقي منظم، وبتقليص الحريات والحكم العسكري باسم الشعب. وفي الوقت ذاته استكملت مهام التحرر الوطني، وحققت التواصل بين الريف والمدينة، وألغت امتيازات الإقطاع، وقد انتشرت الثورة في البيئة السياسية والثقافية العربية بأبعادها المختلفة بعد ثورة يوليو ومفرداتها، كما جرى ذلك في أوربا بمحاكاة الثورة الفرنسية.

ثانيًا: الثورة الجزائرية (1954 – 1962)
اندلعت ثورة أول نوفمبر والشعب الجزائري يعيش ظروفًا صعبة ويعاني من القهر والإقصاء والهياكل السياسية قد باءت بالفشل، في حين كانت الطبقة الكولونيالية المالكة للأرض والثروات تدير دفة السياسة وتوجهّ اقتصاد البلاد بما يخدم رفاهيتها، ومع ذلك اندلعت الثورة كما لم تندلع من قبل، وكانت لغة الخطاب التي اختارها المحتل، هي لغة صوت الرصاص الذي دوّى ذات ليلة من سنة 1954.
وكانت مرحلة الثورة التحريرية الجزائرية حافلة بالأحداث التي كان لها وقع مباشر على الرأي العام الفرنسي، مثل تصفية الاستعمار في الهند الصينية وتونس والمغرب، وتطورات الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، وقضايا أوربا خاصة الدفاع المشترك الذي أثار قضية إعادة تسليح ألمانيا، وهو ما كان يرفضه الفرنسيون. بالإضافة إلى الأحداث الداخلية خاصة الناتجة عن الثورة الجزائرية ومنها عدم الاستقرار السياسي الذي أدى إلى انهيار الجمهورية الفرنسية الرابعة. ولم تكن الصحافة الفرنسية مهتمة بالأوضاع في الجزائر، ولم تسجل في غالبيتها خطورة الوضع الجديد فيها، ولم تدرك بعد المنعرج الحاسم الذي وصلت إليه هذه البلاد. فكان اهتمامها أكثر بأمور الفن والانتخابات والصراع بين الشرق والغرب وقضايا أوربا وغيرها من المواضيع السياسية والاجتماعية، لكن التيار العنيف الذي خلقته الثورة جعل هذه الصحافة تلتفت إليها مرغمةً أحيانًا ومجبرةً أحيانًا أخرى.
وترى الباحثة الفرنسية إيفون تورين أن المشكل الذي ظهرَ في الجزائر، كان لا بُدَ أن يُطْرَحَ بعمقٍ وإحساس حتى وقتنا الحاضر، ذلك أن الإعلام ليس كافيًا عمقًا وشمولًا، حيث كان على الإعلاميين والصحفيين اتباع الأسلوب العلمي والتحليل العميق، والابتعاد عن السطحية التي ميزت الصحف اليومية التي اهتمت بتقديم أخبار العنف والأزمة والحرب. فهي تقدمُ جهدًا إعلاميًا جبارًا، لكنه مجرد وعاجل. ومن أهم الجرائد الفرنسية التي اهتمت بتطورات الأزمة الجزائرية نجد صحيفة "لومانيتيه"، وهي لسان حال الحزب الشيوعي الفرنسي التي عُرفت بخطها المعادي للاستعمار، حيث تعرضت للمصادرة 27 مرة ولوحقت قضائيًا 150 مرة بسبب الأخبار التي نشرتها والمتعلقة بالثورة الجزائرية.
وإلى جانب "الشهادة المسيحية" كصحيفة أسبوعية، نذكر مجلة "باري ماتش"، وهي المجلة الأسبوعية المصورة الأولى في فرنسا، التي استطاعت أن تحتل مكانةً خاصة بسبب أسلوبها في تغطية الأحداث، حيث حاولت متابعة الثورة الجزائرية ونقلها إلى الرأي العام الفرنسي عن طريق الصورة. رغم أن الخبر الذي تقدمه يكون قد استهلك من طرف الجرائد اليومية، فإن الصورة تعطيه نكهةً أخرى فيحيا ويصبح مواكبًا للتطورات. ومن أهم الصور التي عرضتها المجلة وأحدثت بها زلزالًا عنيفًا في فرنسا هى صور الثماني عشرة ضحية من المجندين الفرنسيين، الذين قُتلوا على يد جيش التحرير الوطنى في منطقة البرواقية، حيث أمكنَ لأهاليهم التعرفَ عليهم عن طريق هذه المجلة وذلك في مايو 1956 وقدمت تلك الصور تحت عنوان: " فرنسا مجروحة ".
ولقد حظيت مظاهرات 11 ديسمبر 1960 بتغطيةٍ إعلامية واسعة من قبل الصحافة الفرنسية المرافقة لزيارة الجنرال ديجول، كما حظيت باهتمام الصحافة الأمريكية والبريطانية التي نشرت عديدًا من المقالات التي تطرقت فيها إلى وقائع هذه المظاهرات الشعبية وحقيقة الصراع الفرنسي – الجزائري. وقد أسهمت هذه التغطية الإعلامية إلى حدٍ كبير في دفع المنظمة الأممية إلى مناقشة القضية الجزائرية للمرة السادسة، وسط تضامنٍ دولى متزايد.
قّدمت الثورات العربية نموذجًا جديدًا لم يكتمل بعد. وهو ينقضُ محاولاتٍ بحثية متأخرة نسبيًا في مصر نفسها لتحديد مواصفات الظروف المؤديّة إلى اندلاع الثورة
ثالثًا: الثورة البرتقالية في أوكرانيا
يلحظُ المتابع للتاريخ المعاصر للثورات أنه منذ بداية الثورة البرتقالية في أوكرانيا، ومرورًا بلحظات التغيير السياسي في أمريكا اللاتينية، وانتهاءً بما يحدثُ في المنطقة العربية، يتطلبُ منا عديدًا من المراجعات لتعريف الأسباب والنتائج والآليات والقوى للظاهرة الثورية ككل. فإذا بدأنا بالأسباب، فقد ارتبطت الثورات تاريخيًا بمجموعة من الأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغلب على بعضها المطالب السياسية المرتبطة بالتطور الديمقراطي للنظام (كالثورة الإنجليزية)، وغلب على تجارب أخرى الأسباب الاقتصادية (كالثورة الفرنسية، والثورة البلشفية)، وارتبط بعضها بجهود التحرر من الاستعمار والنفوذ الأجنبي (ثورة 1919 في مصر، وثورة عبد القادر في الجزائر)، واستقر الأمر في آخر الثورات الكبرى في القرن العشرين – الثورة الإيرانية 1979 – بمقاومة المشروع التغريبى الذي كان يتبناه الشاه في ذلك الوقت. وقد ركزت دراسة "ديمترو هيبنكو Dmytro Hubenko" على دراسة الأطر التحليلية التي استخدمتها "النيويورك تايمز" الأمريكية وصحيفة "ايزافيستيا" الروسية في تغطية الانتخابات الرئاسية والثورة البرتقالية في أوكرانيا عام 2004.
وأشارت نتائج الدراسة إلى تباين معالجة الصحيفتين لأسباب النزاع بين الأوكرانيين، فقد أرجعت النيويورك تايمز السبب الرئيس للأزمة إلى التزوير في الانتخابات، بينما أرجعت الصحيفة الروسية السبب إلى العوامل التاريخية المرتبطة بتقسيم أوكرانيا إلى شرقية وغربية، أما عن الثورة البرتقالية فقد قللت الصحيفة الروسية من أهميتها واعتبرتها إحدى مظاهر الديمقراطية المباشرة، بينما اعتبرتها الصحيفة الأمريكية امتدادًا لثوراتٍ أوربية شرقية بدأت منذ أواخر الثمانينيات.

رابعًا: ثورات الربيع العربي
يشيرُ مفهوم ثورات الربيع العربي (Arab Spring) إلى الثورات والانتفاضات التي شهدها العالم العربي منذ نهاية 2011. حيث بدأت الثورات الشعبية من تونس وامتدت لمصر وليبيا واليمن وسوريا، فيما يشبهُ حالةً ثورية تسعى للتخلص من حكم النظم المستبدة. وقد تميزت هذه الثورات، التي أطلقت شرارتها شريحة من الشباب تحديدًا من أبناء الطبقة الوسطى، بأنها كسرت حاجز الخوف واتسمت بطابعها السلمي في أغلب الأحيان، وبغياب القيادة والأيديولوجيا عن الحركات الثورية، وتلخصت مطالبها في العيش والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وقد لعبت الصورة الصحفية دورًا مهمًا في هذه الثورات؛ فمن يتابعُ الواقع العربي على امتداد السنوات القليلة الماضية, يتلمسُ بدايات عواصف جامحة في أركانٍ عديدة منه, ويُدركُ ملامِحَ ملحوظة، وتبرزُ وجوهًا وأحداثًا لم تكن معروفة من قبل, وترتفعُ شعارات مستحدثة لم يسبق رفعها بمثل هذه الحدّة والإصرار, لعل أكثرها شهرة هو شعار "التغيير" العام, الذي أصبح له فعل السحر, ينتقلُ من مكانٍ إلى مكان, بقوةٍ وبسرعة, كما لو كان أيقونة سحرية, يحملُ في مكوناته كل أحلام الخلاص من مشكلات الواقع العربي المتراكمة, ويتضمنُ في بنيته وعودًا غير محدودة, لأشواقٍ مؤجلة, وآمالٍ مُحبطَة طالَ انتظارُ تحققِها.
لقد قّدمت الثورات العربية نموذجًا جديدًا لم يكتمل بعد. وهو ينقضُ محاولاتٍ بحثية متأخرة نسبيًا في مصر نفسها لتحديد مواصفات الظروف المؤديّة إلى اندلاع الثورة. وفيما عدا الشروط العامة والبدهية القائمة في مثل هذه المحاولات النظرية مثل "وجود تناقض اجتماعي سياسي بين الحاكمين والمحكومين"، وعجز السلطة عن حلّ مثل هذا التناقض"، وتطلع الناس إلى التغيير، فإن معايير مثل "وجود جماعةٍ سرية أو علنيةٍ، حزب أو جبهة، تسعى لحل التناقض القائم لمصلحتها، وفق ما تعّبرُ عنه مصالح القوى المشتركة.. "واختيار اللحظة الملائمة أو الظروف للاستيلاء على السلطة، هي معايير تنفيها الثورات العربية فلم تنشب الثورة بواسطة حزب سياسى منظّم، يسعى للوصول إلى السلطة، ويبحث عن اللحظة الملائمة، كما أن يوم نشوب الثورة، تبيّن حقًا أنه كان "اللحظـة الملائمة" للثورة، إذ لم تكن الدعوة أصلًا لثورة بل ليوم غضب في مصر، أما تونس فقد انطلقت الانتفاضة للتضامن والاحتجاج في ناحية سيدي بوزيد، ثم تحولت بالتدريج إلى ثورة عارمة.
واستهدفت دراسة انتصار العدوان بعنوان "تغطية الصحافة الأردنية اليومية لأحداث تونس ومصر 2010/2011" التعرف على تغطية الصحافة الأردنية اليومية لأحداث تونس ومصر خلال العام (2011)، وقد تم اختيار مجتمع الدراسة من الصحف الأردنية اليومية، ممثلة بثلاث صحف أردنية يومية، حيث استخدمت الباحثة العينة العشوائية البسيطة لاختيار أسبوع صناعي من كل صحيفة من صحف الدراسة التي صدرت خلال الفترة من 15/12/2010 - 15/6/2011. والصحف هي (الرأي، العرب اليوم، والغد) وقد تم اختيار هذه الصحف على اعتبار أن صحيفة الرأي تمثل التوجه الحكومي، وصحيفة العرب اليوم تمثل الصحافة الحزبية! بينما صحيفة الغد تمثل الاتجاه الليبرالي، واستخدمت الدراسة المنهج المسحي، إذ أعدت الباحثة استمارة تحليل مضمون محكمة، بهدف الخروج بمعلومات وتصورات عن تغطية الصحف الأردنية اليومية لأحداث تونس ومصر، وذلك من خلال تحليل مضمون تلك الموضوعات كما وردت في الصحف موضوع الدراسة. وقد توصلت الدراسة إلى النتائج الآتية، إن اتجاه الصحف الثلاث الأردنية إزاء الأحداث تنوعت مابين مؤيدة ومحايدة وبدون اتجاه، إن الصحف الأردنية الثلاث نوّعت مصادر معلوماتها لتغطية الأحداث والأخبار ما بين وكالات الأنباء الدولية ومصادر خاصة بالصحيفة نفسها والصحف والمجلات والإنترنت، وقد اعتمدت على وكالات الأنباء الدولية في معظمها، وجود تفاوت كبير في حجم التغطية الصحفية للصحف عينة الدراسة من حيث عدد المواد التي تناولت أحداث تونس من جهة، وعدد المواد التي تناولت أحداث مصر من جهة أخرى. رغم وجود العديد من القواسم المشتركة في المنطقة العربية، فإنه يوجد عديدٌ من الاستثناءات؛ فظاهرة الفقر مثلا تقلُ في الأقطار النفطية التي تتسم بصغر حجم السكان مقارنة مع الأقطار العربية غير النفطية التي تعتمد على القطاع الزراعي بشكل أساسي، وفي القطر الواحد تكون ظاهرة الفقر في المدن أقل منها في الريف، وبين المتعلمين أقل منها بين الأميين.
وقد ارتبطت ظاهرة الفقر في الوطن العربى بعوامل أخرى بعيدة عن مشكلة الدخل وتوزيعه في المجتمع، فالحروب والصراعات الداخلية والإقليمية، كان لها كبير الأثر في تفاقم ظاهرة الفقر في هذه المجتمعات، والأمثلة على ذلك كثيرة، حيث ينطبق هذا الوضع على لبنان والعراق، والسودان والصومال وفلسطين، وكذلك المغرب بسبب نزاع الصحراء، والجزائر بسبب الصراع الداخلي، ولقد قال الفيلسوف الإغريقي سقراط "إن الفقرَ هو أبُ الثورة".
أن مدى انفتاح الدولة ومؤسساتها يحددُ شكلَ استجابة نشطاء الاحتجاج, فكلما ازدادَ انفتاح النظام, تراجعت قابلية المحتجين للخروج عن الأطر المألوفة للتعبير عن قضية الاحتجاج
خامسًا: الثورتان التونسية والمصرية
يمكننا القول إن الثورتيْن التونسية والمصرية، وما تلاهما من مدٍ ثوري أعادتا العرب للتاريخ، قبل الثورة كان يُضرب المثل بالعرب بالتخلف والانقسام والخضوع والإرهاب، كان الشعب العربي يعيشُ حالةً من الركود والبلادة والإحباط حتى فسر بعض الراقبين الأجانب بل والعرب بأن هذا الوضع ليس جديدًا على العرب، فالعربُ منذ الأندلس خرجوا من التاريخ وباتوا عالةً على الإنسانية والحضارة، وإن أقصى ما يقدمونه للعالم، موادَ أولية من بترولٍ وغاز ينفقون مردودها على بذخ ملوكهم ورؤسائهم وعلى أجهزةٍ أمنية وجيوش لم تعد تقاتل إلا الشعب أو الجار العربي والمسلم، ويد عاملة رخيصة تمارسُ أرذل المهن في الغرب، وإرهاب يضربُ كل بقاع الأرض بدون هدف، أما دون ذلك فهم عبء على البشرية وعلى أنفسهم. سادَ اعتقاد بأن العرب لن يتغيروا إلا باستعمار أو بقوةٍ خارجية تسيرُ أمورهم عن بعد، وجاءت الثورةُ المصرية لتعلنَ نهايةَ تاريخ وبدايةَ تاريخٍ جديد، تاريخٍ أصبحَ الشعبُ فيه سيدَ نفسه.
وتعتمدُ إستراتيجيةُ الاحتجاج على مدى توافر قنوات الاتصال السياسي مثل مجالس التمثيل الشعبي (البرلمان– المجالس النيابية– مجالس الشورى), للتعبير عن المظالم التي يمثلونها. ومن الثابت نظريًا أن مدى انفتاح الدولة ومؤسساتها أو عدم ذلك يحددُ شكلَ استجابة نشطاء الاحتجاج, فكلما ازدادَ انفتاح النظام السياسي, تراجعت قابلية المحتجين للخروج عن الأطر المألوفة لدى المجتمع السياسي للتعبير عن قضية الاحتجاج, وبين انغلاق النظام السياسي وانفتاحه هناك مفاهيم وحالات لها خصائصها وأوصافها. فالنظامُ السياسي المنفتح جزئيًا مثل؛ المغرب, الأردن, مصر, البحرين, اليمن, السعودية, الكويت, الجزائر, لبنان, هو نظامٌ يدعمُ مجالًا للتعبير بطرق مختلفة تتراوح بين فتح باب الشكوى، أي أن تستمع الحكومة لشكوى الناس وتعملُ على حلها, وفي الغالب تكون هذه الشكاوى شخصية وضيقة في عموميتها وليست جماهيرية عامة, وفي شكلٍ آخر تأخذُ حركة الاحتجاجات في الأنظمة المنفتحة جزئيًا شكل التظاهر السملي المعبّر عنه بشعارات ومواقف سياسية أو مطلبية ذات رسالة واضحة للمعنيين, وفي شكلٍ آخر تتجلى حالة التظاهر بالاحتجاج الذي ربما يكونُ عنيفًا في بعضِ الحالات, أما في الأنظمة المغلقة كليًا فلا مجالَ للتعبير الجماهيري.
وقد شهدت السنوات الأخيرة نمو حركات احتجاجية في عدة أماكن من الدول العربية, ومنها مصر، حيث انطلقت موجة من المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية في مختلف أنحاء البلاد مطلع عام 2011، متأثرةً بموجةِ الاحتجاجات العربية العارمة التي اندلعت هي الأخرى في مطلع العام نفسه, حيث اندلعت في تونس ثورةً شعبية عارمة، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية, وغلاءِ الأسعار, وانتشار البطالة، أدت إلى الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي, وهروبه خارج البلاد في 14 يناير 2011.

سادسًا: التغطية الصحفية لثورة 25 يناير المصرية
كشفت ثورة الخامس والعشرين من يناير على وجه الخصوص عن اهتمامٍ إعلامي كبير، وتقدير عالمي، يبدو غير طبيعي في تعامل الإعلام الدولى مع ثورات العالم النامي، هذا التقدير والإعجاب امتدَ ليشملَ عديدًا من عناصر ومكونات المجتمع المصري بكل شرائحه، إلى الدرجة التي دفعت تحليلات وتقارير إعلامية إلى القولِ إن الصورة الجديدة لمصر بدأت تجذب السائحين الأوربيين، الذين يرغبونَ في العودةِ إلى مصر، فيما يُعْرَفُ بـ "سياحةِ الثورة" كما توقفت عديدٌ من التحليلات عند دروسٍ عدة استخلصتها من الثورة المصرية خاصة فيما يتعلقُ بدور المرأة واختفاء القيم السلبية من المجتمع المصري.
 وواكب َهذا الزخمُ الإعلامي "حالةً" من التقدير الرسمي العالمي في مختلف دوائر صنع القرار، حيث تكشفُ متابعة التصريحات الرسمية العالمية، التي واكبت اندلاع الثورة المصرية عن حالات عالية من التقدير والإجلال للثورة المصرية وشبابها، فقد دعت عديدٌ من قيادات العالم إلى استلهام الدروس من شباب مصر، بل إن بعض الدوائر السياسية "النمسا" طالبت بمنح الثورة المصرية "جائزة نوبل للسلام" عام 2011، فيما قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما: " يجب أن نربي أبناءنا ليصبحوا كشباب مصر... الشباب المصرى ألهمنا وسوف يُلْهِمُ العالمَ أجمع "، أما رئيس وزراء النرويج فتباهى بالقول: "اليوم كُلُنَا مِصريون".
     وقد تمثل الاهتمام الإعلامي الكبير بثورة 25 يناير فى التغطية الصحفية المكثفة لأحداث الثورة في الصحف العربية والأجنبية، وعرضت الصحف كل تطورات الأحداث عن طريق الأشكال الصحفية المختلفة بدءًا من التظاهرات الفئوية مرورًا بمكافحة الفساد ورموزه وانتهاءً بأطروحات المستقبل والإعداد لدولة مدنية حديثة.
فقد أوردت صحيفة "تليجراف" The Telegraph البريطانية مقالًا حول إطلاق القوات المسلحة لصفحةٍ لها على الفيسبوك، وقد أيدَ المقال هذه الخطوة واستعرضَ بعض الطُروحات من قبل القيادة العسكرية مثل نية الجيش تسليم السلطة فضلا ًعن بعض الردود الإيجابية التي وردت على الصفحة، كما نشرت صحيفة "التايمز"  The Timesمقالا ًللعالم المصري د. أحمد زويل، أكدَ فيه أن ثورة 25 يناير ما هى إلا البداية لعهدٍ جديد في مصر وضرورة بدء البناء وعودة مصر لدورها الريادي في الوطن العربي، مشددًا على ضرورة نقل الجيش للسلطة بطريقة سلمية إلى حكومة مدنية والعودة إلى دوره كحامٍ للدستور، وكتابة دستور جديد يدعو للحرية والعدالة والوحدة الوطنية.
كما قالت افتتاحية صحيفة "الأوبزيرفر" Observer البريطانية إن أنصار الخيار الديمقراطي يروْنَ أن الأحداثَ في مصر شأنها شأن الأحداث في تونس ما هي إلا ثورة على نظامٍ استبدادي عطلَ التطورَ الاقتصادي والسياسي للبلد، مضيفينَ أن واجب الغرب هو احتضان الثورة الشعبية التي يشهدها البلاد.
وتحت عنوان "الحياة ما بعد مبارك: تفاؤلٌ أكبر ورغبةٌ في التغيير" أشار تقرير لشبكة "بي بي سي" إلى أن شوارع مصر تبدو في صورة جديدة ومغايرة، حيث انتشرت حملات التنظيف من قبل الشباب، وانهمك آخرون في طلاء أرصفة الشوارع باللونيْن الأبيض والأسود. وجاءَ تفاعل فرنسا رسميًا وإعلاميًا وبصورة مكثفة مع أحداث ثورة 25 يناير، وكانت أبرز التوجهات منذ اللحظات الأولى للثورة، هو التأكيد رسميًا على ضرورة التحول نحو الديمقراطية، واحترام حرية التعبير، وتجنب العنف وإراقة الدماء، والتجاوب مع رغبات الشعوب باتخاذ قرارات شجاعة، وإعلاميًا تم بث تقارير إخبارية وتحليلية بكمٍ استثنائي، مدعمةً بالصور والخرائط والرسوم البيانية والتعبيرية التي تصدرَ عددٌ منها صدر صفحة الغلاف اليومية لكبريات الصحف، التي تحدثت عن أن الضغوط اليومية والسياسية أدت إلى انتفاضة غير مسبوقة للمصريين على الفساد والديكتاتورية والقهر وتدني مستويات المعيشة، فضلًا عن ممارسات العنف والتعذيب.
ويمكن القول إن الأحداث في مصر استحوذت وبشكلٍ متصاعد اعتبارًا من يوم 25 يناير على الاهتمامات الرئيسة للمصادر الإعلامية والصحفية الفرنسية كافة، وبلغت ذروة الاهتمام بالأحداث اعتبارًا من 28 يناير إلى 15 فبراير، وبعدها شهدَ منحنى التناول حالاتٍ من الصعود والهبوط كان الحاكم الأساسي له تسارع الأحداث التالية بدءًا من القرارات التي اتخذها المجلس العسكري بحلِ مجلسي الشعبِ والشورى، ضمن قرارات أخرى، مرورًا بالحديث عن الأوضاع الأمنية، وتأثيرات الثورة المضادة، ووصولا ً إلى القرارات القضائية بتقديم رموز النظام السابق للمحاكمة بتهمٍ متعددة. وقد كانت أبرز ملامح التناول الإعلامي الفرنسى في أن القنوات التليفزيونية الناطقة بالعربية أو الفرنسية ومنها France 24, TV5, TF1, TF2, TF3, إضافة إلى عديدٍ من الإذاعات وأبرزها راديو مونت كارلو، وRTL، وأوربا1، كانت الأكثر تناولًا ومتابعةً للأحداث في مصر، مدعمةً تقاريرها بالصور الفيلمية، والتقارير التحليلية لعديدٍ من الكتاب المتخصصين في الشأن الشرق أوسطي.
كما تنافست صحف "لوفيجارو" Le Figaro، و"ليبراسيون" Libration، "لوموند" Le Monde، و"باريسيان" Le Parisien في المتابعة المكثفة للأحداث في مصر، سواء من خلال التناول الخبري المصور، أو من خلال التقارير التحليلية التي سطرها المراسلون المعتمدون بالقاهرة، إضافة إلى الصحفيين الذين تمَ إيفادهم قبل وأثناء الأحداث، واللافت للنظر أنه لأيامٍ كانت الأحداث المصرية هي صفحة الغلاف في هذه الصحف، فضلًا عن عددٍ وافر من الصفحات الداخلية، ومن هنا يمكن وصف الصحافة الفرنسية بـ "صحافة الصورة"، حيث عملت على توظيف صور الصفحات الأولى للتعبير عن الأحداث المصرية بشكلٍ بارز.
كما احتلَ الشأن المصرى مساحةً كبيرةً جدًا وبارزةً في الإعلامِ الإسرائيلي، حيث استمرت التغطية للأحداث المصرية على مدار الساعة، وغنيٌ عن القول الأهمية الإستراتيجية التي تمثلُها مصر بالنسبة لإسرائيل بشكلٍ عام، والمكانة الخاصة التي كانت تُوليها إسرائيل للرئيس السابق، إضافةً إلى الجانب العسكري المرتبط باتفاقية السلام الموقعة بين البلدين. وحرصَ الإعلام الإسرائيلي على عرض القواعد المنظمة للمظاهرات مثل مطالبة المتظاهرين بالتحلي بضبط النفس وعدم الدخول في مواجهاتٍ مع قوات الأمن.
وقد سادَ طابعٌ احتفالي استثنائي في الإعلام الإسرائيلي مع تنحي الرئيس الأسبق عن رئاسة الجمهورية، بدا ثمة اتجاه مغاير في الصحافة الإسرائيلية اتسم بالإشادة بالثورة وعرض احتفالاتها، وخرجت عديدٌ من المقالات ذات التوجه الإيجابي على النحو التالي:
-    نشرت الصحف الإسرائيلية صورًا كبيرة تعكس مشاعر الفرحة التي عمت الشوارع المصرية بعد رحيل مبارك عن السلطة، وحفلت الصحف بالتقارير الإخبارية والملفات الصحفية الخاصة والتعليقات وردود الأفعال عن تنحي مبارك عن الرئاسة، وتداعيات هذا التطور عربيًا وإقليميًا.
-    قامت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بنشر صورة ضخمة غطت الصفحة الأولى بالكامل ويظهر فيها أطفالٌ مصريون تعمهم الفرحة وهم يرفعون العلم المصري ويلوحون بشارة النصر عقب إعلان مبارك تنحيه عن رئاسة الجمهورية، وكتبت تعليقًا تحت الصورة: "مصر الجديدة".
 وكذلك اهتمَ الإعلامُ العربي بشكلٍ عام بتغطيةِ أحداث الثورة بالأشكال الصحفية المختلفة أبرزها الصور الصحفية، فقد اهتم الإعلامُ السعودي على اختلاف مشاربه بتطورات ومستجدات الأوضاع في مصر، وتابعَ تلاحق الأحداث بصورة موضوعية ومتوازنة إلى حدٍ كبير، مع ملاحظة أن الأحداث في مصر تزامنت مع تطور مهم على الصعيد المحلي في المملكة وهو ما تعرضت له مدينة جدة من سيول وأمطار، وكان هذا الحدث المحلي هو الأبرز في الإعلام السعودي في تلك الفترة والأيام الأولى للثورة.
ولكن حدث تطور في ترتيب الأحداث بمجرد نشر خبر اتصال العاهل السعودي بالرئيس الأسبق حسني مبارك للاطمئنانِ على الأوضاع في مصر، والإعراب عن إدانة المملكة لكل ما يستهدف أمن واستقرار مصر العروبة والإسلام، ومن تلك اللحظة تصدرت أنباء مصر جميع نشرات الأخبار في الإعلام المرئي والمسموع. وقد جاءت التغطية الصحفية الأكثر شمولًا من الإعلام المرئي والمسموع وأكبر مساحة ومصحوبة بعديدٍ من الصور الفوتوغرافية لأحداث "يوم الغضب" كما أطلقت عليه بعض الصحف.
وقد أجمعَ التناول الإعلامي الإماراتي للثورة المصرية على محورية الحدث في الحياة السياسية المصرية، وأهمية البحث عن أفقٍ سياسي جديد في مصر، من جانب آخر، رصدت بعض التحليلات عديدًا من الظواهر الجديدة في الحياة السياسية المصرية، كما لاقت ثورة يناير اهتمامًا كبيرًا في تونس رسميًا وشعبيًا وإعلاميًا كونها أعقبت الثورة التونسية في 14 يناير 2011، مما حذا بالرأي العام التونسي متابعة الأحداث في مصر واعتبار نجاح الثورة المصرية تأكيدًا على نجاح الثورة التونسية والقول بأن " ثورةَ تُونس تطرقُ بابَ مِصر"، وقد حرصَ الإعلام التونسي المرئي والمسموع والمقروء والإلكتروني منذ اليوم الأول للثورة على المتابعة وقراءة الأحداث جيدًا في مصر مع الإعراب عن التأييد المطلق للمتظاهرين، وتبني مطالبهم حتى تنحي الرئيس الأسبق مبارك لتعربَ وسائل الإعلام جميعها عن فرحتها بنجاح الثورة المصرية.
ومن ناحيةِ التناول، قام الإعلام التونسي المرئي والمسموع بإدراج أخبار وتطورات الأحداث في مصر حينها في صدر النشرات الإخبارية الرئيسة وعلى شريط الأخبار في القنوات التليفزيونية، وإجراء متابعاتٍ حية خلال لقاءات مباشرة مع المراسلين في مصر للوقوف على آخر تطورات الأوضاع.
لقد لعبت الصورة والفيديو دورًا كبيرًا في ثورة 25 يناير، وهو ما يكشفُ عن تغلل تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في مجالات الحياة كافة، وبخاصة المجال الإعلامي، وأصبحت مصر تشهدُ حالات استخدام الصور والفيديو في الكشف عن التجاوزات السلبية التي تصدرُ من مختلف الأطراف.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟