المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
عدنان كريمة
عدنان كريمة

«المركزي» المصري والجنيه بين «مُحافِظَين»

الإثنين 16/نوفمبر/2015 - 10:48 ص

عندما أعلنت الحكومة المصرية تعيين طارق عامر محافظاً للبنك المركزي المصري في 22 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، خلفاً لهشام رامز، سجل سعر صرف الجنيه تحسناً نسبياً في مقابل سعر الدولار الذي انخفض الى 8.28 جنيه في السوق السوداء، وسط عمليات بيع مكثفة للعملة الأميركية من قبل المضاربين الذين يتخوفون من قرارات علاجية سيتخذها المحافظ الجديد، وستكون مناقضة للقرارات التي اتخذها سلفه، مع العلم ان رامز اختير في العاشر من تشرين الأول كأفضل محافظ في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا خلال أعمال الاجتماع السنوي لصندوق النقد والبنك الدولي. ويبدو ان هذا الاختيار لم يشفع له أمام سيل الانتقادات التي وجهت اليه داخل مصر، كونه المسؤول الأول عن سياسات النقد الأجنبي، وهي تتهمه بأنه قرر التضحية بالاحتياط النقدي في مقابل الحفاظ على سعر الجنيه، غير ان سياسته كانت خاطئة وانتهت الى نتائج مأسوية.

ولكن في ضوء التفاؤل بالمحافظ الجديد، كيف سيتطور سعر صرف الجنيه بعدما يتم التسلم والتسليم، ويبدأ البنك المركزي عهداً جديداً في 27 من الشهر الجاري؟

بعد مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد في آذار (مارس) بعنوان «دعم وتنمية اقتصاد مصر المستقبل»، وضعت مصر على خريطة الإستثمار العالمي في حزيران (يونيو) أي بعد نحو ثلاثة أشهر، على ان يبدأ في الربعين الأول والثاني من السنة المالية 2015 - 2016 تنفيذ بعض مذكرات التفاهم وعقود المشاريع التي تم توقيعها خلال المؤتمر، وتبلغ نحو 60 بليون دولار موزعة بين استثمارات بموجب عقود بقيمة 36.2 بليون دولار، ومشاريع اتفق عليها وممولة بقيمة 18.6 بليون دولار، ويستحق تسديدها على مدى سنوات طويلة، اضافة الى 5.2 بليون دولار من صناديق ومؤسسات دولية وقعت عقودها مع وزارة التعاون الدولي.

أما بالنسبة للدعم الخليجي للبنك المركزي، فقد بلغ نحو 12.5 بليون دولار من السعودية والامارات والكويت وسلطنة عمان.

وفي نيسان (ابريل)، أي بعد شهر على انعقاد مؤتمر شرم الشيخ، تسلم البنك المركزي من السعودية والامارات والكويت ستة بلايين دولار بواقع بليونين من كل دولة، وبذلك ارتفع الاحتياط النقدي لديه الى نحو 21.29 بليون دولار، على أمل ان يزداد تدريجاً مع تدفق الاستثمارات، بما يمكن «المركزي» من التحرك بقوة في سوق القطع لحماية الجنيه ووضع حد لضعفه، بعدما وصل سعره في حينه الى 7.63 جنيه للدولار. وتبرز أهمية هذا الدعم بعد تدهور الاقتصاد المصري منذ ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، وسجلت عمليات هروب الاستثمارات نحو 20 بليون دولار، وتراجع احتياط البنك المركزي من 36 بليون دولار نهاية عام 2010 الى أقل من 15 بليوناً، ما أدى الى تدهور سعر صرف الجنيه.

ولكن على رغم كل هذه التطورات الإيجابية لم يتمكن البنك المركزي من حماية النقد في الأشهر السبعة الماضية، حيث استمر سعر الجنيه بالانخفاض، متجاوزاً الـ8.5 جنيه مقابل الدولار في السوق الموازية، وفي حدود 7.98 جنيه للشراء و 8.03 جنيه للبيع في السوق الرسمية لدى البنوك.

ومهما تنوعت أسباب تراجع سعر الجنيه، وخضوعه لعاملي العرض والطلب ولعبة المضاربين، وسط انتقادات شديدة للإجراءات التي اتخذها رامز لجهة الإيداع والسحب من البنوك، والتي وصفها المستوردون بأنها أضرت بمصالحهم، ومطالبتهم المحافظ «الخلف» بإلغائها وإصدار قرارات لضبط عمليات تحويل الأموال للحد من تهريب الدولار الى الخارج، مع العلم ان « الخفض المقصود» يساهم في زيادة الصادرات، فلا يمكن تجاهل الأسباب الاقتصادية والمالية التي ساهمت بدورها في ضعف الجنيه ومنها تراجع ايرادات السياحة وقناة السويس، والصادرات بما فيها النفط والمنتجات الصناعية والزراعية، وزيادة الواردات، فضلاً عن استمرار العجز في الموازنة.

ومع استمرار ضخ العملة الصعبة لتلبية حاجات السوق خصوصاً الاستيراد، والوفاء بالتزامات مصر الخارجية، فقد تراجع احتياط البنك المركزي من النقد الأجنبي الى 18.09 بليون دولار بنهاية آب (أغسطس)، ثم الى 16.33 بليون دولار بنهاية أيلول (سبتمبر)، إذ خسر البنك في هذا الشهر بليوناً و760 مليون دولار، وهي أكبر خسارة سجلها خلال ثلاث سنوات وثمانية أشهر، اي منذ كانون الثاني 2012 الذي سجل خسارة بقيمة بليون و765 مليون دولار.

ويراهن المتفائلون على نجاح محافظ البنك المركزي الجديد في معالجة «أزمة العملة الصعبة» باعتماد سياسات نقدية جديدة وبما تمكنه خبرته الطويلة وكفاءته في التحكم بلعبة السوق ومواجهة المضاربين، والاستفادة من التدفق التدريجي للإستثمارات.

وإضافة الى ذلك تبرز أهمية المساعدات والقروض العربية والدولية، مع الاشارة الى ان الحكومة المصرية تسعى للحصول على ثلاثة بلايين دولار من البنك الدولي على مدى ثلاث سنوات يخصص لدعم الموازنة، وتتوقع في الوقت ذاته ان تتمكن من جمع ما لا يقل عن 2.5 بليون دولار من طرح بيع أراضٍ للمصريين في الخارج، وكذلك ان تحصل خزينة الدولة على نحو 14 بليون دولار نتيجة اقدام عدد من رموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك على التصالح مع الدولة، تنفيذاً لقانون الكسب غير المشروع.

وأكدت دراسات الفجوة التمويلية لمصر بنحو 20 بليون دولار. وهي تحتاج لهذه الأموال في العامين المقبلين، وستعتمد على مزيد من القروض من المصادر العربية والدولية لسد حاجتها، ما سيرفع دينها الخارجي الذي يزيد على 48 بليون دولار، أي نحو 15 في المئة من الناتج، وهي نسبة منخفضة ومقبولة من مؤسسات التمويل، لكن المشكلة تكمن في ارتفاع الدَين المحلي الذي بلغ 2.116 تريليون جنيه (363 بليون دولار) أي 88 في المئة من الناتج بنهاية العام المالي 2014 - 2015.

تبقى الاشارة الى ان المستوردين يحلمون بعودة سعر صرف الدولار الى مستوى 6.85 جنيه تقريباً، وهو السعر الذي سبق تولي هشام رامز منصب محافظ البنك المركزي منذ أربع سنوات، فهل سيتحقق حلمهم؟ نقلا عن الحياة

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟