المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
كاميي غران
كاميي غران

تباين المصالح يحول دون تحالف دولي ضد «داعش»

الأربعاء 02/ديسمبر/2015 - 11:53 ص

دعا الرئيس الفرنسي الى ائتلاف واسع لمكافحة «الدولة الإسلامية». ولكن مثل هذه المكافحة يتعثر منذ أشهر بتباين مصالح القوى الاقليمية والدولية في الشرق الاوسط، وفي النزاع السوري، على وجه التحديد. وتسعى باريس الى إقناع واشنطن برفع وتيرة الحملة العسكرية على «الدولة الإسلامية». وإلى اليوم، التزم اوباما التحفظ. وتسعى باريس كذلك الى تبديد غموض اهداف الدول المشاركة في الائتلاف الدولي، وبلوغ مآرب جامعة ومشتركة. فموقف الدول العربية وتركيا غامض من «داعش»، على رغم اجماعها على أن المنظمة هي مصدر خطر قاتل. ولكن التنافس بين السنّة والشيعة لن يتبدد. وجل ما يرتجى هو الكف عن التوسل المزدوج بـ «داعش» في هذا النزاع الى تفتيت صفوف الخصم. وسلطت هجمات باريس، شأن تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء، الضوء على الخطر الداعشي الوازن. فهو لا يرمي فحسب الى انشاء خلافة توتاليتارية في المشرق، بل يوسع رقعة هجماته الى اصقاع العالم الاخرى. والتقارب بين الغرب (وهو لم يعد يشترط رحيل بشار الأسد) والروس (وهم صاروا يؤيدون مرحلة انتقال سياسي في سورية) بدأ قبل هجمات الثالث عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الاخيرة. وهذا التقارب يشرّع ابواب الديبلوماسية.

ولكن الروس والإيرانيين لن يقبلوا برحيل بشار الأسد، ولو قضت مفاوضات بذلك، وقد يطالبون بأن يشارك في الائتلاف الدولي ضد «داعش». ولكن يبدو ان اقصاءه هو شرط رص صفوف القوى في قتال داعش الميداني. وترغب باريس في اقرار مجلس الامن قراراً يقضي بتشكيل جبهة عسكرية موحدة ضد «داعش». وهذا القرار يمتحن المساعي الباريسية. فإذا لم يقتصر القرار على بيان تنديد مبدئي بالإرهاب، وأرسى اسساً قانونية تعبد الطريق امام تفويض دولي بإنشاء ائتلاف واسع ضد «داعش»، بلغت الحرب على «داعش» مرحلة حاسمة. ولكن هل في الامكان أن يبصر مثل هذا القرار النور من غير اتفاق حد ادنى على مستقبل سورية؟ ويرجح ألا تنضوي روسيا تلقائياً في ائتلاف على رأسه الولايات المتحدة، في غياب تفويض أممي. وإذا أرسي تحالف واسع وحاز تفويضاً اممياً قوياً، وجب تحديد الاهداف المشتركة لصوغ استراتيجية موحدة. ويقضي التعريف الاستراتيجي للغاية السياسية المعلنة، «القضاء على داعش»، بشن حرب على المنظمة الارهابية لتلقى مصير «القاعدة»: تقويضها فتتحول الى خطر ثانوي من غير ركيزة مكانية، ومن غير قدرة على شن عمليات مركبة ومعقدة شأن هجمات باريس.

ولا شك في ان الحرب تخاض وتربح في ميدان المعارك. ولكن هل يقتضي الفوز بالحرب ارسال قوات اجنبية لاحتلال شمال العراق وسورية؟ والحذر واجب إثر التدخل الاميركي في العراق في 2003. وثمة قوات برية تحارب «داعش»، وهي مؤتلفة من قوات حكومة بغداد والكرد (في العراق وسورية) وقوات المعارضة السورية وجنود نظام دمشق بمؤازرة «حزب الله» والإيرانيين. ولكن هذه القوات متفرقة وتجمع بين لاعبين يتقاتلون في سورية. ويصب هذا التباين والتقاتل في مصلحة «داعش». والحل يقضي بترجيح كفة اللاعبين المحليين وتعبئة القوى الاقليمية العربية، وليس بشن حملة عسكرية غربية. وسينظر الى تدخل بري غربي كبير (سواء شارك فيه الروس أم لا) على انه «حملة» جديدة على الشرق الاوسط. والمشاركة البرية الضخمة لقوى عسكرية غير عربية (تركيا وإيران) دونه عقبات.

وسبق ان مد الغربيين الحملة على «داعش» بالسلاح والمستشارين العسكريين والقوات الخاصة. وتمس الحاجة الى تعزيز هذا الدعم، من اجل ان تعزل القوى المحلية «داعش» في مرحلة أولى، ثم القضاء عليها. وعلى رغم توجيه سهام النقد اليها، لا غنى في الاستراتيجية البرية هذه عن مواصلة الحملة الغربية الجوية على «داعش» التي بدأت في صيف 2014. وهذه الحملة ساهمت في احراز بعض النجاحات. فالدولة الإسلامية تتراجع على وقع تحرير سنجار، ويبدو انها صارت عاجزة عن شن هجمات عسكرية كبيرة. ووحدة اراضيها ومخيمات تدريباتها ومراكز قيادتها وبناها اللوجيستية مهددة. ويساهم رفع وتيرة الحملة الجوية في نضوب موارد «داعش» (النفط)، وفي مؤازرة القوى البرية. والتنسيق مع سلاح الجو الروسي مفيد، وشرطه هو اتفاق سياسي يجمع على الاهداف والاولويات. نقلا عن الحياة

 * مدير مركز البحوث الاستراتيجية الفرنسي، عن «ليبيراسيون» الفرنسية، 20/11/2015، اعداد منال النحاس

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟