المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
بيار هاسكي
بيار هاسكي

«داعش» يتمدد ولا رؤى استراتيجية للقضاء عليه

الأربعاء 16/ديسمبر/2015 - 11:00 ص

منذ السابع والعشرين من أيلول (سبتمبر)، بدأت فرنسا تقصف مواقع «داعش» في سورية، وارتفعت وتيرة الضربات وزاد عدد المقاتلات المشاركة في الحملة الجوية مع وصول حاملة الطائرات شارل ديغول إلى المتوسط، وبدأت طلعات استطلاع جوي فوق سرت الليبية. وإثر هجمات باريس، قررت بريطانيا قصف مواقع «داعش»، والتزمت ألمانيا المساهمة في الحرب، وتغيرت نبرة باراك أوباما إثر مجزرة سان برناندينو في أميركا، ومالت إلى الحزم. ولا يخفى أن سلاح الجو الروسي يؤازر جيش بشار الأسد، وتدعم تركيا ميليشيات سنّية في شمال العراق. لكنّ وجه الشبه بين هذه الهجمات العسكرية وبين العمليات المنسقة، تحت راية قيادة أميركية، في حرب الخليج عام 1991 أو التدخل المتعدد الجنسية في أفغانستان في 2001، ضعيف. فالتنسيق هش، ويكاد أن يكون معدوماً على نحو ما ظهر في الحادث الروسي – التركي. فالارتياب كبير، ولا يُجمِع المشاركون في الحملات الجوية على غاية واحدة ما وراء إضعاف «داعش» أو تدميره.

والافتقار إلى الإجماع على ما بعد تقويض «داعش» أو القضاء عليه هو نقطة ضعف الحملة العسكرية هذه التي شُنّت رداً على تهديد خطير. فهي تفتقر إلى استراتيجية فعلية. وغيرت الديبلوماسية الفرنسية موقفها من الأسد. والتفسيرات العامة والتبسيطية تعجز عن نقل صورة أمينة عن تشابك الأحوال وبُناها المعقّدة: ففي أربع سنوات ونصف سنة من الانتفاضة والحرب، سقط كل التوقعات، وفي العراق، من العسير تجاوز 12 عاماً من الفوضى، أي مرحلة ما بعد سقــوط صدام حســـين، وفي ليبــيا باشر سلاح الجو الفرنسي أولى ضرباته منذ حرب 2011 التي أفضت إلى ســقوط القذافي وتركت الأمور على غاربها.

ويترتب على تعزيز الوسائل العسكرية توسيع «الجبهات». في البداية تدخّلت فرنسا في العراق للمساهمة في وقف تقدّم «داعش» نحو بغداد واربيل، وتدخلت في سورية في أيلول الماضي، ويبدو أنها تنزلق إلى التدخل في ليبيا. والأنظار تتجه إلى ليبيا في هذه الحرب على «داعش» الذي كان، إلى وقت قريب، يجعل حدوده مقتصرة على العراق وبلاد الشام، واليوم ينتشر أتباعه في القارات الأربع. وفي وقت تشظت ليبيا - وفيها برلمانان وحكومتان وجيوش كثيرة - تمدد «داعش» إلى سرت، المدينة الساحلية التي تحولت إلى مسرح قطع الرؤوس وتحدي أوروبا القريبة التي تفصلها عن ليبيا 500 كلم فحسب. ولو نجحت المبادرة الأممية في مد الجسور بين السلطتين المتنافستين، لكان من المتوقع أن تتحول ليبيا إلى جبهة الحرب العالمية على «داعش». لكن الحملة العسكرية على الجهاديين، تفتقر إلى رؤية سياسية إقليمية متماسكة، وفي غياب مثل هذه الرؤية، لن تفلح القنابل سوى في الاقتصاص من «داعش»، لكنها لن تنجح في وقف تفشي هذا الورم السرطاني.نقلا عن الحياة

 

* كاتـــب، عن «لوبــس» الفرنسية، 10/12/2015، إعداد منال نحاس

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟