المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
إيفان بريوبراجينسكي
إيفان بريوبراجينسكي

موسكو سعت إلى معاداة العالم في 2015

الأربعاء 06/يناير/2016 - 04:19 م

أفلحت السلطات الروسية في إفساد علاقاتها مع الشركاء الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، بسبب العقوبات إثر ضم روسيا العام الماضي شبه جزيرة القرم، وتعزيز هذه العقوبات بعد اندلاع القتال في شرق أوكرانيا.

ومع ذلك، فإن أول من توترت علاقات روسيا به في 2015، كان «الشقيقة» صربيا: ففي نهاية 2014، قرر فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، من دون إخطار مسبق لحليف من «الحلفاء الأوفياء» في «التيار الجنوبي»، إنهاء المشروع، وتحويله إلى «التيار التركي» الذي يمر في الأراضي التركيّة فحسب. فاستنتجت بلغراد طبعاً أن الكرملين نسي مصالحها وتركها خارج إطار سياسة الطاقة الكبرى للكرملين. وعلى رغم أن مشروع «التيار التركي» تجمّد، تعاظم الانزعاج الصربي ولم ينحسر. وفي منتصف كانون الأول (ديسمبر) المنصرم، بدأت صربيا مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وفي نهاية الشهر، شهدت حملة اعتقالات جماعية بتهمة الفساد، وسلطت الصحافة الضوء على ارتباط عدد كبير من المعتقلين ارتباطاً وثيقاً بروسيا.

وتدهورت العلاقات مع بلغاريا، بعد ان اتهمتها روسيا بأنها تعد للتحول نقطة انطلاق لعدوان حلف شمال الأطلسي عليها. لكن، وللإنصاف، يعود توتر العلاقات بين صوفيا وموسكو إلى نهاية 2014، حين أعلنت بلغاريا، نزولاً على ضغوط الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية، تعليق مشاركتها في «التيار الجنوبي». وفي البلقان، أعلن الجبل الأسود (مونتينيغرو) نيته الانضمام إلى حلف الأطلسي (الناتو). وأثر هذا الاعلان أكثر خطورة من انضمام هذه الدولة الصغيرة إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي الـ «معادية لروسيا».

طوكيو وبكين

على مـدار العام، استمرت المفاوضات حول زيارة بوتين إلى اليابان التي لم تلغَ، لكنها أرجئت إلى موعد غير محدد في 2014. ولا تعتبر اليابان، طبعاً، من أصدقاء روسيا القدامى أو الحلفاء المقربين. مع ذلك، لم تكن السلطات اليابانية في 2014 متحمسة لفرض عقوبات «القرم». وفي وقت لاحق، خلافاً للاتحاد الأوروبي وأميركا، لم تشدد طوكيو قيد الضغوط الاقتصادية على روسيا. وأعلنت الخارجية اليابانية مراراً استعدادها للتواصل مع موسكو وخوض محادثات بناءة في شأن معاهدة السلام (لم توقع بعد نهاية الحرب العالمية الثانية)، ورحبت بحلول بوتين ضيفاً عليها.

 

ويبدو أنّ موسكو لم تفهم هذه الإشارات، وقررت الضغط على طوكيو من طريق تدشين رئيس الوزراء، ديمتري مدفيديف، سلسلة جولات للمسؤولين الروس في جزر الكوريل (تطالب اليابان باستعادة جزئها الجنوبي). ولم تخف اليابانيين الإشارة، فتوقفت الاستعدادات لزيارة بوتين.

وفي 2015، لم يتخاصم الكرملين مع بكين، لكنه لم يعد يعوّل عليها حليفاً محتملاً في المواجهة المقبلة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وطوال 2014، رددت روسيا أن «الصين ستساعدنا» ودار كلامها على «الالتفاتة إلى الشرق»، لكننا لم نر مساعدة ولا التفاتة. وسعت بكين إلى الاستفادة من موقع القوة، وبدأت تطالب بامتيازات في المشاريع التجارية من دون مقابل، أي من غير مساعدة عمليّة في المسائل السياسية. فألمت برودة بالعلاقات الصينية - الروسية، لكنها لم تصل إلى مستوى التوتر مع صربيا. فروسيا غير جاهزة لطلاق بائن مع الصين.

سورية والمنطقة العربية

ووقعت مجموعة أخرى من الدول في خلاف طويل الأمد مع روسيا، وهي دول منطقة الخليج. فالعلاقات مع هذه الدول تدهورت إثر بدء العمليات العسكرية الروسية في سورية. فالروس يوجهون ضرباتهم إلى جماعات تدعمها دول عربية. وتشاجرت روسيا في النصف الأول من العام، مع المجتمع الدولي بسبب أوكرانيا. ويعود الفضل إلى اتفاقات مينسك في وقف الأعمال الحربية، فانصرفت موسكو في الشطر الثاني من 2015 إلى شؤون الشرق الأوسط، بخاصة سورية. والضربات الروسية هناك أدت إلى برودة العلاقات بمصر، اثر سقوط طائرة روسية فوق شبه جزيرة سيناء. وأقرت روسيا بأن سقوط الطائرة هجوم إرهابي، ومنعت رعاياها من زيارة المنتجعات المصرية. وفي وقت لاحق، حظر الكرملين على الروس زيارة المنتجعات التركية. وبوتين، كما اعترف في المؤتمر الصحافي الكبير، لم تكن لديه أدنى فكرة عن المصالح التركية في سورية التي كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية. وأسقط الأتراك مقاتلة روسية كانت تقصف أصدقاء أنقرة التركمان على زعمهم. ولم يعتذر الزعيم التركي، رجب طيب أردوغان، عن إسقاط المقاتلة، فيما وصف الكرملين الحادث بأنه «طعنة في الظهر» وفرض عقوبات على تركيا توسعت مع بداية العام 2016.

ودب الخلاف بين روسيا وفرنسا. إذ جرت الاعراف على اعتبار سورية ضمن نطاق المصالح الفرنسية. فتعذرت مباشرة التفاوض على رفع العقوبات، على رغم سعي الديبلوماسيين الفرنسيين إلى إنهاء النزاع الروسي - الأوكراني. ولولا الهجمات الإرهابية في العاصمة الفرنسية، لما اضطرت باريس إلى الحديث عن التعاون مع روسيا في الحرب ضد الإرهاب ولكانت العلاقة بين موسكو وباريس على وشك التجمد. أي لكانت بلغت المستوى الذي كانت عليه مع الولايات المتحدة أوائل 2015. ولعل هذا هو البلد الوحيد الذي شهدت العلاقات معه تحسناً، قياساً الى 2014. وخلاصة القول، إن مجمل الخلافات الروسية مع دول العالم يتحمل مسؤوليته باراك أوباما الذي لو وافق منذ البداية على التفاوض مع بوتين، لما كانت الحكومة الروسية تخبطت الى هذه الدرجة في كبريائها وافتعلت مشاكل مع دول العالم.

نقلاً عن الحياة



إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟