المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
روبرت جي سامويلسون
روبرت جي سامويلسون

حرب «أهلية» في الحزب الجمهوري الأميركي

الأربعاء 13/يناير/2016 - 11:20 ص

ظاهرة دونالد ترامب هي من أبرز القصص السياسية الأميركية في 2015 وربما في 2016. ولكن هل يعقل أنها حبكة فرعية في قصة أكبر، أي «حرب طبقية داخلية» في الحزب الجمهوري، على قول ديفيد فرُم، كاتب خطابات الرئيس جورج دبليو بوش السابق؟ فرُم يجيب بالإيجاب، وهو يعرض نظريته في «أتلانتيك» الصادرة هذا الشهر. خلاصة هذه النظرية هي: الجمهوريون (الأميركيون) درجوا على رفع لواء تيار «المحافظة الكلاسيكية»، وقوامها «اقتطاع الضرائب، وتقليص الموازنة (الإنفاق العام)، ورفع القيود عن التجارة». وهذه العناصر كانت نواة مشروع ميت رومني الانتخابي، وهو ما كان المانحون من أثرياء الحزب الجمهوري ينتظرونه في حملة 2016.

لكن هذا النهج المؤيد لعالم الأعمال يلفظه شطر واسع من قاعدة الحزب الشعبية. وهؤلاء يؤيدون الإنفاق على «امتيازات» (مثل الضمان الاجتماعي و «مديكير»)، ويؤيدون فرض ضرائب مرتفعة على الأثرياء ويخشون التجارة الحرة. ويدعو جمهوريون كثر (نحو 30 في المئة منهم) إلى تكليف الأثرياء ضرائب «ثقيلة». لكن 21 في المئة من الجمهوريين يؤيد تقليص تمويل «ميديكير»، و17 في المئة منهم تقليص تقديمات الضمان الاجتماعي. وثمة شرخ اقتصادي واجتماعي بين هؤلاء الجمهوريين ونخبة الحزب التقليدية، يقول فرُم، فالنخبة تطالع صحيفة «وول ستريت جورنال»، وكثر من أبنائها يساهمون في تمويل الحملة الانتخابية. وفي النصف الثاني من 2015، حوالى أربعة أخماس الأموال المتبرع بها الى جيب بوش مصدرها منح تفوق قيمتها 25 ألف دولار؛ وربعها مصدره تبرعات قيمتها مليون دولار وأكثر. ومؤيدو ترامب ينتمون إلى أدنى شريحة من الطبقة الوسطى، و «نصف مؤيديه من الجمهوريين خرجوا من المدرسة أثناء المرحلة الثانوية أو قبيل التخرج منها، وفق شركة الإحصاءات «يوغوف». و19 في المئة من أنصاره الجمهوريين هم من حملة إجازة جامعية وأكثر (والمعدل العام في الولايات المتحدة هو 29 في المئة بين البالغين 25 عاماً وأكثر). ومدخول 38 في المئة منهم لا يزيد على 50 ألف دولار سنوياً... والجمهوريون الترامبيون ليسوا مناضلين عقائديين. فـ13 في المئة منهم فحسب أعلنوا أنهم يغالون في المحافظة... وما يفرّق بينهم وبين عموم الجمهوريين هو افتقارهم إلى استقرار اقتصادي وغليان مشاعرهم القومية الاقتصادية». ومحاولة حمل هذه المجموعة على «هضم» (قبول) صاحب مشروع محافظ كلاسيكي (على غرار جيب بوش) أفضت إلى لفظها (ما في جهازها الهضمي) و «تقيؤ» ما تريده النخبة. وكان عسيراً عليها تأييد مشروع شرعنة أحوال نحو 11 مليون مهاجر «غير شرعي»، فعدد كبير من الترامبيين يرى أن المهاجرين غير الشرعيين هم مجرمون أو منافسوهم على فرص العمل والتقديمات الحكومية. ودعا كل من بوش والسناتور ماركو روبيو إلى رفع بعض القيود عن تشريع إقامة هؤلاء. فعدد كبير من قادة الحزب الجمهوري يرى أن مثل هذه الخطوة لا غنى عنه لاستمالة الشريحة السكانية المتحدرة من أصول أميركية لاتينية والمتعاظمة الحجم.

ولا يخفى أن ثمة شرخاً عميقاً بين الجمهوريين. وما يشوب تحليل فرُم هو اعتباره أن شريحة صغيرة من المانحين الميسورين تؤيد نهج المحافظة الكلاسيكية، في وقت يتمسك ملايين ممن هم التيار الغالب في الحزب الجمهوري بهذا النهج. وثمة صدام يدور على القيم والسياسات. ومرد نبوغ ترامب السياسي الى إدراكه أن في وسعه إحراز تقدم سياسي من غير محاكاة المواقف السياسية التقليدية. والفصل البارز من القصة محوره قدرة الحزب الجمهوري على تجاوز هذه الحرب الأهلية من غير أن يلفظ أنفاسه. ولا شك في أن الحزبين الجمهوري والديموقراطي تجاوزا في العقود الأخيرة نزاعات عميقة وخلافات كبيرة بين شرائح مؤيديهم المتباينة. ففي الماضي كان الحزب الديموقراطي يشتمل على ليبراليين وانفصاليين، والجمهوريون لطالما اختلفوا على قضايا المحافظة الاجتماعية والاقتصادية. ومن السعي إلى السلطان والسلطة ولدت البراغماتية السياسية، وثمرتها رسوخ تقاليد ثنائية حزبية، فالناس يتعلقون بما يألفونه. والسكون قوة لا يستهان بها في عالم السياسة، واليوم مصير الحزب الجمهوري على المحك. نقلا عن الحياة

* كاتب، عن «واشنطن بوست» الأميركية، 6/1/2016، إعداد منال

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟