المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
هدى رؤوف
هدى رؤوف

لجنة الشئون الأفريقية... التوجه نحو دبلوماسية برلمانية فاعلة أم شكلية

الثلاثاء 09/فبراير/2016 - 12:00 م

اتسعت  دائرة اللاعبين في مجال السياسة الخارجية المصرية منذ يناير 2011، وهو ما يمكن إيجاد مؤشراته فيما يعرف بالدبلوماسية الشعبية والدبلوماسية البرلمانية، فمصطلح الدبلوماسية الشعبية قد نشط في أعقاب ثورة يناير مع سفر وفد من  شخصيات عامة وسياسية مصريين إلى كل من إيران وإثيوبيا، وذلك في إطار فتح قنوات جديدة للعلاقات بين البلدين والتواصل في حالة إيران وحل الخلاف حول سد النهضة في حالة إثيوبيا، ومع انعقاد البرلمان المصري وتشكيل لجانه والحديث حول تشكيل لجنة الشئون الأفريقية كإحدى لجان البرلمان النوعية، وهو ما يسلط الضوء على ما يعرف بالدبلوماسية البرلمانية إنما يطرح عددا من الأسئلة حول دور اللجنة المستحدثة والهدف منها ومدى فاعليتها، في إطار ما يعرف بالدبلوماسية البرلمانية، وذلك في إطار صلاحيات البرلمان وفقًا للدستور المصري. وهل يمكن أن تنجح الدبلوماسية البرلمانية أم أنها ستلقى مصير الدبلوماسية الشعبية خاصة أن اللجنة تأتى مع اشتداد ملف سد النهضة الذي  يمثل أحد مهددات الأمن المائي لمصر.

البرلمان ومأسسة القضايا الخارجية

يعكس وجود لجنتي الشئون العربية والعلاقات الخارجية بالبرلمان المصري، الاهتمام بدوائر السياسة الخارجية المصرية، وعلى الرغم من أن مجال صنع وإدارة السياسة الخارجية المصرية، هو شأن أصيل خاص بالسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية والأجهزة المعاونة له من وزارة الخارجية وغيرها، وهو ما لا يعد استثناء عن غيرها من دول العالم، فربما في عدد قليل من الدول يمكن أن يكون للبرلمان دور في السياسة الخارجية لدولها كالكونجرس الأمريكي، أو البرلمان الأوربي. إلا أن تشكيل لجنة الشئون الأفريقية إنما  يعكس توجها جديدا نحو مأسسة العلاقات المصرية الأفريقية، وذلك في إطار توجه السياسة الخارجية المصرية نحو أفريقيا واعتبارها أحد أهم ملفات السياسة الخارجية المصرية. وهو ما يتجلى في عدد من المؤشرات يمكن إجمالها فيما يلي:

1-     زيارات السيد رئيس الجمهورية للدول الأفريقية والحرص على حضور جميع المؤتمرات التي تعقد بالقارة.

2-     استقبال كثير من السياسيين وصناع القرار الأفارقة في الفترة الأخيرة ومنها زيارة رئيس وزراء الكونغو.

3-     حرص مصر على الترشح لعضوية لمجلس السلم والأمن الأفريقي.

4-     استحداث لجنة الشئون الأفريقية بالبرلمان المصري.

فيما يبدو تشكيل اللجنة يعكس تفعيل ما يسمى بالدبلوماسية البرلمانية التي تعني ممارسة البرلمان دورا في معالجة قضايا السياسة الخارجية وعدم الاقتصار على مناقشة القضايا الداخلية فقط، وهو ما يتم من خلال إما التصديق على الاتفاقيات وإبرام المعاهدات والموافقة على خوض الحروب وإرسال القوات العسكرية في مهمات عسكرية، كما أنه قد يأخذ شكل التعاون البرلماني مع البرلمانات الأخرى على المستوى الثنائي والتعددي، كالبرلمان العربي والأوربي. ومن ثم فدور لجنة الشعوب الأفريقية  لن يقتصر على التصديق على الاتفاقيات التي تبرمها الحكومة مع الدول الأفريقية، فتشكيل لجنة يعني التوجه نحو مزيد من تعميق العلاقات من خلال تحديد الملفات وتركيزها في دائرة صغيرة من النواب تركز نشاطها على تلك الدائرة من المصالح المصرية. كما أن دور اللجنة لن يقتصر على التشريع ورقابة ومساءلة الحكومة في مجال السياسة الخارجية الأفريقية، بل سيمتد الأمر لممارسة دور في إدارة العلاقات المصرية الأفريقية.

دور اللجنة في ضوء دور البرلمان

على الرغم من عدم تشكيل اللجنة فعليا حتى تاريخه فإنه يمكن التنبؤ بدور اللجنة والذي يعني الاهتمام بملفات العلاقات المصرية الأفريقية والتركيز على قضايا القارة، وخاصة دول حوض النيل، فيجب على اللجنة أن تمارس دورها على النحو الذي  يسهم في التأثير من خلال إسقاط القيم والتفضيلات المصرية على المجتمعات الأفريقية والتي لا شك تسهم في تحقيق المصالح المصرية. من خلال عدد من الأدوات منها:

1-     تفعيل الدبلوماسية الثنائية، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون مع البرلمانات الأخرى الأفريقية والدولية.

2-     تفعيل اللجان المشتركة المصرية الأفريقية.

3-     التشبيك مع منظمات المجتمع المدني والشخصيات المؤثرة في الدول الأفريقية التي تتقاطع مع المصالح المصرية.

4-     ممارسة دور من خلال لجان وأنشطة الاتحاد الأفريقي.

5-     ممارسة اللجنة دورها في إطار حصول مصر على مقعدي الأمن والسلم الدولي والأفريقي.

6-     تقديم مبادرات لحل القضايا الأفريقية.

7-     نقل الرؤية المصرية فيما يخص سد النهضة للمحافل الإفريقية والدولية للحشد لوجهة النظر المصرية.

8-     دعم دور رجال الأعمال داخل اللجنة، كما من المهم أن تضم الزيارات إلى القارة الأفريقية وفودا من رجال الأعمال على غرار زيارات الرئيس الخارجية.

9-     وضع رؤية وإستراتيجية طويلة الأمد تستهدف التأثير وخلق نخب داخل الدوائر الأفريقية متوافقة مع وجهة النظر المصرية في القضايا المختلفة، وهو ما يعرف بالتنشئة الاجتماعية. والتي على الرغم من أنها عملية طويلة الأجل قد تستغرق سنوات فإن المصالح الوطنية ثابتة.

 المتوقع من عمل لجنة الشئون الأفريقية

ينتظر منها الارتقاء بالعلاقات المصرية الأفريقية عن طريق رفع مستوى التفاهم وتقريب وجهات النظر حول القضايا المشتركة، مع العمل على تسويق صورة مصر في أفريقيا كداعم للقضايا الأفريقية، ومن ثم  تفعيل الدور الدبلوماسي للبرلمان في الدفاع عن المصالح الحيوية ، وفي مقدمتها قضية سد النهضة واستعادة الهيبة والمكانة المصرية بأفريقيا.

نخلص إلى أنه من الأهمية قرار تشكيل تلك اللجنة، وإلا كان تم الاكتفاء بمناقشة ما يطرأ  من ملفات أفريقية في لجنة العلاقات الخارجية، أجل تفعيل دور اللجنة وحتى لا تصبح مجرد استحداث شكلي للجنة ذات أداء لا يرقى إلى مستوى التعامل مع تهديدات الأمن القومي المصري، كما لا بد من الاستفادة من عضوية مصر في مجلس الأمن والسلم الدولي والأفريقي على نحو يعيد صياغة الخطاب المصري الموجه لأفريقيا بالتركيز على القضايا المشتركة والملحة والقضايا الأفريقية المتمثلة في الإرهاب والأصولية والتنمية والتغيرات المناخية. وهو ما يحتاج لإتمامه تطوير مقاربات ونهجا جديدين في التعامل مع تلك القضايا والعمل على أمرين، الأول تحديد مهام اللجنة في ضوء إعادة تعريف المصالح المصرية في أفريقيا وتحديد الفرص والتحديات والتهديدات، ومنها وضع رؤية وإستراتيجية طويلة الأجل للدور المصري في أفريقيا حتى لو تبلورت نتائجها بعد عقود، الأمر الثاني: انتقاء نواب اللجنة ممن لهم خلفيات تثري عملها مع الاستعانة بخبرات أكاديمية وبحثية ومهنية من الخارج في هذا الإطار، ولا يغيب هنا دعم دور رجال الأعمال. فنجاح لحنة الشئون الأفريقية سيمثل نجاحا وتفعيلا للدبلوماسية البرلمانية ودعما للدبلوماسية الرسمية.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟