المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د. رفعت السعيد
د. رفعت السعيد

عندما يغضب الأمريكيون .. يتغنون بالديمقراطية

السبت 26/مارس/2016 - 12:28 م

فى وقت مبكر جداً عام [2007] أصدر الباحث المتميز سامح فوزى كتاباً متميزاً عنوانه ألوان الحرية والألوان هنا رمز لرموز اتخذتها نزعات وتحركات جماهير [استندت فى الأغلب لدعم أمريكي] (لون وردى فى جورجيا، ولون برتقالى فى أوكرانيا وألوان أخرى فى أماكن أخرى )، والكتاب يقدم لنا صورة واضحة تماماً لموقف أمريكا من نظام مبارك وخاصة فى عامى 2005 و 2006 وهو يسأل هل الولايات المتحدة جادة فى تحقيق الديمقراطية فى العالم؟ وهل يمكن الرهان عليها فى مصر؟ ونستأذن الكاتب والقارئ فى أن نقفز الى الفصل الثامن والمعنون أمريكا والديمقراطية فى مصر ففيه رصد أكاديمى متقن لتطور أو بالدقة تقلب الموقف الأمريكى من نظام مبارك فى هذا الوقت ويحذرنا المؤلف فى البداية المصالح الأمريكية تسبق أى التزام بنشر الديمقراطية، والإدارة الأمريكية زلا تمانع دائماً من التعاون مع أنظمة قمعية إذا حقق ذلك مصالحها وهى تنفق الكثير على برامج نشر الديمقراطية فى الشرق الأوسط ولكن بشكل انتقائى يفتقرإلى رؤية إستراتيجية . ثم يبدأ فى تأمل موقف أمريكا المتقلب دوماً. ميشيل دن [عملت فى السفارة فى القاهرة ثم مؤسسة كارينجى ومع كونداليزا رايس وأسهمت بحماس فى التدخل لمساندة سعد الدين إبراهيم ونقرأ فى تقريرها تقييم الإصلاح المصرى أن التحولات السياسية خلال عامى 2004 2005 كانت غير مسبوقة لعقود طويلة، لكن هذه التحولات ليست سوى تحولات تجميلية بهدف الإبقاء على النظام. وترى ضرورة، أن تستخدم بعض المساعدات الاقتصادية والتجارية المقدمة لمصر كأداة ضغط لتسريع التحول الديمقراطى. بما يعطى المعارضة قوة دفع ، وكان ديك تشينى نائب الرئيس يطالب بالضغط على مصر، لكن الإدارة الأمريكية ظلت دائماً أسيرة لعلاقة حب مع كراهية للأنظمة العربية الصديقة، . وفى 2005 صدر عن مجلس العلاقات الخارجية تقريرً بعنوان دعم الديمقراطية العربية لماذا ؟ وكيف ؟ ورأست اللجنة التى أعدت التقرير مادلين اولبرايت وقد حذر التقرير من التغيير نحو الديمقراطية لأنه قد يحمل نتائج عكسية على مصالح أمريكا، ويعبر التقرير عن خشيته من أن يؤدى التغيير الديمقراطى الى صعود التيارات الإسلامية التى تعارض السياسة الأمريكية، وقد يؤدى إلى طرد عدد من الحكام العرب الذين يشاركون أمريكا حربها ضد الإرهاب . ويحدد التقرير موقفا مثيراً للدهشة إذ يخشى أن الضغط الامريكى على الحكام العرب قد يدفعهم إلى معارضة أمريكا بما يحرك الرصيد الكامن لدى الجماهير من كراهية السياسة الأمريكية .

وثمة شهادة أدلى بها دافيد وولش مساعد وزيرة الخارجية أمام لجنة فى مجلس النواب وجه فيها التحية لمبارك لتعديل الدستور وإجراء أول انتخابات رئاسية تعددية ، كما شدد بشكل خاص على أهمية دور الإصلاحيين الذين استعان بهم رئيس الوزراء أحمد نظيف لدفع عجلة الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى وقال إن مجلس الوزراء الجديد يعمل من أجل تطبيق أجندة إصلاح اقتصادى طموحة مؤكداً أن فيها مكاسب شديدة الجاذبية [وألاحظ أن أهم ما سمى بالإصلاحات الاقتصادية كان الاندفاع المحموم نحو الخصخصة وتطبيق نظام المعاش المبكر والاستيلاء على أموال المعاشات وفقاً لتعليمات صندوق النقد الدولى والبنك الدولى بواسطة رجالها فى الوزارة] وتحدث معه مساعد وزير الخارجية لشئون العلاقات السياسية والعسكرية مايكل كوليتر فأضاف أن أمريكا تشعر بالامتنان للدور الحيوى الذى تقوم به مصر فى المساعدة فى قضية الصراع العربى الاسرائيلى والمساهمة فى تحقيق الانسحاب الإسرائيلى أحادى الجانب من غزة فى صيف 2005 ، كما نشعر على وجه الخصوص بالامتنان للدعم الذى قدمته مصر للقوات الأميركية فى العراق وأفغانستان ، مشيراً إلى أن دعم مصر للأهداف الأمريكية فى العراق لا يمضى دون ثمن ثم يمضى لكشف المزيد من الخطايا التى ارتكبها النظام المصرى قائلاً إن مساعدتنا لمصر تسهم ايجابياً فى تحقيق أهداف الولايات المتحدة فى المنطقة كلها .. ثم إن التوافق مع نظام الرئيس مبارك فى تحقيق الإستراتيجية الأمريكية فى المنطقة العربية وبالأخص فى العراق وفلسطين يستدعى منا أن ندفع هذا الثمن.. ثم يشير المؤلف إلى نوعية التغير الناجم عن هذا التوافق وسرعته فى واقعتين الأولى كانت فى 20 يونيو 2005 وفى محاضرة ألقتها وزيرة الخارجية الأمريكية بالقاهرة قالت على الحكومة المصرية أن تفى بوعدها للمصريين وللعالم بمنح المصريين حرية الاختيار وترقية الانتخابات البرلمانية إلى المعايير الموضوعية لانتخابات حرة أما الرؤية المعاكسة والتى ترتبت على ما سمى التوافق مع مبارك فى تحقيق الإستراتيجية الأمريكية فى المنطقة العربية فكانت أيضاً من كونداليزا رايس فى حوار صحفى مع صحفيين مصريين فى 15 أكتوبر 2006 فقالت : الديمقراطية ليست محصورة على الولايات المتحدة، وليس مفروضاً على الولايات المتحدة أن تنشرها خارج حدودها ، ونحن فى الإدارة الأمريكية ندرك أن للديمقراطية أنماطاً وأشكالاً وصياغات مختلفة فى كل بقعة من بقاع العالم، ونحن ندعم ذلك فى ظل روح الصداقة والاحترام لتاريخ وثقافة مصر التى تمتعت بها على مدار عقود وسنوات طويلة ثم قالت فى مؤتمر صحفى مع وزير الخارجية المصرى إن الأمر للشعب المصرى فله وحده اختيار رئيسه ويجب ألا يكون لواشنطون اى وجهة نظر فى هذا الموضوع . (صـ124).

وهكذا فما بين يونيو 2005 وأكتوبر 2006 تغيرت اللهجة والسياسة الأمريكية من أجل عيون التوافق مع المصالح الأمريكية فى المنطقة.. إنه الثمن الذى دفعته أمريكا، وتجاهلت مزاعمها الكاذبة عن حماية الديمقراطية، والمطالبة بها والتهديد بضرورة تحقيقها، فالمطالبة بالديمقراطية أداة تركيع للحكام فإن ركعوا نسيت الديمقراطية وهو ما حذرنا منه سامح فوزى فى أول صفحة من كتابه قائلاً المصالح الأمريكية تسبق أى التزام أمريكى آخر.. شكراً سامح فوزى على هذا الكتاب القيم . نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟