المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
 أمينة شفيق
أمينة شفيق

موقف اللاديمقراطيين من الديمقراطية

الأحد 03/أبريل/2016 - 11:18 ص

وضح من عدد من الموقف الخاصة للبعض منا أن هذا البعض له تصوره الشخصى لقضية الديمقراطية فى البلاد. لا يمكن فهم هذا التصور من موقف واحد يتخذه أى من هذه الشخوص على حدة ولكن يمكننا فهم حقيقته إذا ما جمعنا عددا من هذه مواقفهم وصففناها بجانب بعضها البعض ليظهر مضمون فهمهم للديمقراطية كحقيقة واضحة ناصعة غير قابلة للنقاش علينا التعامل معهم على أساسها بحيث لا نتوقع منهم غير هذه المواقف.

خلال الفترة الماضية وضحت عدة مواقف لمثل هذه الشخوص، ترشدنا إلى النقطة الفاصلة بين الإنسان الديمقراطى الأصيل وذلك اللاديمقراطي، الأصيل أيضا. ترشدنا إلى الذين يريدون الديمقراطية للبلاد ولكل المواطنين لإحداث التقدم المنشود كما ترشدنا إلى هؤلاء الآخرين الذين يتصورون أن الديمقراطية لهم وحدهم وحقهم الأصيل ،دون غيرهم، للصعود إلى ما يرجونه من مناصب ومن مكاسب.هؤلاء لا يقبلون إلا رأيهم ويتصورون أنه الأصح للبلاد وللعباد.

منذ فترة نشر تصريح للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى يشير مدلوله إلى أن الدستور الصادر عام 2014 الذى يمثل الاستحقاق الثانى لخارطة الطريق «وضع بحسن نية». فتحت هذه العبارة «وضع بحسن نية» شهية العديد منا ومن عدد غير قليل من المواطنين للحديث والتكهن بمضمون التصريح ثم استنتاج نتائجه التى قد تكون خطأ أو صوابا. قال البعض إن الرئيس قد يسعى إلى تمديد مدة الرئاسة لتصبح خمس سنوات بدلا من أربع. وبذلك يضمن استمراره لمدة عشر سنوات فى الحكم. وتكهن البعض بأن الرئيس قد يسعى إلى إضافة مدة رئاسة ثالثة إلى الاثنتين الواردتين فى الدستور، بحيث تمتد مدة وجوده فى سدة الحكم إلى اثنتى عشر عاما. وقال البعض إن الرئيس لا يرتاح إلى انتزاع الدستور لعديد من اختصاصات «الرئيس» كرأس الجهاز التنفيذي، ليضعها فى يد أعضاء مجلس النواب، وهو أحد مواقع ومحاور الصراع الديمقراطى فى مصر منذ أن وضع دستور 1923. تهام» البعض منا بهذه الاستنتاجات ثم قفز الآخرون وبسرعة، عهدناها فيهم قبلا، وباستمرار وفى زمان سابق وفى كل مكان، يؤيدون مقولة السيد الرئيس ويفندون تلك المواد الدستورية التى «رشحوها» للتعديل دون أن يرشحها أو يذكرها الرئيس ذاته وكأنهم العالمون بكل الأمور والواصلون إلى كل المواقع. ثم سكت الجميع، وخاصة من أسرع منهم بالتأييد، عندما عاد السيد الرئيس وألمح فى كلمة لاحقة أنه لا يسعى لتعديل أى مواد فى الدستور.

والمفارقة أن العديد من الأقلام التى خرجت فى لحظة تفند بنود الدستور التى تطرحها وترشحها للتعديل وتؤيد الموقف الظاهر لها من العبارة المنقولة عن السيد الرئيس خرجت مرة أخرى لتعارض تلك المؤسسة المسجلة فى وزارة التضامن والتى تسعى إلى العمل بين الجماهير لشرح بنود الدستور الجديد وتحميه ممن من يريد النيل منه اليوم أو يسعى للنيل منه غدا.بالرغم من أن التحرك من أحل التوعية بالدستور حق أصيل لكل مواطن فما بالنا بأنه واجب وطنى أصيل لتلك الصفوة التى تسعى وتتقدم وتبادر لتوعية الشعب بحقوقه وبواجباته الدستورية بحيث لا يقع هذا الشعب فى مطبات سياسية كالتى وقع فيها، مرة عندما ألغى إسماعيل صدقى دستور 23، وأخرى عندما عدل السادات الدستور، بحيث يسمح له بمدد رئاسية لا نهائية تم مرة ثالثة عند تعديل مواد عام 2005 فى الدستور السابق تسمحان بتوريث الحكم.

يعارض هؤلاء اللاديمقراطيون حقا شرعيا مكفولا لكل المواطنين وإن أقدمت على ممارسته صفوة تريد المساهمة فى تحقيق الاستقرار لبلدها والخروج من مرحلة التحول وقد حصنت دستور البلاد، جماهيريا، بجانب أنها تسعى لنشرت الوعى به وحوله فى صفوف جموع المواطنين بحيث لا يتلاعب به من يتصور أن دستور البلاد ملكية خاصة له وليس ملكا لكل شعب. ثم تجاوز هؤلاء اللاديمقراطيون حدود المعارضة المعقولة تجاه الاعلان عن المؤسسة فلم يتوقفوا عن توجيه التهم لهذه الصفوة التى تجرأت وطرحت فكرها وبلا خوف وبلا تردد. انهالت الاتهامات ووجهت النبال وكأن صكوك الوطنية وكذلك كأن الوطنية ذاتها احتكار للبعض دون الآخر.

وفى لحظة أخرى تعالت تلك الأصوات اللاديمقراطية تندد بمحاولة أخرى قام بها البعض من عناصر الصفوة المصرية لتؤسس جماعة أو مؤسسة حددت مهمتها بدراسة البعض من مشكلات مصر الاقتصادية والاجتماعية وبلورة اقتراحات ورؤى «أخرى أو بديلة» تراها عملية لحل تلك المشكلات. أو كما عبروا عن موقفهم بأنهم يريدون تقديم البديل المدنى للقضايا المزمنة فى المجتمع. والمفارقة فى هذه الحالة الثانية أن اللاديمقراطيين انهالوا يتهمون تلك الجماعة بالخروج عن الإجماع الذى يحيط بالسيد الرئيس.وترجموا البديل على أنه بديل «الرئيس» وليس بديل الحلول المطروحة للمشكلات. والمفارقة الأكبر هى أن هؤلاء اللاديمقراطيين استمروا دائما بعيدا عن الحياة الحزبية أو مترددين على كل حزب ثم تاركين له مدعين أنهم أرفع فكرا من الجماعة وأقدر على المساهمة فى رفعة البلاد، ثم استمروا يلومون الأحزاب القديم منها والجديد لأنها لا تملك البديل الاقتصادى والاجتماعى والثقافى لما هو موجود. ولكن عندما تتقدم مجموعة من المواطنين لمحاولة تقديم اقتراح ببديل تخرج الاتهامات واللعنات على مشروع البديل وأصحابه دون أن يناقش أو يفند أو حتى يواجه بمشروع آخر ربما يكون أفضل.هكذا يريدون الأرض تستمر مجرفة والساحة السياسية عقيمة حتى يثبتوا لمن هو فى سدة الحكم ـ أيا كان ـ أنهم وحدهم القادرون على العمل معه وحمايته وصد الأذى عنه.

 

وفى تقديرى أن هذه الترجمة لعبارة «البديل» مقصودة من هؤلاء اللاديمقراطيين لدعم هذا التباعد الذى يفصل صناع السياسة العليا عن الصفوة المصرية الصادقة التى تملك فكرا وموقفا وإرادة وقدرة على القول بـ «لا» أو بـ «نعم» عندما تكون أى من الكلمتين مطلوبة دون أن يكون هناك مساس بالرئيس أو بمن يجلس على سدة الحكم. كذلك بلا نفاق أو رياء على حساب مصالح الوطن أو مصالح المواطنين.

يحدث ذلك فى وقت تحتاج فيه البلاد إلى طرح بدائل عدة وليس بديلا واحدا. نحتاج عدة بدائل تطرح على الساحة السياسية ليتعرف عليها المواطنون ويكتسبوا الوعى المطلوب للالتفاف حول الخيار الذى يصلون إلى الاتفاق عليه. فالوعى المجتمعى لا يتبلور من مجرد تطوير التعليم أو الإعلام أو الإعلان عن المشروعات التى تنفذها الدولة وإنما يكتسب من مناقشة القضايا والمشاركة فى وضع حلولها ثم المشاركة فى صياغة وصناعة هذه الحلول ومتابعتها. وعادة ما تقوم الأحزاب بهذه المهام أو تشاركها فى هذا الشأن مؤسسات الدراسة والبحث ومعها منظمات المجتمع المدني، ويتم نشر وتوزيع كل البدائل لتكون معروفة للجميع. ومن أوضح صور هذه المؤسسات الحزبية التى تقدم «البديل» هى حكومة الظل التى تكونها الأحزاب المعارضة فى المملكة المتحدة وفى غيرها من الدول الديمقراطية.

وحتى بالنسبة للقوانين الاجتماعية الخاصة بالفئات والجماعات المنظمة، فإنها تملك حق تقديم البدائل القانونية لما تطرحه الحكومات من مشاريع القوانين. ولا يعنى ذلك أن تفرض كل هيئة مشروعها على الحكومة وإنما تطرح جميع البدائل بهدف أسمى وهو الوصول بالمجتمع إلى حالة التوافق المطلوبة. علينا تقوية الخلايا الاجتماعية وتشجيع كل البدائل. علينا أن نكون ديمقراطيين حقيقيين. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟