المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
زلماي خليل زاد
زلماي خليل زاد

العراق... أميركا لم تخسره وإيران لم تفز به

الأربعاء 06/أبريل/2016 - 11:16 ص

الشائع في واشنطن أنها خسرت العراق وأنه وقع في يد إيران. ويرى أصحاب هذا الرأي أن تدمير «داعش» وإرساء علاقات مميزة مع كردستان العراق المستقل أو شبه المستقل، هما جلّ ما يسع أميركا. ولا شك في أن على واشنطن إطاحة «داعش» وتوطيد العلاقات بالأكراد. لكن حريّ بها ألا تتخلى عن أجزاء العراق الأخرى. وخلف الانسحاب الأميركي في 2011 فراغاً سعت إيران والقوى الإقليمية المنافسة الى ملئه، فانشطر البلد وانقسم. وساهم تفكك الجيش العراقي وبروز ميليشيات شيعية تكافح «داعش»، في تمدّد النفوذ الإيراني. ويشعر كثر من زعماء الشيعة العراقيين بالخيبة من إيران، ويرغبون في توطيد العلاقات مع أميركا لعدد من العوامل: 1- في البداية، أفلح الدعم الإيراني الأمني في وقف تقدّم «داعش»، لكنه لم يساهم في استعادة المناطق من التنظيم الإرهابي. ونجاعة الدعم الإيراني محدودة، على نحو ما ثبت حين التعثّر في استعادة تكريت والإخفاق في الإمساك بمنطقة بيجي. وفي كل من البلدتين هاتين، كانت التوجيهات الأميركية وقوة سلاح الجو الأميركي وراء بلوغ العراقيين مآربهم في الربيع والصيف المنصرمين. واستمرار هجمات «داعش» في محافظة ديالى بيّنة على ما يترتب على إمساك أذرع إيران بمقاليد الأمور في ميدان المعارك. ففي كانون الثاني (يناير) المنصرم، أعلنت ميليشيا منظمة «بدر» النصر في المحافظة هذه، وأنها في غنى عن الدعم الأميركي، على رغم أن الأمر لم يستتب لها.

2- ويخشى زعماء عراقيون ألا يقتصر دور الميليشيات على مكافحة «داعش»، وأن تشارك في حرب أهلية شيعية أو تتحول الى أدوات فيها. ويسعى بعض الزعماء المتطرفين، من أمثال مقتدى الصدر، الى قطف ثمار موجة الاستياء الشعبي من الحوكمة الهشة وبطء وتيرة الإصلاح في بغداد. والتوترات بين الجماعات الشيعية تتعاظم، شأن خطر المواجهات المباشرة والصدام المسلّح بين الصدر والحكومة العراقية. ومع تعاظم مثل هذه الأخطار، يلجأ كثر من قادة الشيعة إلى الولايات المتحدة.

 

3- الامتعاض من القسوة الإيرانية وانتهاك السيادة العراقية. وقد تناهت إليّ شكاوى من مشاركة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في اجتماعات أمنية سرية في بغداد من غير تأشيرة دخول الى البلاد ولا إبلاغ المسؤولين بزيارته. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم، أرسلت إيران نصف مليون شخص الى العراق ليسوا كلهم من عامة الحجاج، من غير حيازة وثائق العبور. وفيما خلا زعماء مثل الصدر وعدد من الميليشيات الشيعية المؤيدة لإيران، ومنها «عصائب أهل الحق» - يريد شطر راجح من قيادات الشيعة علاقات جيدة بإيران وأميركا، على حد سواء، ومنهم آية الله علي أكبر سيستاني، ورئيس الوزراء. وثمة من يناوئ إيران ويصادق الولايات المتحدة. وحري بواشنطن اقتناص هذه الفرصة السانحة لتطوير العلاقات الأميركية - العراقية، وعليه، اقترح سلسلة خطوات:

- المساعدة على تقويم الخلل في الميزان العسكري وترجيح كفة القوات الأمنية العراقية الوطنية. وساهم دعم الولايات المتحدة وحلفائها الجيش العراقي في استرجاعه شيئاً من القوة والاحترام كان قد بدّدهما إثر ضياع الموصل في 2014. والنجاح في الرمادي في نهاية 2014، هو نموذج يحتذى. وعلى واشنطن توسيع جهود تدريب الجيش الوطني واكتسابه الكفاءة. ويقتضي هذا مرابطة يعتد بها في إطار علاقة صداقة طويلة الأمد.

- البحث في خطط تحرير الموصل وتقويمها. الرئيس أوباما يرغب في أن تتحرر المدينة قبل أن يغادر البيت الأبيض. فهو ربما يخشى أن يسلم خلفه شرق أوسط في حال أسوأ مما كانت عليه الحال يوم بلغ السلطة. لكن إحراز نصر عسكري في الموصل وغيرها من المدن السنية العربية، يقتضي خطة محكمة لإدارة الإعمار في مرحلة ما بعد التحرير، وتذليل المشكلات الحكومية.

- المساعدة على «العودة عن عسكرة» المجتمع بعد هزيمة «داعش»: على أميركا مساعدة العراقيين على صوغ وإعداد برامج ترمي الى نزع سلاح الميليشيات، والعودة عن النفير العام والدمج (دمج القوات المسرّحة في المجتمع).

- المساهمة في تيسير إبرام ميثاق سياسي جديد. وبعض زعماء الشيعة منفتح على تطبيع العلاقات مع السنّة العرب، والحوار مع الأكراد حول مستقبل البلاد. وفي وسع أميركا أداء دور أكبر في تحفيز إبرام اتفاقات تجيز للمحافظات ذات الغالبية السنّية العمل بحقوقها الدستورية، أي إرساء مناطق فيديرالية. ويستسيغ عراقيون كثر وساطة الأميركيين على ابتزاز الإيرانيين.

- تشجيع الإصلاح الاقتصادي: دعوة صندوق النقد الدولي الى إعداد اتفاق يشمل تسليم العراق أموالاً توزع على مناطقه توزيعاً متوازناً وعادلاً. وعلى واشنطن مساعدة بغداد على جبه أزمة اقتصادية قاسية نجمت عن حرب طويلة وهبوط أسعار النفط. خلاصة القول، إن العراقيين يرغبون في التزام سياسة إقليمية متوازنة، لكنهم يحتاجون الى الدعم الأميركي، إذ يجتازون مياه التنافس الإقليمي المذهبي العكرة. وتأييد فصل جديد من العلاقات مع أميركا كبير في أوساط السنةّ والشيعة والأكراد. نقلا عن الحياة

* السفير الأميركي السابق في أفغانستان والعراق والأمم المتحدة، صاحب: «المبعوث: من كابول الى البيض الأبيض، سفري في عالم هائج»، عن «وول ستريت جورنال» الأميركية، 24/3/2016، إعداد منال نحاس

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟