المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
احمد عبدالحفيظ
احمد عبدالحفيظ

ضرورات التحالف المرن بين القاهرة والرياض

السبت 09/أبريل/2016 - 11:16 ص

النجاح الحقيقى لزيارة العاهل السعودى لمصر يتحقق بطرح الخلافات والحساسيات المتبادلة رسميا وشعبيا بين البلدين على الطاولة ومعالجة أسبابها والتوافق على تجاوزها، وصولاً لعلاقة تحالفية حقيقية مطلوبة بين البلدين، فلا غنى عن الدور المصرى الراسخ مهما تبعثرت بعض أوراقه، ولا عن الدور السعودى، وإن لم تكتمل أوراقه. كل دولة إذن فى حاجة إلى ما لدى شقيقتها من إمكانات وقدرات سواء للملمة الأوراق المبعثرة أو لاستكمال الأدوات الناقصة، بشرط إدراك الحقائق الآتية:

أولا: أن علاقات التكامل والتحالف بين الدول فى عالم اليوم لم تعد تتطلب التطابق الكامل بين أطرافها فى الرؤى والسياسات والمواقف، ذلك كان منطق عصر الحرب الباردة، الذى حكمته وتحكمت فيه الرؤى والأنساق الايديولوجية فحولته إلى«فسطاطين» بدا فى أحوال كثيرة أنه لاسبيل لهما إلى التقاء، وهو منطق لم يعد له وجود إلا فى عالمنا العربى الذى بات يغرد خارج التاريخ. فالعلاقات الدولية فى عالم اليوم تتحرك ثنائيا وجماعيا ما بين أنماط متعددة من التحالفات المرنة والخلافات المحكومة، التى تناسب طبيعته البراجماتية بل التجارية، التى لا يكاد يسترها أى غطاء أيديولوجى.

ثانيا: أن تدرك الدولتان المصرية والسعودية أن ما تملكانه من الخبرات المكتسبة من علاقاتها الإقليمية والدولية المعاصرة يمنحهما القدرة على تأسيس علاقتهما الجديدة على أرضية هذا النوع من التحالفات المرنة، التى لا تكتفى بمجرد تحييد الخلافات، بل تجعلها آلية للتكامل والتفاعل فى إطار ما تفرضه قواعد الفعل السياسى المؤثر فى عالم اليوم. فمجلس التعاون الخليجى يشهد بعض الخلافات بين دوله فى عدد من الملفات، على رأسها الملف الإيرانى نفسه، حيث تتخذ سلطنة عمان موقفاً يكاد يخالف الموقف السعودى بالكلية، لكن ذلك لم يؤد إلى أى تراجع محسوس فى القدر الكبير من أشكال التعاون والتكامل القائمة بين دول المجلس فى جميع المجالات.

وفى مصر فإن الرئيس عبدالفتاح السيسى لا يزال يؤكد العلاقات الإستراتيجية الكاملة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، الأمر الذى لم يمنعه من استعادة علاقات قوية مع روسيا أسهمت بقوة فى إعادة فتح أبواب المنطقة لدور روسى جديد.

روسيا - بالتأكيد- ليست الإتحاد السوفييتى القديم، ولا عالم اليوم هو عالم الحرب الباردة، لكن دلالة السياسة المصرية تجاه روسيا، كما دلالة القبول السعودى بخلافات خليجية مؤثرة فى بعض الملفات الحيوية، يقطع فى قبول كل دولة منهما فكرة التحالفات المرنة حتى فى محيط علاقاتهما الإستراتيجية.

استحداث هذا التحالف كإطار للعلاقات المصرية السعودية لم يعد- على الأقل فى المدى المنظور- خيارا يمكن قبوله أو رفضه بل أصبح ضرورة تحتمها الأوضاع المتفجرة فى المنطقة العربية التى أصبحت ميداناً لصراع كل الطراف الدولية والإقليمية. وقيام هذا التحالف واستمراره، ربما يحفز دولاً عربية أخرى مثل المغرب والجزائر والأردن للتفاعل الإيجابى معه.

ثالثا: أن تقرأ الدولتان هول المشاهد المتواترة، وحجم مخاطرها الرهيبة قراءة صحيحة، وألا يغيب عن ذهنيهما أن الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبى وتركيا الذين فجروا المنطقة على هذا النحو هم أكثر من يعانى اليوم من مخاطر ما يجرى فى المنطقة، بما فى ذلك خطر تحولها لمنطقة نفوذ إيراني. وإذ هددت الأخطار أوروبا وأمريكا على هذا النحو فهى أكثر تهديداً لمصر والسعودية بما لا يمكن مقارنته.

رابعا: التحالفات المرنة تتيح لكل من أطرافها إمكانات التراجع والإرتداد عندما يثبت عدم سلامة أحد خياراتها، وفى هذه الحالة فإن خيارات الأطراف الأخرى تكون بديلاً قائما ومختبراً لتصحيح الخيارات ووقف خسائرها قبل أن تتحول إلى فشل ذريع لاحدود لعواقبه.

خامسا: فى ظل انتهاء حالة القطيعة والخلاف الكامل والحاد بين الدول الكبرى فى عالم اليوم فقد توسعت فرص بناء تحالفات إقليمية بين دول ربما تتباين تحالفاتها الدولية، وفى هذه الحالة فإن التحالفات المرنة بين القوى الإقليمية الأساسية تسمح لأطرافها باستخدام جميع أشكال علاقاتها الدولية لدعم رؤاها المشتركة وتحقيق ما تستطيع من أهدافها المشتركة المعلنة والخفية.

 

سادسا: تتوافق الدولتان المصرية والسعودية على طبيعة الملفات المطروحة، وتفاوت مخاطرها على كل دولة منهما، بما يمكن معه قبول كل دولة بوجهة نظر الأخرى فى خصوص طبيعة المخاطر التى تهددها، ومصادرها الداخلية والإقليمية والدولية، والبحث عن مساحات الاتفاق الواسعة- فى ظننا- حول طبيعة المخاطر وأسبابها وأساليب مواجهتها دون إتباع أساليب الفرض والإكراه من أى دولة ضد ألأخرى لدفعها لإتباع خيار محدد تتبناه إحداهما ولا ترى فيه الأخرى نفس الدرجة من السلامة أو الأهمية.

مع ضرورة الإقرار بأحقية كل دولة فى التعامل مع أوضاعها الداخلية بما تراه السلطات الحاكمة فيها، والإقرار بفائدة تبادل الآراء والخبرات والنصائح باحترام كامل واستعداد للتعامل معها بحسبانها صالحة للتنفيذ عندما يحين الوقت المناسب. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟