المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
لايتيسيا سترو- بونارت
لايتيسيا سترو- بونارت

الاتحاد الأوروبي يقسم البريطانيين

الأربعاء 18/مايو/2016 - 12:47 م

الحزب المحافظ البريطاني منقسم حول الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، فـ52 في المئة منه يؤيدون البقاء فيه، و38 في المئة يدعمون «بريكزيت» (الانسحاب)، و10 في المئة لم يقرّوا على رأي بَعد. ولكن الحال أكثر تعقيداً في الأوساط الثقافية. والآراء منقسمة والإجماع يغيب في مركز الأبحاث المحافظة، في وقت تؤيد النخب الثقافية المحافظة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. والى اليسار، الموقف أوضح. فثمة إجماع على البقاء في الاتحاد هذا، فيما خلا قلة تلفظ البقاء. واليوم، يتواجه الفريقان، وكل منهما يتسلح بـ «أبطاله» وممثليه في الصحافة وعالم المال.

وفي 2015، بلغت مساهمة البريطانيين يومياً في الاتحاد الأوروبي 23 بليون جنيه، وهذا أمر يبعث على الغضب. ولكنّ البريطانيين قد يصدعون بهذه المساهمة إذا وجدوا في السوق المشتركة ما يشتهونه ويرضيهم. وعلى خلاف الحال في فرنسا حيث يرى مؤيدو التبادل الحر أن الاتحاد الأوروبي هو الجسر الى هذا التبادل، يرى نظراؤهم من البريطانيين أنه يقيد القوة الاقتصادية البريطانية وحرية المبادرة. ويعتبر توبي يونغ، صحافي محافظ، أن فرص المناورة في الاتحاد الأوروبي ضيقة، قياساً على الفرص المتاحة في العالم الأوسع. فالاتحاد الأوروبي هو مصدر خطر: النمو الاقتصادي غائب فيه، وينوء الاتحاد بثقل العملة المشتركة التي لن تنجو من أزمة أخرى، وتكاثر القواعد الناظمة. وتدعم الشركات الكبيرة البقاء في الاتحاد الأوروبي الذي يصب في مصلحتها، ولكن الشركات الصغيرة تتكبد خسائر نتيجة نظم عبثية تفرض على الشركات كلها، ولو اقتصر عملها على الداخل البريطاني.

وأزمة المهاجرين وثيقة الصلة بالأحوال الاقتصادية، وتترتب عليها نتائج أوسع. فهي ثاني عامل بارز ينفخ في مناوأة الاتحاد الأوروبي. وعلى رغم أن سيل المهاجرين لم ينقطع منذ خمسينات القرن الماضي، تعاظم مده منذ العام 2000. والبنى التحتية البريطانية – بدءاً من توفير السكن ووسائل النقل وصولاً الى تقديمات دولة الرعاية- غير قادرة على تحمل ضغط المهاجرين والنزول على احتياجاتهم. وشطر راجح من مؤيدي الانسحاب من الاتحاد الأوروبي يرغب في استعادة بريطانيا السيطرة على حدودها. ويترتب على هذه الخطوة استقبال المهاجرين من أصحاب الكفاءات فحسب وتقليص أعداد المهاجرين غير المهرة. ويلقي ديفيد غرين، مدير مركز سيفيتا للأبحاث، لائمة تدني رواتب صغار العمال أو أضعفهم على المهاجرين من غير مهارات الكبيرة الذين أغرقوا السوق وساهموا في إضعاف مكانة الحلقة الأضعف من العمال.

والى الحجج العملية والمباشرة (الاقتصاد والمهاجرين)، تستند ذرائع مؤيدي الانسحاب البريطاني الى مفهوم السيادة. فالبريكسيت مرآة إرادة الشعب السيادة على أرضه. ويرى محافظون كثر من أمثال تيم نوكس، مدير مركز «بوليسي ستاديز»، أن الاتحاد الأوروبي هو في مثابة خطيئة قوضت السيادة وشرعت البلاد على منطقة تبادل حر مدججة بالنظم والقيود.

والحذر من أجهزة حكومة فوق وطنية ضارب الجذور في المفهوم البريطاني عن المشروعية السياسية. ويدعو ديفيد غرين الى أن «يوجه كل بلد دفته ويحكم نفسه بنفسه... وهذا يفترض قبول الشعب وإمكان تحميل الحكومة مسؤولية أفعالها ومحاسبتها. فالديموقراطية لا تختزل بالانتخاب، ويسع الناخبين اختيار ممثليهم، وطردهم من السلطة من طريق إجراءات محددة. فالعقد بين الحكومة والمحكومين أحادي: تكليف الحكام إدارة شؤونهم وسحب البساط من تحت أقدامهم حين يشاء المحكومون». ويحسب الطاعنون في الاتحاد الأوروبي أنه خلاف «الديمو» (حكم الشعب). ولا يستطيع الناخبون الأوروبيون فرط عقد البرلمان الأوروبي في تصويت مناوئ لهم. والناخبون هؤلاء لا ينتمون الى شعب واحد أو متجانس. ويرى فرايزر نيسلون ان الاتحاد الأوروبي هو هيئة غير ديموقراطية. فالأوروبيون لا يعرفون ممثليهم في الاتحاد الأوروبي المترامي الأطراف. وهذه المعرفة لا تقوم دونها قائمة لتكليف بالتمثيل. فـ «الشعب لا تخلقه القوانين (الاتحادية الأوروبية) بل يولد من رحم التاريخ».

وكثر من مؤيدي البريكزيت أو الانسحاب يعتبرون أن الاتحاد الأوروبي مشروع قاري ضعيف الصلة بالجزيرة البريطانية. وهم ينظرون بعين الاستياء الى انبعاث الشعبوية، من اليمين المتطرف الى اليسار المتطرف، في أوروبا القارية وبلوغها الحكم، بعد أن ساهموا في دحرها في اربعينات القرن الماضي. واقتناع «الانسحابيين» بحجج مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي من أمثال الشركات الكبيرة والمركز المالي اللندني والجامعات وقطاع الصناعات، ضعيف. فالمؤسسات الصناعية والتجارية المؤيدة للبقاء في الاتحاد هذا، ترى أنه واحة استقرار وفرص. والتمويل الأوروبي للجامعات البريطانية وفير ولا ينضب. نقلا عن الحياة

* خبيرة في تيارات الرأي والفكر البريطانية، عن «لوبوان» الفرنسية، 5/5/2016، إعداد منال نحاس

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟