المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
نبيل السهلي
نبيل السهلي

المصالحة وتحولات المشهد الإسرائيلي

الثلاثاء 24/مايو/2016 - 11:24 ص

بعد التحولات السريعة في المشهد السياسي الإسرائيلي، وقرب انضمام أفيغدور ليبرمان إلى حكومة نتانياهو الرابعة، ثمة تخوفات بين المتابعين السياسيين من عدوان جديد على قطاع غزة، في وقت ترتفع وتيرة النشاطات الاستيطانية، والسجالات حول الرفض الإسرائيلي للمبادرة الفرنسية، التي تسعى إلى الدفع قدماً بمؤتمر سلام دولي، سيعقد في الثالث من حزيران (يوليو) المقبل، من أجل استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.

بعد تلك التحولات، برزت أسئلة حول أهمية وضرورة إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني المرير، التي يجري الحديث عنها بين فترة وأخرى، بيد أن المتابع بات على يقين من وجود معوقات أساسية تحول ترسيخ مصالحة حقيقية. وقد تكون من بين تلك المعوقات الأساسية، الضغوط الخارجية من جهة وغياب القوة الصامتة عن توقيع الاتفاق وبالتالي الشراكة السياسية، ومحاولة أصحاب المصالح والامتيازات التي تولدت بفعل تداعيات الانقسام الإبقاء على الجغرافيا السياسية المستحدثة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلاً عن المصالح الضيقة التي فرضتها التحولات في المشهد العربي، وانسداد أفق المفاوضات مع إسرائيل بسبب تعنت قادتها.

ويرى محللون بأن الحديث عن قرب توقيع عقد المصالحة، من خلال اجتماعات متكررة بين قادة حركتي فتح وحماس وبحضور بعض قادة الفصائل الفلسطينية الأخرى في هذه العاصمة او تلك، يعتبر بمثابة تكيف، وإدارة أزمة لحالة الانقسام الذي امتد لتسع سنوات خلت (2007-2016)، في وقت يتطلب الظرف السياسي، الإسراع لترسيخ الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات المحدقة بالقضية الفلسطينية.

فمن جهة استصدرت إسرائيل خلال السنوات المذكورة حزمة من القرارات التي من شأنها الإطباق على مدينة القدس. وفي هذا السياق تشير تقارير إلى أن المؤسسة الإسرائيلية استطاعت السيطرة على 93 في المئة من مساحة القدس الشرقية، ناهيك عن بناء طوقين من المستوطنات تحيط بالمدينة من الجهات الأربع ويتركز فيها نحو 190 ألف مستوطن إسرائيلي. وقد تم طرد آلاف المقدسيين بعد قرار تهويد التعليم في المدينة قبل ثلاث سنوات. واستغلت إسرائيل حالة الانقسام لتجعل من النشاط الاستيطاني العنوان الأبرز في سياساتها اليومية. الأمر الذي أدى إلى سيطرة كبيرة على أراضي الضفة الغربية لمصلحة المستوطنات الإسرائيلية التي وصل عددها إلى 151 مستوطنة يتركز فيها أكثر من نحو (400) ألف مستوطن إسرائيلي.

المشهد السياسي الفلسطيني الراهن يبدو رمادياً مع استمرار حالة الانقسام الحقيقي على الأرض، وعدم وجود إرادة سياسية صادقة لإنهائه، وبات من الضرورة تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفصائلية الضيقة، بخاصة في ظل انكشاف صورة إسرائيل العنصرية ضد الشعب الفلسطيني سواء في الضفة والقطاع أو إزاء الأقلية العربية في إسرائيل.

ويمكن تعزيز الاعتراف بفلسطين كدولة في المؤسسات الدولية إذا استطاع الفلسطينيون إنهاء انقسامهم وترسيخ مصالحة بالأفعال وليس بالأقوال، ومن ثم التوجه بخطاب سياسي ديبلوماسي موحد وجامع بعد وضع برنامج وإستراتيجية مشتركة.

وفي هذا السياق لا يمكن أن تكتمل دائرة المصالحة الحقيقية، وتفعيل دور منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية من دون مشاركة واسعة من الغالبية الصامتة من الشعب الفلسطيني في الداخل الفلسطيني والشتات، ونقصد بالقوة الصامتة الفعاليات السياسية والاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني لجهة حماية المشروع الوطني ورسم مستقبل الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الثابتة. وقد يكون ذلك بمثابة جدار متين في مواجهة رؤى إسرائيل التي تسعى إلى جعل السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية، وحركة حماس في غزة مجرد شرطي لحماية المحتل الإسرائيلي وإنجازاته على الأرض الفلسطينية.

يجمع متابعون بأن استمرار حالة الانقسام إنما تخدم الموقف الأميركي والإسرائيلي، الرافض أساساً لاتفاق المصالحة، والذي جاء على خلفية هواجس عديدة، في مقدمها أن الاتفاق سيكون بمثابة طوق نجاة للحد من الضغوط الإسرائيلية والأميركية على الفلسطينيين، ويرفع في الوقت نفسه من سقف الخطاب السياسي الفلسطيني، بعد مفاوضات عبثية امتدت أكثر من عقدين، بحيث يكون من السهولة بمكان المطالبة بتفكيك معالم الاحتلال، ومنها المستوطنات، عوضاً عن تجميدها، وكذلك يمكن المطالبة بتطبيق قرارات دولية صادرة، ومنها تلك القرارات المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين، والسيادة على المياه الفلسطينية التي تسيطر عليها إسرائيل، واعتبار المستوطنات غير شرعية، خصوصاً أن هناك قبولاً بعضوية فلسطين في العديد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة.

التحديات الجمة التي تواجه المشروع الوطني الفلسطيني، وبخاصة بعد أن يتسلم إفيغدور ليبرمان وزارة الحرب في إسرائيل، تتطلب الإسراع بعقد مصالحة فلسطينية حقيقية تتعدى الشكليات السابقة، بحيث يشارك فيها الكل الفلسطيني، لإنهاء حالة الانقسام الحاصل في الساحة الفلسطينية من دون رجعة، نزولاً عند مطالبات الشعب الفلسطيني، عوضاً عن البحث عن تطور كيانين في قطاع غزة، والضفة الغربية. فتجميع الجهد الفلسطيني والاتفاق على برنامج سياسي مشترك وخيارات سياسية وكفاحية مستقبلية من شأنها أن تحد من السياسات الإسرائيلية الجارفة، وفي مقدمها النشاط الاستيطاني الذي يقضم الأرض، ويفرض جغرافيا سياسية إسرائيلية قسرية وبخاصة في مدينة القدس. نقلا عن الحياة

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟