المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏بهجت قرني
د‏.‏بهجت قرني

مع مصر للطيران

الثلاثاء 31/مايو/2016 - 11:43 ص

بسبب الحادث المأسوى للطائرة المصرية القادمة من مطار شارل ديجول فى أول هذا الشهر، طلبت من الجهة الأجنبية الداعية أن تُغير تذكرتى لأن تكون على مصر للطيران. بالرغم من محدودية قدراتي، شعرت بأن سلوكى هذا قد يكون رمزا فى دعم الشركة الوطنية. وبالرغم من بعض الملاحظات لتحسين الخدمة فى نهاية هذا المقال، إلا أن قرارى كان صائبا.

لم أقابل الوزير شريف فتحى ولا أعرفه مطلقا. ولكنى تعاطفت مع وزير يواجه أزمتين حادتين فى فترة وجيزة من الطائرة التى اختطفت وهبطت فى قبرص إلى طائرة باريس. تعاطفت إذن مع مسئول فى مهب الريح داخليا وخارجيا، فى جو شديد التوتر سياسيا وعاطفيا. ثم بدأت أتابع جزءا من تصريحاته وأكثر من ذلك تفاعله الأولى مع أهالى الركاب الذين تأكلهم الفجيعة وبالتالى لا يستطيعون السيطرة على مشاعرهم، بينما الوزير ينطلق بطلاقة من العربية إلى الانجليزية لمحاولة تهدئتهم والاصرار على أهمية الانتظار والصبر حتى تأتى المعلومة الدقيقة. نعم المعلومة الدقيقة بكل شفافية هى فعلا الأساس. ودعوت للوزير أن يستمر على هذا المنوال بعد أن أصبح هو وشركة مصر للطيران واجهة هذا البلد مرتين خلال سبعة أشهر عصيبة. وكان من الطبيعى أن أنتقل من التركيز على الوزير المسئول إلى المؤسسة نفسها، التى لا أعرف عنها الكثير إلا كراكب فقط. كان تساؤلى الرئيسى هو: ما العمل لمساعدة مسئول يتصرف بمهنية واحترام، وأهم من ذلك مؤسسة مصرية ـ ولكن شديدة العالمية أيضا بسبب نوعية نشاطها؟

شركة مصر للطيران ـ مثل كثير من الشركات العالمية ـ تواجه منافسة شرسة، وهى مثل كثير من شركات الطيران التى تأتى من دولة نامية لا تتمتع بنفس الموارد المالية والبشرية التى تتمتع بها العديد من شركات الطيران ذات الباع الطويل مثل إير فرانس أو لوفتهانزا الألمانية. هذه حقائق يجب أن نأخذها فى الحسبان عندما نقوم بتقييم هذه الشركات التى تأتى من دول الجنوب العالمي. فمنذ استقلال هذه الدول الحديث نسبيا وهى تصر على أن يكون لها شركات طيران، لأن هذه الشركات ـ مثل العلم الوطنى أو فريق الكرة الذى يفوز بكأس عالمى هو واجهتها على المسرح الدولي. شركات من بعض هذه الدول ـ مثل خطوط سنغافورة أو بالقرب منا خطوط الإمارات ـ نجحت فى هذا الصدد، ولكن مع استثمارات هائلة لا تقدر عليها خطوط دول أخرى رغم تاريخها العريق، مثل طيران الشرق الأوسط من لبنان، وكذلك مصر للطيران.

بل إن بعض هذه الشركات تقع فى فخ عدم المهنية بسبب بعض الممارسات السائدة فى مجتمعاتها مثل المجاملات المبالغ فيها وحتى الواسطة. أتذكر فى بداية التسعينيات وأنا أعيش فى الخارج أصررت على اقناع أسرتى باختيار مصر للطيران القادمة للقاهرة من لندن. وبالرغم من أنه حتى فى ذلك الوقت، لم يكن ضرورة لتأكيد الحجز عند العودة، إلا انى فضلت عدم المخاطرة مع وجود أطفال وتأكيد الحجز. إلا أن مسئولة الحجز فى مكتب الشركة فى فندق النيل هيلتون آنذاك أخبرتنى أنه تم إلغاء الحجز، وبواسطتى أنا شخصيا! ولما طالبتها برقم تليفونى الذى استعملته أو البريد الالكتروني، لم تستطع الاجابة. وفى مواجهة اصراري، اعترفت بأن الموضوع لا يعتمد عليها ولكن هذه التعليمات تأتيها من أعلي. تمت اعادة الحجز، ولكن مع التوتر الذى كنت فى غنى عنه، قاطعت السفر على شركة مصر للطيران لعدة سنوات خاصة عند السفر مع الأسرة. بعد نحو تسع سنوات من المقاطعة، عاد إليّ الحنين بل التعصب للشركة الوطنية وقررت إذن العودة، وما أحلى العودة! وجدت شركة مختلفة كثيرا. مستوى المهنية أصبح تقريبا معادلا لشركات عالمية كبيرة، ووجود نوع من الدفء فى العلاقة مع المسافرين ولكن غير مبالغ فيه، الالتزام بالتوقيت فى المغادرة، سواء فى الخارج أو الداخل. مصر للطيران هى الأقدم عربيا وافريقيا. فهى أول شركة طيران تهبط فى المدينة المنورة فى عام 1936، وهى أكبر ناقل جوى افريقى بعد خطوط جنوب افريقيا. ولكن حذار أن يصبح التاريخ العريق شيخوخة. ففى زمن العولمة ووتيرة السرعة التى تصيب بالدوران، من يقف فى مكانه هو فى الواقع يتأخر. هناك انجازات ضخمة لهذه الشركة فى جو من المنافسة العالمية الشرسة. فمثلا مع تعداد سفرياتى رأيت القليل جدا من الطيارين مثل الطيارين المصريين الذى يهبط بطائرته بهذه السلاسة، ولكن بدافع الغيرة على هذه الشركة، هناك بعض الملاحظات.

1 ـ بالرغم من وضعى الحالى من ركاب درجة رجال الأعمال أو الدرجة الأولى وأقدر هذه المزايا، فإن الشركة يجب أن تهتم بالدرجة السياحية، فهم غالبية الركاب، فمثلا يجب أن تكون الأولوية فى الصعود للطائرة لذوى الاحتياجات الخاصة وكذلك الأسر بأطفال صغيرة.

 

2 ـ يجب الاهتمام بتقليد وثقافة تنقصنا فى معظم أنحاء مجتمعنا وهى ثقافة الصيانة، ليس فقط لسلامة الطائرة بالطبع، ولكن لأشياء تبدو ثانوية ولكنها تؤثر على ثقة الراكب فى الطائرة مثل تنظيف الطائرة فى أثناء الترانزيت، أو عمل أجهزة الاستماع وقنوات الأفلام المعلنة أو الموسيقي. ليست هذه عوامل ترفيه فقط ولكنها تعكس مصداقية الإدارة، فكما نعرف الجودة تكمن فى التفاصيل.

3 ـ الاهتمام بالتدريب الفنى للمضيفات. معظمهن ممتازات ولكن يجب التخلص من النظرة النمطية للمهنيات بأن يكن أساسا حسناوات وذوات ابتسامة جذابة ورقة، وهو مطلوب، ولكن يجب أن تكون المضيفات على قدرة فنية أيضا للتعامل مع أى مشكلة فى السماعات أو برامج الترفيه.

هذه تفاصيل من أجل مزيد من الجودة، ولنقوم ـ حكومة وأهالى بتدعيم شركة وطنية كمصدر للنقد الأجنبى ولكن خاصة لأن معظم وظائفها هى فى مواجهة منافسة عالمية شرسة. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟