لا خوف على مصر مع رئيس يهتم بكل التفاصيل الدقيقة فلم تشغله زحمة الأحداث وأزمات الداخل عن بناء جيش قوى عملاق أصبح الآن يحتل المرتبة العاشرة على المستوى العالمى طبقا للتصنيفات العالمية المحايدة المشهود لها بالكفاءة والمصداقية، وفى الوقت نفسه يضع نصب عينيه مشكلات سكان العشوائيات وضرورة تخليص مصر من هذه الآفة المنتشرة فى طول البلاد وعرضها نتيجة إهمال سنوات طويلة وممتدة فكان إقامة مجتمعات عمرانية متكاملة بمفهوم عصرى حديث ليبدأ مسلسل نقل سكان العشوائيات إلى الأسمرات بالمقطم فى مشروع من أهم المشروعات التى أقيمت لسكان المناطق الخطرة العشوائية، وبين هذا وذاك يهتم السيسى بمن هم تحت خط الفقر من أجل إيجاد مصدر دخل دائم لهم من خلال مشروع لتربية المواشى وإمدادهم بها ومساعدتهم فى تربية تلك المواشى لتكون مصدر دخل لهم، وقد فوجئت بالحوار الذى دار بين الرئيس السيسى وأحد المسئولين عن هذه المشروعات فى أثناء افتتاح مشروع الأسمرات، حينما سأله الرئيس عن تكاليف تربية رأس الماشية الواحدة الشهرية وأنها تبلغ ما يقرب من 600 جنيه وتأكيد الرئيس ضرورة التوسع فى هذا المشروع مع الأسر الفقيرة التى ليس لها مصادر دخل، وضرورة متابعة هذا المشروع بكل تفاصيله حتى لا يتم بيع الماشية أو ذبحها فى إطار الاستفادة السريعة والمؤقتة إذا لم تتوافر تكاليف التربية لديهم وحتى تتحول الماشية إلى مشروع اقتصادى يدر دخلا وعائدا لتلك الأسر الفقيرة.

لقد شعرت بالفخر ومصر تتسلم حاملة الطائرات الميسترال والتى أطلق عليها اسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وهى عبارة عن مطار متحرك ومدينة بحرية متكاملة مكونة من عدة أدوار ويبلغ طولها نحو 199 مترا وعرضها 32 مترا، وطاقم تشغيلها 180 فردا بين ضباط وصف وجنود، وسرعتها 35 كيلو مترا فى الساعة، ومجهزة لإعاشة 450 فردا لمدة 6 أشهر أو 700 فرد لمدة 3 أشهر، وتستطيع نقل 16 هليوكوبتر هجومية ثقيلة أو 35 هليوكوبتر هجومية خفيفة، و70 مركبة من بينها 13 دبابة قتال و4 مركبات إنزال مائى تقوم بنقل الأفراد والمركبات من السفينة إلى الشاطئ والعكس وتنتشر على السطح منظومة دفاع جوى ورشاشات ومزودة بأنظمة خاصة للتشويش عالية، وثلاثة رادارات أحدها ملاحى والثانى لرصد الأهداف الجوية والثالث لهبوط الطائرات على سطح الحاملة، وقمر صناعى بالإضافة إلى العديد من التجهيزات الأخرى السرية والعلنية.

باختصار هى مطار عسكرى بحرى متكامل ومتحرك ينتقل وقت الضرورة إلى أى مكان ولا ينتظر الخطر حتى يأتى إلى حدودنا بل يذهب إليه أيا كان مكانه ليستأصله من جذوره قبل أن يصل إلى حدودنا، وتلك هى أساليب العسكرية الحديثة والمتقدمة التى لا تنتظر قدوم الخطر إلينا بل تذهب إليه إذا اقتضت الضرورة ذلك، وإذا كان هناك ما يؤكد وجود خطر على الدولة المصرية أو مساعدة الدول العربية الشقيقة المرتبطة معنا باتفاقية دفاع مشترك وبالذات الدول التى وقفت إلى جوار مصر وساندتها وبالتالى فإن مصر لا يمكن أن تبخل على تلك الدول بالوقوف إلى جانبها ودعمها ومساندتها إذا اقتضت الضرورة ذلك فى إطار مناخ عام دولى وإقليمى ملتهب ومتوتر وفى إطار مؤامرات دولية تهدد منطقة الشرق الأوسط فى محاولة لإعادة رسمها من جديد وتفتيتها وتقسيمها على غرار ما حدث فى العراق من قبل وما يحدث فى سوريا الآن وما يريدونه لليبيا واليمن حاليا.

الميسترال رسالة قوية وواضحة وقبلها صفقة طائرات الرافال وصفقات الأسلحة الروسية وكل هذه الصفقات وغيرها تؤكد أن مصر عازمة على بناء الدولة القوية الحديثة وبناء جيش قوى رادع يحمى التراب المصرى ويدافع عن الاشقاء والأصدقاء وقت الضرورة والشدة.

مصر لن تموت ولن تنكسر أبدا.. هذا هو درس التاريخ، وهو درس الواقع الحى الذى نعيشه الآن فالاهتمام بالشأن الداخلى لا يعنى الانكفاء على أنفسنا وإهمال جيشنا مصدر عزنا وفخرنا والعكس صحيح فإن الاهتمام بالجيش وتنمية قدراته لا يعنى عدم الاهتمام بالشأن الداخلى وأدق التفاصيل الصغيرة التى تمس حياة المواطن المصري.

مشروع الأسمرات يؤكد ويترجم ذلك فالقصة لم تكن مجرد بناء وحدات سكنية جديدة لسكان العشوائيات أو نقل سكان منطقة عشوائية إلى منطقة أخرى أكثر تخطيطا وتحضرا، وإنما الأمر يتعلق بفكر ورؤية رئيس يريد التخلص من العشوائية كحياة ومفهوم، فقد تم بناء منطقة الأسمرات فى إطار مشروع سكنى متحضر ومتكامل يضم الملاعب والمناطق الترفيهية والمساحات الخضراء وإدخال المرافق من مياه وكهرباء وغاز وفوق كل ذلك تم تجهيز الشقق للسكان الجدد لتكون النقلة الجديدة متكاملة ماديا ومعنويا، وتجهيز المنطقة الجديدة بنقاط شرطة ومكاتب إدارية تابعة للمحليات حتى يتم ضمان عدم نقل السلوك العشوائى إلى المناطق الجديدة والتعامل بجدية وحسم مع أية مخالفات أو تعديات على الشوارع أو المساحات الخضراء والملاعب.

اهتمام الرئيس بالتفاصيل الدقيقة يجب أن يكون مؤشرا قويا امام الحكومة لمحاربة العشوائيات قبل ظهورها وهو ما يحتاج إلى تركيبة جديدة ومختلفة للمحافظين بحيث يصبح هناك معايير أساسية لمحاسبتهم فى وقف العشوائيات والتعديات ووقف الزحف على الأراضى الزراعية ووقف التعديات على أملاك الدولة والشوارع ووقف مخالفات المبانى وضرورة الالتزام بالاشتراطات البنائية وقواعد وخطوط التنظيم بعيدا عن المجاملات والرشاوى والفساد المنتشر فى المحليات وسط صمت المحافظين وعدم قدرتهم على وقف تلك المهازل.

لابد أن تتحرك الرقابة الإدارية وبقوة فى المحافظات والأحياء لمراقبة الأداء فى تلك المناطق فهى المحبس الذى يمكن منه وقف تلك المهازل لإعطاء الفرصة للدولة للقضاء على العشوائيات الحالية دون ولادة المزيد منها وكأننا نحرث فى البحر،

السيسى بعد عامين يعيد الأمل لمصر والمصريين فى تحقيق حلم الدولة المدنية العصرية الحديثة التى تهتم بكل التفاصيل وتعمل فى كل الاتجاهات فى إطار خطوط متوازية تتكامل ولا تتعارض بعيدا عن الشعارات والأكاذيب. نقلا عن الأهرام