المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
بورزو دارآغاجي
بورزو دارآغاجي

النصر على «داعش»... صنوُ خسارة الحرب !

الأربعاء 08/يونيو/2016 - 11:56 ص

«داعش» في موقع دفاعي في سورية والعراق وليبيا، على وقع هجوم قوى تدعمها أميركا، على معاقله الحصينة. لكن المعارك المتزامنة تخوضها مجموعات قد تفاقم النزاعات وتعقّدها. ففي شمال سورية، استرجعت قوات يدعمها سلاح الجو الأميركي قرى في جوار الرقة، عاصمة تنظيم «داعش». وفي الأنبار، أكبر المحافظات العراقية، تتقدم القوات الأمنية نحو الفلوجة التي وقعت في قبضة التنظيم مطلع 2014. وفي ضواحي سرت، معقل التنظيم في ليبيا، استعاد مقاتلون من طرابلس مواقع خسروها قبل عام. وعلى رغم أن هذه الهجمات على «داعش» تتكلل بالنجاح، فهي ليست وليدة خطة متماسكة، والمكاسب التكتيكية المرجوة منها جزئية. والتنافس الإقليمي الذي قوّض الكفاح ضد «داعش» منذ سنتين، مازال على حاله، وقد يتفاقم.

وتتباين مصالح الفصائل السياسية والدينية والطائفية المشاركة في المعارك. وهذه المصالح هي في قلب الحرب على التنظيم الذي ينفخ في مشاعر المظلومية السنّية في العالم العربي. والمساعي السياسية لتقويض إيديولوجيته تكاد لا تُذكر. «فما يفتقر إليه في استراتيجية الهجوم هو معالجة المشكلة السنّية. ويجب أن تشارك الدول والقوى السنّية في الحل. وعلى رغم أن ثمة جانباً تكتيكياً يعتدُّ به، ينتظر الإخفاق الحرب على» داعش»، إذا لم تُلتزم إستراتيجية سياسية تجمع أصحاب المصالح كلها»، يقول توربيون سولتفيدت، الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في فيريسك مابلكروفت.

وفي سورية، استعادت قوى تدعمها أميركا أراضي من «داعش» في جوار الرقة. وتقود المعارك «وحدات الحماية الكردية»، وهي فرع من فروع حزب العمال الكردستاني الماركسي- اللينيني. والعرب لا يثقون بـ «الكردستاني». وتطوّق الفلوجة العراقية مجموعة من القوى المتباينة، منها ميليشيات شيعية نافذة - بعضها تربطه بإيران علاقات تنظيمية وتدريبية. ويرى كثر أن الهجوم على وجه السرعة على الفلوجة يرمي إلى تشتيت الانتباه عن الاضطرابات في العاصمة العراقية، حيث اقتحم المحتجّون أكثر من مرة البرلمان ورفض النواب المصادقة على حكومة فريق عمل رئيس الوزراء حيدر العبادي. وينظر إلى المقاتلين من مصراتة- والنقمة كبيرة على أبنائها الذين يؤخذ عليهم تحدرهم من الأتراك- بعين الازدراء لتدميرهم سرت، مسقط رأس معمر القذافي. لكنهم أبرز قوة من الغرب الليبي تتقدم نحو المدينة الساحلية. ويسعى مقاتلو البيشمركة إلى تشديد الخناق على الموصل.

ولا شك في أن النصر في ميادين المعارك ضد «داعش» بالغ الأهمية. فهو يطيح الزعم بأن التنظيم لا يُقهَر، ويثني المجنّدين الجدد عن الالتحاق به، ويحول دون توسيعه رقعة نفوذه وتنظيم هجمات في الخارج. وقد تخفّف الانتصارات بعض الضغط السياسي. فغلبة الكفة في بعض التحديات العسكرية وثيقة الصلة بإحراز تقدم سياسي، لكن الفوز في الحرب الإيديولوجية صعب المنال. فالتقدم في ساحة المعارك ضد «داعش» في سورية والعراق وليبيا لم يترافق مع حلول للمشكلات السياسية العميقة التي كانت وراء بروز التنظيم، وعثوره على ملاذات آمنة في أقاليم خارجة عن الحكم في العالم السنّي.

وترافق القوات الأميركية الخاصة، القوى المسلحة المقاومة لـ «داعش» في سورية والعراق وليبيا، وتوفر لها المشورة والدعم الجوي، وتنقل شهادات موثوقة من الميدان إلى مخططي الحرب في البنتاغون. ولكن في ميدان المعارك، المساعي العسكرية ضد «داعش» جزئية وتشبه عمليات قضم متباعدة.

ويقول مسؤولون عسكريون أميركيون إن العوائق البيروقراطية تقيّدهم، وتحول دون نقلهم معلومات استخباراتية، على سبيل المثل، من ليبيا إلى مصر، من غير العبور عبر واشنطن. «وثمة قبائل في الجهاز الأمني الأميركي. فقيادة العمليات الخاصة المشتركة تتنافس مع الجيش، ووكالة الاستخبارات المركزية تختلف مع «دي آي أي» (وكالة الاستخبارات الدفاعية)، ناهيك عن (التنافس) مع وزارة الخارجية. وصلة كلٍّ من هذه الأجهزة بفريق البيت الأبيض غير متناغمة»، يقول دوغلاس أوليفنت، الباحث في «نيو أميركا فونديشن» وهو مستشار سابق لدى الجيش الأميركي في العراق. والتنسيق بين القوات المسلحة الأوروبية أسوأ حالاً من نظيره بين القوات الأميركية.

 

والتباعد يتفاقم بين القوى الإقليمية الشرق الأوسطية المشاركة في التحالف ضد «داعش». فالعلاقات الديبلوماسية مقطوعة بين الرياض وطهران. وتركيا ترى أن «وحدات الحماية الشعبية» هي منظمة إرهابية. ووصف الأردن، أخيراً، تركيا بأنها راعية للإرهاب. وتدعم مصر وتركيا أطرافاً على عداء في ليبيا. ويفاقم الأمور اهتراء العلاقات الأميركية - الروسية وانفراط عقدها.

ولا شك في أن أميركا جزء من المشكلة في الشرق الأوسط. وهي تفتقر إلى الريادة ويشوب سياستها الحيرة والتردد، يقول سولتفيدت. والعداء بين المتحالفين في الحرب على «داعش» يتأجج. ففي الأيام الأخيرة، اندفعت القوات الكردية السورية التي يؤازرها سلاح الجو الأميركي، نحو الرقة، في وقت أعلنت القوات السورية النظامية التي يدعمها سلاح الجو الروسي تقدمها نحو المدينة. وإثر زحف القوات المصراتية نحو سرت، أعلنت قوات الجنرال خليفة حفتر، وهو على رأس جيش موال للحكومة الليبية، أنها تتحرك نحو هذه المدينة الساحلية.

وتؤازر قوات غربية خاصة كلاً من هذين المعسكرين. والقوات المسلحة العراقية والميليشيات الكردية والشيعية تتنافس على مواقع القوة. وانتباهها مشتت: عين على القوة المنافسة، وعين على مواقع «داعش». وإثر تحرير أراضٍ في جوار طوز خرماتو شمال العراق من «داعش» مطلع السنة اندلع قتال بين الميليشيات الكردية والشيعية.

ويرى أوليفنت أن معضلة أميركا تشبه معضلة صوغ إستراتيجية على رقعة شطرنج حين يحوز الرخ والفرسان والبيادق آراء خاصة ويقدمون على مناورات مفاجئة. «فالولايات المتحدة تحاول أن تنتهج استراتيجية، ولكن من العسير صوغها حين تتحرك على هواها كل قطع رقعة الشطرنج». نقلا عن الحياة

* مراسل، عن موقع «بازفيد» المعولم، 3/6/2016، إعداد منال نحاس

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟