المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
 أمينة شفيق
أمينة شفيق

تجارب بناء الأحزاب من سدة الحكم

الأحد 12/يونيو/2016 - 12:17 م

لابد من الاعتراف بأن الساحة السياسية في مصر تمر بأزمة. تعاني ضعف الهياكل السياسية التي تستطيع تعبئة المواطنين حول اهدافهم الوطنية والسياسية والاجتماعية على اساس من التنوع الفكري وتعدد المصالح الاجتماعية. وهي أزمة ليست وليدة اليوم ولكن تعود حدتها مع بداياتها إلى عام 1952، عام قيام ثورة يوليو 52.

منذ ذلك العام، كان لكل مرحلة حكم طريقتها في السيطرة على هذه الساحة السياسية وبالتالي إضعافها. في مرحلة، تمسك الحكم بجمع المواطنين حول فكرة التنظيم الواحد , وعدم الاعتراف بالتعددية وفي مرحلة ثانية من خلال الاعتراف الشكلي بها.وفي الحالتين كان القرار علويا، ويقوده الجالس على سدة الحكم.ولا يعني ذلك أن الحياة السياسية المصرية قبل عام 1952(التي يصفونها بالمرحلة الليبرالية) كانت على ما يرام، على العكس كانت الحياة السياسية منذ 1923 حتى عام 1952 تمر بحالات متكررة من الصعود والهبوط والاحتكاك والتفاعل. كانت الحياة الحزبية في مصر تعاني امراضها الداخلية كما عانت صراعاتها مع بعضها البعض ثم بينها وبين السراي، ولكنها كانت تسير في طريق التطور والاستفادة من تجاربها ولو بخطى بطيئة أحيانا وسريعة في أحيان أخرى. كانت الحياة السياسية المصرية تقود الصراع الديمقراطي في البلاد .

تعلمنا قديما ان الحياة الحزبية في أي بلد من البلدان هي انعكاس لمرحلة التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلد المعني. تعكس قدرة المواطنين على التجمع والانتظام حول مصالحهم الطبقية في الاساس، والتعبير عنها ثم اختيار الجهة التي ستحقق لهم مصالحهم هذه.

في بلادنا، ما وصلنا إليه من الضعف الذي تعانيه الساحة السياسية جاء نتيجة لعدد من العوامل الداخلية أساسا، ثم تأتي نتائج التغيرات العالمية التي أثرت على التركيبة الاجتماعية لشعوب، دون استثناء أي منها، وعلى شعبنا في المقام الثاني.

في البداية لابد من الاعتراف الآن بأن فكرة التنظيم السياسي الواحد الذي يجمع كل المواطنين في وعاء سياسي واحد، هدفه الأساسي هو حماية استقلال الوطن وإنجاح تنميته، كانت فكرة جانبها الصواب على طول الخط خاصة أن رئيس هذا التنظيم كان الرئيس القائد والحاكم. كما ساعدت هذه الفكرة على إضعاف القيمة النضالية التي تربت في الضمائر السياسية للشعب المصري بدءا من تحركه ضد المستعمر حتى تم حل الأحزاب السياسية بعد عام 52. وكان من الممكن أن تتحرك الجماهير المصرية المنظمة في احزابها سعيا للاستقلال مع ذات الحالة النضالية في بناء التنمية المرجوة.كان المصريون سيستمرون يتعلمون من نضالاتهم السياسية. كما يحدث في العديد من الدول المشابهة لنا مثل الهند. لكن كان ذلك سيشق طريقا مختلفا في مدته، وربما اطول عن ذلك الذي شقته قيادة يوليو بعد أن جلست على سدة الحكم وتمسكت بوحدانية الحركة السياسية وتنظيمها. ويأتي العامل الثاني في التغيرات العالمية الاقتصادية بالتحديد، أسهمت في إعادة تشكيل التركيبة الطبقية في الأكثرية من البلدان التي وجدت في طريقها. ففكرة إعادة هيكلة الاقتصاد وتحريره ثم توجيه الاهتمام الأكبر نحو القطاعين المتوسط والصغير ثم تعظيم النشاط الاقتصادي الخدمي والمعلوماتي وتشجيع المشروع الخاص، مع التطور التقني الذي جعل الآلة تحل مواقع انتاج كثيرة كان يحتلها البشر وادخال التعديلات على فنون وأنماط قواعد الإنتاج التي تعودنا عليها منذ الثورة الصناعية، كل ذلك أدى إلى حدوث خلل في التركيبة الاجتماعية القديمة التي كانت تحيط بنا وكانت تشكل المرجعية الاجتماعية التي نستند عليها في تحليلاتنا وفي رسم سياستنا وبالتالي نشاطنا السياسي.

تغيرت كل تلك القواعد القديمة وبات علينا إعادة النظر في تلك التغييرات الحادثة في مجتمعاتنا بحيث نفهم ذلك الجديد المتجدد في تسارع غير مسبوق ونرسم في إطاره أفكارنا السياسية وبرامجنا الحزبية.

لا تحتاج مصر إلى حزب سياسي يتشكل من أعلى قدر احتياجها لاتساع مساحة الممارسة السياسية والديمقراطية وتنشيط الخلايا المجتمعية فيها. تحتاج مصر إلى معالجة ذلك التجريف الذي حدث لها وتلك السلبية التي تمسك بالإنسان المصري نتيجة للمعاناة التي مر بها سياسيو المعارضة خلال السنوات الماضية.وبات المناخ العام مناسبا لاتساع المشاركة الشعبية في إدارة شئون البلاد بعد ثورتين قام بهما الشعب المصري. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟