المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
لواء محمد عبدالمقصود
لواء محمد عبدالمقصود

دور الدولة والمجتمع فى الحد من مخاطر الأزمات

الإثنين 13/يونيو/2016 - 11:26 ص

تتعرض مصر خلال الفترة الأخيرة للعديد من الأزمات والكوارث غير الطبيعية والتى ميزت بين المخلصين من أبناء الوطن والمزايدين عليه لتحقيق مصالح خاصة، وقد كشفت ردود الفعل المثارة حول كارثة سقوط طائرة مصر للطيران فى الداخل والخارج المحاولات المتكررة من أعداء الوطن للنيل من استقرار وتماسك الجبهة الداخلية التى أثبتت أنها عصية على الانكسار، من خلال التشكيك فى مدى قدرة مؤسسات الدولة على القيام بواجباتها فى تأمين مصالحها الحيوية.

حفلت شبكات التواصل الاجتماعى ومعها بعض القنوات الفضائية غير المهنية بالشائعات والأكاذيب، فى الوقت الذى سعت فيه القوى الدولية لتحقيق مصالحها على حساب مصر التى لم تجد فى تلك القنوات من يدافع عنها، وهو ما يبرز أهمية التخطيط لإدارة الأزمات والكوارث على المستوى القومى لدعم قدرة الدولة فى الحد من أخطار الكوارث أيا كان نوعها (زلازل حرائق وسيولا و أوبئة..)، لأن الدول غير القادرة على مواجهة الكوارث الطبيعية والناتجة عن الإهمال لاتستطيع أن تحقق أهدافها الإستراتيجية، أوتحافظ على مصالحها الحيوية، كما أن تعرض المنشآت الصناعية للحرائق لايمثل خسارة لصاحب المنشأة فقط ولكن للاقتصاد القومى ككل باعتبارها جزءًا من ثروة مصر ومقومات اقتصادها، فى الوقت الذى تدعم فيه الادارة الناجحة للأزمات والكوارث قدرة الدولة على تنفيذ خططها الاستراتيجية الرامية لتحقيق التنمية المستدامة.

وبالتالى فالمشكلة فى مصر ليست فى وضع التشريعات والقوانين ولكن فى مدى الالتزام بتطبيقها، والرقابة على المنشآت الصناعية والتجارية للتأكد من التزام أصحاب الأعمال بالأكواد العالمية المعروفة للوقاية من الحرائق، والحد من محاولات الالتفاف على القوانين فى ظل عدم محاسبة المسئولين عن منح التراخيص دون وجود الاشتراطات المطلوبة.

وهنا تبرز أهمية بناء اطار مؤسسى يحدد بوضوح إجراءات ومراحل ومستويات القيادة والسيطرة لمواجهة الأزمات والكوارث فى مراحلها المختلفة (قبل وأثناء وبعد حدوث الكارثة)، مع اعتماده على مبدأ اللامركزية وتفويض الصلاحيات اللازمة لتمكين كافة المستويات من تحقيق سرعة الاستجابة لإنقاذ الأرواح والحد من أخطار الأزمات والكوارث وتقليل الآثار الناتجة عنها من خلال تنسيق التعاون بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى لوضع استراتيجية متكاملة لمواجهة تلك الأخطار اعتماداً على توافر خبرات فى مجال التنبؤ والتقدير بالمخاطر المحتملة، مع وضع سيناريوهات لها فى مرحلة الاستعداد (قبل حدوثها) تشتمل على برنامج قومى لتنظيم حملات دعائية لرفع الوعى المجتمعى والثقافى، ومتابعة التدريب على كيفية التعامل مع الكوارث حال حدوثها، مع انشاء قواعد بيانات وطنية لها، وإجراء تقييم دورى للكوارث المحتملة وتحديد الإجراءات المطلوبة للتعامل معها وتنسيق الجهود التى تبذلها الجهات المعنية، خاصة وأن الكوارث الكبرى قد تحتاج حشد الإمكانيات والقدرات الموجودة فى أكثر من محافظة ووزارة للتغلب على آثارها السلبية، على أن تتولى تلك الجهة متابعة وتقييم الإجراءات التنفيذية لعمليات الإغاثة والتعرف على نقاط القوة والضعف خلال مرحلة المواجهة والاحتواء وتقديم التوصيات والمقترحات المطلوبة للتعافى وإعادة التأهيل والإعمار.

لقد تأخرت مصر كثيراً فى إنشاء مركز قومى لإدارة الأزمات والكوارث يتولى مسئولية الارتقاء بمنظومة مواجهة الأزمات والكوارث على المستوى القومى من خلال وضع القواعد والضوابط التى تحكم عمل مراكز الأزمات التخصصية فى الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية والمحافظات، مع اختيار عناصر من ذوى الكفاءة والقدرة على اتخاذ القرار للعمل بتلك المراكز وتأهيلهم جيداً لتمكينهم من أداء واجباتهم بمسئولية، والإستفادة من المعارف والعلوم لبناء ثقافة السلامة والصحة المهنية وتنمية الوعى الوقائى لدى المواطنين بتوفير معلومات سهلة الفهم عن أخطار الكوارث المحتملة فى نطاقهم الجغرافى وتوعيتهم بأساليب المواجهة العملية والفعالة لتلافيها، خاصة وأن هناك بعض المناطق التى تتعرض لأخطار متكررة كالسيول التى تحدث على جبال البحر الأحمر وسيناء خلال فصل الشتاء ، وكذلك تكرار الحرائق فى موسم الجفاف فى محافظتى الأقصر وأسوان وبعض مدن الصعيد، وبما يستدعى التركيز فى برامج تنمية الوعى الوقائى وأساليب التعامل مع الكارثة فى كل منطقة حسب طبيعة الكوارث التى تتعرض لها، مع القيام بدور فى دراسة المشاريع قبل الموافقة على إقامتها للحيلولة دون تعريض المجتمع لمخاطر بيئية أو صحية.

ويرتبط نجاح الدولة فى مواجهة الكوارث بمدى تواصلها مع وسائل الإعلام لإعداد برامج هادفة تسهم فى توصيل المعلومة البسيطة لكل طبقات وفئات المجتمع، على أن تعد هذه البرامج بمعرفة خبراء متخصصين يراعى فيها تبسيط المعلومة للمساعدة فى إعداد المواطنين وتأهيلهم لتحمل آثار ونتائج الكوارث الطبيعية والتغلب على الآثار الضارة التى تتسبب بها، حيث تعتمد الحكومة على دور الإعلام الإيجابى فى احتواء التداعيات السلبية للكارثة وإبراز الجهود التى تبذلها الجهات الرسمية والحكومية لمواجهة الكارثة، فضلاً عن مدى قدرتها على إشراك منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية فى التخفيف من آثار الكوارث على المواطنين، ومعاونة الجهات الحكومية فى القيام بواجبها فى عمليات الإغاثة ومساعدة المنكوبين بتوفير وسائل الإعاشة الطارئة ومعسكرات الإيواء لحين استعادة الأجهزة المعنية لتوازنها.

وفى ضوء ماسبق فإن التخطيط الإستراتيجى لإدارة الأزمات والكوارث على المستوى القومى يتطلب الإسراع بتنفيذ توجيهات السيد الرئيس / عبد الفتاح السيسى بتأسيس مركز قومى لإدارة الأزمات والكوارث، واختيار الكفاءات من الشباب المؤهل علمياً ونفسياً للقيام بهذا الواجب المجتمعى، خاصة مع تبنى مصر للعشرات من المشروعات القومية التى تحتاج لدمج مفهوم إدارة الأزمات والكوارث فى تحقيق سياسات التنمية المستدامة، وبناء قدرة المجتمع المصرى على مواجهة أخطار الكوارث على كافة المستويات وفى جميع القطاعات، مع المشاركة فى وضع المعايير والاشتراطات الواجب توافرها فى تلك المشروعات قبل الإنشاء وأثناء التشغيل (أكواد الزلازل والحرائق والسيول ذ نظم الإنذار المبكر ..)، مع تنظيم إجراءات ومهام البحث والإنقاذ أثناء الكوارث وتنسيق التعاون بين كافة جهات الدولة فى أعمال الإغاثة وإعادة التأهيل نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟