المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
فيصل العساف
فيصل العساف

من أميركا.. نعم السعودية لم تعد بئر نفط

الثلاثاء 21/يونيو/2016 - 12:57 م

لفت وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إلى أن الحديث في أروقة النقاش بين الوزراء السعوديين ونظرائهم الأميركيين أو المهتمين في الشأن السعودي عموماً، كان يتمحور حول السرعة التي تسير فيها الدولة نحو تحقيق رؤيتها في 2030، وهل هي أسرع من اللازم أم لا؟ فالمملكة الجامدة لم يعد الحديث عنها مستساغاً اليوم في ظل هذه الجهود التي تبذل في سباق حثيث مع الزمن.

قد يبدو السؤال للوهلة الأولى مرعباً، بخاصة وهو يصدر من خلال ممثلي دولة تعد الأكبر في مجال الدراسات الاستراتيجية التخصصية في شتى المجالات، لكنه في ظل النتائج التي انطوت عليها زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى أميركا، فإن الثابت الذي لا يمكن تجاوزه اليوم هو أن الأمير الشاب صاحب اللياقة التجديدية العالية، والوزراء المعنيين والوفد الرسمي المرافق، استطاعوا إقناع الجميع بجدوى هذا التحول الشامل والأضخم في التاريخ السعودي، وإذا كانت هذه الرؤية قد مثلت بالنسبة للسعوديين بشرى تنويرية حولت مزاجهم كما تحول الأخبار الإيجابية مؤشرات أسواق الأسهم نحو اللون الأخضر، فإنها كشفت للجميع وبشفافية عالية عن أن علاقة الـ80 عاماً الاستراتيجية بين الدولتين الصديقتين مستمرة، وأن المملكة ليست بئر نفط.

تجدر الإشارة هنا إلى أن النتائج الإيجابية المصاحبة للزيارة، يجب أن تنعكس على الداخل السعودي في شكل أكثر تفاعلاً، وفي الإطار الذي يضمن تحقيق الفائدة القصوى المرجوة. من هذا المنطلق لعله من المناسب التنويه على أهمية الدور المجتمعي في عملية استقطاب رؤوس الأموال العالمية، فالدولة وإن كانت مسؤولة عن القضاء على العوائق البيروقراطية التي يئن من شدة وطأتها قطاعي العمل والأعمال، فإن المسؤولية تبقى مشتركة في إطار المصلحة الكبرى، ولا تقع على عاتقها هي فقط، وإنما على المواطن أيضاً الذي يعد المستفيد الأبرز من هذا الانفتاح الاقتصادي، بعد أن عانى سنوات الغربة الثقافية لأسباب متنوعة يأتي في مقدمها جرعات التوجس من الآخر، التي تم زرعها في دماغه عنوة من خلال الجماعات السياسية المتأسلمة مع سبق إصرارها في سباقها نحو عزله، وترصُّدها من دون شك للانقضاض على مقدراته في اللحظة الأنسب التي تحددها ساعات الضعف الأشد تخلفاً عن بقية العالم. من هنا يأتي واجب التوعية بأهمية الاندماج مع ذلك الآخر في سبيل تحقيق تكاملية البناء المستدامة، التي تعود على السعودي بالنفع، وتنسحب بالضرورة على المجتمع بالفائدة، من دون شك.

من جهة أخرى وفي سياق متصل لا يقل أهمية عن الجانب الاجتماعي، يأتي دور تهيئة البنية التحتية القانونية التي تشكل الضامن الأكثر تطميناً للمستثمرين من الخارج، ولعلها تكون السؤال الملح الذي يفرض نفسه على طاولة التفكير في الاستثمار عند الراغبين به من الشركات وأصحاب رؤوس الأموال، لذلك فإن دور وزارة العدل السعودية في تسريع عملية تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي وضعتها للإسهام في برنامج التحول الوطني في اتجاه تحقيق الرؤية المنشودة، يأتي على رأس الأولويات التي ينبغي توجيه العناية لها بدقة لا تقبل أنصاف الحلول، مدونة الأحكام القضائية التي تعد بحق ذروة سنام التحول في الجانب القضائي في السعودية، وإن كان من الإنصاف القول إن اللوائح والأنظمة المكتوبة على الورق تضاهي في السعودية مثيلاتها العالمية، من حيث الجودة والإتقان، إلا أن التطبيق على أرض الواقع يبقى هو الحد الفاصل في ترسيخ مبدأ الأمان الذي يتطلع إليه المستفيد. فوجود القوانين على الورق مع التراخي عن بلوغها من أهم أسباب زوال هيبة الصدقية، التي هي صمام أمان التقدم نحو بيئة استثمارية جاذبة.

في الختام، لا يجب تفويت فرصة الإشادة بالمضمون المتغير الذي كان عليه الوفد السعودي المرافق لولي ولي العهد، والذي خالف المعتاد في مثل هذه الزيارات، وكسر بتفاعله وحضوره النشط حاجز الروتين، ولعب في شكل مميز أدواراً مختلفة، حققت بالاستناد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين نتائج بارزة، أعادت باحترافيتها وجدارتها تلك العلاقات إلى مسارها الصحيح، على رغم ضجيج الاختلافات.

نقلاً عن الحياة

 

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟