المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏أسامة السيد الأزهرى
د‏.‏أسامة السيد الأزهرى

مؤسسات الدينية: الواقع والمأمول «6»

السبت 02/يوليو/2016 - 11:54 ص

ثلاث كلمات مهمات، لفتت نظري في كلمة سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي باحتفال ليلة القدر يوم الأربعاء الماضي، تعبر عن المأمول من المؤسسة الدينية، وتسجل بقاء الفراغ واسعا بين واقعها والمأمول منها، الكلمة الأولى: لماذا لا نتصدى؟ الكلمة الثانية: إن التطرف والغلو إلى الآن لم نقدر على إيجاد سبيل لمجابهته، الكلمة الثالثة: في يوم من الأيام سنقف كلنا أمام الله، وكلنا سوف نُسأل، وكما أنني سأُسْأل أنتم أيضا سوف تُسألون: ماذا قدمتم للناس؟ ...

أسئلة يرددها السيد رئيس الجمهورية ونرددها جميعا معه، من واقع غيرتنا وحبنا وحرصنا على مؤسستنا الأم، التي نتشرف مدى الزمان بانتسابنا إليها، ونعتز بها اعتزازا لا حدود له، ونحرص أشد الحرص على قيامها بدورها على الوجه الأكمل الذي يليق بحجمها وتاريخها المجيد، والذي يسعف الوطن والأمة في وقت أزمة عصيبة، وكنا وكانت مصر في أشد الحاجة إلى أن تفتخر بدور مؤسستنا الجليلة في هذا الظرف التاريخي العصيب.

وأرى أن هذه الكلمات الثلاث التي أدلى بها رئيس الجمهورية تلخص تلخيصا دقيقا ما يفتقده شعب مصر من مؤسسته الأزهرية الجليلة، بكل هيئاتها: سواء كان الأزهر أو الأوقاف أو الإفتاء أو الجامعة الأزهرية أو المعاهد الأزهرية أو مجمع البحوث، وغير ذلك من هيئات المؤسسة العظيمة المنوط بها أمام العالم كله مجابهة التطرف وتفكيكه.

كلمات عبرت عما يعتمل في صدور شعب مصر كله: الكلمة الأولى: لماذا لم نشهد إلى الآن التصدي الواضح والمواجهة الحقيقية، والتفنيد الحاسم لأفكار التطرف ومقولاته، وملاحقته في مختلف منافذه الإلكترونية، والتحديث المستمر والرصد الدائم لكل فكرة تطرأ يوميا من أي تيار متطرف، مع الانقضاض على تلك الأفكار بالتفنيد والإفحام من خلال أدوات العلوم الشرعية الناقدة العميقة التي يعكف الأزهر على تدريسها وتعليمها كأصول الفقه وعلم المنطق وعلوم الحديث وغير ذلك، ومع كل التقدير والاحترام للجهود المبذولة هنا وهناك إلا أن الفراغ ما زال كبيرا، والفجوة ما زالت شديدة الاتساع، وما زالت تيارات التطرف من الإخوان إلى داعش تختطف العقول، وتصدر الرعب للعالم، لماذا لا نتصدى بكل قوة المؤسسة وقدراتها الهائلة، ونترك المواجهة على كاهل أفراد هنا وهناك؟.

الكلمة الثانية: لم تقدر المؤسسات إلى الآن على إيجاد سبيل لمجابهة التطرف، وهذا واقع لابد في البداية من الإقرار به وعدم المكابرة فيه، حتى يتأتى الانطلاق سريعا وعاجلا إلى العمل السريع المضاعف الخارق الملائم لإدارة الأزمة، لابد من انعقاد دائم لمؤسسات الأزهر ليل نهار، وانطلاق فرق عمل ذات رؤية وهمة وإصرار وتوزيع دقيق للمهام، وتوفير للخبرات العلمية والمادية، مع إدراك أننا كمؤسسة أزهرية في حالة حرب حقيقية ضد التطرف والتكفير والإرهاب، نعم لابد من انعقاد ذلك، وألا ينفك ولا ينفض حتى تدل مؤشرات القياس ومعاييره على أن التطرف بمختلف طوائفه قد أخذ بالفعل في الانحسار، وتفككت منظومة أفكاره، وتوقفت عن توليد صياغات جديدة واستدلالات مغلوطة لفهمها المظلم الدموي، وحينئذ يبدأ العمل الحقيقي للمؤسسة والذي هو بناء شخصية الإنسان المصري، الواثق، المبدع، القوي، المتحدي، القادر على اجتياز الأزمة وإعادة صناعة الحضارة.

الكلمة الثالثة: سوف نحشر جميعا أمام الله جل جلاله، في يوم مهيب جليل، ونُسأل جميعا عما قدمنا، فليقدم كل منا ما يسعفه في هذا الموقف الجليل، أمام الحكم العدل جل جلاله، وسوف نُسأل جميعا وتُسألون جميعا، عما قدمتم للناس، وسوف يبقى التاريخ من بعدنا ويسجل كل شيء للأجيال القادمة تسجيلا أمينا ودقيقا.

وما زلت أدعو الجميع إلى تقديم كل ما يمكن تقديمه لمؤسستنا الجليلة العريقة، حتى تتجاوز فترة تعثرها، وتنهض لإزالة كل ما عَلِقَ بهذا الدين من انحرافٍ وتزويرٍ وتضليلٍ، واجتراءٍ على الوحي، وتقويله ما لم يقله، وإلصاق الإجرام به، وتشويه هديه في أعين العالمين، وصد الناس عنه، ندعو إلى سرعة انطلاق الأزهر من عقاله، دون تردد ولا وجل ولا خوف، لحماية مصر العظيمة، ونقل هذا الدين إلى الأجيال القادمة ناصعا مطهرا سمحا حنيفا رحيما، صانعا للحضارة، حافظا للأوطان، ودون اكتفاء بمجهود تم بذله وترك الفراغ ممتدا يلتهم كل يوم عقلا جديدا، ويحوله إلى عدو لنفسه وللبشرية وللدين وللوطن، و(للحديث بقية). نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟