المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
محمد هاني
محمد هاني

مصالحة أم تهدئة بين القاهرة وأنقرة؟

الأحد 04/سبتمبر/2016 - 02:39 م
جدّدت تصريحات رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، عن «محاولة جادة لتطبيع العلاقات مع مصر وسورية»، التكهنات بمصالحة قريبة بين القاهرة وأنقرة ترمّم العلاقات المتدهورة منذ عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي في العام 2013.
هذه التكهنات عززتها انعطافة أنقرة الحادة، دولياً وإقليمياً، في أعقاب الانقلاب الفاشل في تموز (يوليو) الماضي، والتي تجسدت ذروتها في الاعتذار لروسيا عن إسقاط طائرتها ومشهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الكرملين بعد أسابيع من التراشق الحاد مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهو ما جعل تكرار اللقطة مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يبدو أمراً وارداً.
كما أن تصريحات يلدريم عن العلاقات مع مصر سبقها تصريح مماثل له قبل الانقلاب وتصريحات لمسؤولين أتراك كرروا المعنى نفسه في الشهور الماضية. بل إن التهدئة مع القاهرة كانت مطروحة في نقاشات داخل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم منذ العام 2014 بعد انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي، على ما كشفت رسائل داخلية للحزب سرّبها «ويكيليكس» في تموز الماضي. هذا بخلاف رفض المعارضة التركية التي يسعى أردوغان إلى التقارب معها بعد محاولة الانقلاب، طريقة تعاطيه مع مصر، خصوصاً حزب «الشعب الجمهوري» الذي زار وفد من نوابه القاهرة في آذار (مارس) الماضي، بقيادة نائب رئيسه أوزتورك يلماز.
على أن هذه العوامل لا تكفي للدفع باتجاه مصالحة شاملة يبدو ثمنها أكبر من قدرة الطرفين على تسديده. فالمصالحة التركية مع روسيا كانت ضرورة فرضتها حاجة أنقرة الملحّة إلى ضوء أخضر لا غنى عنه من موسكو الممسكة بزمام الأمور في سورية، قبل إطلاق عملية «درع الفرات» لوقف تمدّد الأكراد. وحتى الإشارات التركية باتجاه النظام السوري تنطلق من رغبة في معالجة أزمة داخلية ضاغطة في المقام الأول. أضف إلى هذا، أهمية أثر العقوبات الروسية التي أعقبت سقوط الطائرة، في الشراكة الاقتصادية الكبيرة مع تركيا، بدءاً من السياحة مروراً بالتبادل التجاري وصولاً إلى مشروع خط نقل الغاز.
لا تتوافر هذه الشروط في حالة العلاقات المصرية - التركية، فالقاهرة لا تملك أوراق تأثير قادرة على تغيير التوازنات في أي من الملفات الإقليمية المهمة لتركيا، باستثناء الملف الليبي الذي لم يعد أولوية ملحّة لأنقرة المنشغلة بترتيب الأوضاع داخلياً وعلى الحدود مع سورية.
وبالمثل، ليست لدى أنقرة أدوات ذات أهمية للضغط على النظام المصري الذي تمكن شيئاً فشيئاً من انتزاع اعتراف دولي بشرعيته بعد إطاحة حكم «الإخوان»، ما يعني تجاوز أهمية الاعتراف التركي به، وهو ما قد يفسر استقبال القاهرة حديث التطبيع من أنقرة بفتور واضح.
وبخلاف إلغاء مصر اتفاق «الرورو» الذي كان يمنح البضائع التركية فرصة للالتفاف على دفع رسوم العبور من قناة السويس في طريقها إلى الخليج وأفريقيا، وهو اتفاق لا أفق لعودته حتى إذا تصالح البلدان، كان لافتاً أن العلاقات التجارية لم تتأثر بالخصومة السياسية. وحافظت تركيا على حصتها من الصادرات لمصر قرب مستوى 2 في المئة من إجمالي صادراتها، وهي نسبة لا فرصة لزيادتها في ظل أزمة مصر الاقتصادية التي جعلت تخفيض الواردات عموماً هدفاً رئيساً لخطتها للتعافي.
ليس لدى مصر وتركيا ما يمكن أن يقدمه أحدهما للآخر ثمناً للمصالحة في الوقت الحالي، فالقاهرة غير مستعدة لتلبية مطالبات أنقرة المتكررة بالإفراج عن قادة «الإخوان المسلمين»، وتعتبرها تدخلاً غير مقبولاً في شؤونها. كما لا توجد مصالح ضاغطة قد تدفع تركيا إلى تلبية طلب مصر طرد قادة الجماعة وإغلاق قنواتها التلفزيونية التي تبث من اسطنبول.
بكلمات أخرى، لا دوافع ملحّة لدى القاهرة وأنقرة لمصالحة شاملة على النمط الروسي - التركي، ما يعني أن «المحاولة الجادة» التي أعلنها يلدريم قد لا تسفر سوى عن تهدئة فاترة توقف التراشق الكلامي وتضمن استمرار العلاقات الاقتصادية عند مستوياتها، وترضي المعارضة التركية الرافضة مقاربات أردوغان الإقليمية.
نقلا عن الحياه

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟