المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
موسى برهومة
موسى برهومة

لن تسكت المآذن!

السبت 19/نوفمبر/2016 - 01:17 م

الربط بين فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، وتسريع وتيرة التطرف في إسرائيل، يفتقر الى الأدلة المنطقية الحاسمة. وسيكون الأمر ذاته لو فازت هيلاري كلينتون، بمعنى أنّ إسرائيل لا تنتظر ضوءاً أخضر من البيت الأبيض. فقبل إقرار الكنيست قانوناً يشرعن المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، التي بنيت على أراض فلسطينية خاصة، كان قد وجّه صفعة شديدة للوجدان الديني لدى المسلمين وأبناء الديانات التوحيدية وغير التوحيدية، بمنعه رفع الأذان في مساجد القدس والأحياء العربية في الداخل الفلسطيني، بذريعة الحيلولة دون «إزعاج اليهود». ولقي هذا القرار رفضاً لفظياً تمثّل في بيانات باهتة مندّدة، كان أكثرها «تطرفاً» ما صدر عن الجامعة العربية، حيث وصف نائب الأمين العام للجامعة أحمد بن حلي، منع الآذان في القدس بأنه «استفزاز خطير جداً وتصعيد مرفوض»، لافتاً إلى أنّ ذلك يعني «ضرب حرية العقيدة في الصميم». ولم يسمع عن تداعٍ إلى اجتماع عاجل لمناقشة هذا الأمر الجلل، لا على المستوى العربي ولا الإسلامي. أما المجتمع الدولي، فأكثر ما يمكن أن يصدر عنه تصريح، حفظناه عن ظهر قلب، يدعو إلى «ضبط النفس» يؤديه الخطيب المفوّه المتخصص في ذلك بان كي مون!

ولأنّ نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أعفوا الجميع من مشقة الشتائم والسباب واستدعاء القصائد الهاذرة والأخرى الهازئة الموّارة بالسخط، فإنّ المراقب، وهو يتأمل الحدث، بعينين متفحصتين، سيصل إلى نتائج مرعبة، إذ تتساقط «الخطوط الحمراء» الواحد تلو الآخر، فلا يبقى من عاصم دون ابتلاع التاريخ والجغرافيا والميراث الروحي، ما يترك الأرض والفضاء مشاعيْن أمام غرائز الاجتياح وغطرسة القوة وفرض الأمر الواقع.

كان مثل هذا القرار «أيام زمان»، وليس الزمان البعيد جداً، كفيلاً بتفجير الغضب الشعبي في شوارع المدن العربية والإسلامية والعالمية. وكان المشرّع الإسرائيلي يحسب حساب تلك الغضبة. أما الآن، فهو غير عابئ بشيء، بعد أن هيمن الاستسلام على الأرواح والضمائر والإرادات، ولم يتبقَّ إلا «وسومات» يدشّنها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بعضهم مجهول الهوية، يرفعون شعارات من قبيل «لن تسكت المآذن» ويهدّدون الإسرائيليين، فيما حروفهم يتناثر منها الزبد: «لن تمرّوا»... لكنّ العدو التاريخي يمرّ ويتحرك بحرية، فيعطف على قرار المآذن قراراً أشدّ استفزازاً يقضي بإضفاء الشرعية على منازل فلسطينيين طردوا من ديارهم في شمال شرقي رام الله، لتقام مكانها مستوطنة «عمونه» التي يقطنها زهاء 300 مستوطن، يقول لهم رئيس وزرائهم نتانياهو، لا عليكم، ناموا ملء جفونكم، واحلموا وأطفالكم بالعصافير وأقواس قزح!

إنها الفانتازيا في أكثر لحظاتها إشفاقاً على الضحايا. إنها الإرادة الحمقاء حينما لا تصغي لنداءات الحق الخرساء التي تنطلق في برارٍ لا يسكنها سوى الصمّ، ما يدفع إلى انبعاث التراجيديات المؤلمة والباهظة الأكلاف.



نقلاً عن الحياة

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟