المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

إسرائيل ودونالد ترامب وخيارات المواجهة مع إيران

الأحد 19/فبراير/2017 - 03:56 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
د. محمد السعيد إدريس

إيران هي الشغل الشاغل الآن لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بعد أن وصل ما يعتبره الإسرائيليون "أول رئيس يهودي لأمريكا" حسب قول الكاتب اليهودي الأمريكي "واين رووت" الذي كتب على موقع قناة "فوكس" اليمينية مقالاً مطولاً أغدق فيه المديح على الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب جاء فيه أنه "إذا كان الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، وهو أبيض البشرة، يلقب بأول رئيس أمريكي أسود لفرط دعمه للسود وشعبيته بينهم، فإن ترامب المسيحي يستحق أن يوصف بأنه أول رئيس يهودي لأمريكا لحب اليهود له، ودعمه المطلق لإسرائيل".

التصريحات التي أدلى بها ترامب أثناء حملته الانتخابية وقبيل وبعد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة سواء لإعلانه عزمه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس بما يعنيه ذلك من اعتراف رسمي بان القدس هي عاصمة لإسرائيل، أو لتأييده سياسة التوسع الاستيطاني الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة متحدياً بذلك قرارات الشرعية الدولية وآخرها القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي ويدين سياسة الاستيطان، أو لاعتباره إيران أكبر دولة داعمة للإرهاب، وإعلانه برفضه للاتفاق النووي الذي جرى توقيعه مع إيران، كلها تصريحات ومواقف جعلت الإسرائيليين والإعلام الإسرائيلي، على وجه الخصوص، يرى أن انتخاب ترامب بداية "العصر الذهبي" لتنفيذ الأجندة الإسرائيلية التي تعثر تنفيذها طيلة السنوات الثماني لحكم الرئيس السابق باراك أوباما وعلى الأخص فرض أولوية الملف الإيراني على حساب أولوية الملف الفلسطيني ضمن مسعى مزدوج يرمي أولاً إلى تأسيس استقطاب إقليمي ضد إيران تضم ما تعتبره إسرائيل دولاً عربية معتدلة، وبالذات ما تراها "دولاً سنية معتدلة" يعمل ضد إيران وهلالها الشيعي، بما يعنيه ذلك من تفجر الصراع الطائفي واعتبار إيران المصدر الأساسي للخطر في إقليم الشرق الأوسط بدلاً من إسرائيل، وثانياً، التهرب من الاستحقاقات المفروضة الخاصة بالحقوق الفلسطينية وبالذات خيار حل الدولتين لصالح المسعى الإستراتيجي الإسرائيلي لضم الضفة الغربية كلها إلى إسرائيل وإعلان فلسطين كلها دولة يهودية عاصمتها القدس.

جس نبض مزدوج

هذه الطموحات الإسرائيلية عجزت تل أبيب عن تحقيقها مع إدارة الرئيس باراك أوباما الذي نجح في إدارة مفاوضات ناجحة مع إيران عبر مجموعة "دول 5+1" (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، لكنه رفض أيضاً التعامل مع إيران كمصدر للتهديد خاصة بالنسبة للدول العربية الخليجية، ودعا هذه الدول إلى علاقات سلام مع إيران، كما أدان سياسة الاستيطان الإسرائيلية ولم ينفذ القرار السابق الصادر عن الكونجرس بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لذلك فإن رحيل إدارة أوباما ومجيء إدارة أمريكية جديدة أكدت ولاءها المسبق للمشروع الإسرائيلي بات يغري الحكومة الإسرائيلية لفرض "أجندة عمل مشتركة" للإدارة الأمريكية الجديدة يكون محورها إيران.

إيران بدورها أدركت الخطر مسبقاً، لذلك أصرت على رفض أي دعوة لأي مراجعة للاتفاق النووي لكنها فضلاً عن ذلك تعجلت ونفذت تجربة لإطلاق "صاروخ باليستي" اعتبرته الإدارة الأمريكية كما اعتبرته إسرائيل قادراً على حمل أسلحة نووية، وأنه بذلك يعتبر عدواناً على الالتزامات الإيرانية المنصوص عليها في الاتفاق النووي.

هذه الخطوة الإيرانية جاءت بمثابة محاولة متسرعة لـ "جس نبض" الإدارة الأمريكية تماماً كما هو حال الإدارة الأمريكية مع إيران، لكن اللافت في الأمر أنه إذا كانت إيران التي أكدت، وعلى لسان وزير دفاعها حسين دهقان (1/2/2017) قيامها بإجراء اختبار صاروخي مؤخراً، قد استهدفت، إلى جانب جس نبض الرئيس ترامب وإدارته، جس نبض الحلفاء الإستراتيجيين أيضاً وعلى الأخص روسيا والصين، فإن ردود الفعل الأمريكية المتعجلة والمتشددة التي عنَّفت هذا الإجراء، قد استهدفت هي الأخرى جس نبض الروس بصفة أساسية إلى جانب جس النبض الإيراني بالطبع. هذا يعني أن كل طرف يريد أن يكون دقيقاً في حساباته، ولعل هذا ما يفسر أسباب التهدئة والتراجعات التي أخذت تفرض نفسها تدريجياً على مواقف الطرفين الإيراني والأمريكي، لكن هذه التهدئة مؤقتة وستكون الأزمة بين واشنطن وطهران المرشحة للتصعيد لتسيد أجواء تفاعلات الشرق الأوسط على حساب التسوية التي تشرف عليها روسيا للأزمة السورية، محكومة بالأدوار التي سيقوم بها طرفان أساسيان وفاعلان فيها هما روسيا و"إسرائيل".

فالاعتراض الأمريكي على التجربة الصاروخية الإيرانية لم يكن دافعه مخاوف أمريكية حقيقية من احتمال أن يكون هذا الصاروخ الإيراني معداً لحمل رؤوس نووية، أو باعتبارها خرقاً لقرارات مجلس الأمن، فواشنطن تعرف جيداً أن إيران لم تصل بعد إلى قرار إنتاج صواريخ تحمل رؤوساً نووية، كما تعرف أن إطلاق هذا الصاروخ ليست له أدنى علاقة بالاتفاق النووي الوقع مع إيران، لكن التحرك الأمريكي أتى متزامناً مع تحرك "إسرائيلي" في مجلس الأمن قام به داني دانون مندوب "إسرائيل" في الأمم المتحدة الذي طالب فور الكشف عن هذه التجربة الصاروخية الإيرانية، مجلس الأمن بالتحرك رداً على هذه التجربة، وقال في بيان خطي: "لقد تجاهلت إيران من جديد قرارات مجلس الأمن وكشفت عن نياتها الحقيقية، ويجب على المجتمع الدولي ألا يخفي رأسه في الرمال، خلال مواجهة هذا العدوان الإيراني". وبناء على ذلك دعت واشنطن إلى جلسة لمجلس الأمن بهذا الخصوص. كما أن هذا التحرك الأمريكي جاء أيضاً بالتزامن مع تأكيدات بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة "الإسرائيلية" أنه سيطرح على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "الحاجة إلى استئناف فرض العقوبات على إيران: عقوبات ضد الصواريخ البالستية، وعقوبات إضافية ضد الإرهاب، ومعالجة الاتفاق النووي الفاشل"، من هنا كان الحرص "الإسرائيلي" على إطلاق حملة تمهيدية للقاء نتنياهو – ترامب حول القدرات الصاروخية لإيران، كان رائدها نتنياهو نفسه الذي وصف التجربة الصاروخية بـ "العدوان الذي ينبغي أن لا يبقى دون رد" وتبعه في ذلك عدد من المعلقين والخبراء.

كان إسقاط أو إفشال الاتفاق النووي مع إيران هو الهدف ومازال، وكانت صواريخ إيران البالستية هي الهدف الثاني بعد أن تجاوزها إطار الاتفاق النووي، وجاءت التجربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة لتعطي لنتنياهو فرصة الدخول في شراكة إستراتيجية "إسرائيلية"- أمريكية جديدة عنوانها إيران، ولعل هذا ما استهدفه نتنياهو عندما جدد في لندن (6/2/2017) تأكيده لتوافق مع الإدارة الأمريكية الجديدة داعياً "الدول التي تتحلى بالمسؤولية" إلى إتباع مثال الولايات المتحدة عبر المطالبة بعقوبات جديدة على إيران، وقال خلال لقائه مع نظيرته البريطانية تيريزا ماي أن "إيران تسعى للقضاء على "إسرائيل"، إنها تهدد العالم، وتمارس استفزازاً بعد آخر، لذلك أشيد بإصرار الرئيس ترامب على المطالبة بعقوبات جديدة ضد إيران، ويجب أن تتبع مثاله دول أخرى، وخصوصاً تلك التي تتحلى بالمسؤولية". كان نتنياهو شديد الحرص على إطلاق كل ترسانته من التحريض ضد إيران، لذلك أعاد اتهام إيران بأنها "تسعى إلى القضاء على "إسرائيل" وتقول هذا علناً، وهي تسعى إلى غزو الشرق الأوسط، وتهدد أوروبا والغرب والعالم".

الموقف "الإسرائيلي" واضح: إيران هي الهدف، سواء على تجديد الهجوم على الاتفاق النووي لإفشاله، أو بالتحريض ضد القدرات الصاروخية الإيرانية، لكن يبقى السؤال المهم هو: ما هي حدود الاستجابة الأمريكية؟ وإذا كانت هناك نوايا أمريكية أو استعدادات أمريكية للاستجابة فما هي حدود القدرات الأمريكية على تحقيق ذلك؟

هذا السؤال يقودنا مباشرة إلى الموقف الروسي. فالواضح حتى الآن أن الرئيس ترامب حريص على العلاقة مع روسيا في ملفات كثيرة من أبرزها ملف الحرب على الإرهاب وخاصة في سوريا، ويتلكأ في مجاراة الاتحاد الأوروبي في التصعيد ضد روسيا حرصاً على هذه الشراكة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لذلك من الضروري أن نسأل: هل يمكن أن يضحي ترامب بهذه الشراكة الاستراتيجية المهمة مع روسيا وينساق للضغوط "الإسرائيلية" لاستهداف إيران؟

إجابة مثل هذا السؤال تدفع إلى البحث عن الموقف الروسي، وهل يمكن لروسيا أن تضحي بالحليف الإيراني لكسب الشريك الأمريكي أم لا؟ أم أن لروسيا منظور آخر هو نزع فتيل المواجهة بين واشنطن وطهران والحفاظ على العلاقة مع واشنطن دون خسارة إيران.

حتى الآن موسكو تدافع عن إيران، وترفض الاتهامات "الإسرائيلية" والأمريكية، وأعلنت أنها تختلف مع دونالد ترامب بشأن البرنامج الصاروخي الإيراني، وأكدت رفضها اتهام إيران بأنها "راعية للإرهاب" حسب ما ورد على لسان المتحدث باسم الرئيس الروسي، وهذا ما حرص على تأكيده أيضاً وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عندما قال أن "روسيا لم تلاحظ قط وجود أي علاقات بين إيران وداعش أو جبهة النصرة أو أي تنظيم مدرج على قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية". كما رفض سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي أن بلاده "لا ترى أنه يوجد أي عقبات تذكر (حتى بعد تجربة الصاروخ) أمام تنفيذ الاتفاق النووي" مشدداً على أن إطلاق إيران لصواريخ باستخدام تكنولوجيا متقدمة لا يشكل خرقاً لخطة العمل المشترك والقرار الدولي رقم 2231"، ورأي أيضاً أن "إعادة فتح هذا الملف فيه مخاطرة كبيرة جداً".

خياران إسرائيليان

نجحت إيران، دون قصد، في أن تفرض نفسها رقماً صعباً على أجندة جدول أعمال أول لقاء جمع بن رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب. لم تكن إيران في حاجة إلى إطلاق الصاروخ  الباليستي الذي أطلقته قبل أقل من أسبوعين من لقاء نتنياهو مع ترامب (15/2/2017) كي تشعل نيران غضب الرئيس الأمريكي ضدها، فالرئيس الأمريكي، ومنذ بدايات حملته الانتخابية، اختار الاتفاق النووي الذي وقعته واشنطن و"مجموعة دول 5+1" مع إيران عنواناً رئيسياً لتلك الحملة، وليحدد موقعه السياسي في العلاقة مع "إسرائيل"، لكن إطلاق هذا الصاروخ كان فرصة نتنياهو لتصعيد المواجهة مع إيران عبر الرئيس الأمريكي، وتصوير إيران على أنها ليست فقط "أبرز دولة داعمة للإرهاب" حسب توصيفات ترامب، ولكنها أخطر دولة تهدد السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط كله، وأنها تعلن أن القضاء على "إسرائيل" أهم أهدافها.

أكد نتنياهو على ذلك في لقائه الأسبوع الماضي مع رئيسة الحكومة البريطانية في لندن، وحاول أن يستخدم "فزاعة إيران" للتهرب من أي استحقاق يخص الحقوق الفلسطينية، وبالذات "حل الدولتين" وهذا ما رفضته رئيسة الحكومة البريطانية. وهذا ما عمل نتنياهو وطاقم حكومته المصغرة على تجاوزه في اللقاء مع الرئيس ترامب.

فقبيل المغادرة إلى واشنطن (13/2/2017) أعلن نتنياهو عزمه على "قيادة التحالف التاريخي بين البلدين لصالح المصلحة "الإسرائيلية" الوطنية"، مؤكداً على أن هناك تشاركاً في الرؤية بينه وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التهديدات الكبيرة في المنطقة، ولكن أيضاً بشأن الفرص التي تكمن فيها. كما أكد نتنياهو على أن "التهديد الإيراني سيكون على رأس برنامج لقائه مع ترامب"، مشدداً على أنه "حتى لو كان ذلك على حساب البناء في المستوطنات".

بعض وزراء نتنياهو خاصة نفتالي بينيت وزير التعليم زعيم حزب "البيت اليهودي" اعتقدوا أن نتنياهو مستعد مسبقاً لمقايضة ملف إيران بملف المستوطنات، الأمر الذي أثار غضبهم، لكن دافع نتنياهو لذلك إدراكه لأمرين؛ أولهما، أنه إذا نجح في ما سبق أن فشل فيه مع الرئيس السابق باراك أوباما بإعطاء كل الأولوية لملف الصراع ضد إيران على حساب الملف الفلسطيني، فإن كل تفاصيل هذا الملف سوف تتساقط، وسوف تغيب فلسطين كأولوية من إدراك الأطراف المعنية، وعندها ستكون "لإسرائيل" فرصة أن تفعل كل ما يحلو لها من توسع استيطاني وتهويد وتصفية نهائية لخيار حل الدولتين، وثانيهما، ضرورة إدراك وجود قيود على الرئيس دونالد ترامب قد تعوق قدرته أو ميله الطبيعي للاندفاع في المسار الذي تريده "إسرائيل" الأمر الذي يفرض على القيادة "الإسرائيلية" أن تدخل إلى عالم ترامب دون صخب ودون ضغوط، واقتياده إلى حيث ما تريد دون أن تشعره بأنه ورقة تتلاعب بها "إسرائيل"، لذلك لفت نتنياهو انتباه وزرائه إلى أنه "من الأفضل أن نتعامل معه (ترامب) بحذر لا أن نواجهه".

هذا التحفظ كان مثار مناقشات "إسرائيلية" ساخنة وبالذات بالنسبة لكيفية تطوير الفكرة التي تحدثت عنها صحيفة "وول ستريت جورنال" منذ ما يقرب من أسبوعين في تقرير نشرته تحت عنوان "إدارة ترامب تسعى إلى دق أسفين بين روسيا وإيران" أوردت فيه نقلاً عن مصادر في إدارة ترامب ومسؤولين أوروبيين وعرب، أن واشنطن تسعى إلى استكشاف سبل من أجل تفكيك التحالف الدبلوماسي والعسكري بين روسيا وإيران في محاولة لإنهاء الصراع السوري من ناحية، وتعزيز القتال ضد تنظيم "داعش" من ناحية أخرى. كما أوضحت الصحيفة في تقريرها أن "هذه السياسة ترمي إلى التوفيق بين تعهدات ترامب بتحسين العلاقات مع الرئيس الروسي من ناحية، وتحدي النفوذ العسكري لإيران أحد أهم حلفاء موسكو في الشرق الأوسط من ناحية أخرى".

فكرة تفكيك التحالف الروسي مع إيران ليست جديدة، ربما تكون تكراراً لفكرة مشابهة طرحت ابتداءً من عام 2005 كانت ترمي إلى تفكيك التحالف السوري مع إيران، عبر أطراف عربية فشلت في أداء المهمة، ثم عبر الوسيط التركي الذي كاد أن ينجح خصوصاً بعد أن حصل على وعد أمريكي بتقديم "إغراء ثمين" للرئيس بشار الأسد هو الحصول على هضبة الجولان كاملة مقابل تفكيك التحالف مع إيران. هذه المحاولة التي كان بطلها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كادت أن تنجح لولا أن جناحاً "إسرائيلياً" رافضاً بقيادة "إيهود أولمرت" رئيس الحكومة حينذاك انقلب على الاتفاق وأسقطه عندما شن عدوانه العنيف على قطاع غزة (ديسمبر 2008- يناير 2009)، الأمر الذي أدى إلى تردي علاقات تركيا بـ "إسرائيل" وصدام إردوغان مع شمعون بيريز الرئيس "الإسرائيلي" الأسبق في مؤتمر دايفوس الاقتصادي العالمي.

هذه الخبرة يريد "الإسرائيليون" استدعاءها الآن لكن لا أحد يتحدث عن المقابل الذي يمكن أن تحصل عليه روسيا أولاً كي تقبل بتفكيك تحالفها مع إيران، وما هو الثمن الذي سيحصل على الرئيس الأسد هو الآخر مقابل السماح بخروج إيران من سوريا، ومن سيدفع هذه الأثمان هل هي الولايات المتحدة وبالتحديد الرئيس دونالد ترامب الذي يتعامل في السياسة كما يتعامل في المقاولات أم "إسرائيل" مستعدة لدفع هذه الأثمان كاملة أو بالتضامن مع واشنطن.

أجاب عاموس هرئيل المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" على هذه الأسئلة بتحفظ قائلاً أن سعي ترامب لدق أسفين في التحالف المتنامي بين إيران وروسيا وإقناع الأخيرة للعمل جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة للحد من نفوذ طهران "لن يكون بالأمر السهل" مشيراً إلى أن فرص نجاح هذه السياسة "ضعيفة جداً" نظراً لعمق التعاون، إن لم يكن التحالف العسكري والدبلوماسي بين موسكو وطهران خاصة في سوريا التي هي محور اهتمامات البلدين، رغم وجود خلافات بينها حول إدارة ملف حل الأزمة السورية وفي القلب منها موقع الرئيس الأسد، وحدود النفوذ الإيراني في سوريا، لكن الأهم هو إشارة هرئيل إلى أن الرئيس ترامب نفى في تصريح لصحيفة "إسرائيل اليوم" القريبة من نتنياهو أنه يريد عزل إيران عن روسيا ورفض التعليق إلى إمكانية العودة إلى نظام العقوبات الدولية ضد طهران.

هذا التعقيد دفع عاموس يدلين رئيس معهد أبحاث الأمن القومي "الإسرائيلي" إلى تذكير نتنياهو بضرورة العمل بالتوصيات التي قدمها المعهد عند لقائه مع ترامب وبالذات التوصية الداعية إلى دفع الرئيس الأمريكي إلى توقيع اتفاقيات مع الحلفاء الإقليميين من شأنها أن تمهد لعقد مؤتمر إقليمي بمشاركة الولايات المتحدة والدول الخليجية و"إسرائيل" تحت هدف مشترك هو "إقامة جبهة إقليمية لمواجهة التهديدات الإيرانية والتقدم في عملية السلام". مثل هذه الجبهة خيار آخر بديل، من وجهة نظر عاموس يدلين، طالما أن خيار تفكيك التحالف الإيراني- الروسي يبدو عصياً عن التحقيق.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟