المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

السيد يسين.. للعودة لا للرثاء

الثلاثاء 28/فبراير/2017 - 01:12 م
الأستاذ السيد يسين أحد عمالقة علم الاجتماع السياسى فى مصر والوطن العربى، يرقد الآن فى المستشفى. علّامة تتلمذ على يديه جيل كامل ممن هم الآن رواد الفكر والقلم المعاصرون.
فى عام 1933 ولد السيد يسين وتخرج فى كلية الحقوق جامعة الإسكندرية. ظل السيد يسين طوال العقود الماضية ولا زال ينهل من كتابات الرواد العرب المحدثين والمجددين من مختلف المشارب الإسلامية والليبرالية والماركسية أمثال محمد عبده ولطفى السيد وسلامة موسى. وسط ذلك كله لم ينقطع السيد يسين عن قراءاته بالإنجليزية والفرنسية لدى العديد من المنتمين للثقافة الغربية من الليبراليين والماركسيين، بل ومن المنتمين للثقافات الآسيوية المختلفة.

أينما تجد السيد يسين تجد الكتاب فى جعبته، حتى وقت قريب وقبل أن يتوكأ على عصاه، كنت تجده يحمل حقيبة سفر صغيرة يرفعها على كتفه بواسطة حزام، الحقيبة معبأة بأمهات الكتب من لغات مختلفة، تحوى آخر ما كتب فى الاجتماع السياسى من الباحثين والمفكرين الغربيين والعرب، يخرج محتويات الحقيبة لتلامذته وضيوفه يشرح ما بالكتب من جديد، يناقش ويتحاور مع مضيفيه. إذا زرت السيد يسين فى المستشفى اليوم وسألته ما يحزنك- وإذا ما تمكن من الإجابة- لوجدته يشكو حاله فقط لتغيبه عن القراءة والمعرفة لأكثر من أسبوعين.

رغم خروجه لسن التقاعد لم يغب السيد يسين عن مكتبه بمركز الأهرام للدراسات السياسية الذى ترأسه منذ عام 1975 حتى بلوغه هذه السن، حتى إن الكثيرين يعرفونه بالأب الروحى لهذا المركز الذى نال مكانة وصيتًا منقطع النظير بين مراكز البحث والفكر فى العالم والوطن العربى على السواء.

وللسيد يسين عشرات المؤلفات باللغتين العربية والإنجليزية، هى حصيلة معارفه ومداركه منذ نعومة أظافره. ورغم تركيز جل أفكاره حتى عقدين ونيف على مفهوم العدالة الاجتماعية، وزيف وتوحش الرأسمالية، ونقد تيارات الإسلام السياسى التى تحمل حقيبة العنف، ومواجهة الأفكار الصهيوينة، إلا أنه خلال السنوات القليلة الماضية، وتحديدًا منذ انهيار عصر الحرب الباردة، أضاف لكل ما سبق خواطر فكرية ونظريات سياسية حول حقيقة الفراغ الكونى الهائل الذى خلفه انهيار الاتحاد السوفيتى، وفتح الباب أمام عشرات الأسئلة التى تتعلق بشكل السياسة فى القرن الحادى والعشرين بعد سقوط الشمولية، وهبوب تيارات الديمقراطية فى كل أرجاء العالم، وأثر ذلك كله على العالم العربى وحالة التخلف التنموى التى يرزح تحتها.

وسط كل ذلك أضاف السيد يسين لمحبيه وقُرائه ثلة من التجليات عن آثار الثورة العلمية والتكنولوجية، وبزوغ الثورة الاتصالية العظمى بما أحدثته من آثار وتحديات بالغة العمق، أسماها السيد يسين، زمن «الاضطراب العالمى» global Turbulence. وهو اضطراب ناجم عن حال الفوضى الصاخبة فى الميادين السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية، وأن حال العالم العربى الراهن كما يقول خير شاهد على ذلك الذى يمكن اختصاره بـ«الإرهاب المعولم» الذى أصاب فى مقتل تماسك المجتمعات، والقيم السائدة فيها، ناهيك عن مختلف ضروب السلوك السياسى والاجتماعى، سواء لدى النخبة أو الجماهير، وهو أمر مرجعه تغول الإمبراطورية الأمريكية الحادث منذ سبتمبر 2011 ثم الغزو الأمريكى للعراق وقبلهما غزو أفغانستان وتأسيس القاعدة.

إن الإنسان يقف أمام حال السيد يسين اليوم عاجزًا عن رد الجميل لهذا الرجل العملاق، فالمرء لا يملك إلا الوقوف وهو يرفع يد الضراع للمولى عز وجل أن يتم شفاه حتى يعود لأبنائه وتلامذته ومحبيه فى مصر والعالم العربى.
*نقلا عن المصري اليوم

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟