المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
هاني نسيرة
هاني نسيرة

شهداء الأحد وفريضة المراجعة والإصلاح

الأربعاء 12/أبريل/2017 - 12:52 ص

سألتني صحيفة إنجليزية بعد الأحداث الأخيرة، هل تتوقع أن تؤثر أحداث الإرهاب في الأحد الأسود تصعيداً للاحتقان الطائفي أو في صورة وهيبة الدولة؟

أجبتها في كلمات بالعكس هذه الأحداث تزيد نسيجنا الوطني توحداً، ويتحفز المصريون جميعاً وهم يبكون شهداءهم لمواجهة العدو المشترك، كما أنه يزيد التفاف المصريين حول الدولة.

نعم أرى ذلك، ولكن أهم من ذلك هو ضرورة المراجعة وإعادة التفكير الاستراتيجي في مواجهة هذا الخطر المستفحل، كما سنوضح.

نعم، تتسمر الدموع بين الجفون تستحيي أن تسيل، وكم من الصدمة والحزن أصابنا في أحد الشعانين، أصبحنا فيه نتبادل التهاني مع إخوتنا المصريين الأقباط، مسيحيين ومسلمين، وأمسينا فيه نتقبل ونتبادل العزاء.  

بينما كانت التهاني تحمل بسماتها الخائفة من الطارئ المتوقع إذا بالأخير يفجأنا ويفجعنا بضرباته المتزامنة والمربكة، يسقط إخوتنا بالعشرات فجأة في كنيسة طنطا هنا... وفي الإسكندرية سقطوا هناك، ولولا بطولة الرائد الركايبي الذي افتدى إخوته في الكنيسة مع زميليه بجسده، لتساقط العشرات، ولدخلنا سرباً طائفياً نجانا الله منه، ونجى وطننا المكلوم.. ونجا الله أحد رموزه البابا البطريرك حفظه الله لهذا الوطن سلاماً وأمناً.

هذا الأحد الأسود يستحق وقفة ليست للغضب فقط ولكن للحسم والمراجعة، بمستوى دماء الشهداء النبيلة، حقاً لها ولهذا الوطن النازف وهذه المواطنة الجريحة الشهيدة.  

لنعترف ونصارح أنفسنا أنه بينما هنا الشهداء، هناك الفاسدون والمقصرون في كل جهة وفي كل مؤسسة ولنعترف أنه بينما يبدع الإرهاب في طرائقه وأدواته واستراتيجياته يبقى الجمود وعدم التطور والإبداع والاستباق سمة واضحة في أداءاتنا.

لسنا فقراء، وليست سياساتنا الأمنية قليلة التكاليف، حتى نجنى كل هذا الفشل، وقبل ذلك كنا نتحدث عن أن العالم كله يعاني من الإرهاب، ولكن حصر العالم الإرهاب، باستثناء بؤر التوحش في سوريا وليبيا وبعض الجيوب الباقية له في العراق، في الذئاب المنفردة التي تلجأ لعشوائية الذئاب المنفردة التي صارت تلجأ للدهس غالباً، كما كان في لندن قبل أسابيع أو استوكهولم قبل يومين، أو في نيس قبل شهور، ولكن في حالتنا صار الإرهاب ينفذ عمليات نوعية وكبيرة بين فينة وأخرى، ولم يعد ساكناً في العريش أو سيناء فقد استعاد حضوره في العواصم والحواضر ويفاجئنا بما لم نستعد جيداً له رغم أننا نتوقعه.

ليست لديّ إجابات واضحة على أسئلة إشكالية من هذا المستوى، ولكن من المهم طرح التساؤلات حتى تنضج الإجابات، وتتضح ويصح المسار في مواجهة خطر أعمى واستراتيجي..

لا بد من طرح الأسئلة حتى تتحرك الدموع التي تبكي كل يوم شهداء الكنائس والوطن، وشهداء الشرطة الشرفاء التي تقطعنا وتزيدنا كآبة صورها المنشورة كل يوم بابتساماتهم النبيلة الجميلة، وأحياناً مع أبنائهم وبناتهم وهم يضحكون ... لقد أخذ أماننا دماء والد هذه الطفل ووالدة هذه الطفلة، فداء لمصر، ووجب على المصريين الوقفة مراجعة ونفاذاً في دحر قاتليهم..

لا بد من مراجعة استراتيجية كاملة تتساءل عن السبب والكيف، وتسائل الخطط والأدوات، وتطهر صفوفها من الفاسد والتشوه، وهم كُثر، أعادوا القطيعة بين الشعب والدولة، من أمين شرطة فاسد ومخبر مرتش هنا، لضابط فاسد هناك، ولمؤسسة لا زالت تعمل بأدوات القرن التاسع عشر في القرن الحادي والعشرين، بينما يسقط شرفاؤها كل يوم شهداء نبكيهم ونشعر باليتم مع أبنائهم..

لا بد من طرح الأسئلة من جديد يشمل كل الجوانب: هل ترهل المشروع وفقد جاذبيته، هل فقدنا الإجماع الوطني، هل نحتاج لتفعيل الحس الأمني والتمكين لمفهوم الأمن الاجتماعي الذي يشارك الناس فيه كما هو في كردستان المتاخمة لداعش والتي لا تخلو من جماعات متحالفة مع الأخيرة، هل نحتاج تدريباً بمستوى بعض الأجهزة الأمنية في بعض دول الأشقاء التي نجحت، رغم كثرة المتطرفين وفعاليتهم فيها، في الكثير من الضربات الوقائية والاستباقية للإرها،  وأذكر هنا بالخصوص التجربتين السعودية والإماراتية الرائدتين في الآونة الأخيرة. 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟