المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

صورة مصر في تقارير الإرهاب الدولية

الأحد 21/يناير/2018 - 12:08 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
د. إيمان رجب*

تكتسب الحرب على الإرهاب التي تخوضها مصر منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة في 14 أغسطس 2013 أهمية كبيرة بسبب كونها تكشف عن مدى قدرة مؤسسات الدولة على التعامل مع تهديد يعد هو التهديد الرئيسي للأمن القومي المصري خلال المرحلة الحالية، وقدرتها على تطوير سياساتها والتقدم في أحيان معينة بخطوة تسبق العناصر الإرهابية.

كما ترجع أهمية هذه الحرب إلى أنها تؤثر على صورة مصر في المجتمع الدولي، ليس من حيث ترتيبها الاقتصادي فقط، والذي تأثر بصورة كبيرة بسبب موجة الإرهاب التي انطلقت منذ فض الاعتصامين، ولكن أيضا من حيث صورتها السياسي  في المجتمع الدولي والتي ترتبط عادة بكيفية تعاملها مع قضية الموازنة بين مكافحة الإرهاب وحماية حقوق الانسان من جهة، وبقدرتها على خلق تحالفات إقليمية ودولية تدعم حربها الداخلية ضد العناصر الإرهابية من جهة أخرى.

ورغم ما يبذل من جهود على المستوى الداخلي في مكافحة الإرهاب من قبل قوات إنفاذ القانون في شمال سيناء وفي غيرها من المحافظات، ورغم حجم التأييد الشعبي لهذه الحرب والذي عبر عن نفسه في مليونية يوليو 2013(1) ثم في الحملات الشعبية المؤيدة لهذه الجهود، خاصة في كل فترة تالية على وقوع عمل إرهابي يسقط عددًا من شهداء الواجب (2)، إلا أن الدوائر السياسية والأكاديمية الغربية تتعامل مع الحرب على الإرهاب في مصر باستخدام مجموعة من المنطلقات الفكرية التي تقلل من ناحية من أهمية هذه الحرب، ومن ناحية أخرى تشكك فيما إذا كان ما تواجهه الدولة هو إرهاب فعلا، وهو ما يشكك في شرعية ما تنفذه قوات انفاذ القانون من سياسات للمكافحة . وتعد التقارير الدولية المعنية بالإرهاب أحد الوسائط التي يتم التعبير من خلالها عن تلك التوجهات أو المنطلقات.

وتهتم هذه الدراسة بصورة رئيسية برؤية الخارج للإرهاب الذي تكافحه مصر خلال الفترة الحالية كما تعبر عنه تقارير الإرهاب الدولية، وتجادل بأن هناك فجوة بين ما يرد في هذه التقارير بخصوص طبيعة الإرهاب الذي تواجهه مصر وبين ما يرد في البيانات الرسمية الصادرة عن قوات انفاذ القانون وهي تحديدًا وزارة الداخلية والقوات المسلحة. وتسعى هذه الدراسة لتحديد أبعاد هذه الفجوة، ومناقشتها استنادًا لما هو مستقر في الأدبيات المعنية بالإرهاب ومكافحته، وكذلك تقديم بعض المقترحات لتحسين هذا البعد من صورة مصر في الخارج.

وفي هذا الإطار، تحلل هذه الدراسة ثلاثة تقارير دولية معنية بالإرهاب، وهي  تقرير مؤشر الإرهاب العالمي الذي يصدر عن معهد الاقتصاد والسلام، والتقرير السنوي لمكافحة الإرهاب الذي يصدر عن وزارة الخارجية الأمريكية، وتقرير حالة الأمن في مصر الذي يصدر عن معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، حيث تحلل هذه الدراسة ما ورد في هذه التقارير بخصوص مصر في النسخ الخاصة بالعامين 2016 و 2017.

-الصور "النمطية" عن مصر في تقارير الإرهاب الدولية:

يكشف تحليل التقارير التي تهتم بها هذه الدراسة عن أن هناك بعض الصور النمطية stereotypes السائدة عن موضوع الإرهاب في مصر، والتي تشكلت إما نتيجة وجود أحكام مسبقة نتيجة توجهات محددة في الجهات القائمة على هذه التقارير حول التطور السياسي والأمني في مصر في الفترة التالية على ثورة 2013، أو نتيجة لنقص المعلومات المتوافرة لديها حول تلك التطورات، وبالتالي فإنها تعتمد على معلومات لا تعكس الصورة الكاملة لكل ما يجري. ويمكن تحليل صورتان نمطيتان رئيسيتان في هذا السياق.

أ-"مسلحون" أو "متمردون" ولكن ليسوا إرهابيين:

شهدت خريطة العناصر الإرهابية النشطة في مصر تحولًا طوال السنوات الماضية، فهناك جماعات نشأت بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة في 14  أغسطس 2013 ولكنها اختفت من المشهد مثل جماعة أجناد مصر، وهناك جماعات ظهرت خلال العام 2016 ولاتزال موجودة على الساحة مثل حركة سواعد مصر التي تعرف اختصارا باسم حسم وحركة لواء الثورة.(3)

وهذا التحول في خريطة العناصر الإرهابية ترصده التقارير التي تهتم بها هذه الدراسة من مداخل مختلفة. حيث يميز تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي الخاص بالإرهاب للعام 2016 بين نوعين من الجماعات الإرهابية، يعبر عن النوع الاول الجماعات الارهابية النشطة في شمال سيناء  ويذكر التقرير على سبيل التحديد تنظيم ولاية سيناء وجماعة "داعش-مصر" التي أعلنت مسئوليتها عن تفجير الكنائس في طنطا والإسكندرية وقبل ذلك مسئوليتها عن تفجير القنصلية الايطالية في مصر،  ويتمثل النوع  الثاني فيما أسماه التقرير "الجماعات التي تمارس عنف ضد النظام السياسي" مثل لواء الثورة التي تعرف اختصارًا باسم حسم.(4) وتجدر الإشارة إلى أن التمييز بين هذين النوعين لم يرد في تقرير الوزارة الخاص بالعام 2015.(5)

بينما يذهب تقرير معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط في تقريره الدوري عن الأوضاع الأمنية في مصر، لوصف هذه العناصر على أنها عناصر مسلحة militants وليس عناصر إرهابية، وذلك رغم أن التقرير يتحدث عن الإرهاب وسياسات مكافحة الإرهاب في مصر(6).

وهذا النوع من التمييز مرتبط باتجاه موجود في المؤسسات البحثية الغربية ووسائل الإعلام الغربية يذهب لوصف ما نعتبره محليًا عناصر إرهابية بأنه عناصر مسلحة أو متمردة insurgency، فعلى سبيل المثال تم وصف العناصر الإرهابية المنخرطة في عملية الواحات التي وقعت في الكيلو 135 على أنها عناصر مسلحة militants.(7)

ومثل هذا الوصف له تداعيات متعددة، منها على سبيل المثال أن عدم التعامل مع هذه العناصر على أنها عناصر إرهابية يجعل كل سياسات المكافحة التي تنفذها قوات إنفاذ القانون لا تقع في إطار قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 2015، أو قانون الكيانات الإرهابية الصادر في العام نفسه، وينزع أي شرعية يوفرها هذان القانونان لما يتخذ من إجراءات.

إلى جانب ذلك فإن وصف العناصر الإرهابية بالعناصر المسلحة يعني كما تشير لذلك الأدبيات المعنية، أن هذه العناصر ليست إرهابية من حيث النشأة، ولكنها تستخدم استراتيجية الارهاب كأحد الادوات في صراعها مع الطرف الآخر الذي عادة ما يكون أقوى منها من الناحية العسكرية.

وتذهب هذه الدراسة إلى أن استخدام وصف الجماعة المسلحة في التعامل مع الكيانات الإرهابية النشطة حاليًا في مصر غير دقيق بالنظر إلى اتفاقية لاهاي للحرب البرية 1907، والتي وضعت تعريف  محدد للعناصر المسلحة، حيث تنص المادة الثانية من ملحق الاتفاقية على أن أي جماعة مسلحة تعد كذلك في حال أن يتوافر لها "قائد يوجه اتباعه، ويوجد شعار مميز لها، وتحمل الجماعة السلاح بصورة معلنة، وتنفذ عمليات عسكرية بما يتفق والقواعد المنظمة للحروب". (8)

وتشير مواد الاتفاقية إلى أن نشأة هذه الجماعات ابتداءً يكون في ظل وجود احتلال أجنبي لإقليم الدولة أو لجزء من إقليمها، وفي حالة مصر فإن حالة الاحتلال غير متحققة، حيث إن قوات انفاذ القانون المعنية بمكافحة الإرهاب هي من مؤسسات الدولة المصرية، وبالتالي لا يوجد سياق منشئ لأي جماعة مسلحة.

وفي حالة الجماعة المتمردة، فإن الأدبيات تشير إلى أنها جماعة من السكان المحليين يمتلكون سيطرة على جزء من إقليم الدولة ويمتلكون قدرة عسكرية للدخول في حرب شوارع مع الطرف الآخر الذي هو الحكومة، ويكون الدافع الرئيسي لذلك هو عدم إيمانهم بشرعية الحكومة وسعيهم لإسقاطها،(9) وبالتالي يمتلكون هدف يتعدى فكرة نشر الرعب أو تحقيق الشهرة -كما في حالة الإرهاب- إلى تحقيق انتصار عسكري وسياسي على الحكومة والحصول على تأييد متزايد من الشعب وضم مزيد من العناصر لكتائبهم المسلحة التي تقاتل القوات الحكومية. وهذا الوضع يترك الباب مفتوحًا أمام الدخول مع الجماعة المتمردة في مفاوضات سياسية بهدف نزع سلاحها، وذلك على النحو الجاري مع تنظيم طالبان في أفغانستان، حيث تخوض الولايات المتحدة مفاوضات مع الحركة برعاية قطرية محتواها نزع سلاح الحركة مقابل اندماج الحركة في الحكومة الجديدة في أفغانستان.

وبحكم التعريف، فإن العناصر المتمردة لها قيادة عسكرية وقيادة سياسية ولا يمكن أن تتخل عنها، وذلك على عكس الكيانات الإرهابية التي شهدت تطورات، حيث أصبح هناك الجماعات الإرهابية التقليدية التي لها هيكل قيادي واضح، والإرهاب بلا قيادة والذي يفتقر لوجود تلك الهياكل الواضحة وقد يأخذ شكل الذئاب المنفردة أو الخلايا الصغيرة. (10)

وبالنظر إلى حالة الكيانات الارهابية النشطة حاليا في شمال سيناء وغيرها من المحافظات، فإن البيانات الرسمية لوزارة الداخلية وللقوات المسلحة باعتبارها المصادر الرسمية للمعلومات فيما يتعلق بالإرهاب استنادا للقوانين المحلية الخاصة بالإرهاب، تتعامل معها على أنها عناصر إرهابية، كما أن التعريف الدقيق للعناصر المتمردة لا ينطبق عليها، حيث إن الشروط اللازم توافرها للتعامل معها كجماعات متمردة غير متحقق، خاصة فيما يتعلق بسيطرتها على جزء من اقليم الدولة وفيما يتعلق بمسألة القيادة، وذلك رغم محاولتها رفع شعارات سياسية من أجل تبرير لجوئها للإرهاب والعنف، كما في حالة العقاب الثوري الذي يتبنى شعار "قد حان الوقت لتنتهج الثورة مسارها الصحيح للتخلص من النظم الديكتاتورية والقمعية التي تعمل على وأد الثورة فلا سبيل إﻻ بامتلاك القوة المسلحة"(11)، وبالتالي فإن استخدام مفهوم التمرد من قبل الدوائر السياسية والأكاديمية الغربية في التعامل مع ما يجري في مصر، يترتب عليه من الناحية العملية الحديث عن نتائج لا ترتبط بالمقدمات.

إلى جانب ذلك، يتبنى المؤشر الدولي للإرهاب تعريفا للإرهاب على أنه "قيام فاعل من غير الدولة بالتهديد باستخدام أو الاستخدام الفعلي للقوة غير الشرعية من أجل تحقيق غاية سياسية أو اجتماعية او اقتصادية"،(12) ويتعامل هذا التقرير مع العمليات الارهابية في مصر على أنها تقع  في ظل وجود "صراع مسلح armed conflict" بين القوات المسلحة والجماعات الارهابية في شمال سيناء. (13)

ويعد مفهوم الصراع المسلح مفهوم واسع يشمل أشكال وصور متعددة من استخدام القوة بين أطرافه،  وينظمه القانون الدولي الانساني الذي يضم مجموعة من الاتفاقيات من بينها اتفاقيات جنيف الاربع 1949 والبروتوكولان الإضافيان 1977، وعند البحث في المواد الخاصة بهذه الاتفاقيات نجد أنها تحظر  أي ممارسات إرهابية اثناء الصراع المسلح، كما أنها لا تتعامل مع الإرهاب أو عمليات مكافحة الإرهاب على أنها شكل من أشكال الصراع المسلح ، خاصة وأن وجود صراع مسلح في داخل اي دولة يتطلب وجود جماعة متمردة او مسلحة تنطبق عليها الشروط السابق ذكرها. (14)

ويمكن القول أن محاولة توصيف الارهاب الذي تعاني منه الدولة حاليا على أنه مرتبط بالصراع المسلح، يضفي شرعية ما على الجماعات التي تمارس الارهاب من ناحية، ويضع مسئوليات على المؤسسات التي تكافح الإرهاب لا تتناسب وطبيعة التهديد الذي يتعرض له الأمن القومي للدولة، وفي كل الأحوال فإن هذا الوصف يظل غير دقيق في تعامله مع الأوضاع في مصر.

ب-الطابع الأمني لسياسات المكافحة:

يمكن تصنيف التقارير الدولية المعنية بالإرهاب من حيث مستوى اهتمامها برصد سياسات مكافحة الارهاب الى نوعين من التقارير، النوع الأول يركز على حجم الإرهاب الذي تتعرض له الدولة،  دون أن يهتم بذكر جهود مكافحة الارهاب باعتبارها خارج نطاق التقرير، ومن ذلك على سبيل المثال مؤشر الارهاب الدولي الذي يهتم بوصف حالة الإرهاب، وتأتي مصر وفق هذا التقرير في نسخته الخاصة بالعام 2016 في الترتيب رقم 9 على مستوى العالم من حيث مستوى تأثير الإرهاب عليها، وهي بذلك تعد ضمن الدول العشر الأكثر تأثرا بالإرهاب على مستوى العالم خلال العام 2016.(15)

كما تعد مصر وفق هذا التقرير ضمن الدول العشر التي وقع فيها أكبر عدد من القتلى بسبب الإرهاب خلال نفس العام، حيث أتت في الترتيب رقم 7 بعدد قتلى  يقدر باثنين لكل حادث إرهابي ، وهو معدل يتخطى المتوسط العالمي الذي يقدره التقرير بـ 1.8 ضحية . وإجمالي عدد العمليات التي حصرها التقرير خلال هذا العام بلغ 493 عملية بإجمالي عدد ضحايا بلغ 662 قتيل و 835 مصاب.(16)

بينما يهتم النوع الثاني بسياسات المكافحة، ويلاحظ أنه في حالة مصر تركز هذه التقارير على البعد الأمني بصورة رئيسية ، فعلى سبيل المثال يشير التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية إلى إدعاء بعض المنظمات الحقوقية "استخدام القوات المسلحة للقوة بصورة عشوائية في أثناء تنفيذ العمليات العسكرية التي تستهدف أنشطة إرهابية واسعة النطاق في شمال سيناء، وهو ما ينتج عنه قتل مدنيين وهدم الملكيات الخاصة"، ورغم ذكر التقرير أن هذه "ادعاءات" لم تثبت صحتها، فهو يشير إلى عدم وجود تأكيد رسمي لها.(17) ورغم ذلك، فإن الأجزاء الأخرى من التقرير والتي تعنى بعرض جهود مكافحة الإرهاب اهتمت بصورة رئيسية بالجهود الخاصة بحماية الحدود ومكافحة تمويل الإرهاب، والتي تقع أيضًا ضمن فئة السياسات الأمنية.

إلى جانب ذلك، يذهب تقرير معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط  الخاص بالوضع الأمني في مصر إلى  التركيز على الإجراءات الأمنية باعتبار أنها تعبر عن إجراءات مكافحة الإرهاب التي تنفذها الدولة ويستبعد أي إجراءات أخرى بما في ذلك الإجراءات القضائية.(18) وكان قد ذهب في تقرير سابق له خاص بالربع الأخير من عام 2015 إلى أن المدخل الأمني الذي تتبناه الحكومة" يمتاز بتنفيذ عمليات اعتقال واسعة النطاق فضلا عن عمليات أمنية عشوائية في سيناء".(19)  

وفي هذا التناول تجاهل واضح للأبعاد الأخرى غير الأمنية وغير العسكرية التي سعت الحكومة طوال السنوات الثلاث الماضية لتبنيها في تعاملها مع الإرهاب في سيناء وفي المحافظات الأخرى(20)، ومن ذلك السياسات الخاصة بتوفير تعويضات لضحايا الارهاب، فضلا عن السياسات المتعلقة بتطبيق القانون على من يتم اعتقاله من العناصر الإرهابية وهو ما تؤكده القضايا التي تنظر فيها المحاكم المصرية مثل قضية "ولاية داعش الصعيد" وغيرها(21)، وذلك إلى جانب الإجراءات الخاصة بوقاية المجتمع من الإرهاب من خلال منع انتشار الأفكار الإرهابية والمتطرفة.

-الحاجة لتغيير الصور النمطية:   

تشير تقديرات متعددة إلى أن الحرب على الارهاب في مصر ستستمر لفترة مقبلة، ورغم أهمية وجود تأييد شعبي لعمليات مكافحة الارهاب التي تنفذها الدولة في شمال سيناء وفي غيرها من المحافظات، فإنه يتعين الاهتمام أيضًا بالحفاظ على صورة الدولة في الخارج  باعتبارها تكافح الإرهاب بما يتفق مع القوانين المحلية وبما يحقق لها الأمن الداخلي.

        وفي ظل تزايد أهمية تأثير المؤسسات البحثية وغيرها من الجهات القائمة على إصدار تقارير دولية تعنى بتصنيف الدول التي تواجه الإرهاب، وهو تأثير غير قاصر على البعد السياسي المتعلق بمستوى احترام الدولة في العالم وصورتها السياسية، وانما يمتد لتصنيفها اقتصاديا ودرجة جاذبتيها للاستثمارات الاجنبية، فإنه من المهم أن تتبنى الدولة سياسة تقوم على الانخراط البناء مع هذه المؤسسات بهدف تفكيك الصور النمطية السابق ذكرها، وفي هذا الإطار أقترح أولاً أن يتم بناء شراكة بين الادارة المعنية بموضوع الإرهاب في وزارة الخارجية المصرية ومراكز الابحاث الوطنية التي لديها تراكم في دراسات الإرهاب، على نحو يضمن حضور من العاملين في تلك المراكز اللقاءات التي تعقدها الادارة مع الجهات الدولية المعنية بموضوع الإرهاب.

كما أقترح ثانيًا أن تبدأ مؤسسات الدولة المعنية بالاهتمام بما ينشر عن مصر في التقارير الدولية المعنية بالإرهاب ليس بهدف الاطلاع فقط على ما ينشر، وإنما أيضا بهدف تطوير خطة عمل مضادة تهدف بصورة رئيسية لتضمين هذه التقارير معلومات تعكس ما يجري على الارض فعلا وفي إطار القوانين المحلية ودون تحيزات سياسية أو أيديولوجية.

وتقترح هذه الدراسة  في هذا السياق أن تقوم الدولة بتشجيع المؤسسات البحثية الوطنية على إصدار تقاريرها التي ترصد وتحلل تطور الارهاب خلال المرحلة الحالية، مع اهتمام مؤسسات الدولة بترجمتها للغة الانجليزية وإتاحتها على نطاق واسع.

وكذلك من المهم تشجيع الباحثين المصريين على نشر أبحاث ودراسات منضبطة أكاديميا حول سياسات مكافحة الإرهاب التي تتبناها الدولة، وتوفير ما يحتاجونه من معلومات تساعد في توفير محتوى مختلف عن السائد حاليا في المجتمع الأكاديمي. إلى جانب ذلك، من المهم تشجيع المراكز البحثية الوطنية على عقد مؤتمرات مشتركة مع المؤسسات البحثية الأجنبية التي تقوم على أو تساهم في اصدار هذه التقارير على نحو يوفر منصة لمناقشة موضوعية لما ورد فيها بخصوص مصر.

المراجع

(1) إيمان رجب، " أمننة "انتقالية": قضايا الأمن القومي المصري في خطاب مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية "، مبادرة الإصلاح العربي، أكتوبر 2017، ص ص 19-20.

(2) انظر على سبيل المثال ردود الفعل بعد حادث كرم القواديس الارهابي في أكتوبر2014: الأحزاب تدين تفجيرات سيناء وتطالب ببتر الإرهاب.. "النور": "الأيادي الغادرة لن تنال من المصريين  و"الوفد": لابد من إخلاء الشريط الحدودي، والتيار الشعبي يطالب بإجراءات وقائية، و الإخوان تدين بـ " الإنجليزي""، اليوم السابع، 24 أكتوبر 2014 :

 http://www.youm7.com/story/0000/0/0/-/1920783#.VuFCeH197IU

(3)  Eman Ragab, "Counter terrorism policies in Egypt: Effectiveness and Challenges", Euromesco Series, 30 Papers IEMed, OCtober 2016, pp.10-15.

(4) US Department of State,Bureau of Counterterrorism, Country Reports on Terrorism, Report of 2016, ,p.181.

(5) US Department of State,Bureau of Counterterrorism, Country Reports on Terrorism, Report of 2015,pp. 175-176.

(6) The Tahrir Institute for Middle East Policy, Egypt Security Watch, Quarterly Report,  January – March 2017, p. 22

(7) "Militants Kill Egyptian Security in Devastating Ambush", NewYork Times, October 21,2017

(8) Laws And Customs Of War On Land, Annex 1, article 1, available on the library of the Congress webportal: https://www.loc.gov/law/help/us-treaties/bevans/m-ust000001-0631.pdf

(9) Scott Stewart,"The Difference Between Terrorism and Insurgency", Stratfor, June 26,2014:

https://worldview.stratfor.com/article/difference-between-terrorism-and-insurgency

 

(10) انظر:

Treston Wheat, "The Difference Between Terrorists and Insurgents", World report news, DECEMBER 26, 2011:

http://www.worldreportnews.com/us-foreign-policy-archived/the-difference-between-terrorists-and-insurgents

(11) انظر موقع المدونة الرسمية الخاصة بهذه الحركة:

https://el3qab.wordpress.com/

(12) The Institute for Economics and Peace, Global Terrorism Index, Index of 2016: Measuring And Understanding The Impact Of Terrorism, New York,  2016,p.6

(13) Ibid., p.33

(14) للمزيد من التفاصيل انظر المعلومات المتاحة على موقع اللجنة الدولي للصليب الاحمر حول قواعد القانون الدولي الانساني والارهاب:

"International humanitarian law and terrorism: questions and answers", International Committee on The Red Cross, Jan 1, 2011:

https://www.icrc.org/eng/resources/documents/faq/terrorism-faq-050504.htm

(15) The Institute for Economics and Peace , Op.Cit.,p.10

(16) Ibid.,p.17,33

(17) US Department of State,Bureau of Counterterrorism, Country Reports on Terrorism, Report of 2016, Op.Cit., pp.181-184

 

(18) The Tahrir Institute for Middle East Policy , Op.Cit.,p.27

(19) Eman Ragab, Op.Cit., p.17.

 

(20) للمزيد حول هذه السياسات انظر:

Ibid.,pp.16-26

(21) " بدء محاكمة المتهمين في قضية "ولاية داعش الصعيد"" ، موقع البوابة نيوز، 4 أكتوبر 2017:

http://www.albawabhnews.com/2741566

 

 * خبير في الأمن الإقليمي ورئيس تحرير دورية بدائل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟