المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

المناطق الاقتصادية الخالصة لدول شرق البحر المتوسط وقواعد قانون البحار

السبت 10/مارس/2018 - 01:29 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
عمر علاء

على خلفية  تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو5/2/2018 عن عدم اعتراف بلاده باتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص لعام 2013(1) ومنع تركيا لسفن تابعة لشركة إيني الايطالية من التنقيب عن الغاز قرابة السواحل القبرصية (2), وتصريح وزير الخارجية التركي في حوار مع صحيفة «كاثيميريني» اليونانية ان بلاده تنوي للبدء في أعمال تنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط في المستقبل القريب وسط استنكار دولى للموقف التركي وفي حين صرح المتحدث الرسمي بأسم الخارجية المصرية في بيان له عن رفض بلاده التصريحات التركية وان الاتفاقية سليمة وقد تمت وفق قواعد القانون الدولى وتقديم قبرص بشكوى إلى الأمم المتحدة ضد تركيا على خلفية الانتهاكات التي قامت بها(3) ويأتي تحرك الدولتين في ظل تضامن دولي وأستنكار للموقف التركي على رأسه يأتي موقف الأتحاد الأوروبي. (4)

استضافت الجمعية المصرية للقانون الدولي مساء السبت 24/2/2018، ندوة بعنوان :

"المناطق الاقتصادية الخالصة لدول شرق البحر المتوسط وقواعد قانون البحار"

بحضور الأساتذة :

1- الدكتور / مفيد شهاب - رئيس جامعة القاهرة الأسبق ووزير التعليم العالى الأسبق.

2- الدكتور / أحمد رفعت - أستاذ القانون الدولي بجامعة بني سويف .

3- الدكتور / محمد شوقي العناني - أستاذ القانون الدولي العام بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة .

تقييم الأزمة في ضوء القوانين والأعراف الدولية 

وفي كلمة للدكتور مفيد شهاب اعرب عن استنكاره الشديد للتصريحات التركية  مؤكد أن الاتفاقية جرت وفق القواعد القانونية وقد تم  إيداعها للأمانة العامة الأمم المتحدة  مشيرا أن السبب وراء إثاره هذه القضية هي مسألة سياسية وليست قانونية حيث ان الاتفاقية وقعت بين الطرفين عام 2013 ولم تثير تركيا هذه القضية إلا بعد خمسة سنوات من إبرام المعاهدة 

 كما اعتبر أن اعتراض القوات البحرية التركية لحفارات شركة ايمي الايطالية وي الشركة  متعاقدة مع قبرص في عملية التنقيب   لتمنعها من عمليات تنقيت وبل يصرح وزير الخارجية التركي عن نيه بلاده  التنقيب بنفسها عن الغاز  بمثابة تهديد بالعدوان وتدخل في شئون الدول الأخرى وهوما يخالف المادة الثانية الفقرة السابعة  من ميثاق الأمم المتحدة  وان على تركيا إذا رأت في المعاهدة مساس بحقوق تركيا في الغاز أن تلجأ وفق مباديء وسلطات في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 ولا سيما مع وجود فصل كامل في المعاهدة وهوالفصل ال15 المخصص لتسوية النزاعات

نشأة القانون البحار وجذوره التاريخية    

وتناول في حديثه خلفيات عن قانون البحار لعام 1982 وهوالأساس القانوني الذي تستند إليه الدول في الشئون المتعلقة بالحدود البحرية والاستغلال الاقتصادي لها وقد  ابرم هذا الاتفاق بعد مجهود دؤوب أستغرق 9 سنوات مفاوضات في الأمم المتحدة منذ عقد المؤتمر الثالث للأمم المتحدة لقانون البحار في نيويورك في ديسمبر كانون الأول عام 1973 ولتخرج اتفاقية من أكبر الاتفاقيات في القانون الدولي 320 مادة وتسع مرفقات (وقد شارك الدكتور مفيد شهاب في هذه المفاوضات)

حيث أشار انه  دائما ما يقال أن القوانين لا تنشأ من فراغ فهي دائما تأتى تلبية للظروف الواقعية وقد مر القانون البحري بمراحل عدة في تكوينه  حيث أنه كان يصنف على أنه فرع من فروع القانون الدولي العام ونظرا لتشعب القانون الدولى وكثرة الاتفاقيات وتنوع مجالاتها والاهتمام المتطرد بالبحار اصبح الان قانون مستقل بذاته  وتعود جذور الاهتمام بالحدود البحرية إلى ثلاث قرون مضت حيث كانت الشواطئ تعنى بها  الدول لاغراض امنية فتم تحديد الحدود البحرية وكانت 3 ميل  لحماية الدولة في حين وجد رأي أخر يستند إلى مدى المدافع الموجودة على الشاطئ لان فكرة المياه الاقليمية قائمة لغرض الأمن فأين وصل مدى المدفعية اصبحت مياه اقليمية  ثم تطور البحر الإقليمي ليصل الى 6 ميل ثم الى 12 ميل كما هومعمول به الأن وهويعد امتداد للأرض (البحر الإقليمي) والتمتع الدولة فيه  بالسيادة كاملة لأن غرضه حماية الدولة.

ثم بعد ذلك أصبحت تستغل بعض السفن قصور الحدود الاقليمية لتستفيد من ذلك في الرسوقرب الحدود الاقليمية البحرية ثم تهريب البضائع بعد ذلك وترتب على ذلك سعي الحكومة البريطانية لمكافحة هذه الظاهرة بفرض قوانين عرفت بقوانين الذئاب البحرية التى خولت للدولة سلطات على المناطق المجاورة لحدود مياها الاقليمية اوما عرفت فيما بعد المنطقة المجاورة اوالملاصقة   ثم نظرا للتطور التكنولوجي والتقني سعت الدول النامية لضمان حقوقها ولاستغلال الثروات الطبيعية الموجودة في البحار لتنص على وجود ما عرف بالمنطقة الأقتصادية الخالصة وكان لمندوب دولة كينيا دور هام في أنه أول من صك المصطلح  ثم يتم إبرام معاهدة قانون الأمم المتحدة للبحار لعام 82. ولتتبنى مفهوم المنطقة الاقتصادية الخالصة التى لا تتمتع فيها الدولة بسيادة كاملة بل فقط استغلال اقتصادي في استغلال الموارد الموجودة في باطن الأرض.

وتناول في حديثة مفارقة هامة حيث أن مصر من أوائل الدول الموقعة والمصدقة على الإتفاقية إلا أنها لم تشرع  في ترسيم الحدود البحرية  حتى2013، مشيراً إلى اننا  تلكأنا في هذه الخطوة كثيرا وهذا ما ندفع ثمنه الان  حيث أن ترسيم الحدود يترتب عليه منافع اقتصادية كثيرة من استغلال للثروات الموجودة في باطن الأرض حيث لا يحق لدولة أن تستغل ثرواتها الموجودة في البحر إلا بعد ترسيم حدودها مع الدولة المقابلة لها.

ثم تعرض للمعضلة الأهم في قانون البحار وهي كيف يتم الاقتسام وكما اسلف فالمنطقة الاقتصادية الخالصة تكون حد أقصي 200 ميل (فلودولتين متقابلتين المسافة بينهم 400 ميل يتم اقتسام المساحة بينهم كل منهم 200 ميل)، ولكن تكمن المعضلة إذا كانت المسافة بين البلدين المتقابلتين اقل من   400 ميل  ودائما ما تنشأ توترات في منطقة غير مرسم حدود لها حيث تسعى كل دولة للحصول على أكبر قدر ممكن من المساحة لتقوم باستغلالها، واختتم كلمته بطرح تساؤل حول , كيفية نقسيم المساحة الموجودة ,  فيتم ذلك وفق قواعد الاقتسام التي حددتها اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار عام 1982 وفق عمليات فنية دقيقة جدا .

وهوما استهل به الدكتور أحمد رفعت كلمته حيث قام بعرض مفاهيم رئيسية كمدخل لفهم الأزمة نظرا لتعقيدات القانون الدولي وتشعبه.

حول  التعريف بمفهوم الحد الدولي

 وأشار في مستهل حديثه أن  نزاعات فرض السيادة على الأقاليم هي السبب وراء نشوء القانون الدولى حيث تنازع الدول الاستعمارية فيما بينها حول الأراضي وتم صياغة قواعد قانونية لحل مشاكل الحدود استنادا الى  (الملكية - الحيازة - وضع اليد)وتلك مفاهيم  نقلت من القانون الداخلى الى القانون الدولى

في حين يصبح من الضرورة  بمكان تعريف الحدود الدولية  ((وهى النطاق المكاني التى تباشر فيه الدولة سلطاتها واختصاصها في مواجه الاشخاص والكيانات الموجودة عليه كعنصر أساسي لقيام الدولة واكتمال نشأتها السياسية والقانونية )) وهي تشكل  أحد أركان الدولة الثلاث الشعب , الأقليم , السلطة السياسية , فالحدود هي التي تحدد ماهية الإقليم ولكن يطرأ تساؤل هل الأقليم هوالجزء البري فقط ؟ أوهل الحدود تكون حدود برية فقط ؟ وإذا كان لا فما هي أنواع الحدود ؟

هناك نوعان من الحدود مستقلين بذاتهم (البرية والبحرية) ثم يترتب عليهم النوع الثالث (الجوية) وتكون امتداد لحدود الدولة البرية والبحرية إلى نطاق الغلاف الجوي

مراحل تمر بها الحدود سواء برية أوبحرية

مرحلة سياسية وقانونية وهي (تعيين الحدود)  الاتفاق على منطقة معينة تكون الحد الفاصل بين دولتين

مرحلة فنية وهي مرحلة (ترسيم الحدود )هي عملية ترسيم وتخطيط وضع العلامات محددة ويتم إيصالها مع بعضها لتشكل خط الحدود

وللتمييز بين المرحلتين ضرب الدكتور رفعت  مثال قضية طابا حيث كان الخلاف على وضع العلامات  وليس تعبين الحدود  فالخلاف على ترسيم الحدود لا تعيينها وقبل الغوص في أعماق هذا الموضوع يجب التمييز بين عدة مفاهيم

ثم قام بعرض لأنواع الحدود منها الحدود السياسية والقانونية التى تفرض فيه  الدولة سيادتها ووتباشر اختصاصتها و الحدود الادارية كحالة  اعطاء مصر السودان حق ادارة مثلث حلايب في فترة ما لكن لا ينفى أن حدود مصر فوق خط 22  والحدود الجمركية التى من شأنها تعيين الحد الجمركي الذي بمقتضاه تقع التشريعات والنظم الجمركية وخط وقف إطلاق نار  وخط الهدنة والتى تفصل بين القوات المشتبكة وقت الحروب ولكن لا معنى لها في مفهوم السيادة  وكل هذه الخطوط (الإدارية والجمركية وخطوط الهدنة ووقف إطلاق النار) لا تؤثر على سيادة الدولة وان الحدود السياسية والقانونية هي المعنية بذلك.

الحدود البحرية وأنواعها

ثم تطرق إلى كيفية  اكتساب الحدود البحرية , وناقش مراحل تكوين القواعد القانونية  التي بنيت عليها قانون البحار  المعمول به الأن وذكر  أبرزها  اتفاقية جنيف لقانون البحار لعام 1958 ثم اتفاقية اخرى عام 1960 ثم عقد المؤتمر الثالث لقانون البحار بنيويورك عام 1973 واستمرت المفاوضات تسع سنوات حتى تم التوقيع في 10 ديسمبر 1982 التي وقعت في مونتيغوباي (جامايكا) لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (CNUDM).

ثم تناول تقسيم المناطق البحرية لثلاث أقسام حسب سلطة الدولة على المنطقة:

·        مناطق تمارس فيها الدولة السيادة (جزء من أراضي الدولة)

·        المياه الداخلية : والتى تشمل  الموانئ والبحيرات الداخلية  والأنهار

·        البحر الإقليمي : يعتبر جزء من إقليم الدولة وتمارس عليها سيادتها فيما عدا قيدين حق مرور البرئ و معاملة  السفن الأجنبية حيث تخضع هذه السفن الى قوانين بلادها وهو12 ميل.

·        مناطق تكون للدولة الولايه (المنطقة المتاخمة والمنطقة الاقتصادية الخالصة)

المنطقة المتاخمة : تمارس عليها الدولة بعد السلطات  ولكن لا تعد جزء من إقليم الدولة ليس للدولة سيادة على المناطق المتاخمة ولكن لديها ولاية وتمارس الدولة بعض الاختصاصات المالية والجمركية والصحية (قد تكون في السفينة وباء فتستقبلها الدولة في المنطقة المتاخمة) وتمارس بعض الاختصاصات لاغراض امنية واضافت اتفاقية 82 سلطة للدولة وهى سلطة إدارة الأشياء ذات الطابع الأثري أي أن اتنشال هذه الأشياء دون موافقتها يعد خرق للاتفاق

المنطقة الاقتصادية الخالصة : تحق للدولة استغلال الثروات الطبيعية الموجودة في هذه المنطقة وبعرض200  ميل من خط الأساس.

·        مناطق لا سلطة للدولة عليها (أعالى البحار)

أعالى البحار بعد ال200 ميل يعد تراث مشترك للانسانية وريعها يذهب للانسانية ولشعوب العالم  لذلك أنشأت الأمم المتحدة  السلطة الدولية للاستغلال في اعالى البحار فاصبح التنقيب والاستكشاف للدولة في حدود ال200 فقط لذلك تعترض أمريكا على هذه الاتفاقية

الموقف المصري في مسألة الحدود البحرية

وأشار الدكتور أحمد رفعت في ختام كلمته  أن الماء عموما مصدر هام للثروة بشكل عام  ولا سيما بالنسبة للتطور التكنولوجي , فهي تغطي مساحة 140 مليون ميل مربع ، أي ما يقرب من 72 % من سطح الأرض. وتعتبر المحيطات مصدرا رئيسيا لتغذية الحياة التي تولدها، وكذلك خدمت الأعمال التجارية والمغامرات والاكتشافات منذ تارخ طويل، إنها تفصل بين الناس، ولكنها تجمعهم معا .واليوم، ومن خلال ترسيم القارات والتواصل فيها بواسطة الطرق والأنهار والهواء ، فإن معظم الناس في العالم يعيشون في مسافة لا تزيد عن 200 ميل من البحر ويرتبطون ارتباطا وثيقا بها.

وأضاف الدكتور أحمد رفعت أن الحكومة  اتخذت قرار رشيد بترسيم الحدود بينها وبين الدول المجاورة (قبرص والسعودية) خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر علما انه لن يتم التنقيب عن حقول الغاز والنفط الا بعد ترسيم الحدود خاصة أن مصر حضرت جميع مفاوضات قانون البحار  وقد اصدرت مصر قرارات عديدة لتحديد نقاط الأساس في سواحلها  وصدقت مصر على الاتفاقية في 22 يوليوعام 1983 وفي دعوى أقامها بعض المحامين أمام  مجلس الدولة على قضية توقيع السلطات المصرية اتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص لعام 2013 قضت المحكمة أن هذا العمل من أعمال السيادة وليست من اختصاصات  مجلس الدولة  وهذا يؤكد أن الاتفاقيات لا تشوبها شبه قانونية

لكن كيف يتم الترسيم ؟ خاصة في المناطق المتقابلة وهناك إطار عام يحكم هذه القضية وهى المادة 7 من قانون الأمم المتحدة للبحار وهناك عدة طرق مختلفة وجميعها سليمة من الناحية القانونية  ويتم استخدامها حسب الحالة والموقف ومن هنا يأتي تعقيد 

كما أشاد بالمجهود المصري في مسألة ترسيم الحدود وذكر ان عملية تعيين وترسيم الحدود من أصعب المسائل تشارك فيها لجان فنية ولجان من الامم المتحدة ولجان دولية وقانونيين لذلك يجب تقدير المجهود التى قامت به الحكومة المصرية .

خمس أسئلة محورية حول الأزمة

وفي كلمة للدكتور محمد شوقي  قام فيها بتلخيصها في طرح خمس أسئلة تتعلق بالقضية المثارة على الساحة:

هل يجوز لدولة من الغير أن  تدفع بعدم مشروعية الاتفاقية مبرمة بين دولتين؟ (تركيا ليست طرف في الاتفاق وبالتالى حكمها في القانون انها من الغير)

ناحية المبدأ يجوز في حالتين  , إذا مس الإتفاق مصالح الغير (كأن تقتطع الاتفاقية جزء من حدود تركيا البحرية)  , اذا كان الاتفاق يخالف قواعد القانون الدولي العام (القواعد الآمره مثلا كدولتين وقعتا اتفاقا للإتجار بالرقيق) أوما شابه.

مصر في سنة 1991 حددت نقاط الأساس  وقبرص في سنة 1996 حددت نقاط الاساس الخاصة بهم وكلا الدولتين أودعتهم في الامانة العامة للامم المتحدة  في عام 2003 خلصت الدولتين إلى تحديد خط أساس للقياس حدد في ثمان نقاط  وأتفقت الدولتان على أن النقطة رقم 8 سيشاركنا فيها الدولة التركية بنص صريح حتى يتم (الاتفاق المصري القبرصي 2013 ) بموجب قواعد القانون الدولى ذات الصلة  مما يبطل أي ادعاء أن الاتفاقية افتأتت على الحقوق التركية 

هل الإتفاق المصري القبرصي صحيح وفق قواعد القانون الدولي؟

الاتفاق المصري القبرصي عام 2003 والاتفاق التنفيذي  لعام 2013 أبرمته وفق أساس قانون فيينا للمعاهدات لعام 1969 ولقانون الأمم المتحدة للبحار لعام  82 وهما اتفاقياتان  شارعتان واجبة النفاذ والتطبيق سواء لمن صادق أومن لم يصدق فتركيا من الدول القلائل التي لم تصدق على المعاهدة علما ان تركيا لم توقع على قانون الأمم المتحدة للبحار لعام 1982

والمعاهدتان (المصرية القبرصية) تمتا بمراحل القانونية لإبرام المعاهدات وتتوافر في هاتين الاتفاقيتين  شروط الصحة (شروط صحة المعاهدة) ولم تحدد لإتفاقية مدد معينة لتنتهي بعدها الاتفاقية ولم يطرأ تغير جوهري في الظروف يستدعي إعادة النظر وبالتالى بالإتفاقيتان صحيحتان وقد أتخذتا الدولتان موقف قانوني صحيح ولا جدال في ذلك

ما صحة الحجج تركيا لعدم الاعتراف بهاتين المعاهدتين؟

هنالك حجتين تسوغها تركيا لتبرير موقفها وهي حجج واهية  مبنية في الأساس على مقدمات خاطئة:

أولها ان قبرص جزيرة والجزر ليس لديها مناطق اقتصادية خالصة وليس لديها سوى 12 ميل فقط ولكن قبرص جزيرة ودولة ومعترف بها في الأمم المتحدة  وكذلك قياسا على استراليا فهي جزيرة هل لا يحق لاستراليا سوى 12 ميل كونها جزيرة ؟!!!!

ثانياً- لم تراعي مصالح قبرص التركية ولكن  قبرص التركية غير معترف بها لا من الأمم المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي ولا أي دولة بالعالم الا تركيا بل هي أرض محتلة من قبل تركيا بعد أن غزت قبرص عام 1974 واحتلت الجزء الشمالي من دولة قبرص وأعلنته دولة

لو افترضنا جدلا صحة الادعاءات التركية (وهي باطلة وقد فصلنا في ذلك ) هل تؤثر على حدود مصر البحري أي هل يوجد احتمال تدخل تركيا عسكريا ؟

المسافة بين خطي الأساس بين قبرص ومصر 207 ميل بحري منهم 12 ميل لكل دولة اصبح 24 وتتبقي المسافة 183 ميل لمصر91,5 ميل ولقبرص مثلهم ولوفرضنا صحة الادعاءات التركية اذا هي تنصب على النصيب القبرصي لا المصري وبالتالي المساحات البحرية المصرية هي ملك خاص لمصر لا يشاركها فيها أحد

ما جدوى الترسيم وإثارة هذه القضايا ؟

ما كان لمصر ان تنقب عن الغاز الا بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود وبالتالي فهوامر لازم للدول لان الشركات لن تنقب في منطقة بحرية ما تدعي دولة ملكيتها ثم يتبين بعد ذلك انها ملك لدولة اخرى كما حدث بين مصر والسودان حين اعطى الرئيس السوداني حق التنقيب لبعض الشركات إمام شواطئ حلايب ثم انسحبت الشركات بعد الشجب المصري

الخاتمة

يتضح من السرد السابق والتفنيد للقضية من جانبها القانوني أنها لا تحمل أي بعد قانوني من قريب أن من بعد وأن السلوك التركي إنما ناجم عن سعي تركيا ليكون لها نصيب أكبر في حقول الغاز في شرق البحر المتوسط لتقوم بسد حاجاتها من الغاز, فمن مصلحتها أن تظل هذه المنطقة مضطربة وبالتالى سعت لعرقلة الأتفاق المصري القبرصي في ظل خلفيات صراع تاريخي يجمع بينها وبين قبرص تظل أثارة موجودة على الساحة تتمثل في قبرص الشمالية وتنافس قد يصل إلى التلاسن في بعض الأوقات في التصريحات بين تركيا ومصر  وبالنظر للسياسة الخارجية التركية بشكل عام في ظل  خيبة الأمل التركية في الأنضمام للأتحاد الأوروبي و في ضوء المشهد السياسي  المشروع التركي الذي  تسعى من خلاله إلى أستعادة دورها في الشرق الأوسط وشرق المتوسط  يصبح سلوك الدولة التركية أكثر عدوانية في المنطقة وهوما أنعكس بشكل جلي في الأزمة .

الهوامش

(1)https://www.google.com.eg/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=9&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwim5962o8fZAhWRDOwKHVFUDBIQFghHMAg&url=https%3A%2F%2Fwww.elwatannews.com%2Fnews%2Fdetails%2F3034006&usg=AOvVaw3hbfr2009sOmavaVCv6has

 (2) https://arabic.sputniknews.com/world/201802231030301250-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%AD%D9%81%D8%B1-%D8%A5%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%82%D8%A8%D8%B1%D8%B5/

 (3) https://www.albawaba.com/news/cyprus-lodges-formal-protest-un-end-over-turkish-provocations-1093620

https://www.google.com.eg/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=1&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwixu9P9qtbZAhXMYVAKHXm0A6kQFggmMAA&url=http%3A%2F%2Fcyprus-mail.com%2F2018%2F02%2F24%2Fcyprus-protests-un-turkish-violations-air-maritime-space%2F&usg=AOvVaw3B0md_w5VlPsvUYKYMQkiz

(4) https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=24022018&id=777aa234-34ef-4c07-9d85-0738b067873c

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟