المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

من عاصفة الحزم إلى إعادة الأمل: تطورات الداخل اليمني خلال 3 سنوات

الإثنين 23/أبريل/2018 - 04:42 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
محمود جمال عبد العال
"لن نسمح بحزب الله جديد في اليمن"، كلمات انطلقت منها رؤية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لعاصفة الحزم التي قادتها المملكة العربية السعودية بالتعاون مع تحالف عربي موسع ضد جماعة الحوثي في اليمن في 25 مارس/آذار 2015. وكان لزامًا على المملكة وحلفائها مراعاة الظروف الإنسانية لإحداث التوازن بين البعدين العسكري والإنساني. لذا بادرت بإعلان عملية "إعادة الأمل" التي تولج عامها الرابع في 21 أبريل/نيسان 2018. وتقوم مرحلة إعادة الأمل على يد العون لإغاثة الشعب اليمني. 
هدفت عاصفة الحزم منذ يومها الأول إلى منع وقوع مزيدًا من الأراضي اليمنية في أيدي جماعة أنصار الله الحوثية المدعومة أساسًا من إيران

يُذكر أن جماعة الحوثي انقلبت على الشرعية والاتفاقات السياسية التي تراضى عليها اليمنيين. ووجهت سلاحها لليمنيين؛ حيث احتلت المؤسسات الحكومية وقطاعات القوات المسلحة والشرطة. يرى المحللين والمتابعين للشأن اليمني أن أهم ما أنجزته عاصفة الحزم هو إيقاف تهديد إيران للأمن القومي الخليجي، والعربي خاصة في ظل ما شهدته المنطقة من حالة السيولة السياسية وعدم الاستقرار منذ أحداث 2011. سنقوم في هذا التقرير بتقييم عاصفة الحزم، وبعدها الإنساني ممثلًا في مرحلة إعادة الأمل، بالإضافة إلى تقييم موقف التحالف العربي وتعاطيه مع أنشطة تنظيم القاعدة.

لم تتدخل السعودية عسكريًا في اليمن إلا بعد حالة الانسداد السياسي التي وصل لها الحوار الوطني اليمني، والذي انتهى إلى عسكرة الحوثيين للسياسة

الحزم بعد 3 سنوات: ماذا تحقق؟!

لم تتدخل السعودية عسكريًا في اليمن إلا بعد حالة الانسداد السياسي التي وصل لها الحوار الوطني اليمني، والذي انتهى إلى عسكرة الحوثيين للسياسة وانطلاق حملتهم لاحتلال المؤسسات الحكومية، واعتقال الرئيس الشرعي وإجباره على تقديم استقالته ومحاولة ملاحقته وتصفيته في عدن؛ حيث قاموا بتفجير القصر الجمهوري هناك.

من عاصفة الحزم إلى

تشير التحليلات السياسية والاستراتيجية إلى تحقيق عاصفة الحزم النتائج التي انطلقت من أجلها رغم أن المعركة لم تحسم بعد في صنعاء. يستند المؤيدين لهذا الرأي إلى العديد من المؤشرات خاصة بعد دراستهم لأسباب انطلاق العاصفة فعليًا، والأهداف التي تحققت وهي في عامها الرابع.

أدى ذلك كله إلى حسم المملكة أمرها في التدخل عسكريًا لاستعادة الشرعية في اليمن، وهو ما حققته العاصفة فعليًا منذ انطلاقها؛ حيث بات الرئيس هادي الممثل الشرعي لليمن، وذلك باعتراف دولي وإقليمي؛ حيث يُمثل هادي دولة اليمن في المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، والإقليمية مثل الجامعة العربية فضلًا عن سلطته السياسية على جميع البعثات الدبلوماسية اليمنية في الخارج. لذا يمكننا الإشارة هنا إلى ما إذا تمكن الحوثيين من اعتقال هادي أو حتى تصفيته، في هذه الحالة كان الحوثي سيكون ممثلًا لليمن محليًا ودوليًا بتغلبه عسكريًا في ظل غياب/تغييب القيادة السياسية المنتخبة ديمقراطيًا وبصورة شرعية. في هذا السياق، يمكن اعتبار أن التدخل السعودي عسكريًا كان مثاليًا في توقيته. ويذهب البعض إلى اعتبار أن نجاح السعودية في استعادة شرعية هادي أحد أهم النتائج التي حققتها عاصفة الحزم؛ إذ أغلقت الطريق أمام التمدد الإيراني وجماعة الحوثي كذراع سياسي وعسكري لها في اليمن.

إضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى تمكن التحالف العربي من استعادة 85% من الأراضي اليمنية، ويسيطر الحوثي على 15% فقط(1). ولعل الأهم في هذه النقطة هو تمكن التحالف العربي من السيطرة على الأماكن الحيوية التي يمكن ان تشكل تهديدًا على الملاحة الدولية؛ حيث استعاد التحالف وقوات الشرعية ميناء ميدي القريب من صعدة (معقل الحوثيين)، ومن ثم قطع خط الإمدادات بين جماعة الحوثي وطهران. من ناحية أخرى، تمكنت قوات التحالف من تأمين مضيق باب المندب وضمان سلامة الملاحة في قناة السويس التي يمر من خلالها النفط(2). وفي هذا السياق، جاء تحرك التحالف العربي لتأمين باب المندب بعد محاولة الحوثيين تهديد سلامة الملاحة به؛ حيث قاموا باستهداف سفينة إماراتية، وترتب على ذلك أيضًا شن قوات التحالف لعملية الرمح الذهبي(3) للسيطرة على منطقتي ذوباب، والمخا، وهما منطقتين قريبتين من باب المندب.

تمكن التحالف العربي من المساعدة في تأسيس نواة الجيش الوطني اليمني، وبالتالي حرك المياه الراكدة فيما يتعلق بمفهوم الأمن القومي العربي القائم على ضرورة المحافظة على الجيوش الوطنية، وتقوية دورها كداعم وراعي لوحدة البلاد العربية ومصلحة شعوبها. وبرزت أهمية الاستثمار في الجيش الوطني اليمني أو ما يعرف إعلاميًا بـ "قوات الشرعية" أهمية لتأمين المناطق المحررة من غدر جماعة الحوثي.

عاصفة الحزم وتنظيم القاعدة: الطريق المسدود

رغم انهماك قوات التحالف في مواجهة الحوثيين، لكن ذلك لم يؤدي إلى إغفال قوات التحالف للدور الخطير الذي تمارسه القاعدة في اليمن. في هذا الإطار أعلنت السعودية ودولة الإمارات ان تنظيم القاعدة في اليمن لا يقل خطورة عن جماعة أنصار الله الحوثية، واعتبار أن القاعدة والحوثيين وجهان لعملة واحدة، فرغم اختلاف الفكر، لكن يتفق الحوثيين والقاعدة على رفض استقرار اليمن ليتمكنوا من استغلال حالة الفوضى لمد نفوذهم، وهو ما يختلف جذريًا مع رؤية دول التحالف التي تسعى لاستقرار اليمن والتحامه مرة أخرى ببيئته العربية.

أعلنت السعودية ودولة الإمارات ان تنظيم القاعدة في اليمن لا يقل خطورة عن جماعة أنصار الله الحوثية، واعتبار أن القاعدة والحوثيين وجهان لعملة واحدة

في هذا السياق، قام تنظيم القاعدة بالسيطرة على مناطق يمنية كمدينة المكلا عاصمة حضرموت، ومطارها، والمؤسسات الحكومية بها، بالإضافة إلى الاستيلاء على أسلحة ثقيلة من معسكرات الجيش الوطني اليمني. وأعلن اللواء أحمد عسيري، المستشار العسكري بوزارة الدفاع السعودية أن التحالف تمكن خلال الفترة 2015-2017 من تصفية 800 من أعضاء تنظيم القاعدة وقياداته الهامة(4). وجهت قوات التحالف تركيزها على التنظيم نظرًا لما يقوم به من عمليات تفجيرية واغتيال للقيادات في مناطق الجنوب اليمني المحررة(5). تصب جهود مكافحة التنظيم في اتجاه الرؤية الامريكية الداعية لإيقاف الحرب والتفرغ لخطر تنظيم القاعدة الذي يسعى لأفغنة اليمن وتحقيق أهدافه بتأسيس شبه دولة على أجزاء من اليمن مستغلًا حالة الفوضى والحرب الاهلية وغياب السلطة المركزية.

قامت قوات التحالف بتدشين استراتيجية للقضاء على القاعدة في عدن ومنع تمددها وتطور أدوارها في مناطق الجنوب. ولعبت القوات المسلحة الإماراتية دورًا بارزًا في التصدي لتنظيم القاعدة، وخاصة في عملية تحرير مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت في عام 2016، وكذلك أسهمت بدور حيوي في "عملية السيل الجارف" التي انطلقت في مارس 2018 لتطهير جيوب وأوكار مسلحي عناصر تنظيم القاعدة في محافظة أبين(6).

عاصفة الحزم ومرحلة إعادة الأمل: قراءة في البعد الإنساني

                كانت عملية "إعادة الامل" مرحلة ضرورية لعاصفة الحزم، ومكملة للجهود العسكرية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية وقوات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن. ركزت مرحلة إعادة الأمل على البعد الإنساني الذي تفاقم وضعه نتيجة حالة الحرب والاقتتال الدائرة. في هذا السياق، أعلنت المملكة العربية السعودية أنها قدمت ما يقرب من 8 مليار دولار لليمن حتى نهاية عام 2017  (7). من ناحيتها ساهمت دولة الإمارات (ثاني أكبر مشارك في عاصفة الحزم بعد السعودية) بتقديم ما يقارب من 3 مليار دولار في الفترة ذاتها(8).

اشتملت جهود الإغاثة في اليمن على تقديم المساعدات الإنسانية، والإغاثية، والتنموية، ودعم البنك المركزي اليمني. ويعد مركز الملك سلمان للإغاثة ذراعًا إنسانيًا للعاصفة؛ حيث ارتكزت مساعداته على تحقيق الأمن الغذائي وتقديم المساعدات الصحية والتعليمية، وإقامة مشروعات الطاقة، والمياه، بالإضافة إلى توفير برامج إعادة التأهيل النفسي والإنساني للأطفال الذين أجبرهم الحوثيون على الانخراط في العمليات العسكرية.


قدم مركز الملك سلمان تحقيق الأمن الغذائي وتقديم المساعدات الصحية والتعليمية، وإقامة مشروعات الطاقة، والمياه، وتوفير برامج إعادة التأهيل النفسي والإنساني للأطفال

على صعيدٍ آخر، تشتمل جهود دولة الإمارات على تهيئة الطرق والموانئ اليمنية، وذلك لتعزيز كفاءة إيصال المساعدات إلى المناطق. يُذكر أن التحالف أعلن بالتنسيق مع الأمم المتحدة عن مناطق آمنة للمساهمة في تقديم الدعم الإغاثي والإنساني للأماكن المتضررة. وفي هذا السياق، أعلنت المملكة العربية السعودية عن مساهمتها بمبلغ 1.5 مليار دولار كاستجابة عاجلة لخطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في اليمن لعام2018(9).

خاتمة

رغم النجاح الذي حققته عاصفة الحزم على المستويين العسكري والسياسي، لكن يعتبرها البعض فشلت في حسم الموقف عسكريًا باليمن، وهو ما يعتبره المحللين أنه حكم ظالم خاصة عند النظر لحجم النجاحات الذي حققته العاصفة. ويعتبرون أن غياب الحسم العسكري جاء لأسباب تتعلق بترك مساحة للحوار الوطني اليمني، بالإضافة إلى أهمية الجانب الإنساني لعاصفة الحزم؛ حيث تتجنب استهداف الأماكن المأهولة بالمدنيين رغم احتماء الحوثيين بها.

وفيما يتعلق بإيران، نجحت عاصفة الحزم في وقف تمدد طهران للسيطرة على مزيد من الأراضي العربية، وكذلك ما اتجهت له سياسة المملكة مؤخرًا لممارسة الضغط الدولي للتضييق على برامج طهران لتطوير منظومة الصواريخ الباليستية؛ حيث أثبتت عمليات التدقيق والفحص أن الصواريخ الباليستية التي يستخدمها الحوثيين لاستهداف المملكة العربية السعودية صناعة إيرانية.

الهوامش

1-       إبراهيم أبو زايد، أهم منجزات عاصفة الحزم بعد 3 سنوات على انطلاقها (25/3/2018)، الشرق الأوسط، على الرابط: https://goo.gl/MzPtF6

2-       يوسف جمعة الحداد، 3 سنوات من الحزم والأمل (1/4/2018)، درع الوطن، على الرابط: https://goo.gl/mBnXwR

3-       للمزيد حول عملية الرمح الذهبي وأهدافها، انظر: معتز سلامة، عملية الرمح الذهبي: الحسم العسكري الغائب في اليمن (22/1/2017)، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على الرابط: http://acpss.ahram.org.eg/News/5662.aspx

4-       عسيري: 800 قتيل من «القاعدة» في اليمن منذ بدء «عاصفة الحزم» (17/4/2017)، الشرق الأوسط، على الرابط: https://goo.gl/HJuLz9

5-       Maher Farrukh, Qaeda's Base in Yemen (20/1/2017), Critical Threats, Available at: https://goo.gl/d1y6vc

6-       يوسف جمعة الحداد، مرجع سابق.

7-       عبد الهادي حبتور، مساعدات السعودية لليمن تجاوزت 8 مليارات دولار خلال عامين (10/10/2017)، الشرق الأوسط، على الرابط: https://goo.gl/Go9hkg

8-       9.4 مليار درهم مساعدات الإمارات إلى اليمن (2/1/2018)، الاتحاد، على الرابط: https://goo.gl/76gyzj

9-       1.5بليون دولار من السعودية والإمارات مساعدات إنسانية لليمن (22/1/2018)، الحياة، على الرابط: https://goo.gl/7Jq55d

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟