المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

أزمات متفاقمة: الأونروا بين الضغوط الخارجية وانهيار حلم العودة

الأحد 05/أغسطس/2018 - 05:40 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
آية عبد العزيز

                في سياق تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على حق العودة باستخدام سياسات الأمر الواقع من قبل الكيان الصهيوني وحلفاءه تمثلت بشكل جلي في الآونة الأخيرة في اعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة أبدية لدول الاحتلال الصهيوني، واستمرار عمليات الاستيطان والتهجير القسري تجلى في طرد أهالي "الخان الأحمر"، علاوة على إقرار الكينست الإسرائيلي "القانون الأساسي" القاضي بترسيخ إسرائيل دولة قومية لليهود، كما أقر حق العودة للشتات اليهودي إلى أرض المعاد، مع جعل اللغة العبرية اللغة الرسمية للبلاد في إشارة واضحة للتجاهل الحق العرب والتاريخي والحضاري على الأراضي الفلسطينية.

وفيما يتعلق بالمنظمات الدولية والوكالات التابعة لها المتعلقة بدعم الحق الفلسطيني بدأ الحلفاء وخاصة الولايات المتحدة بتعزيز ضغوطهم من خلال التهديد بوقف المساعدات المالية وعليه فقد تعرضت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا" لعدد من الأزمات المتتالية التي قضت بإنهاء عمل 1000 موظف، منهم 125 موظفًا بشكل نهائي، كما ستغير عقود الآخرين للبقاء في عملهم حتى نهاية العام الجاري (بدوام جزئي).

تعرف الوكالة اللاجئين الفلسطينيين بأنهم هم أولئك الأشخاص الذين كانت فلسطين هي مكان إقامتهم الطبيعي خلال الفترة الواقعة بين يونيو/حزيران 1946 ومايو/أيار 1948، الذين فقدوا منازلهم

الضغوط الأميركية على الوكالة

شهد النصف الأول من العام الحالي توافقًا كبيرًا بين الإدارة الأميركية وسياسات رئيس الوزراء اليميني "بنيامين نتنياهو" خاصة فيما يتعلق بعمليات الاستيطان الجديدة، وفتح باب الهجرة أمام الشتات وتمكين الكيان الصهيوني من المقدسات العربية والتاريخية، كما شملت التهديد الفعلي بتجميد المساعدات المالية لمنظمة الأونروا التي بلغت قيمتها نحو 125 مليون دولار مقدمة بذلك 60 مليون دولار فقط من أصل 365 مليون دولار التي وعدت بها. وقد برر "ترامب" حجب المساعدات مقابل موافقة الفلسطينيين على استئناف محادثات السلام مع إسرائيل.

تستجيب "الأونروا" لتلبية احتياجات أكثر من 1.7 مليون لاجئ في غزة

وعليه؛ احتج المئات من موظفي "الأونروا"، داخل مقر الوكالة الرئيسي في مدينة "غزة"، معربين عن رفضهم وغضبهم الكامل من القرار، بجانب وقوع حالات إغماء ببينهم إثر تلقي الإشعار بإنهاء عملهم رافعين أصواتهم "ارحل ارحل يا ماتياس" (مدير عمليات أونروا في غزة)(1).

تزامن مع هذا القرار واجتماع المناحين في 25 يوليو/ تموز 2018 خروج عدد من المظاهرات والاعتصامات تنديدًا للقرار لما له من مآلات سلبية على المؤسسات التابعة للمنظمة داخل القطاع التي تعمل على تقديم الخدمات الصحية والتعليمية، مطالبين بسرعة التدخل لإنقاذ القطاع(2).   

"الأونروا" وحق العودة

            جاء تأسيس منظمة "الأونروا" إبان النزاع العربي الإسرائيلي عام 1948 بموجب القرار الأممي رقم(302) الصادر في 8 ديسمبر/ كانون الأول 1949 لدعم وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وقد بدأت الوكالة نشاطها الفعلي عام 1950 مستجيبة إلى ما يقرب من 750 ألف لاجئ مقدمه لهم الحماية والخدمات مثل التعليم والرعاية الصحية علاوة على الاستجابة إلى حالات الطوارئ في أوقات النزاعات المسلحة، مع العمل على تحسين جودة المخيمات، لذا فقد استطاعت كسب تأييد ما يقرب من خمس مليون لاجئ فلسطيني في كل الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية (قطاع غزة، الضفة الغربية)؛ حيث يعيش ثلث اللاجئين المسجلين لدى المنظمة في 58 مخيم معترف بهم(3).

تحديات المواجهة

           منذ بداية العام الجاري تواجه الوكالة عدد من الأزمات المالية مما أدى إلى مطالبتها بتدشين حملة تبرعات لمواصلة تقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين، لأنها من الوكالات التي تعتمد في تمويلها على الدعم المالي من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى التبرعات الطوعية من قبل بعض الأفراد والشركات ومنظمات المجتمع المدني مع وكالات الأمم المتحدة(4).

كما سعت الوكالة إلى حشد الدعم السياسي والمالي من جميع أنحاء العالم للحفاظ على استمرار تقديم الخدمات الأساسية على الرغم من تعرضها إلى أكبر عجز  على الإطلاق الذي بلغ  446 مليون دولار وقد خفض إلى 217 مليون دولار بعد عدد من المؤتمرات التي دعت لها الأمم المتحدة الأول في العاصمة الإيطالية روما في مارس/ آذار 2018؛ حيث تعهدت المشاركة بدعم "الأونروا" بـ 100 مليون دولار، أما المؤتمر الثاني في نيويورك في يونيو/ حزيران من نفس العام وعليه فقد حصلت على تعهدات بـ 38 مليون دولار أخرى.

وذلك للتصدي للضغوط الدولية، علاوة على إدارة شئون اللاجئين في غزة والضفة الغربية من تمويلها العادي، إلا إنها مع القرار الأخير لم تتمكن من الاستمرار، لذا فقد قررت عدم تجديد عقود موظفي الطوارئ بعد 31 يوليو/ تموز. 
تبلغ ميزانية الوكالة 1.2 مليار دولار في العام، ويتم إنفاقها ضمن 3 بنود رئيسية هي: الميزانية العادية، وميزانية الطوارئ، وميزانية المشاريع"

فيما أكدت إنها ستحفظ بما يقرب من 280 لمواصلة المساعدات الغذائية للوكالة إلى ما يقرب من نصف سكان قطاع غزة البالغ عددهم مليوني شخص. وسيتم توفير وظائف بدوام جزئي لنحو 580 وظيفة، فيما سيتم إلغاء 113 وظيفة عندما تنتهي عقودها في أغسطس/ آب في الضفة الغربية، سيتم تسريح 154 شخصًا من "أموال الطوارئ المستنزفة الآن" كما لم يتم اتخاذ أي قرار نهائي حتى منتصف أغسطس/آب حول ما إذا كانت تستطيع فتح المدارس في بداية العام الدراسي المقبل(5).

"الإمارات العربية المتحدة"... نموذجًا للاستجابة

تعمل دولة الإمارات على دعم المنظمات والوكالات المهتمة بشئون اللاجئين علاوة على سرعة استجابتها لتلبية احتياجات الشعوب الواقعة في مناطق النزاعات المسلحة لإزالة الأثار السلبية عن المتضررين، -فعلى سبيل المثال- قدمت "مؤسسة القلب الكبير" ومقرها الشارقة، مساهمة قدرها 100.000 دولار أمريكي إلى وكالة دعماً للنداء الذي أطلقته، لدعم الخدمات الصحية العاجلة للاجئين الفلسطينيين.

والجدير بالذكر؛ سعى نداء الأونروا إلى دعم للاستجابة للرعاية الصحية على المدى القصير والمتوسط ​​والحاجات النفسية الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين الذين أصيبوا خلال مظاهرات مسيرة العودة الجارية التي بدأت في 30 مارس/ آذار 2018.

فيما ذهبت مساهمة المؤسسة نحو توظيف المزيد من موظفي التمريض العمليين في 22 مركزًا صحيًا تابعًا للأونروا في غزة لضمان الرعاية الصحية، خاصة بالنسبة لمن تم خرجوا قبل الأوان من المستشفيات. كما ستشارك الممرضات العملية في توفير الصحة العقلية والدعم النفسي. من أجل تخفيف الضغوط الإضافية غير العادية المفروضة على نظام غزة الصحي المنهار في أعقاب مظاهرات مسيرة العودة(6).

مؤتمر المشرفين على شئون اللاجئين الفلسطينيين

                انطلق مؤتمر المشرفين على شئون اللاجئين يوم الأحد الموافق 29 يوليو/ تموز 2018 في دورته 100 المنعقدة في القاهرة بمقر الجامعة العربية الذي من المقرر أن ينتهي يوم الخميس 2 أغسطس/ آب. يشارك في هذا المؤتمر ممثلين عن الدول المضيفة للاجئين وهم (مصر، والأردن، ولبنان، وفلسطين). فضلًا عن مشاركة ممثلين عن منظمة "المؤتمر الإسلامي"، والمنظمة "العربية للعلوم والثقافة "ألكسو"، والمنظمة "الإسلامية للعلوم والثقافة "أسيسكو".

 يتضمن المؤتمر أبرز القضايا الخاصة بالشأن الفلسطيني التي تتعلق أوضاع اللاجئين، والقرارات الأخيرة لوكلة "الأونروا"، فضلًا عن مناقشة آخر تطورات خطة العمل لمواجهة قرار الولايات المتحدة، وأي دولة أخرى تحاول الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما يتطرق إلى الانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات الدينية وخاصة في مدينة "القدس" في الآونة الأخيرة بالإضافة إلى استعراض دور الجامعة العربية على المستوى الدولي في دعم القضية الفلسطينية.   

ختامًا؛ يعد قرار  الإدارة الأميركية بتجميد المساعدات المالية الممنوحة للوكالة استهدافًا واضحًا لقضية اللاجئين وحق العودة؛ حيث تسعى الإدارة الأميركية إلى إغلاق كافة المؤسسات الداعمة للحق الفلسطيني وخاصة فيما يتعلق بحق اللاجئين الذي اضطروا إلى الهروب من الاعتداءات والانتهاكات التي تعرضوا لها على أيد العصابات الصهيونية في العودة إلى وطنهم، لضرب كل القرارات الدولية والاتفاقيات التي تمت بين الجانبين عرض الحائط، وهنا لابد من الإشارة إلى أن عملية الضغط باستخدام المساعدات لن يتوقف تأثيرها على العاملين بالوكالة فقط ولكنها ستمتد إلى حدوث كارثة إنسانية للقطاع.

المراجع:

1-       "الأونروا تنهي عقود 250 موظفا في غزة بعد تجميد المساعدة الأمريكية"، 25/7/2018،اسبوتينك عربي.

2-       "العشرات يعتصمون أمام مقر الأونروا في غزة"،  25/7/2018، اسبوتينك عربي.

3-       "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" الرابط

4-       آية عبدالعزيز، "هل تقدم الأونروا دوراً فعالاً في دعم الشعب الفلسطيني؟"، 15/2/2018، مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية.

5-               Nidal al-Mughrabi, "U.N. agency for Palestinian refugees to reduce jobs after U.S. cuts", 25/7/2018, Reuters.

6-             "THE BIG HEART FOUNDATION MAKES US$ 100,000 CONTRIBUTION TO THE UNITED NATIONS RELIEF AND WORKS AGENCY FOR PALESTINE REFUGEES IN THE NEAR EAST", United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees in the Near East.

7-       "انطلاق فعاليات مؤتمر المشرفين على شؤون اللاجئين الفلسطينيين بالدول المضيفة"،  29/7/2018، الأهرام العربي.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟