المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

تحديات متداخلة: لماذا تكثف واشنطن الضغوط علي طهران؟

الثلاثاء 02/أكتوبر/2018 - 05:38 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
مرﭬت زكريا

واجهت إيران ومازالت على مدار العقود الماضية تحديات كثيرة  وضغوطاً أمريكية أقوي من مراحل عدة سابقة، يأتي ذلك وفق إدراك الولايات المتحدة الأمريكية للتجارب السابقة معها، خاصة فيما يتعلق بقدرتها على تخطي العقبات المفروضة عليها.

وفي هذا الشأن أضحت إيران تمتلك القدرة على تطوير برنامجها النووي في ظل عديد من المحاذير الدولية، بل تمكنت من تجاوز العقوبات الاقتصادية، وتهديد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

 وعليه، بدأت واشنطن وطهران حرب إعلامية وتلاسن بالتصريحات التي من شأنها تصعيد حدة الخلافات بينهم؛ حيث اتهم  الرئيس الإيراني "حسن روحاني" الإدارة الأمريكية بالتدخل في شئونها الداخلية، من خلال إدانة القمع المفروض علي  الشعب الإيراني وتوجيه الاتهامات إلى العديد من المؤسسات الأمنية وخاصة الحرس الثوري.

في المقابل، هدد "روحاني" بغلق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية، رداً على تصريحات ترامب المتعلقة بمنع تصدير النفط الإيراني، واستمرارًا للتصعيد، توعد روحاني باستهداف القوات الأمريكية الموجودة في المنطقة التي يصل عددها نحو 50 ألف جندي.

وعلى ذلك، تمتلك إيران برغم من الضغوط المفروضة عليها من جانب واشنطن العديد من أوراق الضغط التي من شأنها مقاومة تلك الضغوط، وامتدادًا لذلك عملت واشنطن على تكثيف جهودها لحصار إيران وفرض مزيد من الضغوط الإقليمية والدولية حتى تتمكن العقوبات من تحقيق أهدافها.

ملفات متشابكة

انتهجت الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة الأخيرة فكرة الربط بين الملفات وردء  الثغرات التي سمحت للنظام الإيراني من قبل على تجاوز العقبات التي وضعتها واشنطن في طريقها، تتمثل في محاصرة مصادر التمويل؛ حيث حاولت الولايات المتحدة منع طهران من تصدير نفطها من خلال قيامها بتوفير الاحتياجات الأساسية لشركاء إيران الرئيسين مثل الهند، في حين أرسلت سفيرة واشنطن لدي الأمم المتحدة "نيكي هايلي"  وثيقة رسمية من الولايات المتحدة الأمريكية تتعلق بضرورة وقف صادرات الهند النفطية من إيران، فضلاً عن إعادة النظر في العلاقات الهندية – الإيرانية، على أن تضمن واشنطن توفير ما تحتاجه الهند جراء ذلك(1).

في السياق ذاته، أعادت واشنطن فرض العقوبات الأمريكية علي طهران مما أجبر الشركات الأجنبية على الخروج من السوق الإيراني، مع عدم نجاح الدول الأوروبية في حماية الشركات التابعة لها من الأثار السلبية الناتجة عن العقوبات أو  اقناعها بالبقاء؛ حيث خرجت عشرات الشركات الكبرى بعد أن قامت الإدارة الأمريكية بإغلاق النافذة القانونية الوحيدة المتبقية التي تسمح للشركات بالعمل مع طهران دون انتهاك العقوبات الأمريكية، لاسيما بعد أن وضعت الإدارة الأمريكية مهلة زمنية لإنهاء الأعمال للمشروعات العادية خلال 90 يوماً، و 180 يوماً للمشروعات النفطية(2).

مُحفزات الموقف  

سعت واشنطن في الفترة الماضية لشن حرب اقتصادية ونفسية على طهران، وفي هذا الشأن تتبني الولايات المتحدة استراتيجية موسعة لحصار إيران، خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي والتدخلات الإيرانية في المنطقة، وتمثلت أبرز محاورها فيما يلي:

إعادة التفاوض حول الاتفاق النووي

تشهد الفترة الحالية تهديدات مباشرة متبادلة من قبل المسئولين الأمريكيين والإيرانيين، لاسيما من قبل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الرئيس الإيراني "حسن روحاني"، وقائد فيلق القدس "قاسم سيلماني".

وعلى خلفية هذا التهديدات يرى العديد من الباحثين بأن هذه التصريحات لا تخرج عن إطار الحرب النفسية بين البلدين، وأن هدفها الأساسي يمتثل في إجبار طهران علي العودة لطاولة المفاوضات مرة أخري، لكن هذه المرة سيكون التفاوض ليس فقط فيما يتعلق بالاتفاق النووي، ولكن حول عديد من القضايا الأخرى التي تتمثل في الدور الإقليمي لإيران في المنطقة، برنامج الصواريخ الباليستية(3).

في السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" أن إيقاف طموحات إيران النووية يتطلب توجيه ضربة عسكرية لإيران، ويتضح من هدف الحرب الأمريكية زيادة حدة التصعيد مما يجبرها علي الخضوع لمطالب واشنطن أو مهاجمتها(4). يأتي ذلك وفق رؤية ترامب بأن الاتفاق النووي الإيراني كان من أكبر المشكلات التي أقرها سلفه أوباما، ولذلك لابد من الرجوع عن ذلك عن طريق عقد اتفاق جديد يضمن عدم قدرة إيران على تنشيط برنامجها النووي بعد فترة قصيرة، فضلاً عن ملاحقة النفوذ الإيراني في المنطقة(5).

إخراج إيران من سوريا

                تحاول الولايات المتحدة الأمريكية التعويل على إخراج إيران من سوريا، من خلال التعاون مع روسيا وإسرائيل، وبالتالي، الحد من الدور الإيراني في المنطقة. في الوقت الذي اشارت فيه تقارير عدة الى استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على عديد من المواقع الإيرانية في سوريا، مما سيجبر إيران علي مغادرة جنوب غرب سوريا(6).

في حين أكد وزير الخارجية الأمريكي" مايك بومبيو" أن إيران هي المشكلة وليس سوريا، فبشار الأسد انتهي وأن بقي فهو مجرد موظف صغير في الماكينة الروسية، ومن هنا تصبح إيران في مواجهة ضغط سياسي، عسكري، دبلوماسي إسرائيلي روسي في سوريا، فضلاً عن الحرب الاقتصادية التي تشنها واشنطن، وبالتالي، يصبح الأمر عبارة عن ارتباط عدة عناصر يمكن أن تؤدي في النهاية لانهيار نظام الجمهورية الإسلامية في إيران خاصة في ظل ما تشهده داخلياً من أعمال احتجاجية على نطاق واسع(7).

من ناحية أخري تسعي الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع روسيا وتركيا مؤخراً بإفساح المجال للهيمنة الإسرائيلية علي سوريا، ولاسيما المناطق القريبة منها مثل الجولان. كما اصبحت روسيا ذاتها تسعي لخروج طهران من سوريا،  فبعد زيارات "بنيامين نتنياهو" الأربع الأخيرة الى موسكو ، باتت الأخيرة تقف موقف المراقب للنفوذ الإسرائيلي المتزايد في دمشق، مع تداعي موقف طهران، وما يؤكد ذلك، أنه بعد الغارات الأخيرة التي شنتها تل أبيب على المواقع الإيرانية في سوريا، صرح "حسن روحاني" بأن إيران لا تريد تصعيد الموقف في سوريا(8).

تغيير هيكل نظام الجمهورية الإسلامية

تعبر الولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة طويلة عن عدم رضاها على الوضع الحالي لهيكل النظام داخل الجمهورية الإسلامية، لاسيما وضع المرشد الأعلى الذي بيده الكلمة العليا؛ حيث تسعي واشنطن بالتعاون مع إسرائيل لتكثيف الضغوط الخارجية والداخلية على طهران من أجل التعجيل بانهيار النظام، ومن ثم تغييره. وما يعزز ذلك، هو الوضع المتأزم علي كافة الأصعدة داخل الجمهورية الإسلامية؛ فالوضع الاقتصادي متدهور جراء خروج الشركات الأجنبية من السوق الإيراني، وارتفاع سعر الدولار في مقابل العملة الإيرانية التومان(9).

                في السياق ذاته، أدي الوضع الاقتصادي المتدهور لضعف موقف حكومة روحاني، ومن ثم صعود نجم المحافظين داخل إيران مما يعرقل مساعي الإصلاحيين ويعمل علي تأزيم الوضع مع واشنطن وحلفاءها الأوروبيون. أما علي الصعيد الاجتماعي، تركت الأوضاع المتأزمة بصمة علي وضع الأقليات داخل إيران، مما أدي لاستيائها والمطالبة بالحصول علي حقوقهم، وتزايد الاحتجاجات المطالبة بتغيير الحكومة وهو ما تحاول واشنطن اختراق الداخل الإيراني من خلاله حالياً.

ختاماً: يمكن القول أن إيران أصبحت حالياً في مفترق طرق، لاسيما في ظل الأزمات العديدة التي تواجهها على أكثر من مستوى، داخلياً وخارجياً، والتي ستحدد تداعياتها مدي قدرة إيران على تحمل ومواجهة الضغوط الأمريكية، التي ستصل ذروتها في 4 نوفمبر القادم، حيث التاريخ الفعلي لبدء تطبيق العقوبات الأمريكية على طهران.

الهوامش:

1.       الولايات المتحدة تعزز صادرات النفط الى الهند لتقليل اعتمادها على الواردات الإيرانية، الشرق الأوسط، 14/7/2018 ،  الرابط.

2.       10 شركات عالمية تهرب من إيران بعد العقوبات .. وخسائر ضخمة، عربي 21 ، 8/6/2018، الرابط.

3.       ترامب شئ ما سيحدث اذا لم تقبل إيران إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي، هيئة الإذاعة البريطانية، 9/5/2018 ، الرابط.

4.       باحث الماني، حرب ترامب على إيران مسألة وقت، الجزيرة .نت، 25/5/2018 ، الرابط.

5.       هل يتجه ترامب لحرب على إيران والمنطقة، العالم الإخبارية، 26/6/2018 ، الرابط.

6.       صحيفة إسرائيلية: توافق أوروبي على إخراج إيران من سوريا،  أخبار الشرق، 7/6/2018 ، الرابط.

7.       نديم قطيش، إخراج إيران من سوريا بلا تبسيط، الشرق الأوسط، 10/7/2018 ، الرابط. 

8.       راجح الخوري، تزحيط إيران من سوريا، الشرق الأوسط، 26/5/2018 ، الرابط.

9.       مسئول إيراني: واشنطن تسعى لتغيير نظام طهران، الشرق الأوسط، 21/5/2018 ، الرابط.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟