المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

مستقبل الأوضاع الأمنية في الصومال والقرن الأفريقي

الأربعاء 24/أكتوبر/2018 - 04:55 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
نسرين الصباحي

شَنَّت الولايات المتحدة الأمريكية بالتنسيق مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، غارة جوية في  12 أكتوبر الماضي، أسفرت عن مقتل 60 مسلحاً من حركة شباب المجاهدين في الصومال وفقاً للقيادة الأفريقية للقوات المسلحة الأمريكية ( أفريكوم ) (1)، وهى أهم ضربة ضد حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة منذ الحادي والعشرين من نوفمبر العام الماضى، والتي أسفرت عن مقتل 100 إرهابي، وحسب تصريحات للقوات الأميريكية أن توالي هذه الضربات تقلل فرص الإرهابيين من القيام بالضربات في المستقبل وقدرتهم على المناورة، وخسرت الحركة معظم معالقها في العاصمة مقديشو، ولكنها مازالت تسيطر على مناطق ريفية، تَشِنُّ منها عملياتها وهجماتها الانتحارية ضد أهداف حكومية ومدنية.

وفقاً لما سبق، نحن بصدد الحديث عن مُستقبل الأوضاع الأمنية في الصومال والقرن الأفريقي ككل، وما هي دلالات التوقيت للضربة الأمريكية ورود الافعال، في ظل تعامل المجتمع الدولي مع الأوضاع في الصومال بنهج الاقتراب الحذر؟  وما هو الوضع في ظل تورط بعض القيادات والقبائل الصومالية في دعم ومساندة حركة الشباب بالسلاح، وغياب التنسيق الإقليمي مع دول الجوار؟ فلماذا التكالب على القرن الأفريقي؟ و ما هو الوضع الأمثل لتحقيق الاستقرار في هذه المنطقة؟

 

أولاً- حقيقة الأوضاع وقوى التطرف والإرهاب في الصومال

الصومال هى دولة عربية، إسلامية. ولها موقع استراتيجى وأهمية كبيرة في القرن الأفريقي وذلك لأنها تسيطر على البحر الاحمر وخليج عدن. في حين تشهد مجموعة من الصراعات والتقلبات الداخلية، واستمرار الحرب الأهلية في الصومال لمدة ثلاثة عقود ، وتواجد حركة الشباب الإرهابية (2)، فالتطرف والإرهاب يؤدى إلى التخلف وعدم الركب في التقدم. وكل هذه العوامل أدت إلى جعل الصومال دولة فاشلة .

بالإضافة إلى الاطماع ، والتنافس الدولى والإقليمى والمحلى ، الفقر والحرمان ، وغياب العدالة الاجتماعية ،الدور الداعم لحركة الشباب الإرهابية من قبل الظهير الاجتماعى متمثل في بعض القبائل المتحالفة ضد الاخرى ، ودعم التجار والسياسيين .

في البداية،تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية ، فكانت بمثابة إهانة لجنودها على أرض الصومال ثم انسحبت ثم عادت في الفترة الاخيرة لدعم الحكومة الشرعية ضد الإرهاب وعلى وجه التحديد حركة الشباب لمصالح وأهداف الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وهذا الدعم يقوى موقف الحكومة الصومالية في حربها ضد الإرهاب ويقلل فرص حركة الشباب في السيطرة وفرض رؤيتهم،ويساعد على تقليل مناطق النفوذ التي  تتخذها الحركة  قاعدة لتنفيذ هجماتها، فإمكانيات الحكومة الصومالية ضعيفة فهى تمد لها يد العون من خلال الضربات والغارات الجوية لطرد الإرهابين والجماعات المتطرفة.(3)

تواصل القوات الأمريكية استخدام الإجراءات المناسبة لحماية المواطنيين الأمريكيين وتعطيل التهديدات الإرهابية ، ويشمل ذلك إقامة شراكة مع بعثة الاتحاد الأفريقي ( أميصوم )، وقوات الأمن الوطنية الصومالية في عمليات مشتركة لمكافحة الإرهاب واستهداف الإرهابين ومعسكرات تدريبهم وملاذاتهم الأمنة في جميع  أنحاء الصومال ومنطقة القرن الأفريقي.(4)

ثانياً- تطورات الأحداث في الصومال

وجهت أفريكوم في 29 أغسطس الماضى، 2 ضربة لهذا العام،استهدفت حركة الشباب والقاعدة في محاولتهم لإنشاء كيان متطرف بالبلاد.عدد الغارات خلال العام والنصف عام الماضى،تزيدات بشكل ملحوظ من خلال استخدام الطائرات بدون طيار ، واستطاعات شِنُّ 418 هجوم خلال 6 أشهر بالتحديد في الفترة مابين أكتوبر 2017 إلى إبريل 2018 . في حين، تصاعدت هجمات حركة الشباب الشهور الاخيرة ، فأصبحت شبه يومية ، وهذا مؤشر على تصاعد قوة التنظيم المتشدد ، فلم تعد تُرَكِّزُ على العاصمة ولكن انتقلت إلى الجنوب والوسط الصومالى، فنفذت أيضاًّ 16 هجوم إرهابى ( داخل كينيا خلال الفترة ما بين أكتوبر 2017 إلى إبريل 2018.(5)

 مؤخراً، كانت تهدف حركة الشباب إلى الانتقال من إقليم جنوب الصومال إلى وسط الصومال (هاراردير) لكى تهاجم السكان المدنيين الذين رفضوا الاعتراف بحركة الشباب ودفع الإتاوات والزكاوات التي فرضت عليهم، وتعاون السكان المحليين مع الحكومة الصومالية والذى أعقب ذلك غارة جماعية جوية من قبل قوات الجيش الأمريكى في  12 أكتوبر الماضى، أسفرت عن مقتل 60 مسلحاً من حركة الشباب وفقاً لأفريكوم ، أما حسب تصريحات الحكومة الصومالية مقتل 70 من مسلحى الحركة وخاصة القيادات من الصف الاول في الحركة .

ثالثاً- الصومال كمدخل للقرن الأفريقي

جغرافياً،يضم إقليم القرن الأفريقي ( جيبوتي ، إريتريا، الصومال ، إثيوبيا)، وبتوسيع القرن الأفريقي ينُضم إليه ( كينيا ، أوغندا، السودان ،جنوب السودان )، هناك مجموعة من الاضرابات في هذه المنطقة وهى على النحو التالى : ( القرصنة ، القواعد العسكرية ، الناتو ) .

لعبة القوى والتوازانات الجديدة في منطقة القرن الأفريقي ( التشابكات وتصارع القوى في القرن الأفريقي ) متمثلة في التنافس الأوروبى ( مستعمرة قديمة )، الولايات المتحدة الأمريكية ( عباءة للسيطرة )، القاعدة الفرنسية في جيبوتي من أجل تأمين الملاحة والتجارة عبر البحر الأحمر ، خاصة بعد سيطرة إيران على مضيق هرمز و خليج عدن ( بتواجد الحوثيون في اليمن )، ولذلك تدعم الولايات المتحدة الأمريكية الحكومية الشرعية من أجل مصالحها وأهدافها ، فضلاً عن العلاقات مع إثيوبيا ، وإسرائيل مع إريتريا، ومن هذا المنطلق تبنى الولايات المتحدة الأمريكية سياستها حيال السيطرة  في القرن الأفريقيي وأضعف مكان للتدخل في المنطقة هى الصومال.

 وفقاً لذلك التنافس على منطقة القرن الأفريقي، تبرز أهمية هذه المنطقة وذلك على النحو التالي:

1.            الشرق (المجرى الملاحي والبحر الأحمر).

2.            الغرب (بعض الدول التي تسيطر على حوض النيل).

3.            الملاحة (جنوب البحر الأحمر وخليج عدن).

4.            الأهمية الاستراتيجية والأمنية لكلاً من (مصر ، الوطن العربى ، دول البحر الأحمر).

رابعاً- مكافحة الإرهاب والتطرف .. المستقبل في ظل الصراعات

    الولايات المتحدة الأمريكية جزء من الحل والمشكلة إن أردات، فالصومال تتمتع بالموارد والثروات المعدنية ( اليورانيوم ، البترول )، وهناك خريطة ثروات الصومال تظهر مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في الصومال ، فضلاً عن تواجد 6 قواعد عسكرية في جيبوتي وقاعدتين في صوماليلاند وإريتريا ، بالإضافة إلى مجموعة من التحديات ومن أبرزها :

1- تواجد دول مثل ( تركيا ، إيران ، قطر ) من خلال الآساليب التي تقوم بها كل دولة، فتركيا لديها قاعدة عسكرية في الصومال، إيران (دعم الحوثيين في اليمن)، قطر ( تدعم الإرهاب سواء كان مادياً أو إعلامياً ) .

2- الظروف الداخلية في الصومال ( الجهل، الفقر، التخلف وانضمام الشباب في الصومال للتنظيمات الإرهابية نظراً ، للظلم الاجتماعى، المعاناة والحصار، الجفاف ، التعليم، والصحة ) .

أهم الآساليب في التعامل مع الأوضاع الأمنية في الصومال

    ولتحقيق الاستقرار في الصومال يتطلب الاعتراف أولاً بالوطن الصومالى بإقاليمه الخمس ، وعدم الاكتفاء بالمساعدات الانسانية والإغاثية فقط ، فلابد من تقديم الدعم للحكومة في بناء المؤسسات الخاصة بمواجهة الأزمات ، حل المشكلات بين الإقاليم والمركز .(6)

     يجب التخلص من التطرف والإرهاب، ولكن ليس في الوقت الراهن هناك تحديات منها صعود تنظيمات إرهابية أخرى في القرن الأفريقي غير حركة الشباب، فيوجد داعش في بونت لاند ، وصاعدون بالحق، فضلاً عن وجود جزء متعاطف مع حركة الشباب، الاوضاع المعيشية الصعبة ، والغضب من قبل  المؤيدين لحركة الشباب لفرض الاوضاع على الارض بالسلاح .

        وصَفْوَةُ القول،يمكن توضيح أهم آليات مكافحة الإرهاب في الصومال والقرن الأفريقي :

نشر الوعي والدين الوسط لمواجهة الفتاوى التي ينقلها علماء التطرف و حركة شباب المجاهدين غير المتخصصين في الدين الإسلامي.

التعاون الإقليمي (الاتحاد الأفريقي، الجامعة العربية) لتحقيق الأمن العربي، الإسلامي،الشرق أوسطي، ونشر السلام والحرية والقيم الأخرى.

استغلال أن هناك ثلاث دول عربية (جيبوتي،الصومال،السودان) ، من خلال تقديم الدعم من قبل الدول الكبري في الوطن العربي (مصر والسعودية) من خلال الإمكانيات المادية والبشرية والعسكرية.

المحور التنموي( تقديم الخدمات للأهالي، تجديد الفكر، المساعدة  في إقامة المشروعات في الصومال لإيجاد فرص العمل للشباب والاستفادة من الثروات  .

المحاولات الإقليمية من قبل المحادثات الثلاثية (مصر ، الإمارات ، والسعودية) بين إثيوبيا ، إريتريا ، والصومال لتحقيق الأمن والاستقرار في الصومال والقرن الأفريقي.

الهوامش

1-      "أفريكوم: مقتل 60 مسلحاً بغارة جوية أمريكية في الصومال " ، مفكرة شرق أفريقيا الإخبارية ، تاريخ الدخول: 20 – 10 – 2018،  متاح على الرابط التالي:   

http://mofakira.net/?p=2174

2-      حركة الشباب الإسلامية أو حزب الشباب أو الشباب المجاهدين أو الشباب الجهادى. نشأت في عام 2004 ، فهى الذراع العسكرى لاتحاد المحاكم الإسلامية التي انهزمت أمام القوات التابعة للحكومة الصومالية المؤقتة ، وانشقت عن المحاكم بعد ظهور مايعرف بتحالف المعارضة الصومالية ، وتكون التدريبات في إريتريا لمدة أسابيع لاكتساب المهارات وحرب العصابات واستخدام القنايل والمتفجرات،  للمزيد أنظر : موقع البينة للدراسات والأبحاث الوهابية،متاح على الرابط التالى:                                                                  http://elwahabiya.com        

3-      أميرة عبد الحليم ، “سياسات مكافحة الإرهاب في الصومال" ، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،  تاريخ الدخول: 22-10-2018، متاح على الرابط التالي:            http://acpss.ahram.org.eg/News/16544.aspx

4-      “U.S. Conducts Airstrike in Support of the Federal Government of Somalia”, United States Africa Command, Access on: 20-10-2018, Available at: https://www.africom.mil/media-room/pressrelease/31273/u-s-conducts-airstrike-in-support-of-the-federal-government-of-somalia

5-      سيث حونز، آندرو ليبمان ،" استراتيجية مكافحة الإرهاب والتمرد في الصومال: تقييم الحملة ضد حركة الشباب، مؤسسة Rand كاليفورنيا: مؤسسة Rand "، 2016.

6-      أيمن شبانة ،" مأزق فرماجو: مستقبل الصومال في ظل تصاعد هجمات الشباب المجاهدين " ، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، تاريخ الدخول: 20-10 -2018، متاح على الرابط:

https://futureuae.com/ar AE/Mainpage/Item/

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟