المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
وليد محمد القاضي
وليد محمد القاضي

المستقبل النووى الغامض لمنطقة الشرق الأوسط

الإثنين 09/ديسمبر/2019 - 02:17 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

منذ أيام، اختُتِمَت أعمال المؤتمر الخاص بمسألة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى فى الشرق الأوسط، والذى عُقِد فى مقر منظمة الأمم المتحدة بنيويورك فيما بين 18 و22 نوفمبر 2019 الماضي، وشارك فيه عدد من دول المنطقة وبعض القوى الدولية، بالإضافة إلى عدة منظمات - حكومية وغير حكومية –معنية بالشأن النووى عموماً وبالقضية الشرق أوسطية على نحوٍ خاص. وقد خلُص المؤتمر إلى إصدار "إعلان سياسى" يشتمل على سبع نقاط، تضمَّنت فى ثناياها التأكيد على التزام الدول المشاركة بالعمل على إبرام معاهدة ملزمة قانوناً فى هذا الصدد، بما يسهم فى تحقيق الأمن والسلام الإقليمى والدولى؛ والترحيب بكافة المبادرات والتوصيات والقرارات التى من شأنها المساعدة فى تحقيق هذا الهدف؛ ودعوة دول الشرق الأوسط وكافة الدول الأخرى للامتناع عن اتخاذ أى إجراء مثبِّط لهذا السعى. هذا، وقد اتُفِق على انعقاد مؤتمر سنوى حول هذه المسألة لمحاولة تذليل العقبات التى تعوقها إلى أن يتم التوصل إلى معاهدة ملزمة قانوناً تحكم عملية إنشاء المنطقة الخالية فى الشرق الأوسط، وتقرَّر عقد المؤتمر القادم فيما بين 16 و20 نوفمبر 2020.

تجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر كان هو الأول من نوعه الذى انعقد خصيصاً لمناقشة هذه القضية المصيرية، وقد انعقد بناءً علىقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 546/73 الصادر فى ديسمبر الماضى، والذى تمَّ بموجبه تفويضالسكرتير العام للأمم المتحدة السيد/ أنطونيو غوتيريشليتولى مسألة التنسيق لانعقاد المؤتمر قبل انتهاء عام 2019. والحق أن مسألة انعقاد هذا المؤتمر فى حد ذاتها تُعَد نجاحاً كبيراً؛ إذ كان من المفترض القيام بهذه الخطوة قبل انقضاء عام 2012 وفقاً لنتائج مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووى لعام 2010، ولكن كانت هناك عوامل مثبِّطة كثيرة قد يُشَار إليها فى طيَّات هذه الورقة. بيد أنه على الرغم من نجاح الانعقاد، ورغم النوايا الحسنة للدول المجتمعة، فإن المعطيات والملابسات المنوطة بهذا المؤتمر الوليد لا تدفعنا سوى للقول بأنه قد وُئِد فى مهدهوأنه – وكذا المؤتمرات المستقبلية المناظرة له –لميكن سوى "مكلمة –talk shop" لا أكثر، ما يعنى أن الأهداف التى يُرجَى تحقيقها منه لن تُنَال، وذلك حتى على المديين المتوسط والبعيد.

لقد تم إنشاء أولىالمناطق الخالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل الأخرىفى العالم فىالقارة القطبية الجنوبية "أنتاركتيكا" فى عام 1961، تلاها إنشاء مناطق مماثلة خاصة بكلٍ من الفضاء الخارجى (1967) وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبى (1969) وقاع البحر (1972) وجنوب المحيط الهادىء (1986) وجنوب شرق آسيا (1997) وآسيا الوسطى وأفريقيا (2009). ولقد كان العامل الأساس فى نجاح إنشاء هذه المناطق وإبرام المعاهدات المنوطة بهاهو توافق مصالح جميع الأطراف المعنيين واتفاقهم من حيث المبدأ على ضرورة مواجهة التهديدات التى قد يسفر عنها امتلاك أسلحة الدمار الشامل. وهكذا، خرجت هذه المناطق ومعاهداتها إلى النور. أمَّا فى مؤتمر نيويورك الذى نحن بصدده، فقد شاركت جميع الدول العربية، بالإضافة إلى إيران وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، ولم تشارك إسرائيل ولا الولايات المتحدة اللتين أعلنتا منذ فترة مقاطعتهما لهذا المؤتمر، بل ورفضهما للمبدأ فى حد ذاته بالتصويت السلبى على مشروع قرار مصرى يقضى بإنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط، وذلك فى أكتوبر الماضى،أثناء انعقاد اللجنة الأولى فى سياق الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وهكذا، بينما كان العامل الأساس فى نجاح إنشاء المناطق المذكورة هو اتفاق أطرافها على مبدأ الإخلاء، فإن العامل الأساس لفقدان قيمة مؤتمر نيويورك هو عدم اتفاق أطرافه، بل وقوى دولية، على إنشاء منطقة مماثلة فى الشرق الأوسط.

وقد يندهش المرءبدايةً من امتناع الولايات المتحدةعن دعم هذا المؤتمر وأهدافه، لاسيَّماحينما يحدوه التفكير بالعلاقات الأمريكية – الإيرانية السيئة للغاية؛ إذ من الظاهر للجميع أن أهم الدوافع الأمريكية لإعادة فرض العقوبات على إيران يتمثل فى رفض الإدارة الحالية لخطة العمل المشتركة "JCPOA" المنوطة بالملف النووى الإيرانى والمبرمة فى عام 2015، ذلك الرفض الذى صاحبه تشكيك أمريكىفى نوايا طهران النووية، واتهاماتمتكررة بالسعى للحصول على السلاح النووى، ما يهدد المصالح الأمريكية فى الداخل والخارج. وكان ذلك هو السبب الرئيسى المزعوم لانسحاب الولايات المتحدة من الخطة المذكورة. ومن ثَمَّ، يصبح من المنطقى جداً القول بأن الفرصة قد تهيَّأت للولايات المتحدة لتحقيق مصالحها المتمثلة فى تقييد إيران والتخلص من تهديداتها تجاه حلفاء واشنطن فى المنطقة، لاسيَّما إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وذلك من خلال دعم مؤتمر نيويوركالذى تشارك فيه إيران. ولكن للغة المصالح أكثر من وجه، يأتى فى مقدمتها استخدام سياسة المعايير المزدوجة أوالكيل بمكيالين.

لا ريب لدينا فى أن موقف واشنطن ناشئ عن هيمنة إسرائيلية فجَّة على القيادة الأمريكية الحالية، وهذا أمر طاغى الجلاء بيِّن الوضوح، ولنا فيما اتخذته الولايات المتحدة من إجراءات لصالح إسرائيل فى السنوات القليلة الماضية ما يؤكد ذلك؛ حيثقرارات الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب، والاعتراف بالجولان السورية المحتلة أرضاً خاضعة للسيادة الإسرائيلية، وأخيراً – وليس آخراً –الإعلان بأن واشنطن لا ترى فى المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية انتهاكاً للقانون الدولى. ورغمالانتهاكات السافرة التى تشكلها هذه الإجراءات لمبادىء القانون الدولى ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وكذا رغم التنديد الدولى العريض بهذه الإجراءات – فإن الولايات المتحدة قد أقدمت عليها لتوطيد علاقتها العضوية مع إسرائيل أكثر وأكثر.

ولعل الإجابة عن سبب انقياد واشنطن الأعمىوسعيها الدؤوب المتعاظم لتلبية المصالح الإسرائيلية فى الوقت الحالى -تكمنوراءالجهود الكبرى التى تبذلها البطانة الإنجيليةوالشخصيات المتطرفة المحيطة بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والتى تدفعه دفعاً إلى اتخاذ كل ما أمكن لصالح إسرائيل،ومحاولة استغلال حالة الضعف الإقليمى العربى غير المسبوقة، والناتجة عن استشراء الأزمات والخلافات – أو على الأقل – اختلاف التوجهات والمصالح بين الأقطار العربية، هذا بالإضافة إلىتصورٍ مفاده أن الولايات المتحدة ترغب فى تعزيز إمكانات ابنتها المدللة– إسرائيل - وتقوية شوكتها فى المنطقة قبل انسحابها – كما تزعم - من منطقة الشرق الأوسط. والحق أن هذه الغاية قد بلغت حداً عظيماً؛ ولا تزال الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بشتى السبل تكنولوجياً وسياسياً واقتصادياً، بل وحتى جغرافياً عبر الاعتراف بأحقيتها فى أراضٍ ليست من حقها. وفى هذا السياق، لا يحتاج المرء الكثير لملاحظة أنإسرائيل تعيش فى مأمنٍ من الأزمات والاضطرابات والقلاقل التى تعترى جيرانها، وأنها الدولة الوحيدة المستفيدة من كل ما يحدث من خطوبٍعلى ساحة الشرق الأوسط؛ إذ بينما تزداد دول الإقليم ضعفاً، تزداد هى قوة وتتعاظم فرص حصولها على مكاسب بفرض الأمر الواقع.

كما قلنا سابقاً هناك ازدواجية فى المعايير عندما يتعلق الأمر بتحقيق المصالح، لاسيَّما إذا كانت مصالح قوة عظمى مثل الولايات المتحدة؛فعبر هذا النهج، عكف ترامب على الترويج لاستراتيجية خبيثة تصور إيران على أنها العدو اللدود للمملكة العربية السعودية ولباقى الدول العربية، وكذا لإسرائيل، وأنها الشيطان الأكبر الذى يهدد ببث الفتن وتقويض أمن دول المنطقة عبر شتى الأدوات، بما فى ذلك الأسلحة التقليدية وغير التقليدية – هذا فى الوقت الذى يدافع فيه ترامب باستماتة عن إسرائيل التى تمتلك بالفعل سلاحاً نووياً منذ عقود، والتى تغتصب أراضٍ عربية بالقوة، فضلاً عن انتهاكها لقرارات الشرعية الدولية وتحديها لها.

إنسياسة ترامب الخبيثة هذهتهدف إلى تحقيق هدفين فى غاية الأهمية بالنسبة له؛ الأول، استمرار ممارسة الضغط - أو الابتزاز إن جاز التعبير – على المملكة العربية السعودية للحصول على المزيد من مليارات الدولارات،وهو الأمر الذى نستشفه بوضوح من عقلية رجل الأعمال الذى لا يهتم سوى بكيفية تحصيل الأموال؛ والثانى، هو خلق جو إقليمى ملائم يساعد على اندماج إسرائيل واحتوائها عبر الإيحاء بوجود ملفات تشترك فى إطارها – بل وتتوحَّد - المواقف العربية والإسرائيلية معاً، وذلك مثل ملفَى إيران والإرهاب وغيرهما. ولا يغيب عن البال فى هذا السياق أن المؤتمر الذى عُقِد فى العاصمة البحرينية المنامة فىيونيو الماضىللتباحث حول الشق الاقتصادى لصفقة القرن، كان هدفه الأساسى محاولة إدماج إسرائيل إقليمياً وجذب الدول العربية للتطبيع معها عبر مغريات اقتصادية تجعلها تتناسى ملفات القضية الفلسطينية العصيَّة على الحل، ولكن باء المؤتمر بالفشل.

إن عدم مشاركة الولايات المتحدة فى مؤتمر نيويوركيعزز من وضعية إلهاء المجتمع الدولى عن الملف النووى الإسرائيلى؛ إذ لو كانت قد شاركتفى المؤتمر– وكذا إسرائيل –، فسيكون هناك إيحاءٌ بموافقتهما على مبدأ إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، ما يترتب عليه الموافقة على حرمان إسرائيل من مقدراتها النووية وفقاً للمعاهدة الملزمة التى يُرجَى الوصول إليها، وهو الأمر الذى لا تريده إسرائيل، ومن ثَمَّ الولايات المتحدة.

وفى هذا السياق،قد يتبيَّن للمرء السبب وراء تخلى الولايات المتحدة عن التزاماتها تجاه إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط، وذلك وفقاً لما أفادت به ورقة العمل - رقم 33 - التى قدمها الوفد الأمريكى أثناء انعقاد اللجنة التحضيرية الثانية لمؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووى فى أبريل/ مايو 2018، وذلك رغم أنها كانت إحدى الدول الثلاث الضامنة –إلى جانب روسيا والمملكة المتحدة –لإنشاء هذه المنطقة، وفقاً لقرار الشرق الأوسط الصادر عن مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووى فى عام 1995.وقد طرحت الورقة المُقدَّمة أن مسئولية إنشاء المنطقة متروكة لبلدانها، ورغم ذلك اشترطت أن تعترف جميع دول المنطقة بإسرائيل، وأن تنضم – قبل إسرائيل - للبروتوكول الإضافى للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك حتى تقبل إسرائيل الدخول فى مفاوضات حول هذه القضية،وهو ما لم يتحقق حتى الآن. ومن هذا المنطلق، قاطعت إسرائيل مؤتمر نيويورك، مع ترجيح مقاطعتها للمؤتمرات المثيلة مستقبلاً.

لقد اقتضت سياسة الكيل بمكيالين أن تغض الولايات المتحدة الطرف عن إسرائيل التى تمتلك بالفعل أسلحة نووية، والتى لا تزال ترفض الانضمام لمعاهدة منع الانتشار، رغم مضى نحو 50 عاماً على دخولها حيز النفاذ، بينما تقوم بمهاجمة إيران وتتهمها بأنها انتهكت خطة العمل المشتركة وتسعى للحصول على سلاح نووى، رغم أن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أثبتت أن طهران كانت ملتزمة بما أملته خطة العمل المشتركة عليها.

فى الواقع، إن التصرفات الأمريكية المذكورة أعلاه تمثل العائق الأساسى أمام إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط، والتى تنم عن اعتبارات أنانية براجماتية محضة، دونما أى نظر لحق شعوب المنطقة للعيش فىأمنٍ وسلام خاليين من أى تهديد، سواء كان نووياً أو غير نووى. وما دامت إسرائيل لا تلقَ ضغطاً من راعيتها الكبرى، فإن هذا الملف الشائك لن يتم التوصل إلى قرارٍ حاسم فيه. بل على العكس، ستزداد التهديدات وفرص سباق التسلح النووى فى المنطقة لمحاولة ضمان الردع النووى والحفاظ على الأمن القُطرى فى بيئة يتخللها العداء وفقدان الثقة.إن رفض إسرائيل المشاركة فى مؤتمر نيويورك، ومن قبله تقويضها لانعقاده قبل عام 2012،يؤكد على أن لها مصالح ومزايا نووية ترغب فى الحفاظ عليها، وهذا قائم بالفعل منذ وقتٍ طويل، ومن غير المرجَّح أن تتخلَّى عن مقدراتها النووية بناءً على معاهدة إقليمية تقيد امتيازاتها؛ ولو كانت نيتها متوفرة لذلك، لانضمَّت إلى معاهدة منع الانتشار النووى والمعاهدات الأخرى ذات الصلة.

 ومن جانبها، تجد إيران نفسها مُجبَرة على تبنِّى السبيل النووى العسكرى نتيجة العقوبات والاستفزازات الأمريكية، وإخلال واشنطن بالتزامها تجاه خطة العمل المشتركة؛ فمن جهة، يفضى هذا السبيل إلى تقوية شوكة طهران، فيما يؤدى إلى موازنة القوة النووية الإسرائيلية من جهةٍ أخرى. وذات الأمر بالنسبة للمملكة العربية السعودية التى قد تسعى لامتلاك السلاح النووى جرَّاء استمرار شعورها بالقلق من قِبَل إيران.وبالمناسبة،هذا الأمر ليس مستبعداًفى ضوء ما صرَّح به ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان فى أواسط العام الماضىمن أن المملكة لن تتوانَ عن رفع مقدراتها العسكرية لمعادلة قدرات جيرانها، ما يعنى أن كل السبل متاحة، حتى النووية منها.ومن ثَمَّ، بدلاً من أن تشهد منطقة الشرق الأوسط تقدماً نحو إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، ستشهد نزوعاً مناقضاً نحو سباق التسلح النووى.

ودون مواربة، فإن هذه النتيجة المؤسفة هى ذاتها التى يعطينا إياها مؤتمر نيويورك المنقضى؛ إذ إن عدم وجود قوة دولية كبرى بحجم الولايات المتحدة تعين على إنشاء مثل هذه المنطقة، إلى جانب رفض إسرائيل للمشاركة فى مفاوضاتٍ حولها، يضربان الجهود الدولية المنوطة بهذه القضية فى صميمها ويُفقداها قيمتها. ولعل هذا ما أدركه المشاركون فى المؤتمر، فقاموا بإصدار "إعلان سياسى" يسرد بنود عامة فضفاضة تدعو إلى نزع السلاح النووى والتحذير من مخاطره، بدلاً من إبرام اتفاق إطارى يحدد هذه المسألة؛ إذ كيف يمكن عمل اتفاقية تجمع كافة الدول العربية – التى لا تملك أسلحة نووية فى الأصل – وإيران لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط بمعزل عن دولة إقليمية رئيسية حائزة على السلاح النووى وهى إسرائيل؟! فى الواقع إن مستقبل إنشاء هذه المنطقة يُعَد غامضاً وغير مواتٍ إلى حدٍ بعيد، ما دامت تُصِرُّ كلٌ من إسرائيل والولايات المتحدة على موقفهما الصريح من هذه القضية.

وبناءً على ما سبق، يُتصوَّر أنه من الممكن التفكير فى سيناريوهات بديلة أخف وطأة من سباق التسلح النووى؛ فإذا كان من "المستحيل" إثناء إسرائيل عن موقفها من إنشاء مثل هذه المنطقة، فعلى الأقل يمكن العمل على مراجعة العلاقات السعودية – الإيرانية على نحوٍ خاص، وتسوية ما يرتبط بها من خلافات، وذلك لكى لا تتصاعد الأحداث إلى ما هو أسوأ، ولأجل البحث عن سيناريوهات واقعية يمكن من خلالها تحجيم المعضلات المتعلقة بالقضية النووية فى منطقة الشرق الأوسط. وهذه المراجعة ليست مستحيلة، لاسيَّما وأن العلاقات الإماراتية - الإيرانية قد شهدت مؤخراً تحولاً إيجابياً ملحوظاً بعد سنوات من العداء، فيما تتمتع الدول الخليجية الأخرى بعلاقاتٍ جيدة مع إيران.وريثما يتم ذلك، يجب العمل أولاً على تصفية الخلافات العربية – العربية وتشكيل جبهة عربية موحدة أمام كافة القوى الإقليمية غير العربية. فهذا هو السبيل الأكثر واقعية لمواجهة أى أخطار تهدد الأمن القومى العربى واستقراره. وما دامت إسرائيل قد اعتادت على سياسة فرض الأمر الواقع، والتحدث بلغة القوة، فمن المتصوَّر ألا تعدم الدول العربية – فى حال توحدها - فكرة معاملتها بالمثل، واتخاذ إجراءات حاسمة تجاهها، دون الاقتصار على التنديد والإدانة.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟