المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

تفاؤل حذر .. الدوافع الإيرانية لتأييد مصطفي الكاظمى في العراق

الجمعة 17/أبريل/2020 - 03:45 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

يبدو وكأن هناك نوع من التوافق الواضح بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية في العراق فيما يتعلق بترشيح رئيس جهاز المخابرات العراقي مصطفي الكاظمى بعد اعتذار سلفه عدنان الزورفي الذي فشل في تشكيل الحكومة منذ صدور أمر تكليفه في مارس 2020، على خلفية عدم نجاحه في توحيد التيارات السياسية وخاصًة الشيعية لدعمه في عملية تشكيل الحكومة.

في السياق ذاته، اتضح أن هناك توافق واضح حول شخصية الكاظمى، على اعتبار كونه شخصية مستقلة لا تنتمى لأى تيار سياسي داخل الدولة العراقية؛ حيث يتمتع الكاظمى بعلاقات جيدة مع عدد كبير من المؤسسات والأجهزة السيادية في العراق وخارجه. وعلى صعيد أخر، استطاع الكاظمى تصفية خلافاته القائمة مع طهران من خلال زيارة قام بها إلى جماعة "حزب الله" اللبنانية المقربة من إيران.

أولاً- التوافق الأمريكي – الإيراني حول كاظمى

تعتبر قضية ترشيح الكاظمى من القضايا الهامة التي أبرزت التوافق بين واشنطن وطهران للمرة الأولى بعد فترة حاسمة من تاريخ التصعيد السياسى داخل المنطقة بين البلدين، لاسيما بعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية باغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بمرافقة قائد الحشد الشعبي في العراق أبومهدى المهندس في 3 يناير 2020 قرب مطار بغداد الدولى، وهو الأمر الذي توعدت طهران بأن الرد عليه سيتم عبر سنوات عدة قادمة، كما أنه سوف لن يقتصر فقط على الرد داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بل سيطال الأمر  مصالحها ومصالح حلفاءها في المنطقة، فضلاً عن حلفاءها الأوروبيين.

ولكن يمكن القول أن التوافق الأمريكي مع إيران فيما يتعلق بتكليف الكاظمى هو نتاج عملية توازن القوى بين واشنطن – طهران في العراق، خاصًة بعد جولات الضربات العسكرية المتبادلة بين واشنطن وكتائب حزب الله في العراق المستمرة منذ ما قبل اغتيال سليمانى وحتى نهاية مارس 2020 ، وهو الأمر الذي يتم في ظل قيام واشنطن بسحب القوات العسكرية التابعة لها في بغداد حتى تم تجميع كل القوات في 3 قواعد عسكرية فقط(1).

 ومن ناحية أخرى، جاء هذا التوافق على خلفية رغبة الجمهورية الإسلامية في التهدئة مع واشنطن بدافع التصعيد المتبادل بينهما بشأن تفاقم أزمة كورونا في طهران والمطالب الإيرانية لواشنطن بتخفيف العقوبات الاقتصادية عليها لمساعدتها على الحد من تفشي أزمة كورونا، ولكن قابلت الولايات المتحدة الأمريكية هذا الأمر بالرفض الشديد مؤكدة على أن الهدف منه يتمثل في حاجة الجمهورية الإسلامية لزيادة دعم الموجه للميليشيات التابعة لها في المنطقة وهو الأمر الذي ترفضه واشنطن لأنه يساهم بشكل كبير في تهديد مصالحها ومصالح حلفاءها في المنطقة، كما رفضت واشنطن إيضًا المطلب الإيراني بالحصول على قرض من صندوق النقد الدولى، مشيرة إلى إنه سيذهب لدعم الميليشيات أيضًا، وأن الأمر لا يتعلق بأزمة كورونا(2).

ثانيًا- حل الخلافات السياسية مع طهران

يبدو وكأن الزيارة التي قام بها القائد الجديد لفيلق القدس التابع للحرس إسماعيل قاآنى للعراق في بداية إبريل لعام 2020 كان لها دور كبير في الموقف الإيراني من دعم تكليف مصطفي الكاظمى في العراق، حيث شهدت هذه الزيارة لقاء قاآنى بعدد كبير إن لم يكن كل التيارات السياسية الشيعية في بغداد بشأن هذا الأمر، ومن هنا تتضح معالم قوة النفوذ الإيراني في العراق، وإنه عند موافقة طهران على مرشح سياسي بعينه يعتبر الأمر منتهى بالنسبة لقادة الجماعة الشيعية في العراق بشكل خاص ودول المنطقة بشكل عام(3).

فعلى الرغم من توارد بعض الأخبار بعد اغيتال سليمانى عن تورط رئيس الجهاز المخابراتى في العراق مصطفي الكاظمى في هذا الأمر، على خلفية علاقته القوية بالولايات المتحدة الأمريكية وبعدد كبير من المنظمات الأمريكية حول العالم، لكنه قام بزيارة بيروت قبل بضعة أيام من صدور أمر تكليفه لتصفيه الخلاف القائم مع طهران في هذا الأمر عبر جماعة حزب الله التابعة لها في لبنان، وبالفعل نجح في هذا الشأن، وكانت النتائج إيجابية(4).

ثالثًا- توافق التيارات السياسية في العراق

كان رئيس جهاز المخابرات العراقي مصطفى الكاظمى من أبرز الشخصيات التى حصلت على تأييد كبير من غالبية التيارات السياسية الموجودة داخل الدولة العراقية ولاسيما الشيعية منها؛ حيث حضرت كل الأحزاب والقوى السياسية مراسم تكليفه بما تضمن وجود رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، ممثلين عن الحزبين الكرديين الرئيسيين، ممثلين عن تحالف القوى العراقية، فضلاً عن ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت،  بما فيها تلك التى رفضت ترشحه فيما سبق، حتى ائتلاف النصر الموالى لسلفه عدنان الزورفي الذى كان رافضًا لفكرة تكليف الكاظمى حتى بعد اعتذاره عن تولى المنصب(5).

في السياق ذاته، يأتى ذلك في ظل اعتبار الكاظمى شخصية مستقلة لا تنتمى لأي تيار سياسي؛ حيث يحظى الكاظمى بدعم كبير على خلفية اعتباره قائداً لأقوى جهاز  أمنى داخل الدولة العراقية، وهو الأمر الذي جعله يتمتع بعلاقات طيبة مع عدد من المسؤولين والمؤسسات الهامة داخليًا وخارجيًا. في الوقت ذاته، يحظى الكاظمى بالميزة الأهم والتي تحتاج إليها الدولة العراقية في الوقت الحالى الا وهو دعم الشارع العراقي وخاصًة في ظل حالة التخبط السياسي والاقتصادى التي كانت تعيشها بغداد منذ اندلاع الاحتجاجات التي تصاعدت في الربع الأخير من عام 2019 بسبب الاعتراض على تفشي ظاهرة الفساد السياسى والاقتصادى داخل غالبية المؤسسات السيادية.

وتأسيسًا على ما سبق، جاء التأييد الإيراني لترشيح مصطفي الكاظمى في العراق على لسان المتحدث الرسمي بإسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي في 9 إبريل 2020، قائلاً:" ترحب جمهورية إيران الإسلامية باتفاق الجماعات السياسية في العراق اليوم، الذي أسفر عن ترشيح السيد مصطفى الكاظمي رئيسًا جديداً للوزراء، وتعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح؛ حيث يعد توافق جميع التيارات السياسية العراقية هو السبيل الوحيد لحل النزاعات سلميًا"، مضيفًا " إن جمهورية إيران الإسلامية تكرر إعلان استعدادها الكامل للتعاون مع الحكومة العراقية الجديدة من أجل التغلب على مشاكل البلاد"(6).

في النهاية، يمكن القول أن التوافق الإيرانى مع الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية وعلى شخص الكاظمى من ناحية أخرى، لا يعتبر نهاية المطاف بالنسبة لما تعانية الدولة العراقية من مشكلات مع هاتين الطرفين؛ ففي الوقت الذي حدث فيه هذا التوافق، من المحتمل استمرار حالة التنافس العسكرى المتبادل بين كل من واشنطن وكتائب حزب الله المدعومة من طهران في العراق، فضلاً عن كيفية توفيق الكاظمى نفسه بين مصالح كل من الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية في العراق.

الهوامش

1-      رئيس الوزراء العراقي المكلف.. من الصحافة إلى دهاليز المخابرات، وكالة الأنباء الألمانية(دويتشة فله)، 9/4/2020، متاح على الرابط التالى https://cutt.ly/Rt959gJ .

2-           Osama Al Sharif, For AlKazemi to succeed, he must steer Iraq away from US-Iran tensions, The jordan Times, 14-4-2020, avaliable at http://www.jordantimes.com/opinion/osama-al-sharif/alkazemi-succeed-he-must-steer-iraq-away-us-iran-tensions.

3-      زيارة قاآني لبغداد تتوج بالتوافق على الكاظمي، ميدل إيست أونلاين، 8/4/2020، متاح على الرابط التالى https://cutt.ly/Ht96Jf1 .

4-      محمد على، اتهمه بالتورط فى اغتيال سليماني..حزب الله العراقي يحذر من ترشيح الكاظمي لرئاسة الوزراء، 3/3/2020، صدى البلد، متاح على الرابط التالى https://www.elbalad.news/4198137.

5-      ترحيب إيراني بتكليف الكاظمي لتشكيل حكومة بغداد، عربي 21، 9 إبريل 2020، متاح على الرابط التالى https://cutt.ly/jt3w3xt .


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟