المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

كيف يمكن لفيروس كورونا أن يجعل الشرق الأوسط أكثر خطورة؟

الخميس 23/أبريل/2020 - 02:33 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
كولين كلارك، ترجمة: مصطفى صلاح

لا شك أن الأثر الجيوسياسي لفيروس كورونا المستجد له العديد من الانعكاسات الممتدة على الكصير من الدول والمناطق في النظام الدولي، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط الذي يشهد اضطرابات قبل ظهور الوباء، والتي سوف يساهم انتشار هذا الوفاء في تنامي عدم استقرار هذه الدول ويزيد من حدة الصراعات والمعاناة الإنسانية خاصة تجاه قضايا اللجوء نتيجة النزاعات والحروب الأهلية، كما من المرجح أن تزيد جائحة فيروس كورونا من التمييز السني والشيعة.

ومن ثم فإن آثار هذا الفيروس ستمتد للتأثير على كثير من دول المنطقة كما هو الحال بالنسبة لإيران، كما ستواجه حكومات دول المنطقة وأنظمتها الحاكمة تحديات كبيرة في التعامل مع انتشار الفيروس وتداعياته، خاصة فيما يتعلق بالأنظمة الصحية التي تشهد تراجعًا ملحوظًا في الاهتمام بها نتيجة توجيه كافة الأدوات التي تمتلكها دول المنطقة نحو الصراعات والابتعاد عن جهود التنمية المستدامة.

الجماعات الإرهابية المستفيد الأكبر

بالتوازي مع جهود الحكومات والدول لتعزيز مواردها للتعامل مع الوباء، فمن المرجح أن تتمكن الجماعات الإرهابية من تعزيز نفوذها خاصة في دول مثل سوريا والعراق وأماكن أخرى، وستسعى هذه المجموعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) للاستفادة من تخفيض القوات الأمريكية والعراقية أثناء مواجهة انتشار الفيروس لأغراض الدعاية لها وحشد المؤيدين.

كما ستتطلع الجماعات الإرهابية والمتمردة الأخرى إلى الاستفادة من انتشار الفيروس في سوريا؛ حيث قدمت هيئة تحرير الشام (HTS) نصائح حول كيفية بقاء السوريين بصحة جيدة وتجنب الفيروس، وتستهدف من ذلك أن تستثمر جهودها الشعبية في شمال غرب سوريا إلى شعور أكبر بالشرعية السياسية. وفي لبنان جمع حزب الله فريقًا من المتطوعين من مجموعته الصحية في لإدارة العيادات الطبية وتنسيق سيارات الإسعاف والاستجابة للطوارئ. في الفترة التي سبقت الوباء مباشرة، خاصة بعدما تضررت الحكومة اللبنانية بصورة من الأزمة المالية والاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، في ظل تأكيد بعد التقارير بأن الإغلاق الجزئي هناك يكلف البلاد حوالي 2.5 مليار دولار شهريًا.

معاناة إنسانية

إلى جانب العواقب الطائفية والأمنية، ستكون المعاناة الإنسانية هائلة خاصة مع ضغوط السيولة النقدية نتيجة الركود العالمي وانخفاض أسعار الطاقة الناجم عن حرب أسعار النفط، ومن ثم فإن هذه الدول لديها موارد أقل لتوزيعها.

ومن ناحية أخرى فإن بعض الدول مثل ليبيا وسوريا التي تشهد حروبًا داخلية أكثر عرضة للكثير من المخاطر خاصة فيما يتعلق بأنظمة الرعاية الصحية بسبب الحالة من الفوضى الناجمة عن الحرب الأهلية، خاصة وأن الفيروس التاجي يمثل تهديدًا خطيرًا في الأماكن ذات البنى التحتية للرعاية الصحية التي تعمل بكامل طاقتها ، ومن ثم فلا يمكن توقع إلا أن مخاطر هذا الفيروس ستتضخم في البلدان التي لا يوجد فيها مثل هذا النظام الطبي، خاصة في العديد من الأماكن المتضررة من النزاع والتي تفتقر المعدات والخدمات الطبية مثل العناية المركزة والوصول إلى أجهزة التنفس الصناعي والأكسجين بشكل كامل.

ففي محافظة إدلب شمال غرب سوريا فقد أُجبر ما يقرب من مليون شخص على الفرار من ديارهم منذ ديسمبر 2019، ولا يوجد سوى ثلاثة مستشفيات مع وحدات العناية المركزة، كما تُعد اليمن مثال آخر على ذلك خاصة بعد سنوات من المعاناة من الحروب الأهلية والتي لا تزال من بين البلاد الأكثر ضعفَا وهشاشة في العالم. وعلى الرغم من أنه لم يتم الإبلاغ عن أي حالة إصابة بالفيروس التاجي في اليمن حتى أوائل أبريل 2020، إلا أن الحرب أعاقت قدرة اليمن على الاستجابة للتعامل مع هذا الوباء، وليس هناك شك في أنه في حالة تفشي المرض ستواجه البلاد مأساة إنسانية، خاصة وأن  93 بالمائة من المعدات الطبية في البلاد خارج الخدمة بسبب الحرب الأهلية.

                إن التدابير الاحترازية التي تتخذها السلطات اليمنية لها تأثير سلبي على السكان الذين أجبروا على الاعتماد على المساعدة الدولية، ومن بين هذه الإجراءات تعليق الرحلات الجوية إلى البلاد، ومع اعتماد اليمن بشكل كبير على المواد الغذائية والأدوية والوقود المستوردة فمن المرجح أن تؤدي هذه القيود إلى خسائر فادحة في اليمنيين وخاصة أن التركيبة السكانية ضعيفة للغاية.

واضطرت العديد من منظمات الإغاثة إلى تقليص عملياتها وتكافح من أجل الحفاظ على أنشطتها الأساسية. في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020؛ حيث نزح ما يقرب من أربعين ألف شخص من مدينتي مأرب والجوف، مما أجبرهم على الاكتظاظ. إذا لم تعد المنظمات الإنسانية قادرة على توفير المواد الأساسية مثل الصابون والمياه النظيفة ومستلزمات النظافة، فسوف تصبح مواقع النزوح مناطق خصبة لانتشار الفيروس وكذلك إصابة السكان خارج المجتمعات النازحة.

أزمات اللجوء

إن دولة مثل لبنان مثقلة بالفعل تجد صعوبة في التعامل مع تصاعد أزمة اللاجئين؛ حيث يعيش 1.5 مليون سوري في لبنان، بالإضافة إلى الأردن وتركيا وهما أيضًا موطن لعدد كبير من اللاجئين السوريين. وذلك بعدما أضعفت سنوات من الصراع  وفي بعض الحالات دمرت النظم الصحية والمرافق الطبية. بل إن الوضع أخطر بالنظر إلى أن اللاجئين والمشردين داخليًا وبسبب التأثيرات المركبة للحرب والمرض والمجاعة، فإن هذا يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والإصابة بالفيروسات.

ختامًا: من المؤكد أن يؤثر انتشار الفيروس على كل دول منطقة الشرق الأوسط خاصة تلك البلدان المتأثرة بالصراعات مثل اليمن وليبيا وسوريا، على الرغم من الجهود المبذولة لمواجهة انتشار هذا الوباء، وكجزء من تدابير المواجهة فإنه لابد من ضمان توفير المساعدة الإنسانية للسكان المحتاجين ووصول عمال الإغاثة إلى المناطق المتضررة، وهذا الأمر سيكون بالغ الأهمية لتجنب انفجار الفيروس بين السكان الذين يعانون بالفعل من أزمات بسبب سنوات عديدة من الصراع والتشريد والمعاناة.

 

المرجع

Colin P. Clarke - Hajer Naili, How Coronavirus Could Make the Middle East Even More Dangerous, April 12, 2020, at:

https://nationalinterest.org/blog/middle-east-watch/how-coronavirus-could-make-middle-east-even-more-dangerous-143102

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟