المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

التدخل التركي في ليبيا وأثره على الأمن القومي المصري

الجمعة 01/مايو/2020 - 03:11 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
جاد مصطفى البستاني-محمد السيد محمد-محمد نبوي مصطفى

مقدمة

أصبحت السياسة الخارجية التركية متخمة بالعديد من الأزمات المتشابكة اقليمياً ودولياً فاستراتيجية القوة الناعمة التي كانت تتبعها السياسة التركية وفقاً لنظرية "صفر مشاكل" التي ابتكرها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو تحولت الى قوة خشنة تسببت ففي الكثير من الأزمات وبالتالي لم يكن مستغرباً اتهام تركيا في تقرير الأمم المتحدة في نوفمبر 2019 بانتهاك حظر السلاح المفروض على ليبيا اذ أعقب ابرام مذكرتي تفاهم بين تركيا وحكومة الوفاق في اواخر نوفمبر 2019 حول التعاون الأمني والحدود البحرية وكان قد سبق ذلك بعدة أشهر اعلان الرئيس رجب طيب أردوغان في يونيو من هذا العام تقديم مساعدات عسكرية لحكومة الوفاق الليبي برئاسة فايز السراج في مواجهة الجيش الوطني الليبي خلال معركة طرابلس منذ نشوبها في ابريل 2019 وذلك بهدف خلق توازن عسكري وبرر حينها أردوغان ذلك الأمر بأنه نتاج اتفاق عسكري مع تلك الحكومة الليبية المعترف بها أممياً (1).

وحتى قبل هذا الاعتراف العلني لأردوغان بدت الشواهد متواترة على الدعم العسكري التركي الكثيف لحكومة الوفاق عندما تم رصد العديد من شحنات السلاح التركي في الموانئ الليبية خلال عامي 2018 و 2019 وهو ما برز جلياً في استخدام الميليشيات المسلحة في معركة طرابلس المدرعات التركية والطائرات بدون طيار بل ان ثمة تقارير تشير الى وجود مستشارين عسكريين أتراك يوجهون العمليات العسكرية في معركة العاصمة التي أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أن هدفه هو تحريرها من الميليشيات وجماعات الارهاب .

وفي ضوء ذلك سنحاول من خلال هذة الدراسة أن نجيب عن تساؤل رئيسي مفاده ما هي أهم تحولات السياسة الخارجية التركية تجاه ليبيا ؟

وللاجابة عن هذا التساؤل تنقسم هذة الدراسة الى عدة أجزاء تتمثل في:

- الدوافع التركية وراء التدخل في ليبيا

- تطور مراحل الدور التركي في ليبيا

- صور التدخل التركي في ليبيا

- العقبات والتحديات التي تقف في وجه الانخراط التركي في ليبيا

- التداعيات والانعكاسات من جراء التدخل

 أثار التدخل التركي علي الأمن القومي المصري-

- الدور المصري في الأزمة الليبية

- مقترحات للتعامل مع التدخل التركي

وتنتهي هذة الدراسة بعرض سيناريوهات ومستقبل الدور التركي في ليبيا

أولاً- الدوافع التركية وراء التدخل في ليبيا

من سوريا إلى العراق ثم ليبيا.. تمتد أيادي تركيا لتتدخل فيما لا يعنيها، لتشعل أزمات وتدعم جماعات على حساب أخرى، حتى وإن كان هذا يعني انتشار الإرهاب والدمار.

قد يفهم البعض دوافع تركيا للتدخل في سوريا أو العراق، فهناك حدود تجمعها مع البلدين، وأزمات طاحنة تدور فيهما، قد تشكل ذريعة للتدخل العسكري، ولكن ماذا بشأن ليبيا؟، البعيدة آلاف الكيلومترات عن الأراضي التركية، والتي تعاني أصلا من مشكلات تمزقها .

دوافع سياسية

وتتمثل في تأمين النفوذ التركي في شمال وشرق أفريقيا حيث تزامن انتقال تركيا من الانخراط المباشر في غرب ليبيا مع تراجعها النسبي مع حليفاتها قطر على الساحة السودانية اثر خلع نظام البشير وبدا وضع السودان الجديد يميل نسبيا للمحور السعودي الإماراتي (2).

وعلى الجانب الأخر فإن الارتباط الليبي بمنطقة شمال أفريقيا التي تسعى تركيا لتوسيع نفوذها بها خاصة المغرب والجزائر وتونس التي تسعى تركيا لاجتذابهم لموقفها في الأزمة الليبية حيث تمسكت بحضور الدولتين في المؤتمر الذي تم عقده في برلين (3).

كما تسعى تركيا من خلال التدخل في ليبيا الى كسب أوراق ضاغطة لتساعدها في قضايا وملفات اقليمية أخرى كسوريا والعراق كتحقيق مساوامات مع الاطراف الفاعلة في تلك الدول وتوقع أن تسعى أنقرة للحصول على تنازلات من موسكو في ليبيا مقابل تقديم تنازلات في سورية أي ضغط روسيا على حفتر حتى لا يقتحم طرابلس، مقابل سماح أنقرة للنظام السوري بتعزيز مواقعه في منطقة خفض التصعيد في إدلب  فضلا عن محاولة تركيا كسر عزلتها بكسب حليف لها في ليبيا بعد سوء علاقاتها مع مصر ودول الخليج وفشل مشروع الاسلام السياسي(4) .

ولعل أحد الدوافع الخفية التي جعلت أردوغان يخوض غمار مغامرة خاسرة في ليبيا هو محاولة لاقترابه من الحدود المصرية لتعكير صفو البلاد التي نجحت في التصدي لخطط جماعة الإخوان الخبيثة كما أنه يعتقد أن التدخل في ليببا سيجعله على مقربة من الحدود المصرية ليكون شوكة في خاصرتها خاصة وأنه يكيد لها العداوة التي تعكس بدورها العداء التاريخي بين الإخوان والجيش المصري(5).

دوافع اقتصادية

هناك عوامل اقتصادية تحرك تركيا في هذا المسار فهناك مصالح تركية في ليبيا متمثلة في عقود تم توقيعها منذ عام 2010 في مجالات اقتصادية وتنموية وبالتالي فإن تركيا تخشى على مصالحها في ليبيا دون أن تدرك أن ما تقوم به يضر بعلاقاتها مع ليبيا وبالتالي فإنه سيضر باقتصادها المتضرر أصلا (6).

كما تسعى الى الحصول على نصيب وفير من النفط الليبى حيث كانت ليبيا قبل اندلاع الصراع عام 2011 هى المنتج الثانى للنفط فى القارة الأفريقية (1.6 مليون برميل يوميا)، وصاحبة أكبر احتياطى من النفط فى القارة قاطبة (34 مليار برميل) بينما تفتقر تركيا لمصادر الطاقة وتعتمد على الاستيراد فى سد 95%  من احتياجاتها من الطاقة (7).

بالإضافة الى سعيها لاستثمار دعمها لحكومة الوفاق في هذه المنطقة لامتلاك شريك لها في الصراع الاقليمي والدولي على غاز المتوسط وامتلاك أوراق ضغط في قضية الطاقة في شرق المتوسط وهو ما تجلى في توقيع الحكومة التركية والسراج مذكرتي تفاهم في اسطنبول في 27 نوفبر 2019 تتعلق احداهما بالتعاون الأمني والعسكري والأخرى بالسيادة علي المناطق البحرية .

خريطة توضح الأطماع التركية في غاز المتوسط(8)

وبموازاة ذلك ضمان تعاقد الشركات التركية على نصيب وفير من المشروعات فى مجال إعادة إعمار ليبيا نظراً لخبراتها فى هذا المجال حيث كانت ليبيا هى أول دولة أجنبية يمارس فيها المقاولون الأتراك أنشطتهم عام 1972.

 كما أنها الدولة الثالثة ضمن قائمة البلدان الأجنبية الأكثر احتضانا لمشروعات المقاولين الأتراك، بقيم مالية تصل إلى 28.9 مليار دولار .

وتعاني تركيا أيضا من أزمة اقتصادية غير مسبوقة وظهر ذلك في انهيار سعر صرف الليرة، وفشل إجراءات محاصرة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ منتصف عام 2018. لذلك يمثل التدخل العسكري التركي عبر مقاتلين مرتزقة أحد مرتكزات حكومة العدالة والتنمية للتحايل على الأزمة الاقتصادية الراهنة، من خلال مساومة حكومة الوفاق على مصالح تركيا في ليبيا وظهر ذلك في سعي تركيا لاستثمار حاجة "السراج" إليها، لتوقيع اتفاقيات بحلول فبراير المقبل تتضمن تعويضًا مبدئيًّا بقيمة 2.7 مليار دولار عن أعمال نُفذت في ليبيا قبل حرب 2011 وذلك في مسعى لإحياء عمليات متوقفة لشركات تركية في ليبيا.

في المقابل، أكد "مظفر أكسوي" رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي الليبي في 9 يناير الجاري، أن البلدين قريبان من توقيع مذكرة تفاهم بخصوص مستحقات قديمة للشركات التركية العاملة فى ليبيا. وأضاف أن الاتفاق الذي من المقرر توقيعه في يناير الجاري أو في فبراير سيشمل "خطاب ضمان بمليار دولار إلى جانب 500 مليون دولار عن الأضرار التي لحقت بالآلات والمعدات، إضافة إلى ديون غير مسددة بقيمة 1.2 مليار دولار(9).

دوافع أيديولوجية " العباءة العثمانية الجديدة "

تأكيد الدور التركى فى قيادة العالم الإسلامى ودعم تنظيمات الإخوان المسلمين بالمنطقة بعد الضربات التى تعرضت لها بمصر والسودان وتعزيز سياسة العثمانية الجديدة، فى ظل التوجهات والارتباطات الإخوانية لحكومة الوفاق الوطنى وهو أمر تبدو أهميته مع اقتراب الذكرى المئوية لسقوط الخلافة العثمانية عام 1924 وكذلك مع محاولة أنقرة تعويض الإخفاق فى تحقيق حلم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى.

وللحديث عن الدوافع وراء التدخلات التركية في ليبيا اعتبر الناطق باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق أن مشروع الإخوان هو المحرك الحقيقي لأردوغان(10).

و             أضاف لموقع "سكاي نيوز عربية": الهدف من تدخل تركيا في الشأن السوري هو نفسه الذي يحركها للتدخل في ليبيا وهو دعم مشروع الإخوان والميليشيات المسلحة.

وشدد الناطق باسم مجلس النواب الليبي على أن هذه التدخلات التركية لا تعود بالنفع على البلاد أو الشعب التركي بأي شكل من الأشكال وإنما هي دعم لمشروع الإخوان .

واتفق المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي مع بليحق في هذا الصدد، قائلا: "تريد تركيا تمكين الإخوان من حكم البلاد والسيطرة على مقدرات الدولة الليبية نظرا لأن تلك عناصر تلك الجماعة الإرهابية في ليبيا يرتبطون بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.

وأوضح الورفلي لموقع "سكاي نيوز عربية" أن ما يعرف بـ"حزب العدالة" الليبي الذي يرأسه محمد صوان وغيره من قيادات الإخوان ارتمت بأحضان تركيا، خاصة بعد أن نبذهم المحيط العربي مثل مصر ولجأوا لتركيا وقطر.

ومن المعروف أن تركيا تؤوي قيادات لعدد من الجماعات الإرهابية وعلى رأسها جماعة الإخوان والتي تمتد روابطها إلى ليبيا لتعبث بأمن البلد ومواطنيه (11) .

ثانياً- تطور مراحل الإنخراط التركي في ليبيا

كان الموقف التركي حاضرا منذ إندلاع الأزمة الليبية إلا أنه لم يأخذ شكلا ثابتا علي مدار سنوات الأزمة  فقد تطور الموقف التركي تبعا لتطورات الأزمة وبالتالي يمكن فهم مراحل الإنخراط التركي في الساحة الليبية والذي انتقل إجمالا من الدعم غيرالمباشر للحلفاء المحليين الي الدعم المباشر والعلني وذلك علي النحو التالي :

1: المرحلة الأولي ( الثورة  الليبية وتدخل قوات الناتو ): وتميز الموقف التركي خلال هذه المرحلة بالتناقض والإرتباك فلم يصدرعن تركيا  أي موقف رسمي يحدد اصطفافها مع الثورة في أيامها وأسابيعها الأولي وكذلك الحال مع الأطراف المتصارعة الأخري.

ومع دعوات للتدخل العسكري الدولي في ليبيا تحفظت تركيا في مارس 2011 بشكل شديد علي أي تدخل عسكري أطلسي في ليبيا معارضة فرض منطقة حظر جوي في ليبيا معللة بأن التدخل العسكري من قبل حلف شمال الأطلسي أو أي دولة أخري في ليبيا ستنجم عنه أثار عكسية وأنه ينطوي علي مخاطر عديدة ولكن الموقف التركي فسر من قبل بعض الجهات علي أنه وقوف بجانب نظام العقيد القذافي لمصالح تجارية بالإضافة الي مخاوف أنقرة من أن تدخل القوي الغربية وخاصة فرنسا سيؤدي الي اضعاف نفوذها في منطقة شمال أفريقيا .

ولكن عادت أنقرة ببراجماتية سريعة الي دعم حملة الناتو في ليبيا كما قامت في سياسة التصاعد التدريجي تجاه القطيعة مع نظام القذافي وفي مايو 2011 دعا رئيس الوزراء التركي العقيد القذافي الي التنحي ومغادرة البلاد وأعنلت أنها ستطبق العقوبات التي قررتها الأمم المتحدة والتي تستهدف مصارف ورموزا في نظام القذافي كما وجهت تركيا دعوة الي رئيس المجلس الإنتقالي الليبي مصطفي عبد الجليل الي زيارة أنقرة .

ومن هنا أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في يوليو عام 2011 إعتراف تركيا بالمجلس الوطني الإنتقالي الليبي ممثلا شرعيا للشعب الليبي مؤكدا تمسك أنقرة بختطها لحل الازمة في ليبيا وهي الوقف الفوري لإطلاق النار وتخلي القذافي عن السلطة .

ولم تتوقف أنقرة عن حدود الدعم السياسي للمجلس الإنتقالي الليبي حيث تعهدت بتقديم مساعدة للمجلس بقيمة 200 مليون دولار تضاف الي 100 مليون أعلنتها أنقرة في وقت سابق وفي نفس السياق سلمت شركة النفط التركية " تي بي اي سي " ثوار ليبيا في يوليو 2011 شحنات وقود تصل لقرابة 10 آلاف طن ضمن اتفاق بين أنقرة والمجلس الوطني لتأمين إمدادات نفطية تخفف ازمة نقص المنتجات البترولية في المناطق الخاضعة للثوار .

ومما سبق يمكننا القول أن أنقرة نجحت نوعا ما في استدراك موقفها وتعزيز علاقاتها من خلال كسب النظام الجديد المتمثل في المجلس الإنتقالي الليبي وقدمت له دعما سياسيا واقتصاديا كما كان وجودها عاملا مهما في تحقيق نوع من التوازن أمام التدخل الغربي في ليبيا و يمكن القول أيضا أن اعترافها بالمجلس الإنتقالي ومساندتها له قبل انهيار نظام القذافي كان  عاملا مهما في تعزيز العلاقات وكسب الثقة (12).

2 - المرحلة الثانية: (من 2012 الي 2016 ) وتميز الدور التركي فيها بالرهان علي حلفاء محليين فمع انقسام ليبيا في صيف عام 2014 علي إثر فشل الإنتخابات في عامي 2012 و 2014 في بناء توافق بين القوي الليبية علي الإنتقال السياسي بعد القذافي راهنت أنقرة أكثر علي حلفائها المحليين خاصة مصراته والإسلاميين في تحالف " فجر ليبيا " أنذاك داعمة المؤتمر الوطني العام وحكومة الإنقاذ في غرب ليبيا مما اكسبها عداء قوى الشرق الليبي خاصة مجلس النواب الليبي .

بل إن العلاقات التركية مع هذا المجلس أخذت في التوتر الحاد خلال عام 2015 إثر قيامه بطرد الشركات التركية في فبراير من العام نفسه وتعرض سفينة تركية مملوكة لشركة تركية للقصف قبالة سواحل درنة في مايو 2015 حيث اتهم أنذاك رئيس الحكومة الليبية المؤقته عبد الله الثني تركيا بإرسال أسلحة الي بغض الجماعات المسلحة في ليبيا .

ومع توقيع إتفاق الصخيرات في ديسمبر 2015 عولت أنقرة علي حكومة الوفاق المعترف بها أمميا برغم أنها لم تنل ثقة مجلس النواب الليبي حيث أنها استقبلت رئيسها فايز السراج في أنقرة في يناير 2016 واتفقت علي إحياء مشاريع وعقود تركية في ليبيا تقدر ب 18,5 مليار دولار كانت قد تعرضت للتوقف بسبب الفوضي الأمنية .

وبموازاة ذلك  سعت تركيا الي دعم الانقسام الليبي عبر توحيد صفوف حلفائها المحليين داخل غرب ليبيا في مواجهة قوي شرق ليبيا لاسيما عندما استقبلت نوري ابو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام السابق في انقرة والذي كان رافضا لحكومة الوفاق في عام 2016 (13).

3 - المرحلة الثالثة: ( من 2016 الي 2019 ) والتي شهدت انخراط تركي مكثف في ليبيا فبرغم دعم تركيا ومعها قطر لحكومة الوفاق في الفترة ما بين عامي 2016 و 2019  فإن تلك الحكومة بدت هشة وخاضعة لكارتل من الميليشيات الأربع الكبري في العاصمة طرابلس " قوة الردع الخاصة - كتيبة النواصي – كتيبة ابو سليم – ثوار طرابلس " بل برزت فجوة بين هذا الكارتل ومليشيات مصراته والزنتان في غرب ليبيا حول توزيع السلطة والثروة في العاصمة بخلاف عدم نجاعة الترتيبات الأمنية التي قادتها الأمم المتحدة بالمنطقة بعد الاشتباكات الميليشاوية في أغسطس وسبتمبر 2018 .

بموازاة ذلك مالت توازنات القوي الميدانية في تلك الفترة باتجاه الجيش الوطني الليبي حيث سيطر على منطقتي الشرق والجنوب وغالبية النفط الليبي ثم تقدم باتجاه العاصمة طرابلس في غرب البلاد في ابرايل 2019 لتحريرها من الميليشيات واستطاع في بداية المعارك السيطرة علي عدة مناطق في ضواحي العاصمة كغريان وترهونة وصبراته واخترق العديد من المناطق الأخري وانعكس ذلك في ميل موازين القوي الإقليمية في غير صالح تركيا في ليبيا وهو مابرز في مؤتمر باليرمو في إيطاليا في نوفبر 2018 بعد أن تم استثناؤها من اجتماع عقد بين قائد الجيش اليبي خليفة حفتر ودول أخري مثل مصر وروسيا ورات أنقرة أن ذلك لن يؤدي حل مشكلة ليبيا .

إزاء ذلك بدت مصالح أنقرة مهددة في ليبيا ومن ثم إنتقلت الي الانخراط العلني الكثيف لإنقاذ حليفها " حكومة الوفاق " من السقوط حيث بدا كل تقدم للجيش الوطني الليبي وسيطرته ميدانيا على مناطق في غرب ليبيا يعني إفقاد تركيا أوراق نفوذها في ليبيا ومن ثم إضعاف موقفها التساومي في الأزمات الإقليمية ولعل الدعم التسليحي التركي من مدرعات وطائرات مسيرة وغيرها شكل أحد عوامل استعادة مدينة غريان ذات الأهمية الاستراتيجية في جنوب طرابلس في أواخر يونيو 2019 ومن ثم إحداث جمود ميداني في توازنات المعركة وبدا ذلك جليا في استقبال أردوغان للسراج في اسطنبول في يوليو 2019 بعد استعادة غريان حيث أكد تمسكه بدعم حكومة الوفاق ودعا حفتر الي وقف هجومه على طرابلس .

من بعد ذلك هدد الجيش الليبي باستهداف المصالح التركية على الأراضي الليبية وهو ما ردت عليه أنقرة بتحذير مضاد ثم اتجهت المعارك في طرابلس خلال الفترة بين شهري يوليو وأكتوبر 2019 الي القصف الجوي المتبادل للقواعد سواء في مصراته  كمرتكز للسلاح التركي و الحليف الأقوي لحكومة الوفاق أو الجفرة  كقاعدة خلفية تسهم في سيطرة الجيش الليبي على أجواء منطقة غرب ليبيا  .

ولعل المبعوث الأممي غسان سلامة قد قدر في إحاطته أمام مجلس الأمن في الثامن عشر من نوفمبر 2019 العدد الإجمالي للغارات الجوية التي شنتها قوات الجيش الوطني بما يزيد عن 800 غارة منذ بداية النزاع بينما وصلت غارات حكومة الوفاق وميليشياتها بالطائرات المسيرة الي نحو 240 غارة وفي حين يملك الجيش الوطني الليبي بالأساس تفوقا جويا فإن بروز غارات الطائرات المسيرة لميليشيات حكومة الوفاق عكس مباشرة الدعم التسليحي التركي الذي استهدف إحداث توازن في معركة طرابلس عبر هذه النوعية من الطائرات (14).

ثالثاً- صور التدخل العسكري التركي في ليبيا

1- التواجد العسكري التركي الرسمي:

تقدم أردوغان للبرلمان بمذكرة لتفويضه في إرسال قوات عسكرية تركية للأراضي الليبية على غرار الحالتين السورية والعراقية، وقد وافق البرلمان التركي في جلسته المنعقدة في الثاني من يناير الجاري على هذا الأمر ولمدة عام قابلة للتجديد وحيث لا يعد الدعم التركي لحكومة السراج جديداً إلا أن التعهد بالتدخل العسكري واتخاذ إجراءات في هذا الصدد، هو ما مثل معطى جديد للعلاقات بين الحليفين.

ورغم أن تركيا كانت ولا تزال تمتلك عدة بدائل تتمكن من خلالها من دعم حليفها السراج دون أن تنقل قوات عسكرية تركية للقتال هناك إلا أنه يمكن القول أن أردوغان استغل حاجة السراج إلى مثل هذا الدعم حتى يحصل على موطئ قدم في ليبيا لعدة اعتبارات منها علاقته المتوترة مع مصر ومنها حقول النفط وكذلك مسألة غاز المتوسط وقد تكون هذه الخطوة مقدمة لإقامة قاعدة عسكرية تركية دائمة في ليبيا إذا ما استتب الأمر لحكومة السراج كما يراهن الأتراك وذلك لما لليبيا من موقع جيوستراتيجي أو على الأقل بقاء تواجد عسكري رسمي تركي أياً كان عدده على الأراضي الليبية.

2- إمدادات التسليح:

وهناك العديد من الدلالات علي الدعم التركي للميليشيات في ليبيا حيث ضبطت السلطات الليبية في ميناء الخمس البحري غرب ليبيا في 17 ديسمبر 2018 شحنتي أسلحة ضخمتين  وذخائر وحملات قادمة من ميناء مرسين التركي وحسب بيان الجيش الليبي فإن عدد الذخائر الواردة في هاتين الشحنتين بلغ 4.2 مليون رصاصة إضافة الي الآلاف من المسدسات و البنادق .

ومن قبل أوقفت السلطات اليونانية سفينة أسلحة تركية كانت في طريقها الي ليبيا في يناير من نفس العام كانت في طريقها الي ليبيا ورغم أن السفينة كانت تحمل علما تنزانيا الا أنها أخذت حمولتها من مينائي مرسين والأسكندرونة التركيين و عثرت السلطات اليونانية علي ما يقرب من 29 حاوية تحتوي على مواد تستخدم في صناعة المتفجرات و يتعارض ذلك مع سياسات الاتحاد الاوربي والأمم المتحدة الذين فرضا حظرا علي بيع ونقل وتوريد الأسلحة الي ليبيا منذ 2011 (15) .

خارقة بذلك الحظر الأممي المفروض منذ 2011 والذي كان آخر تجديد له من قبل مجلس الأمن في يونيو 2019 ولعل تركيا بهذا الأمر تهدف إلى تحقيق ثلاثة أمور الأول يتعلق بدعم قوات السراج والميليشيات في معاركها أمام قوات الجيش الوطني الليبي أما ثاني الأهداف فيتعلق بالصناعة العسكرية التركية، وتسويق الأسلحة والمعدات التركية وتجربتها بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية المباشرة.

وقد كانت قوات الجيش الوطني الليبي أعلنت أغسطس الماضي عن استهداف وتدمير طائرة إمداد عسكرية تركية ضخمة تحمل ذخائر وطائرات مسيّرة وصواريخ متعددة الأغراض كما تعد سفينة "أمازون" من أشهر الحوادث على خرق تركيا لحظر التسليح وتستخدم تركيا في مسألة إمدادات التسليح الطريقين البحري والجوي.

كما أن إسقاط الجيش الليبي لطائرات مسيرة تركية وتدميره لمدرعات تركية الصنع لدليل على هذا الدعم التركي وتهريب الأسلحة بالمخالفة للقرار الأممي لكن يبقى أن هذا الدعم لم يشكل فارقاً كبيراً في المعارك الجارية ولم يسهم في تحقيق تقدم للميليشيات على قوات الجيش بل ربما يكون كل ما يسهم فيه هو تأخير وتعطيل تقدم قوات الجيش الوطني الليبي باتجاه العاصمة.

3- علاقات تركيا مع ميليشيات مسلحة ليبية:

يتمتع أردوغان وحكومته بعلاقات قوية مع ميليشيات مسلحة ليبية تتراوح ما بين الدعم والتنسيق إلى الإمداد بالمعدات والأسلحة العسكرية وعلى رأس هذه الميليشيات المجموعات التابعة لجماعة الإخوان وكتائب مصراتة، فضلا عن العلاقات الوثيقة مع قادة الجماعة الليبية المقاتلة وكتيبة النواصي ولواء الحلبوصي وميلشيات أسامة الجويلي وقوة الردع والتدخل المشتركة محور أبو سليم وميليشيات فجر ليبيا وغيرها من الميليشيات التي تقاتل ضد قوات الجيش الوطني الليبي بدعم تركي وقطري .

وتستهدف تركيا من علاقتها مع هذه الكتائب والميليشيات الحرب بالوكالة حيث تدعم حكومة أردوغان الميليشيات الليبية المسلحة لتحقيق أهدافها فهي من جهة تسعى إلى أن تكون أحد الفاعلين السياسيين في الأزمة الليبية ومن جهة أخرى تحاول قدر الإمكان البعد عن تحمل الخسائر البشرية للمعارك.

4- إعادة توظيف المقاتلين السوريين:

لا يعتبر التوظيف التركي للميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية النشطة بسوريا في ليبيا جديداً وربما كل ما يختلف الآن هو التوسع في هذا التدفق بجانب التواجد العسكري التركي النظامي المتوقع.

ففي يونيو 2019 عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه من تدفق الإرهابيين إلى ليبيا من إدلب السورية وذلك على ضوء تقارير ومعلومات كانت قد تحدثت عن نقل الأمير السابق للجماعة الليبية المقاتلة عبد الكريم بلحاج عبر شركة "الأجنحة الليبية" لعناصر إرهابية مسلحة من إدلب إلى ليبيا، وأشارت عدة تقارير غربية إلى عمل حكومة الوفاق على استجلاب ما تبقى من إرهابيين في سوريا عبر تركيا كما أكدت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب بطبرق مايو 2019 وصول إرهابيين تابعين لجبهة النصرة من إدلب السورية ينتمون للقتال إلى جانب قوات الوفاق بجهود تركية.

وبدأت تركيا منذ 25 ديسمبر 2019 بدأت في تسيير رحلات يومية ليلية من إسطنبول إلى ليبيا بمعدل رحلتين إلى أربع رحلات تابعة لشركات هي (الأفريقية – الأجنحة الليبية – البراق) في اتجاه طرابلس ومصراتة وذلك لنقل عناصر مسلحة وإرهابية من تلك التي كانت تقاتل الجيش السوري إلى حيث تدعم حكومة الوفاق وتعوض خسائرها البشرية وتقاتل الجيش الليبي.

وفي هذا السياق فقد كانت أنباء تحدثت عن عقد اجتماعات بين عدد من كبار الضبّاط الأتراك عقدوا مع ضبّاط تابعين لرئاسة أركان حكومة الوفاق في طرابلس تلتها اجتماعات بين ضبّاط من المخابرات التركية وقياديين من أبرز الفصائل المسلّحة الموالية لتركيا في الشمال السوري.

وتعد غالبية هذه العناصر من القومية التركمانية وأفراد من الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا وقد اختاروا الذهاب للقتال في ليبيا مقابل وعود بمرتبات شهرية مجزية وخدمات الإعاشة والسَكن التي ستقدّمها لهم حكومة الوفاق في طرابلس بالإضافة إلى منحهم الجنسية التركية.

وتشير تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن 300 من المرتزقة وصلوا بالفعل إلى الأراضي الليبية فيما وصل 1600 مرتزق إلى المعسكرات التركية لتلقي التدريبات والتجهيز للسفر وهؤلاء المقاتلين من فصائل "السلطان مراد" و"سليمان شاه" و"لواء المعتصم" وهو ما يعد جريمة طبقا للقانون الدولي الذي يمنع تجنيد المرتزقة واستخدامهم في القيام بأعمال مسلحة أو إرهابية وذلك في ضوء الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم.

ويحقق هذا الأمر لتركيا هدفين الأول يتمثل في حل مشكلة تدفق هذه العناصر المسلحة لتركيا إذا ما نجح الجيش السوري في إكمال سيطرته على أراضي الشمال مما يخلق عبئاً على الداخل التركي وثاني الأهداف هو دعم حكومة السراج وتحقيق نفوذ تركي أكبر في ليبيا (16).

رابعاً- عقبات في طريق التدخل التركي في ليبيا

وفقاً لتلك المعاطيات التي تم تناولها فلا يمكن تصور أن الإنخراط العسكري التركي في ليبيا سيكون مفروشا بالورود فقد ظهرت عدة عوامل تعطل من خطط أنقرة فبصرف النظر عن الاعتراضات الدولية فقد انزعج جيران ليبيا بشكل خاص من التدخل التركي ومن هذه العوامل ما يتعلق بمشاكل عسكرية ولوجستية واخرى تتعلق بلاعبيين دوليين تتعارض مصالحهم مع مصالح تركيا على الساحة الليبية بالإضافة الي عقبات أخرى داخل الأراضي الليبية متعلقة بالإنتصارات المتتالية التي يحققها الجيش الوطني الليبي علي ميليشيات حكومة الوفاق وسيتم استعراض هذه العوامل على النحو الأتي .

1-  المشاكل التي يواجهها سلاح الجو التركي بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 بالإضافة الي أن المسافة بين البلدين تمنع تركيا من القيام بعمليات جوية فعالة في المجال الجوي الليبي كما تحطمت آمال تركيا في استخدام الدول المجاورة كطرق وقواعد لوجستية بسبب الموقفين المحايدين بشدة لتونس والجزائر.

فقد شعرت حركة النهضة بخيبة أمل شديدة من أردوغان عندما قال رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي وزعيم النهضة والصديق الحميم لأردوغان في شبكة الإخوان المسلمين إن تونس لن تكون جزءا من الصراع الليبي كما نفى الرئيس التونسي قيس سعيد مزاعم تركيا بأن تونس كانت تدعم الحملة الوطنية بقيادة السراج كما تبنت الجزائر موقفا مماثلا بإعلانها أن البلاد ستحافظ على بعدها مع الأطراف الليبية المتحاربة بعد أن زعمت بعض الأنباء أن فرقاطتين تركيتين كانتا في طريقهما إلى الموانئ الجزائرية .

2-  فيما يتعلق باللاعبيين الذين يتبنون مواقف متعارضة مع الموقف التركي نجد أن مصر باعتبارها واحدة من الحلفاء المهمين للجنرال خليفة حفتر قد تحدت خطط تركيا بشكل أكثر انفتاحاً من أي وقت مضى عندما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن القاهرة عازمة على اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي تدخل تركي في ليبيا وقد أثار هذا الإعلان احتمال تحويل ليبيا إلى مشهد مواجهة مباشر بين تركيا والكتلة المصرية الإماراتية التي تتعارض مع سياسات السياسة الخارجية لأنقرة منذ عام 2013 .

كما زاد مشروع تركيا الليبي أيضا من حدة التوتر في المنافسة على موارد الغاز في شرق البحر المتوسط وقال أردوغان إن الصفقة التي وقعتها تركيا مع حكومة الوفاق الوطني لترسيم الحدود البحرية ستقضي على جهود كتلة قبرص واليونان وإسرائيل ومصر لربط حقول الغاز في شرق البحر المتوسط ​​بالأسواق الأوروبية التي تتجاوز تركيا واستجابة لذلك كثفت الكتلة هذه الجهود من خلال توقيع اتفاق تعاون في مجال الطاقة بين اليونان وإسرائيل وقبرص .

وفي الثامن من يناير من هذا العام اجتمع وزراء خارجية اليونان ومصر وقبرص في القاهرة لإعلان الصفقات التي وقعتها تركيا مع "الجيش الوطني التقدمي" "باطلة"، في خطوة تعمل على تعميق عزلة تركيا في الساحة الدولية.

3-  غضب وقلق أوروبي

كما من المحتمل أن يساهم تدخل عسكري تركي في ليبيا في زيادة التوتر بين أنقرة وعواصم أوروبية مثل باريس وبرلين ولندن

جدير بالذكر أن الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون عبر الجمعة عن قلقه من مخاطر التصعيد في ليبيا لمرتبطة بتزايد التدخلات العسكرية الأجنبية بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية غداة سماح برلمان أنقرة بنشر قوات تركية في ليبيا وأضاف البيان أن الرئيس الفرنسي وخلال محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ندد بوضوح بالاتفاقات الموقعة مؤخرا من حكومة فائز السراج "بشأن القضايا البحرية والأمنية في إشارة إلى اتفاقات وقعتها في نهاية تشرين الثاني نوفمبر 2019 حكومة الوفاق الوطني بطرابلس مع تركيا بشأن الحدود بين البلدين إضافة إلى كافة القرارات التي تؤدي إلى تصعيد

في غضون ذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة عن قلقه البالغ بشأن قرار تركيا بالتدخل عسكريا في الحرب الأهلية المتصاعدة في ليبيا ويأتي هذا التحذير إضافة إلى  تحذيرات مشابهة أعربت عنها الولايات المتحدة وروسيا ومصر(17).

4-  الانتصارات المتتالية التي يحققها الجيش الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر وما تمثله من تحديات يمكن أن تعصف بحكومة الوفاق ومن ثم بالوجود التركي في ليبيا في المستقبل القريب وهو ما تتجاهله التوقعات المفرطة في الأوساط التركية المؤيدة للحكومة حول " الدور المحوري لتركيا في ليبيا " فقد كانت القوى الإسلامية المدعومة من تركيا تحت الحصار بين طرابلس ومصراتة وتأمل في صد القوات التي يقودها حفتر بمساعدة ودعم تركيا العسكري  لكن في النهاية فقدت سرت وجاءت الدعوات التركية الروسية المشتركة لوقف إطلاق النار في الوقت الذي كانت فيه قوات حفتر تتقدم نحو سرت.

ولكن استولى الجيش الوطني الليبي على المدينة دون المزيد من الصراع عندما انشق فصيل جهادي سلفي عن ميليشيات طرابلس وانضم إلى صفوف القوات التي يقودها حفتر ويشير هذا الانشقاق إلى الطبيعة المضطربة للصراع على الرغم من أن السلفيين الذين يتخذون من طرابلس مقرا لهم يدعمون حكومة الوفاق قويون للغاية إلا أنه ينبغي على المرء أن يضع  دائما في الاعتبار في مناخ الحرب تميل القبائل أو العشائر إلى تفضيل الحزب القوي على غرار السيناريو الذي حدث في سوريا .

وفي الواقع تجمع حوالي 1000 شخص من مختلف القبائل من عدة مدن بما في ذلك بنغازي وطبرق وبيضة وزنتان وغات في بنغازي لتعهد بدعم حفتر والبرلمان الذي يتخذ من طبرق مقراً له في أوائل يناير.

ومن الواضح أيضا أن بعض عناصر النظام المخلوع تدعم حفتر بما في ذلك ابنة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والتي أعلنت دعمها للجيش الوطني الليبي حينما قالت :"عندما تدنّس أحذية الجنود الأتراك أرضنا، التي سفيت بدماء شهدائنا إذا لم يكن هناك أحد منكم لصد هذا العدوان فاترك ساحة المعركة للنساء الحرات في ليبيا وسأكون في طليعتهن  .

وأخيراً, دعت موسكو أنقرة إلى طاولة المفاوضات لمنع أي تدخل عسكري تركي محتمل مع الحفاظ على دعمها لحفتر من خلال شركة عسكرية روسية خاصة ونتيجة لذلك تراجع أردوغان عن فكرة تجنيد المرتزقة من سوريا لليبيا وطرحها لتقييد دور الجيش التركي بالتنسيق والتدريب وكانت خطة أنقرة تهدف إلى تعزيز الدفاع الجوي في المجال الجوي لطرابلس وما حولها والذي حددته أنقرة "بالخط الأحمر" وحتى الآن وصل عدد القوات التركية المرسلة إلى ليبيا إلى 80 جنديًا ومع ذلك يبدو أن جهود تركيا لتجنيد المقاتلين السوريين تسببت في حدوث خلافات في صفوف المعارضة السورية وبالتالي لم يكن أمام تركيا أي خيار سوى الجلوس على الطاولة في موسكو .

وتؤكد تصريحات لافروف أن روسيا ربما تمكنت من عرقلة التدخل العسكري لتركيا لكن ما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به فقد قال:  "نود أن ننضم إلى الجهود التي يبذلها الأوروبيون بما في ذلك الألمان والفرنسيون والإيطاليون وكذلك جيران ليبيا - الجزائر ومصر - والإمارات العربية المتحدة وتركيا وقطر والاتحاد الروسي لتوجيههم في اتجاه واحد من أجل حث الأطراف في النزاع الليبي على التوصل إلى اتفاق من خلال المفاوضات  بدلاً من الاستمرار في تسوية الأمور باستخدام القوة ".

وقد حدد الجنرال خلفية حفتر سبعة شروط قبل التوقيع على الهدنة بما في ذلك نشر الجيش الوطني الليبي في طرابلس وانسحاب المقاتلون السوريون من البلاد وكذلك استبعاد تركيا من القوة الدولية التي سيتم نشرها لحفظ السلام وإلغاء بعض الفصائل المسلحة في طرابلس بالإضافة الي تشكيل حكومة وحدة جديدة معترف بها من قبل البرلمان ومقرها طبرق وبالطبع لا يتطابق أي من هذه المطالب مع مصالح تركيا في ليبيا .

 

خامساً- التداعيات والإنعكاسات المترتبة علي التدخل التركي في ليبيا

 هناك تداعيات محتملة للتدخل التركى على الوضع الداخلى بتركيا فالتدخل سوف يتيح لأرودغان الفرصة لصرف أنظار الشعب التركى عن مشكلاته الاقتصادية الداخلية ولو إلى حين حيث تكشف المؤشرات عن تراجع سعر صرف الليرة وزيادة العجز فى الميزان التجارى وتفاقم الديون الخارجية لتزيد عن 60% من الناتج المحلى الإجمالى وارتفاع معدلات البطالة إلى14% ليصبح هو المعدل الأكبر منذ عشر سنوات. 

       لكن إرسال قوات تركية ربما يؤدى لوقوع خسائر فى الأرواح فى صفوفهم واستهداف مقار وممتلكات الشركات التركية بليبيا، وتوتر العلاقات التركية مع بعض الأطراف الدولية الأخرى خاصة روسيا لذا فمن المتوقع أن يؤدى التدخل التركى لتنامى المعارضة السياسية ضد أردوغان والتأثير بالسلب على شعبيته فى مواجهة منافسيه السياسيي فى ظل تصويت 184 نائباً بالبرلمان ضد قرار التدخل ورفض أحزاب المعارضة لذلك خاصة حزب الشعب الجمهوري  والحزب الصالح وحزب الخير وحزب الشعوب الديموقراطي .

       وعلى المستوى الداخلى بليبيا فإن التدخل التركى سوف ينقل الصراع بها إلى حالة تشبة الصراع بسوريا واليمن كما أنه سينزع الشرعية تماماً عن حكومة الوفاق خاصة إذا ما تسبب فى وقوع خسائر بين المدنيين كما أنه سيعزز شعبية الحكومة الليبية فى الشرق، والقوات المسلحة الوطنية ويسهم فى التفاف الشعب الليبى حولها .

      وعلى المستوى الإقليمى فمن المتوقع أن يؤدى التدخل إلى تدخلات عسكرية مباشرة وغير مباشرة من جانب الدول الداعمة لحكومة عبد الله الثنى وعلى رأسهم مصر وذلك بالتنسيق مع الجيش الوطنى الليبى وذلك عبر توجيه ضربات جوية ضد مواقع تنظيم داعش وغيره من المليشيات المسلحة بليبيا وهو ما يعنى حدوث حرب بالوكالة بين حلفاء حكومة طبرق من جهة وبين تركيا من جهة أخرى .

       ويعود ذلك إلى ما يمثله التدخل التركى لدعم حكومة الوفاق ذات الروابط والتوجهات الإخوانية ودعم تنظيم داعش والمليشيات المسلحة المتطرفة من تهديد مباشر للأمن القومى العربى والأمن الوطنى المصرى حيث تشترك مصر مع ليبيا فى حدود برية مباشرة طولها زهاء 1115 كم وهو ما يمنح القاهرة الحق فى إعمال مبدأ الدفاع الشرعى عن الذات، وفق نص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة (19).

كما أن تصاعد اتجاهات التهريب سواء للأسلحة أو المقاتلين باتجاه ليبيا من شأنه أن يؤدي إلى انعكاسات خطيرة خاصةً في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي وذلك على النحو التالي:

1-  تأجيل الحسم: تدفق الأسلحة والمقاتلين من أجل دعم حكومة الوفاق يعزز استمرار قيام الميليشيات المُسلَّحة المنتشرة بطرابلس في تأجيج الصراع الليبي في ظل توفير غطاء سياسي لهم من جانب "السراج" وحكومة الوفاق وهو ما يعرقل جهود الجيش الوطني الليبي في التخلُّص من هذه الميليشيات وما يستتبعه ذلك من تأجيل حسم معركة طوفان الكرامة التي انطلقت منذ حوالي ثلاثة أشهر.

 2-   تمدد التنظيمات الإرهابية: يشكل تدهور الأوضاع في ليبيا بيئة خصبة لتمدد أنشطة التنظيمات الإرهابية الفارة من سوريا والعراق ولا سيما تنظيم "داعش" الذي يبحث عن إعادة التموضع من جديد في ليبيا بعد هزيمته وطرده من سرت في أواخر عام 2016 وهو ما يمكن التدليل عليه بتزايد الهجمات الإرهابية التي ينفذها تنظيم "داعش" خلال الشهرين الأخيرين على قوات الجيش الوطني الليبي ولعل آخرها هجوم "داعش" على حقل نفطي في جنوب شرقي ليبيا في العاشر من يوليو الجاري وقبل ذلك ببضعة أيام قام عشرات المقاتلين التابعين لتنظيم "داعش" في ليبيا ببث فيديو مصور يجددون فيه البيعة لزعيم التنظيم ويتوعدون فيه الجيش الوطني الليبي بعمليات انتقامية .

وترتكز استراتيجية الميليشيات المسلَّحة والتنظيمات الإرهابية في الوقت الحالي على تشتيت جهود الجيش الوطني وإثنائه عن هدفه الرئيسي لتحرير العاصمة طرابلس وذلك عبر نقل المعركة إلى المناطق الأكثر استقرارا الواقعة تحت سيطرة الجيش وهو ما تجلّى بشكل كبير في تصاعد العمليات الإرهابية سواء في شرق ليبيا أو في جنوبها، ولعل آخرها الهجوم الإرهابي في بنغازي شرقي ليبيا في 11 يوليو الجاري الذي استهدف قيادات عسكرية تابعة للجيش الوطني الليبي وقد سبق ذلك وبالتحديد في 8 يوليو الجاري تصدى الجيش الوطني لهجوم من مرتزقة أجانب موالين لحكومة الوفاق على مدينة مرزق في أقصى الجنوب الليبي.

3-  تعزيز الاستقطاب: تزايد الانغماس التركي في الصراع الليبي من شأنه أن يعزز من حالة الاستقطاب الداخلي في ظل إمداد أحد طرفي الصراع بمزيدٍ من الأسلحة والمقاتلين، كما أن ذلك من شأنه أن يزيد حالة الاستقطاب الإقليمي والدولي حول ليبيا خاصةً في ظل تباين المصالح بين أغلب الدول المنخرطة في ذلك الصراع وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إطالة أمد الصراع بشكل أكبر، واستبعاد الحلول السياسية التي يمكن أن تؤدي إلى إعادة بناء الدولة الليبية خاصةً في ظل ضعف الدور الأممي وعدم حياديته ولعل عدم خروج أي إدانة رسميّة من جانب المبعوث الأممي إلى ليبيا " غسان سلامة " بخصوص تهريب تركيا للأسلحة والمقاتلين إلى ليبيا يعد مثالا واضحا في هذا الشأن .

وختامًا فإن اتجاهات تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى ليبيا مرشحة للتصاعد بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة انطلاقًا من تكثيف عمليات التهريب ورفع مستوى التسليح عبر تكتيكات متباينة من المراوغة والتخفي جنبا إلى جنب مع تراخي الأطراف الدولية الفاعلة عن القيام بمسئولياتها تجاه منع استمرار تلك التدفقات وهو ما ينعكس بشكلٍ رئيسي على تزايد حدّة العسكرة في الصراع الليبي(20) .

سادساً- أثار التدخل التركي علي الأمن القومي المصري

تحاول تركيا حصار مصر ومصالحها بالوكلاء أو بالتحالفات ويتجلى ذلك في محاولة اردوغان استخدام ما يسمي بحكومة الوفاق المداعاة  في غرب ليبيا من خلال الاتفاقيتين التي وقعتهما تركيا مع حكومة طرابلس سواء فيما يتعلق بالتعاون الأمني والتي تعتبر استباحة لأراضي الدولة الليبية وأجواءها وموانئها ومياهها الاقليمية من قبل الجيش التركي اما فيما يتعلق  بترسيم الحدود البحرية والتي اعتبرها رئيس البرلمان الليبي باطلة لعدة أسباب منها أن ليبيا وتركيا لا تربطهما حدود بحرية مشتركة ونلاحظ ان هذا الاتفاق يمثل مشكلة جسيمة لمصر لان ليبيا دولة جوار بالنسبة لمصر وتربطهما حدود طويلة وبالتالي تواجد شخص مثل أردوغان وتوجهاته المضادة لمصر سيكون لها تأثير علي الأمن القومي المصري لاسيما ان الرئيس التركي يساعد المليشيات ويقوم بتسليح جماعات معادية لمصر وهو يعلم ان مصر هي مركز الثقل بالنسبة للدول العربية، علينا ان نؤكد ان الهدف من هذه الاتفاقية هو التنقيب عن الغاز في البحر الابيض المتوسط وتقويض النظام القانوني الذي تسعى مصر الى ارسائه في المنطقة فضلا عن محاولة حصار المصالح المصرية من خلال ادعاء نطاق حاجز بين المنطقتين الخالصتين لكل من مصر وقبرص والمنطقة الخالصة لتركيا .

إن قيام تركيا وفقا لهذه الاتفاقية الباطلة بالتنقيب عن الغاز في المناطق التي تقع امام قبرص قد يدفعها للتوسع في المستقبل علي حساب مصر في المتوسط، فضلا عن ان نجاح تركيا في تثبيت حكومة طرابلس ضد الجيش الليبي يعني دعم وتسليح المليشيات التي سيكون لها تأثير سلبي علي وحدة واستقرار ليبيا ومن ثم الأمن القومي المصري في حالة انتقال تلك العناصر الارهابية او تسللها عبر الحدود المصرية وبالتالي هذا الاتفاق يضر بالمصلحة القومية لمصر.

وتعاني مصر جراء هذا التمدد الإرهابي عبر المنطقة سواء جراء دفع عناصر ارهابية مباشرة الي البؤرة الارهابية المتراجعة في شمال شرق سيناء او جراء نشر ألاف الإرهابيين الي بؤر الفراغ الأمني المحيطة بمصر خاصة في ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء وأوضح العميد خالد المحجوب الناطق باسم غرفة عمليات الكرامة التي ينفذها الجيش الوطني الليبي للقضاء علي الميلشيات الارهابية في البلاد، ان المئات من عناصر جبهة النصرة انتقلت من محافظة ادلب الخاضعة لسيطرة تركيا في شمال غرب سوريا الي داخل ليبيا بالفعل.

إن هذا الاتفاق سيكون له تأثير على الامن القومي المصري وهذا واضح لاسيما ان تركيا تختلق تحالفات وصيغ غير قانونية للتدخل في شئون الاخرين ومنها مصر وبالتالي تداعيات هذا الاتفاق على الامن القومي المصري كبيرة لاسيما وان تركيا ترعى الارهاب على الحدود الغربية لمصر وترعى عملية نقل العناصر الارهابية من منطقة لأخرى داخل منطقة الشرق الاوسط كذلك ان كل ما يخص من مصادر الطاقة في شرق المتوسط أصبح محدداً وبالتالي تركيا تعتدي على قيم الأمن القومي المصري  (21).

سابعاً- الدور المصري في الأزمة الليبية

ترتبط ليبيا ومصر بمصير مشترك فرضته عوامل الجغرافيا والتاريخ وبذلك أصبحت العلاقة بينهما استثنائية، لا يمكن قياسها بالمعايير التقليدية لتقييم العلاقات الثنائية بين الدول وإن شهدت تموجات متتالية حملت في طياتها التقارب إلى درجة الاندماج والتباعد والتنافر إلى درجة العداوة إلا أنها في المجمل بقيت المساحة الممتدة من غرب النيل وحتى جنوب خليج سرت منطقة عمق استراتيجي لأبناء الشعبين ولعل ذلك ما يعلل يؤكد أهمية الدور المصري في حل الأزمة الليبية التي امتدت منذ سبع سنوات ولاتزال تتفاقم يوما بعد يوم.

في بداية الأحداث التي شهدتها ليبيا منذ منتصف شهر فبراير 2011 لم تكن مصر لاعبا مهما على الرغم من الدور الخارجي الذي كان المحرك الرئيس لما عاشته ليبيا من اضطرابات ومواجهات مسلحة وقد يكون السبب في ذلك انشغال السلطات المصرية هي الأخرى بما يدور على أرضها بعد 25 يناير وما تلاها من متغيرات سياسية وأمنية إلا أن غياب سطوة السلطات الأمنية المصرية في المناطق الحدودية مع ليبيا ساهم في تسهيل تدفق المقاتلين الأجانب ودخول الأسلحة للمجموعات المسلحة التي دخلت في مواجهة مباشرة مع القوات المسلحة العربية الليبية، علاوة على استغلال عدد من الدول التي تدخلت في ليبيا بشكل مباشر من استغلال الشريط الحدودي الطويل بين ليبيا ومصر لإيصال الدعم لتلك المجموعات عبر المدن الليبية القريبة من الحدود المصرية(21)

ولا شك أن الأزمة الليبية أضحت تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي المصري نظرًا لتدهور الوضع الأمني وهشاشته هناك مما شكّل أرضية خصبة لنمو الجماعات الإرهابية على نحو جعل أنشطتها لا تقتصر فقط على الداخل الليبي وإنما امتدت إلى داخل دول الجوار من خلال تجارة السلاح واختراق الحدود ولعل أبرز الأمثلة في هذا الصدد حادث الفرافرة الذي قُتل على إثره 23 عسكريًا مصريًا وقد ربطت التقارير الأمنية هذ الحادث بالمجموعات المسلحة القادمة من ليبيا وهو ما دفع بعدة حركات سياسية إلى الضغط على السلطات المصرية للتدخل في ليبيا

الجهود المصرية لدعم الحل السياسي في ليبيا

1- تعاون ثنائي

نتيجة للأوضاع الأمنية الهشة في ليبيا منذ اندلاع ثورة 17 فبراير زار الفريق صدقي صبحي عندما كان رئيسًا للأركان ليبيا في 10 أبريل 2013 حيث أجرى مباحثات مع نظيره الليبي اللواء يوسف المنقوش آنذاك تناولت التعاون بين القوات المسلحة في البلدين لتأمين الحدود المشتركة بشكل كامل حيث إن مصر تعتبر ليبيا امتدادًا استراتيجيًا لها كما وقع الجانبان خلال الزيارة اتفاقية للتعاون العسكري.

 كما أكدت الخارجية المصرية في أكثر من مناسبة واجتماع أن مصر تبذل قصارى جهدها للحفاظ على وحدة ليبيا وستقدم كل الدعم اللازم، مع أهمية وضع خطة عمل تتضمن اتخاذ خطوات داخل ليبيا وخطوات أخرى بينها وبين دول الجوار لضبط الحدود وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والتأكيد على ضرورة محاربة الإرهاب وبناء مؤسسات الدولة والبعد عن الطائفية والمذهبية.

2- تعاون إقليمي

وهنا يمكن الإشارة إلى الدور المصري في إطار جهود دول الجوار في حل الأزمة الليبية من خلال تنظيم عدد من الاجتماعات لبحث الوضع في ليبيا ولعل أبرز تلك الاجتماعات كان اجتماعي تونس والقاهرة نظرًا لما تمخض عنهما من نتائج مهمة.

- الاجتماع في تونس

عقد هذا الاجتماع في مدينة الحمامات التونسية في يومي 13 و14 يوليو 2014 وقد ناقش الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا، وانتهى ذلك الاجتماع بتشكيل لجنتين إحداهما أمنية وتترأسها الجزائر والأخرى سياسية وتترأسها مصر وذلك من أجل إيجاد الوسائل الكافية والأساليب العلمية الأنسب لمساعدة الحكومة الليبية على مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة وكذلك لضبط وتأمين الحدود لمواجهة أخطار الجماعات الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها وتسليحها حيث باتت الأزمة الليبية تمثل قضية أمن قومي عربي. 

- الاجتماع في القاهرة

حيث استقبلت مصر الاجتماع الوزاري الرابع لوزراء خارجية دول جوار ليبيا بمشاركة كل من وزراء خارجية ليبيا والجزائر وتونس والسودان وتشاد ومسئول من دولة النيجر والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ومبعوث الاتحاد الأفريقي إلى ليبيا داليتا محمد داليتا ومبعوث الجامعة العربية ناصر القدوة من أجل بحث الأوضاع الليبية وتأثيراتها على المنطقة.

                وقد طالبت دول الجوار الليبي في ختام اجتماعها في القاهرة باعتبار البيان الختامي للاجتماع وثيقةرسميةفي المنظمات الإقليمية وفي مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وبالفعل صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن مصر نقلت البيان الختامي الصادر عن الاجتماع بصفة رسمية إلى كل من السكرتير العام للأمم المتحدة وأمين عام جامعة الدول العربية ومفوضة الاتحاد الأفريقي واعتباره وثيقة رسمية وأن البيان أرسل إلى بريطانيا بصفتها رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي مع طلب تعميمه على الدول الاعضاء وإصداره كوثيقة رسمية من وثائق المجلس

- المبادرة المصرية لحل الأزمة الليبية

هذه المبادرة أطلقتها مصر بالتشاور مع دول الجوار بخصوص الأزمة الليبية وقد ارتكزت تلك المبادرة على ثلاثة مبادئ وهي احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها وعدم التدخل في الشئون الداخلية لليبيا والحفاظ على استقلالها السياسي، علاوة على الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف كما نصت تلك المبادرة على الآتي:

·       الوقف الفوري لكل العمليات المسلحة من أجل دعم العملية السياسية وتعزيز الحوار مع الأطراف السياسية التي تنبذ العنف، وصولًا لتحقيق الوفاق الوطني والمصالحة ووضع دستور جديد للبلاد والتأكيد على الدور الأساسي والمحوري لآلية دول جوار ليبيا وخصوصيتها فيما يتعلق بتطورات الوضع في ليبيا وضرورة إشراكها في مختلف المبادرات الإقليمية والدولية الهادفة لإيجاد تسوية توافقية للأزمة الليبية.

·       تنازل جميع الميليشيات والعناصر المسلحة وفق نهج متدرج المراحل ومتزامن من حيث التوقيت عن السلاح والخيار العسكري في إطار اتفاق سياسي بين كل الفرقاء التي تنبذ العنف ووفق آلية مستقلة تعمل برعاية إقليمية من دول الجوار ومساندة دولية.

·       التأكيد على التزام الأطراف الخارجية بالامتناع عن توريد وتزويد الأطراف غير الشرعية بالسلاح بجميع أنواعه، وتعزيز المراقبة على جميع المنافذ البحرية والجوية والبرية الليبية لتحقيق هذا الهدف ولا يسمح باستيراد أي نوع من الأسلحة إلا بناء على طلب من الدولة الليبية وبعد موافقة لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن.

·       مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتجفيف منابع تمويله ومحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود وغير ذلك من الأنشطة غير المشروعة.

·       دعم دور المؤسسات الشرعية للدولة وعلى رأسها مجلس النواب، وإعادة بناء وتأهيل مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش والشرطة من خلال برامج محددة لبناء السلام بما يسهم في تثبيت الاستقرار والأمن وتعزيز جهود تحقيق التنمية.

·       تقديم المساعدة للحكومة الليبية في جهودها لتأمين وضبط الحدود مع دول الجوار وفق برنامج متكامل ووقف كل الأنشطة غير المشروعة للتهريب بكل أنواعه.

·       توفير آلية تتضمن تدابير عقابية متدرجة يتم اللجوء إليها في حالات عدم الامتثال بما في ذلك فرض عقوبات موجهة ضد الأفراد والجماعات الذين تثبت مسئوليتهم عن عرقلة مسار العملية السياسية وتحقيق الاستقرار.

·       إنشاء آلية بإشراف وزراء خارجية دول الجوار لمتابعة تنفيذ ما تقدم بالتعاون مع المبعوثين العربي والأفريقي، في ضوء ما يتم رفعه من توصيات يقدمها فريقا العمل السياسي والأمني ومن بينها القيام بزيارة لكبار المسئولين لدول الجوار لليبيا للقاء مجلس النواب الليبي والأطراف السياسية تمهيدا لزيارة يقوم بها وزراء خارجية دول الجوار.

·       تكليف الرئاسة المصرية للاجتماع الرابع لدول الجوار بإبلاغ هذا البيان بصفة رسمية إلى رئاسة مجلس الأمن والسكرتير العام للأمم المتحدة، وللأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقي، والحكومة الإسبانية لطرحها خلال مؤتمر مدريد يوم 17 سبتمبر 2014.

·       عقد الاجتماع الخامس لدول جوار ليبيا في الخرطوم في موعد يتم الاتفاق عليه بالتشاور لاحقا.

·       التأكيد على أهمية الدعم الدولي فيما يتعلق بالمساعدة في إعادة بناء وتأهيل مؤسسات الدولة الليبية بالتعاون مع دول الجوار بما في ذلك التدريب على ضبط الحدود وتوفير الأجهزة الفنية الحديثة للمراقبة والرصد فضلًا عن مساندة ما قد يتم اتخاذه من تدابير عقابية ضد الأفراد والكيانات التي ترفض التجاوب مع العملية السياسية، وتسعى لتقويضها من خلال العنف بما في ذلك إمكانية اللجوء إلى مجلس الأمن لفرض عقوبات موجهة.

وقد رحب السفير الليبي بالقاهرة فايز جبريل بالمبادرة المصرية، موضحًا أنها نابعة من إيمان مصر بضرورة دعم العملية السياسية وعودة الاستقرار إلى الأراضي الليبية كما اعتبر وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز، أن أهمية تلك المبادرة تكمن في عملها على استعادة الأمن في ليبيا وكونها تعكس الالتزام السياسي القوي من قبل دول الجوار، كما أشاد بالدور المصري في حل القضية.

                واستكمالاً للمساعي المصرية في جمع شمل الفرقاء الليبيين خاصة بعد احتدام ازمة الصخيرات  حيث توافقَ الحاضرين حول عدد من الثوابت الوطنية غير القابلة للتبديل أو التصرف على رأسها الحفاظ على وحدة الدولة الليبية وسلامتها الإقليمية، وما يقتضيه ذلك من تأسيس هيكل مستقر للدولة ودعم مؤسساتها ولحماية شعبها، والحفاظ على الجيش الليبي وممارسته لدوره ورفض وإدانة كل أشكال التدخل الأجنبي وحرمة الدم والالتزام بإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة مبنية على مبادئ التداول السلمي للسلطة والتوافق وقبول الآخر ورفض كافة أشكال التهميش والإقصاء لأي طرف ومكافحة كل أشكال التطرف والإرهاب .

وفي واقع الأمر هناك عدد من الأسباب كانت وراء نجاح المساعي المصرية تجاه الازمة الليبية أولها يتعلق بنمط التعامل المصري مع الفرقاء في ليبيا، إذ إن أغلب المبادرات التي حاولت التوصل إلى إطار للتسوية السياسية في ليبيا كانت مبادرات أجنبية أعلت من مصالح طرف على حساب الآخر ولكن ما فعلته مصر تمثل في توفير البيئة اللازمة لمساعدة الأطراف الليبية على بناء توافق “ليبي- ليبي”، وهو ما اتضح مع صدور إعلان القاهرة وما أشار اليه من توافق بين الفاعلين الرئيسيين في الصراع، العامل الثاني يتعلق بالإدراك المصري الواضح لطبيعة التوازنات الإقليمية بشأن ليبيا فالواقع السياسي الليبي لم يفرز نخبة قادرة على اتخاذ قرار سياسي دون الرجوع للفاعلين الرئيسيين في المنطقة، وهو ما تم بالفعل من خلال إحياء آلية دول الجوار(22).

لكن لازالت هناك حاجة لمزيد من الجهود المصرية بالتعاون مع دول الجوار لتفعيل إعلان القاهرة واستمرار للتنسيق بين القيادات السياسية والأمنية  وتوفير الدعم المادي واللوجيستي والعسكري اللازم لبناء هيكل الدولة والخروج من حالة الانقسام وعدم ظهور كيانات عسكرية موازية للقوات المسلحة والتصدي للميليشيات والكيانات العسكرية الراديكالية التي لن تندمج داخل هيكل حيث تتمثل العقبة الكبرى أمام تسوية الأزمة الليبيّة هي قضيّة تشكيل جيش ليبيّ موحّد وهو ما لا يمكن أن يتمّ من دون موافقة حفتر الذي يلقى تأييداً مباشراً من برلمان طبرق (23).

ثامناً- مقترحات للتعامل مع التدخل التركي في ليبيا بالنسبة لمصر

1- تحقيق توازن مع تركيا في المجال السياسي علي المستوي الداخلي ويتمثل ذلك في بناء القدرات الذاتية للدولة وايجاد نظام سياسي متماسك يحقق العدالة والدور الفاعل لمؤسسات الدولة الوطنية

2- قيام وسائل الاعلام بمواجهة الاعلام المعادي للدولة والصادر من وسائل الاعلام التي تتخذ من تركيا وغيرها مقرا لها وتنفيد اكاذيب وادعاءات الاعلام المعادي لمصر

3- في مجال السياسة الخارجية لابد من اهمية دعم العلاقات الخارجية مع الدول الكبري ذات الثقل وبالفعل فالعلاقات الخارجية المصرية حاليا في احسن حالاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والصين والهند والاتحاد الافريقي والعديد من دول العالم .

4- مشاركة في المنتديات والملتقيات الخاصة بالتجمعات الكبري لفضح السياسة الخارجية التركية المعادية لمصر والدول العربية ودورها الاستعماري للاراضي العربية وادانة التدخل العسكري التركي .

5 - العمل علي حشد الرأي العام المصري والتعبئة الداخلية وراء القيادة السياسية والتمسك بهدف واحد هو وحدة التراب الليبي وقد ظهر ذلك جلياً في الايام الاخيرة ومساندة الشعب للدولة المصرية وتصدر وسم "كلنا الجيش" قوائم المواضيع الأكثر تداولا على تويتر بعدد تغريدات تجاوز 25 ألف تغريدة .

6- العمل علي استكمال مسيرة التطوير والتحديث المستمرة لقواتنا المسلحة التي تمثل عاملاً حاسماً في ردع أي دولة من العدوان علي الاراضي المصرية او المصالح الاقتصادية مثل حقول الغاز وتأمين الملاحة في البحر الاحمر وقد قامت قواتنا المسلحة بمناورات بحرية في البحر المتوسط كرد قوي شديد اللهجة علي هذا التدخل التركي (24).

سيناريوهات التدخل التركي

 تشير المعطيات سالفة الذكر إلى أن الأوضاع فى ليبيا تتجه نحو مزيد من التعقيد فالليبيون مازالوا منقسمين بين ثلاث فئات أولها يؤيد حكومة الشرق وحملتها العسكرية للاستيلاء على طرابلس وثانيها يدعم حكومة الوفاق رغم انخراط الأخيرة فى مشروع أسلمة الدولة أو دولة الخلافة والفئة الثالثة هى الطبقة المثقفة المدنية التى تبحث عن تسوية سياسية ولا تملك القوة التى تمكنها من تحقيق رؤيتها وفي ضوء ذلك سنقدم ثلاثة سيناريوهات لمستقبل الدور التركي في ليبيا .

السيناريو الأول – التوسع والتمدد

ويعني هذا استمرار جهود تركيا للتوسع ونجاحها في استمرار سيطرة حكومة الوفاق الليبية على العاصمة طرابلس وتوسعها في الأراضي الليبية واستمرار دعمها العسكري للميليشيات في طرابلس ولكن من الصعوبة تحقق هذا السيناريو في ظل العداء الذي تتعرض تركيا له من الجماعة الدولية خاصة في مسألة التدخل العسكري في ليبيا ومسألة التنقيب عن النفط والغاز في المتوسط.

 

السيناريو الثاني – بقاء الوضع على ما هو عليه

أي استمرار تركيا في سياستها الحالية في ليبيا في ظل تباين مصالح الأطراف الداخلة في الصراع وبالأخص القوي الدولية فضلا عن الاستراتيجية التي تتبعها الميليشيات في حربها مع الجيش الليبي والمتمثلة في حرب العصابات والتي تعقد حسم المعركة لمصلحة طرف من الأطراف مما يزيد من طول المعارك.

السيناريو الثالث – التراجع

والمقصود هنا هو تقلص الدور التركي في ليبيا وربما يحدث ذلك في مثل هذه الحالات :

- نجاح  مصر في دعمها للجيش الليبي وتمكنه من حسم المعارك في ليبيا والحفاظ على وحدة التراب الليبي

- تغيير نظام الحكم في تركيا خلال الفترة حتى عام 2023 موعد الانتخابات القادمة في تركيا والمرجح فيها تغيير النظام الحالي في تركيا .

- حدوث تغيير في السياسة التركية من سياسة العدوان الى سياسة متوازنة مع الدول العربية وعلاقات اقتصادية متبادلة.

- استمرار ضعف الاقتصاد التركي وانخفاض قيمة الليرة التركية مما يعني وجود مشكلات اقتصادية تحد من دعم الانفاق العسكري المتزايد بعد العقوبات التي فرضت عليها عقب الغزو.

- فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية سواء من الولايات المتحدة الأمريكية أو من الاتحاد الأوروبي نتيجة للسياسات التركية العدوانية (25).

خاتمة

ترى تركيا أن حمايتها لحكومة الوفاق في طرابلس مرتبطة بمصالح عديدة لها في المنطقة وأن هذه المصالح بدورها مرتبطة بأمنها القومي سواء في التنافس على مستقبل المنطقة ودور تركيا فيها أو فيما يتعلق بنفوذها في البحر المتوسط وحصتها من موارد الطاقة بوصفها حقوقا وبوصف تركيا بلدا وسيطا وتعتبر هذه الأمور مغيرة لـ " قواعد اللعب " ومكانة تركيا بشكل كامل ولذلك حسمت أمرها بالوقوف  خلف حكومة الوفاق من خلال دعم عسكري علني ووجود يزداد تدريجيا بحسب الظروف والتفاهامات أما حكومة طرابلس فقد وجدت في تركيا الطرف الوحيد الذي له مصلحة مبارشة في دعمها من أجل الحفاظ على بقائها ومع ذلك تفضل تركيا درءا لمأزق وجودها الذي يمكن أن يزيد من صلابة جبهة خصومها والتوصل الى تفاهامت دبلوماسية مع الأطراف التي تعد صاحبة الكلمة في هذا الشأن كما أنها تحاول إيجاد نوع من التوازن في الوقت نفسه بين تقليل خطر وجودها في أعين منافسيها من جهة وحماية موقفها وموقف حكومة الوفاق من جهة أخرى وذلك من خلال التزام عسكري عملي على الأرض لهذا يبدو تنسيقها مع الأطراف المعنية للحفاظ على هذا التوازن الصيغة الأكثر ضمانا لمنع انزلاقها في صحراء " فزان " التي كانت يوما ما في الثقافة التركية تعد تعبيرا عن معنى البعد في قول الأتراك " سأجدك حتى لو ذهبت الى فزان " (26) .

المراجع

(1)- أبو بكر الدسوقي، تركيا بين الإرث العثماني والعباءة الأيديولوجية، مجلة السياسة الدولية، العدد 219 ص 110 .

(2)- الجيش السوداني ينفي تواجد قواته في ليبيا، صحيفة الشرق الأوسط 11 نوفمبر 2019

Shorturl.at/jcg23

(3)- تركيا تصر على مشاركة الجزائر في الإجتماعات الدولية حول ليبيا، بوابة الوسط، 9 أكتوبر 2019:

 http://alwasat.ly/news/libya/260140

(4)- سيناريوهات الدور العسكري التركي في ليبيا لمواجهة تدخل مصر والإمارات، مركز الامارات للدراسات والاعلام:

http://www.emasc-uae.com/news/view/16648

(5)-بعد كشف الأدلة والتهديدات العلنية ..ماذا تريد تركيا في ليبيا؟:

https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1264144-%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%AF-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%9F

(6)- المرجع السابق مباشرة.

(7)- أيمن شبانة، التدخل التركي في ليبيا .. الدوافع والتداعيات، مركز فارورس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية:

https://pharostudies.com/?p=3339

(8)https://www.hurriyet.com.tr/yazarlar/sedat-ergin/akdenizdeki-krizin-merkez-ussu-yoksa-meis-adasi-mi-41393592https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1264144-%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%AF-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%9F

 (9)- كرم سعيد، دوافع توظيف تركيا للمرتزقة الاجانب في الازمة الليبية، مركز المستقبل لأبحاث والدراسات المتقدمة:

https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/5240        

 (10)- أيمن شبانة، التدخل التركي في ليبيا .. الدوافع والتداعيات، مرجع سبق ذكره.

 (11)- https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1264144-%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%AF-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%9F

 (12)- محمود سمير، السياسة الخارجية التركية تجاه ليبيا 2011 – 2014، مجلة رؤية تركية، العدد 3 ص 39.

(13)- خالد حنفي، الحسابات المتداخلة للإنخراط التركي في النزاع الليبي، مجلة السياسة الدولية، العدد 219 ص142.

(14)- المرجع السابق، مباشرة، ص142.

(15)- صلاح مصطفى، الدور التركي في ليبيا: الآليات وحدود التأثير، أفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 43 ص 56.

(16)- عبد المجيد أبو العلا، التدخل العسكري التركي في ليبيا .. صوره وتداعياته على الجماعات الإرهابية، المركز العربي للبحوث والدراسات:

http://www.acrseg.org/41453

(17)- تدخل تركيا عسكريا في ليبيا ـ حسابات الربح والخسارة:

https://www.dw.com/ar/%D8%AA%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D9%80-%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%AD-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B3%D8%A7%D8%B1%D8%A9/-51883282

(18)Turkey’s Libya strategy: cure has become worse than disease Fehim Tastekin:

 https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/01/turkey-russia-libya-berlin-summit-ankara-caused-side-effects.html#ixzz6DtIYmhuO

(19)- أيمن شبانة، التدخل التركي في ليبيا .. الدوافع والتداعيات، مرجع سبق ذكره

(20)-أحمد عبد العليم حسن، دوافع تصاعد الإنخراط التركي في ليبيا، مركز المستقبل للأبحاث:

     https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/4853

(21)- مالك عوني ‘ اشتباك الجغرافيا السياسية .. الصدام الحتمي بين "العثمانية الجديدة" واستعادة القوة المصرية ‘ مجلة السياسة الدولية ‘ العدد 219، ص 202  

(22)- حسين مفتاح، الدور المصري في الملف الليبي.. استثنائية الهدف والفاعلية، بوابة إفريقيا الإخبارية

https://www.afrigatenews.net/article/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AF%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%84%D9%8A%D8%A9/ 

 (23)- ابراهيم منشاوي، نحو إطار تعاوني: حقيقة الدور المصري في الأزمة الليبية المركز العربي للبحوث والدراسات

http://www.acrseg.org/11186

 (24)- تطورات الازمة الليبية والاطراف الداخليه الفاعلة ودور دول الجوار، المركز المصري للدراسات السياسية والأبحاث الاستراتيجية .

http://efsregypt.org/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%8a%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%88%d8%a7%d8%b1/

 (25)- جمال مظلوم، السياسة التركية في المنطقة العربية والعالم، مجلة السياسة الدولية، العدد 219، ص 115 .

(26)- المرجع السابق، مباشرة ص 114

(27)- محمود سمير الرنتيسي، تصاعد الدور التركي في ليبيا مغامرة في الصحراء أم متطلبات الأمن القومي؟، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ص8 .

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟